أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصدق الحبيب - همسة عن السياب وموقفه الفكري














المزيد.....

همسة عن السياب وموقفه الفكري


مصدق الحبيب

الحوار المتمدن-العدد: 6208 - 2019 / 4 / 22 - 10:30
المحور: الادب والفن
    



همسة عن السياب وموقفه الفكري
مصدق الحبيب
سمعنا وقرأنا الكثير عن شخصية الشاعر بدر شاكر السياب "المهزوزة سياسيا والمغتربة المحطمة اجتماعيا" ولاسيما عبر التركيز المحموم على انقلابه على الحزب الشيوعي وانغماسه في القومية العربية. ففي ثقافتنا، ثقافة الاتهامات والمزاعم والمهاترات التي كانت في ذلك الزمن ومازالت الى اليوم تنمو وتزدهر، أرى إننا ظلمنا الشاعر الفذ وحاكمناه من منبر فكري ضيق ووضعناه في منظور لا يتناسب مع طبيعة وظروف تلك المرحلة ومتغيراتها، ولا مع ظروف الشاعر الشخصية وما عاناه من فقر وحرمان ومرض علاوة على مسلسل ملاحقات الشرطة ومضايقاتهم واهاناتهم والاعتقالات والسجن والفصل من الوظيفة عدة مرات.
كان الشاعر مثاليا نقيا ، انتمى للحزب الشيوعي الذي رآه يحاكي مثاليته واحلامه في بناء الوطن الحر والشعب السعيد لكن الصدمة كانت بعد سنوات من النضال في صفوف الحزب اكتشف خلالها ان مثالية الحزب لاتطابق مثاليته الريفية الصادقة انما كانت مثالية طوباوية فارغة ساهمت بتعقيد إشكالات ثورة تموز وأصبحت ظلا باهتا للبلشفية السوفيتية. وهذا الاختلاف الفكري هو الذي فسره افراد الحزب والمطبلين له بالعداء للشيوعية والعمل ضدها خاصة وان الشاعر كان قد تصدع تحت الضغوط، فنشر ردود فعله الانفعالية.
في مقاله المعنون "بدر التموزي" الذي كان جزء من مقدمته الطويلة للأعمال الكاملة للشاعر، يقول ناجي علوش ان قصيدة "المومس العمياء" هي التي قصمت ظهر البعير، وذلك في معرض تحول الشاعر للفكر القومي، ويصفه بأنه كان قوميا عربيا بالمعنى السلفي، مستشهدا بهذا المقطع:

ما زلت أعرف كل ذاك، فجربوني يا سكارى
من ضاجع العربية السمراء لا يلقى خسارا
كالقمح لونك يا ابنة العرب
كالفجر بين عرائش العنب
أو كالفرات على ملامحه
دعة الثرى وضراوة الذهب
لا تتركوني، فالضحى نسبي
من فاتح ومجاهد ونبي
عربية أنا أمتي دمها
خير الدماء، كما يقول أبي

ولا أفهم كيف للأديب وصديق الشاعر ان يغض النظر عن التهكم المر الفاضح في هذا المقطع ويعتبره وكأن السياب تحدث بإيمان وعقيدة كبدوي صحراوي ينتفض لحادث اغتصاب عابر!! هذا المقطع يشبه الى حد بعيد ما صوره الشاعر مظفر النواب عن فلسطين (أو الامة العربية عموما) كبغي يتناوب على اغتصابها "أبناء قراد الخيل" من شيوخ النفط وأصحاب السيادة والمعالي قبل إغتصابها من قبل أسيادهم الذين يستعمرون بلدانهم. أرى شخصيا بأن السياب، قد ظُـلم حتى في الوسط الأدبي الناضج وكذلك من قبل المقربين منه! وبإمكاننا ان نستقرئ موقف بدر الفكري من خلال الهامش الذي كتبه تحت هذا المقطع والذي جاء فيه:
" ضاع مفهوم القومية عندنا بين الشعوبيين والشوفينيين. يجب ان تكون القومية شعبية، والشعبية قومية. يجب جعل أحفاد محمد وعمر وعلي وأبي ذر والخوارج والشيعة الأوائل والمعتزلة يعيشون عيشة تليق بهم كبشر، وكورثة لأمجاد الأمة العربية. أفليس عاراً علينا نحن العرب ان تكون بناتنا بغايا يضاجعهن الناس من كل جنس ولون"
كيف لأي قارئ ان يستهجن هذا الموقف ويعزوه للبداوة والسلفية؟ أليس واضحا وضوح الشمس أن الرجل رفض الطائفية رفضا قاطعا ودعا الى وحدة الصف والتكاتف والبناء والعيش الكريم لجميع فئات الشعب وبما يصون كراماتهم وبما يليق بهم كبشر لهم ماض منير وتاريخ مشرف؟ نعم لقد دعا الى الوحدة ولكنها وحدة الشعب الاجتماعية وليست الوحدة السياسية الزائفة التي صدع بها رؤوسنا سياسيو القومية والبعث خلال الاربعينات والخمسينات.
ورغم ان علوش يقر بأن السياب كان "يرى الخلاص في النضال وفي الدم الحقيقي الذي يسيل ويستشهد بأبياته "وكل قطرة تراق من دم العبيد ، فهي ابتسام في انتظار مبسم جديد"، إلا انه يراه قد انحاز الى شخصنة النضال وفضل فردانية الموت والعزوف عن الاشتراك في حركة التاريخ من دون ان يوضح لنا مبررات عجز السياب الجسدي والنفسي الذي عرفه القاصي والداني، العجز الذي كان يؤرقه ويؤلمه ولا يترك لديه إلا مشاعره الطافحة بالصدق:

فيدلهم في دمي حنين
إلى رصاصة يشق ثلجها الزؤام
أعماق صدري، كالجحيم يشعل العظام
أود لو عدوت أعضد المكافحين
أشد قبضتيّ ثم أصفع القدر
أود لو غرقت في دمي الى القرار
لأحمل العبء مع البشر
وأبعث الحياة ان موتي انتصار

كيف لأي قارئ ان يغض النظر عن صدق المشاعر هذا ونقائها والصراع الدامي المحتدم في ضمير الشاعر بين مشاعر الحماس للانغماس في النضال وبين خيبة الجسد واستحالة تحقيق ما تمور به الإرادة؟



#مصدق_الحبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفعيل الديمقراطية لمعالجة ازمات الراسمالية
- تشريح المعرفة
- وفاءً لمحمود صبري: عرض موجز لكتاب الدكتور حمدي التكمة چي
- ذاكرة اعتقال .. واعتقال الذاكرة
- مالعمل بعد التظاهرة الكبرى الاولى؟
- عن الامانة الاكاديمية والالتزام العلمي
- كلمتان، لاغير !!
- إبراهيم كبّة: كلمة وفاء في ذمة الخلود
- لمحة تأريخية عن نشأة وتطورالخط العربي
- الخط العربي: موقف فلسفي وعملي
- وداعا حسني
- الفن والحرية والابداع: كتاب جديد لمصدق الحبيب
- الخط العربي:منبع السحر اللامتناهي والحلم الفنطازي
- تنبيه الى القارئ وعتاب للسيد محسن ظافر غريب
- جوهر الديمقراطية
- الحريّة الأكاديميّة ونظام التعليم الحر المستقل
- معرض مصدق الحبيب: ‏احتفال بصري في الشكل واللون والضوء
- هذه هي مسؤولية الجنرال سلطان هاشم
- في مفهوم الحريّة
- حول شرعية الفن الاخلاقية


المزيد.....




- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...
- الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف ...
- “نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي ...
- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصدق الحبيب - همسة عن السياب وموقفه الفكري