أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصدق الحبيب - هذه هي مسؤولية الجنرال سلطان هاشم















المزيد.....

هذه هي مسؤولية الجنرال سلطان هاشم


مصدق الحبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2071 - 2007 / 10 / 17 - 12:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



حين جلس الجنرال سلطان هاشم احمد الطائي مع الجنرال نورمن ‏شوارتزكوف تحت خيمة صفوان يوم الثالث من آذار عام 1991 ، كانت قد ‏مضت أربعة أيام فقط على مذبحة المطلاع التي دمرت بالكامل الجيش ‏العراقي المنسحب من الكويت وبضمنه فرقة حمورابي "شديدة البأس" التي ‏فنيت عن آخرها . لم تكن تلك الجلسة كما صورتها المصادر العراقية ‏والعربية بانها جلسة مفاوضات لوقف اطلاق النار، انما كانت جلسة تبليغ ‏واستحصال توقيع الجنرال هاشم على شروط معدة ومكتوبة مسبقا من قبل ‏الجانب الامريكي ، والتي بقيت تفاصيلها غير معلنة لحد الان ، ولكنها ‏تضمنت بما لايقبل الشك شروطا مذلة ومهينة ومخزية يندى لها الجبين! ‏واستطيع هنا الجزم قاطعا بأن حكومتنا "الوطنية" الحالية لاتزال غير عارفة ‏بفحوى تلك الشروط وليس لها اي علم بتلك الالتزامات التي تبناها هاشم ‏والتي بقي العراق ملتزما بها رسميا لحد هذه اللحظة. ولم يكن الجنرال ‏هاشم ممثلا عن الجيش او الحكومة او الشعب العراقي بالطريقة التي ‏يتوقعها اي عاقل، انما كان يمثل بشكل شخصي سيده المقبور صدام حسين ‏في قضية جوهرية تنطوي على التسليم الكامل والقبول بكل الشروط مقابل ‏الحصول على ضمانات لبقاء صدام متربعا على عرشه في بغداد في وقت ‏كانت فيه البلاد تحترق برمتها في الجحيم. وقد تم ذلك على شكل اتفاقية ‏عسكرية دولية لاتعلم بها الحكومة ولايعلم بها الشعب. كانت المراسيم التي ‏سجلتها عدسات التلفزيون العالمية باقتضاب وبثتها دون صوت تتركز على ‏توقيع وثيقة الاستسلام المهين للجيش العراقي وعهد من الحكومة العراقية ‏على لسان وبشرف قائدها "المغوار" ان تقبل كل مايمليه الجانب الامريكي ‏دون قيد او شرط ولاحتى اعتراض اوسؤال او استفسار،وكان بضمن ذلك، ‏كما اصبح معروفا بالاستنتاج لاحقا، قرار الحظر الكامل لنشاط القوة الجوية ‏العراقية وتقييد شديد لنشاط الجيش الداخلي ومنع تحركاته خارج المعسكرات ‏المحلية، وتكبيل نشاط الحكومة وحصره فقط بمنطقة بغداد وماحواليها. ‏وحين اندلعت الانتفاضة الشعبية في آذار وحققت نجاحات معتبرة في اربع ‏عشر محافظة، عاد الجنرال هاشم الى شوارتزكوف ليستجدي الموافقة ‏والسماح للجيش العراقي بقمع الانتفاضة، الامر الذي رحب به الجانب ‏الامريكي تحت تبرير "ليس في العراق من يحل محل صدام سوى عملاء ‏ايران " ! وهكذا أوعز الجنرال شوارتزكوف بترخيص استخدام ‏الهليكوبترات واطلاق التحركات البرية للجيش العراقي خاصة في المناطق ‏المنتفضة مما ادى الى قمع الانتفاضة الوحشي الذي انتهى بقتل وتشريد ‏عشرات الالوف من المناضلين وتدمير اضافي لما تبقى من الحياة
المدنية ونثر الارض بالمقابر الجماعية التي لايزال اكتشافها قائما لحد الان. ‏وكمكافأة كبرى للجنرال هاشم على نجاحه في هذه المهمة الحاسمة في ابقاء ‏سيده في عرشه ودوره القيادي في سحق الانتفاضة جاء ترفيعه الى منصب ‏رئيس اركان الجيش في نيسان عام 1995 ومن ثم الى وزير دفاع في تموز ‏من نفس العام. فهذا هو الجنرال الذي يتباكى اليوم على مصيره المنافقون ‏الذين لايرف لهم جفن على ماقتل من ارواح ودمر من بلد. على ان من ‏المضحك هو الادعاء بوطنيته وخيانته في آن واحد. ولاينكر أحد لما كان ‏لهذا الجنرال من مسؤوليات اساسية كبرى في مآسي الحرب العراقية ‏الايرانية، ومسؤوليات قيادية حاسمة في حملات الانفال، وكارثة الكويت، ‏وقمع الانتفاضة. ولعل مالايمكن تناسيه هو التوقيع على استسلام الجيش ‏المذل وضمان بقاء صدام في وقت لاتزال عشرات الالوف من جثث الجنود ‏العراقيين متناثرة في صحراء الكويت تنهشها الكلاب ويأكلها الذباب في ‏اعقاب ما سمي بمذبحة المطلاع او مذبحة طريق الموت، أو ماسماه ‏العسكريون الامريكيون "حفلة رمي طيور الديك الرومي" ‏
‏-2- ‏
اعتاد صيادو الطيور الامريكيون ان ينصبوا الكمائن لطيور الديك الرومي في ‏اماكن تجمعاتها في البراري الامريكية. وحين تتجمع اسراب الطيور بالالوف، ‏يبدأ الصيادون بأطلاق وابل رصاصهم الكثيف على الطيور المسالمة الثقيلة ‏التي يصعب عليها الطيران فيردوها قتلى في مذبحة جماعية هائلة. اصبحت ‏هذه الممارسة مثلا شعبيا أمريكيا ، وأدت الى نشوء مصطلح امريكي بحت ‏هو ( ‏Turkey Shoot‏ ) الذي دخل الى القاموس العسكري فأصبح يشير ‏الى مذبحة شاملة ينفذها جيش في جيش آخر، خاصة اذا كان الجيش الاخر ‏مستضعفا من ناحية العدة او العدد او الموقع أو اذا كان في طريقه الى ‏الاستسلام. وقد أطلق الصحفيون والكتاب الامريكيون هذا المصطلح على ‏المذبحة الشنيعة التي نفذها سلاح الجو الامريكي بالجيش العراقي المنهزم ‏والشارد على الطريق العام بين الكويت والعراق عام 1991 والتي اعتبرت ‏من ابشع مذابح الحروب في التأريخ العسكري. تلك الجريمة الكبرى التي ‏حاول ولايزال يحاول العديد من المواطنين الامريكيين الشرفاء في اعتبارها ‏مادة اساسية لدعوى قضائية في أمل ان يساق فيها المسؤولون الامريكيون ‏الى محكمة دولية بتهم جرائم الحروب والابادة الجماعية وخروقات معاهدات ‏جنيف.
خلال الشهر والنصف الاولين من عام 1991 قصف طيران التحالف بشكل ‏وحشي ومتواصل كل شبر من ارض العراق مدمرا بالكامل كل المراكز ‏الحيوية العسكرية والمدنية ومحولا حياة العراقيين الى جحيم حقيقي في وقت ‏مازال المقبور صدام يصرح ببلاهة متناهية " ليقصفوا كما شاؤوا فأن سلاح ‏الطيران لم يكسب اي حرب من قبل" !! وبعد سلسلة طويلة من العفرتات ‏الفارغة وافق ذلك القائد الاغبر على الانسحاب في وقت لم يكن لديه اي ‏وسيلة اتصال بجيشه المرابط بالكويت والذي يعاني من شحة قاسية في ‏الامدادات وفوضى الاتصالات وتراجع المعنويات تحت القصف المستمر، ‏وكانت موافقته بحجة القبول بالمبادرة السوفيتية التي رفضها الامريكيون ‏باللحظة من اجل استغلال الفرصة لتدمير الجيش العرمرم الذي تباهى به ‏الطاغية مغرورا وصوره كثالث جيش في العالم. ولم يتمكن هذا القائد المحنك ‏من ايصال أوامره بالانسحاب الا بواسطة اذاعة بغداد المدنية التي لاتصل ‏موجاتها الى الكويت بسبب اعتراضات البث والتشويش عليه لكن الاخبار ‏وصلت اخيرا الى الجيش ولكن بشكل مشوه وغير اكيد مما ادى الى انسحاب ‏الجيش غير النظامي وغير المتأني من الكويت في مساء السادس والعشرين ‏من شباط عام 1991. كان الاستطلاع الامريكي يراقب عن كثب وينتظر ان ‏تكتمل ارتال الجيش العراقي على طول الطريق العام رقم 80 الممتد بين ‏مدينة الكويت والعبدلي، وكان سلاح الطيران يهيأ كوادره الى اضخم عملية ‏قصف والتي وصفها بعدئذ المجرم كولن باول بعملية "قطع الجيش من ‏الطرفين وقتله بالكامل". وهكذا بدأ القصف المكثف أولا على بداية ونهاية ‏الرتل الممتد على طول 60 ميل.حتى اذا تم حصر كل الجيش بين النهايتين ‏المسدودتين وتسبيب حالة توقف كامل لحركة المرور، وحيث لامهرب ‏ولاسبيل، استمر القصف المكثف على كل مفصل من مفاصل الرتل وحتى ‏صباح اليوم التالي حين كشف نور الشمس آلافا من المركبات والدبابات ‏المحترقة ومعها عشرات الالوف من الجثث المتناثرة والمتفحمة في ‏مقاعدها. وكان الصحفي الشهير روبرت فسك قد وصل الى المكان في اليوم ‏التالي ووصف المشهد المرعب في كتابه "حرب الحضارة" مصرحا بأنه ‏رأى مئات الجثث واعتقد ان آلافا اخرى من الجثث لم يترك تدميرها آثارا ‏غير الرماد. كما وتوافد الى المكان الصحفيون من كل مكان وكان من ضمنهم ‏الصحفية جويس شدياك التي اعطت شهادتها امام لجنة مسائلة نيويورك في ‏‏11 مايس 1991، والتي قالت فيها انها تفحصت مئات المركبات المحترقة ‏بركابها المتحجرين كالفحم في مشاهد مهولة ومقززة تفوق ماتختلقه السينما ‏من اهوال. أما فرانك سواكرت قائد احد اسراب الطيران المشاركة في ‏القصف فقد صرح الى صحيفة الواشنطن بوست في عددها ليوم 11 آذار ‏‏1991معترفا بأنه وزملائه لم يقصفوا جيشا مقاتلا انما قتلوا جيشا في حالة ‏توقف مروري ، تماما مثلما يقتل البط الجالس على سطح الماء. وهذه هي ‏النقطة الكبرى التي تشكل خرقا فاضحا لمعاهدة جنيف لعام 1949 التي تحرم ‏قتل الجيش المتراجع او المستسلم او غير المشترك فعليا بالقتال، اضافة الى ‏تأكيدها على وجوب استكمال فحص وتشخيص ودفن القتلى بطريقة تصون ‏كرامة الشهداء. ولكن جثث ا لجنود العراقيين تركت تتفسخ في الصحراء ‏وتنهش من قبل الكلاب السائبة. ‏
ان من يتقاسم مسؤولية هذه الجريمة الشائنة من بين جرائم الحرب الاخرى ‏هو الجانب الامريكي المتمثل بجورج بوش الاب ودك جيني وكولن باول ‏وبول وولفووتز ونورمن شوارتزكوف والجانب العراقي متمثلا ببطل العروبة ‏المقبور وجلاوزته الكبار مثل سلطان هاشم. واذا كان الحاضر المرتبك يسمح ‏بالمماطلات والمماحكات الفكرية والسياسية ويسمح بتمرير الاعذار ‏والاكاذيب ، فان المستقبل والتاريخ الموثق لايرحمان أيا من اولئك ‏المجرمين.‏



#مصدق_الحبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مفهوم الحريّة
- حول شرعية الفن الاخلاقية
- حول ماهية الفن
- التكعيبيّة واستحقاق الريادة في الفن التشكيلي المعاصر
- آهٍ ، لو يتقاتل المتطرفون مع بعضهم
- اغتيال الزهاوي: انتكاسة اخرى للثقافة العراقية
- لا تضيّعوا الفنان محمود صبري
- لاتضيّعوا الفنان محمود صبري
- المصالحة الوطنية:تساؤلات في التجربة العراقية وتأملات في تجار ...
- فوز شذى حسون: رسالة الفنانين ضد رسالة الاسلامويين
- الليلة التي حملتني فيها الملائكة الى الجنّة
- حول اصول واخلاق الحوار البرلماني
- تصميم مقترح للعلم العراقي الجديد
- حول تسييس الثقافة وأدلجة الفنون والآداب
- عن العلمانية والدين والسياسة
- حول جدليّة المعيار الجمالي في الفن والادب
- عبد الكريم قاسم: النزاهة الاسطورية والشموخ البطولي
- من صنع العنف عبر التاريخ
- حول منهج التجريد التشكيلي
- اجابات سريعه حول اخطاء شائعه: وقفه لغويه مع الدكتور عدنان ال ...


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصدق الحبيب - هذه هي مسؤولية الجنرال سلطان هاشم