أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مصدق الحبيب - حول اصول واخلاق الحوار البرلماني















المزيد.....

حول اصول واخلاق الحوار البرلماني


مصدق الحبيب

الحوار المتمدن-العدد: 1696 - 2006 / 10 / 7 - 09:33
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


"في الديمقراطية يقوم الشعب باستبدال النظام الذي تهيمن فيه قلة من الطغاة المفسدين بنظام آخر تُنتخب فيه الكثرة من الادعياء والحمقى"
جورج برنارد شو
"الديمقراطية هي ان يُمنح المرء الحق في اختيار طغاته من الذين يدّعون تبني وتحقيق مايصبو اليه"
ألان كورنيك
ليس القصد من ايراد هذه الاقوال هو الاستهانة بالنظم الديمقراطية! حيث لم يتفوه بهذه الحِكم اصلا الاّ اولئك المفكرون الذين تفهموا طبيعة النظم الديمقراطية وآمنوا بها ايمانا عميقا! القصد الاساسي هو اظهار مثالب الديمقراطية وهي بأحسن حال، في مجتمعات تهيأت لها الظروف المناسبة لنمو ونضوج الوعي الديمقراطي العام! فكيف بنا ونحن نواجه في العراق الديمقراطية التي اقحمها جيش الاحتلال غير المكترث بحقائق تطبيقها، وغير الآبه بالاف الجثث التي ترمى مقطوعة الرؤوس في المزابل كل يوم ونحن نغفو في حضن الديمقراطية!! تلك الديمقراطية المبهرجة التي تلقفتها احزاب سياسية لم تفهم معانيها ولم تنص عليها في انظمتها الداخلية ولم يخطر لها يوما ان تتعامل معها او تطبقها عمليا! تلك الكلمة المغرية التي اختطفتها جماعات جاهلة مهووسة متعصبة ليس لديها دافع سوى تحقيق مآربها الفردية النفعية الدنيئة! هي ايضا الكلمة المخيفة التي يعتقد اغلب البرلمانيون العراقيون انها صنوا للانفلات ودعوة للتفسخ والفساد لكن العصا التي تلوّح فوق رؤوسهم الان تجعلهم يحيطونها بالقبول الزائف، وليس لهم الا انتظار الفرصة الرائقة للانقضاض عليها وسحقها تحت الاقدام.. فليس من الغريب إذاً ان يتكلم (الدكتور المبجل) رئيس البرلمان العراقي بلغة (القنادر) مهددا وواعدا ولاجما افواه الاعضاء الذين حاولوا ان يطرحوا رأيا مخالفا (•). وليس من الغريب اصلا ان يطرح احد النواب الاسلاميين المتعصبين مشروعا مخالفا للدستور ومصمَمَا لاجهاضه والالتفاف على نفس الديمقراطية التي منحت هذا العضو الحق في تمثيل الشعب والتحدث باسمه، في محاولة لقلب الحرية التي سالت انهار الدماء من اجلها الى كابوس ولاية الفقيه التي قد تغمر العراق بظلام حالك ليس بعده بصيص من نور!! رضينا ام لم نرض ! وليس غريبا ان ينتخب الشعب اولئك الجهلة المتوحشين في ظل الظروف التي شهدناها ولانزال نعيشها: تراث اربعين سنة مشبع بالاخلاقية البعثية ومتوج بالسيرة الصدامية (المقدسة)!! اجتياح ارهابي شامل متخصص بقطع الرؤوس والتمثيل بجثث الابرياء، انتخابات عاجلة تحرسها جيوش المحتل في ظروف استثنائية طارئة ينتقل فيها الناس بين ليلة وضحاها من كماشة الطغيان الى جحيم الفوضى، هياكل تحتية ونظم اجتماعية واخلاقية منهارة تحت وطاة عقود عجاف من البطش السياسي والحروب الطاحنة والحصار الشامل، غياب تام لاسس المجتمع المدني ، دستور يُكتب على عجل من اجل ارضاء هذا وذاك فيتضمن تناقضات شنيعة ليس لها حلول ولاينفع فيها اي تعديل او ترقيع، برلمان يتألف على اسس محاصصات طائفية وقيم عشائرية ووصايا دينية! وحكومة بائسة ليس لها عمود فقري فلا تستطيع الوقوف على قدميها ناهيك عن انعدام امكانياتها لانتشال المواطنين من سعير الجحيم وتمكينهم من الوقوف بشموخ!!!

أتساءل: هل يصار الى تأهيل البرلمانيين المنتخبين بما يتناسب مع طبيعة العمل في البرلمان وثقل المهمة وخطورة المرحلة ؟ هل هناك من يدرك بان قبة البرلمان تتطلب امكانيات الخوض في الحوار الذي لابد ان يختلف نوعيا عن مهاترات المقاهي ومراشقات علاوي الغنم وشقاوات الازقة الخلفية ؟ هل هناك من يعتقد ان من الضروري ادخال المنتخبين الجدد دورات تعليمية وتدريبية يدرسون من خلالها القواعد والاصول التي يجب اتباعها في النقاش البرلماني ويتطبعون على الاخلاق البرلمانية وطرق اتخاذ القرارات الجماعية؟ وهل هناك من يعلم بان هذه الدورات ضرورية حتى للمتعلمين الحقيقيين والمثقفين المتمرسين في بلدان الديمقراطية الحقة، ناهيك عن حاجتها القصوى للاميين وانصاف المتعلمين والمتهورين والدجالين والمشعوذين في بلد مدمر ينزف من ابهره لكنه مايزال يخطو خطواته الاولى المرتبكة على هذا الطريق؟ هل هناك من يطلع على مايجري في النظم الديمقراطية ذات التجارب الطويلة في العالم ويفرز ما يمكن تعلمه من تلك التجارب واستعارته من تلك النظم؟

يصل البرلمانيون الى مواقعهم في كل انحاء العالم الديمقراطي بعد تجربة طويلة من العيش في المجتمع الديمقراطي والتعامل مع مؤسساته. ويتعلم الكثير من تلامذة المدارس مبكرا المبادئ الاساسية للحوار الديمقراطي ليس فقط في كنف عوائلهم اوعلى مقاعد الدراسة، انما يتسنى لهم تطبيقها عمليا من خلال النوادي والجمعيات والنشاطات المدرسية وغير المدرسية التي ينتمون اليها. وهناك مايسمى بحكومة الطلاب في المراحل الثانوية والجامعية التي يشكل فيها الطلاب نظاما برلمانيا لخدمة شؤونهم يتعلمون من خلاله اغلب الاصول البرلمانية اضافة الى ماتظيفه نظم العمل التي ينخرط فيها المرء لاحقا والقائم اغلبها على الاساس الديمقراطي. وبالاضافة الى تلك التجربة الطويلة تحرص الكيانات الديمقراطية سواء اكانت جمعيات مهنية او تجمعات ثقافية او اجتماعية اوسياسية اودينية او مؤسسات غير ربحية او هيئات حكومية او كونكرس الى التاكد من تدريب الاعضاء على استيعاب وتطبيق مايسمى بقواعد النظام
) ( Rules of Order . ففي الولايات المتحدة ،على سبيل المثال، يجري الحوار البرلماني في الكونكرس الامريكي بموجب (دليل جيفرسن للممارسة البرلمانية) الذي يتوجب على كل عضو معرفته وتطبيقه والالتزام به في الاجتماعات الرسمية. وتتبع برلمانات الولايات الامريكية المنفردة دليلا آخرا يسمى (دليل ميسن للاجراءات التشريعية) فيما تتبع بقية الكيانات الرسمية والاهلية الدليل الشهير المسمى (قواعد روبرت للنظام البرلماني). اما في المملكة المتحدة فانهم يتبعون (دليل ايرسكاين مي في الامتيازات والاجراءات البرلمانية) ، ويتبع الكنديون (قواعد بورينو في النظام البرلماني)، فيما يتبع الاستراليون (دليل مجلس النواب الاسترالي). وهناك ادلة وكتب وقواميس اخرى كثيرة في هذا الشأن مثل (المدونة التقليدية للاجراءات البرلمانية لألس ستركز) و (دليل كانن الكامل في قواعد النظام البرلماني) و (دليل ديميتر في الاصول البرلمانية) و (اجراءات فيكتور مورن البرلمانية) وغيرها كثير، حيث يتسنى لاي كيان يتبع الاجراءات البرلمانية ان يتبنى مايناسبه من هذه الادلة والنظم التي يشترك اغلبها في صلب الهدف وهو تفعيل عمل الكيان التنظيمي بأقصى كفاءة ممكنة عن طريق اتباع النظام الموحد الذي يلتزم به الجميع، والذي يضمن ليس فقط الاحترام المتبادل وتقدير الاختلافات بين الاعضاء انما يضمن ايضا المشاركة المتكافئة في اتخاذ القرار.

تقدم جميع هذه الادلة تفاصيل محددة ليس من المتوقع ان يعرفها اوتوماتيكيا من كان متعلما او مثقفا! ذلك انها تفاصيل محددة تتعلق بطبيعة المداولة والمحاورة والتشاور ضمن كيان برلماني معين من اجل الوصول الى الاجماع المقبول في تبني القرارات.. تتضمن هذه التفاصيل، فيما تتضمن، مديات حقوق وواجبات وامتيازات ومهام ومسؤوليات رئيس واعضاء البرلمان ومن يرأس الهيئات ويدير الجلسات. وتشمل كيفية بدأ الاجتماعات وصياغة برامج عملها..كيف يقسم الوقت بين الاعضاء خلال المناقشة وكيف يسمح للعضو بادلاء رأيه وكيف يجري الرد عليه.. كيف يدار الحوار وكيف يتم التعامل مع الاقتراحات والاعتراضات، وكيف تصاغ وتقدم تلك الاقتراحات والاعتراضات، وما لذي يتوجب فعله في حالات يشذ فيها الرئيس او احد الاعضاء عن القواعد المتبعة او الاخلاق المطلوبة..ماهي الاجراءات حول تغيب الاعضاء او تأخرهم .. كيف تؤخذ الفرص والفواصل خلال الاجتماعات وكيف يتم استئناف وتمييز القرارات او طرح المشاريع البديلة او تعديل السوابق او التصديق على ما فظ شأنه.. كيف يتم التصويت وكيف تفرز الاصوات ومن يشرف على حسابها..كيف تشطب او تؤجل القضايا المطروحة وكيف تؤخذ المحاضر وتختتم الاجتماعات. والكثير الكثير مما يتوجب معرفته وممارسته والالتزام به.

أتساءل: هل قرأ المشهداني ومن لف لفه حتى ولوصفحة واحدة في الاصول والاخلاق البرلمانية قبل او اثناء اضطلاعهم بهذه المهام التأريخية في مرحلة تعد من اخطر مامر به العراق؟
والسؤال الابلغ: هل تعلـّموا؟ فيما لو افترضنا انهم قرأوا ما يستلزم قراءته ؟
التصرفات المشينة، والمسؤولية التي سُـكبت على الارض، والضمير الذي فر من الشباك ، تشير جميعها الى انهم لم يتعلموا بعد! ولن يكترثوا انهم لم يتعلموا! والكارثة الكبرى هي ان امرنا بأيديهم!

ماجرى في البرلمان يمثل سابقة خطيرة جدا في هذه المرحلة ويؤشر عودة العقلية البعثية وتعاملها مع الناس بالقنادر..الامر الذي لايمكن ان يقابل بالسكوت والخنوع مطلقا وبتاتا لانها عودة السلوك البعثي التي اخذت تظهر للعيان شيئا فشيئا مثلما تنتشر الخلايا السرطانية بعد فترة سباتها..انها الفرصة الفريدة والثمينة ان تخنق محاولات عودة هذا السلوك وهي في مهدها، مما يتوجب على اعضاء البرلمان اصحاب الضمائر واهل المسؤوليات ان يصروا بقوة ودون اي تراجع او اهمال او تأجيل على ان يقف هذا الرئيس غير المتحظر ويعتذر عذرا شافيا امام عدسات التلفزيون لزملائه الذين اساء اليهم ولمنصبه الجليل وللشعب الذي وضع فيه الثقة..
والا ّ..وكما عرف العراقيون حق المعرفة فان تفويت هذه الفرصة وغيرها سيفتح الباب الى الفئران المذعورة التي ستستأ سد مرة اخرى وتقضم الاخضر واليابس دون تمييز.
__________________________________________________________________
(•) في احدى جلسات البرلمان العراقي الاخيرة طرح احد النواب الاسلاميين مشروع تشكيل لجنة لتدقيق القوانين التي يسنها المشرعون للتاكد من انسجامها مع الشريعة الاسلامية مما اثار بعض المناقشة و المعارضة من قبل بعض الاعضاء التي سارع رئيس البرلمان محمود المشهداني الى كبحها بطريقة همجية مصرحا: "سوف نتعامل ( بالقنادر) مع اي قانون يتعارض مع الاسلام"!!



#مصدق_الحبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصميم مقترح للعلم العراقي الجديد
- حول تسييس الثقافة وأدلجة الفنون والآداب
- عن العلمانية والدين والسياسة
- حول جدليّة المعيار الجمالي في الفن والادب
- عبد الكريم قاسم: النزاهة الاسطورية والشموخ البطولي
- من صنع العنف عبر التاريخ
- حول منهج التجريد التشكيلي
- اجابات سريعه حول اخطاء شائعه: وقفه لغويه مع الدكتور عدنان ال ...
- عن المحكمه والديموقراطيه
- القاضي والسفاح وهيبة المحكمه
- حول عملية الخلق والابداع في الفن والادب
- حول حرية التعبير الفني والادبي
- فلنرفع للعراق الحر علما جديدا


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مصدق الحبيب - حول اصول واخلاق الحوار البرلماني