أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مصدق الحبيب - عن المحكمه والديموقراطيه















المزيد.....

عن المحكمه والديموقراطيه


مصدق الحبيب

الحوار المتمدن-العدد: 1363 - 2005 / 10 / 30 - 12:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


اثارافتتاح محكمة الجلاد العديد من النقاشات والسجالات, وحفز على طرح الكثير من الاراء وعرض العديد من وجهات النظر من قبل الكتاب والمثقفين العراقيين , وهي الظاهره الصحيه السليمه التي تساهم بفعاليه عاليه في تثقيف الجماهير وتنويرهم وتسليحهم بمستوى المعرفه العامه الضروري لارساء قواعد المجتمع المدني الديموقراطي. ذلك لان الاختلافات, دون الخلافات, وتضارب الاراء, دون اشتباك اصحابها ,عادة مايثري الوسط الثقافي ويعمل على اغناءه ودفع مسيرته الى الامام باتجاه تعزيزه كعنصر جوهري بناء من عناصر الديموقراطيه.

وتعقيبا على مقالنا السابق "القاضي والسفاح وهيبة المحكمه", وردا على بعض الزملاء, خاصة اولئك الذين وجدوا في وضع المحكمه نموذجا للممارسه الديموقراطيه الجديده, اود ان اسجل الملاحظات التاليه:

- رغم كل التاخير والاخطاء, تعتبر مسالة احالة الطاغيه واعوانه الى المحاكمه خطوه اساسيه لابد منها, ليس فقط لمحاسبة المجرمين على ماارتكبوه بحق الشعب والوطن من جرائم تقشعر لها الابدان, وانزال ما يستحقون بهم من عقاب ,انما من اجل الشروع الفعلي في العهد الجديد الذي يجب ان تسود فيه العداله ويمتثل فيه الشعب لسلطة القانون الذي يضمن ويحترم حقوقه ويحدد مسؤولياته, بما في ذلك من حقوق للمجرمين ومسؤوليات عليهم. وكذلك من اجل التاكيد, للقاصي والداني, على جدية ومصداقية السياسه الجديده في نبذ اساليب العنف والظلم والاضطهاد والاستهتار والانتقام والاعيب المحسوبيات والمنسوبيات التي ذاق من جرائها الشعب العراقي الويلات بعد الويلات. ان مسالة التمسك بمبدأ اللجوء لمحكمة الشعب الحقيقيه العلنيه هي التي حالت وتحول دون اطلاق العنان للقلوب الداميه والعواطف الشعبيه الجامحه التي كانت ولاتزال, لو قدر لها, ان تهرع لامحاله الى قتل المجرمين وسحل جثثهم في الشوارع, ولم يفعل الذين ُسحلوا من قبل ماهو اقسى وابشع مما فعل مجرمونا الحاليون , الامر الذي لايعتبر مقبولا في الظروف الحاليه, ليس لان هناك نفر صغير ممن قد يأسف على الجناة ويتألم لمصيرهم, ويؤوّل الامور بماليست عليه, بل لان قبول المجتمع لمثل هذا الخيار من شانه ان يجيز ضمنا هذا النوع من السلوك ويفتح الباب امام المثيل من هذه الممارسات التي تتعارض مع المدنيه وسلطة القانون , وينسف بذلك كل الامال والاماني التي طالما عوّل عليها الشعب في الانتقال الى طور النزاهه والانصاف والعداله الاجتماعيه, وهكذا فاذا قبلنا الانحدار في منعطف القتل والسحل ,سنكون قد عدنا بأنفسنا, لامحاله, الى العهد القديم او حتى الى ماهو اسوء منه .

- واذا كان قبول المحكمه في ظل الظروف الديموقراطيه هو الخيار الافضل, فان ذلك لايعني البته التساهل مع المجرمين!على ان مثل هذا الجمع بين الضدين, احترام حقوق المجرم ومعاقبته على جريمته, ليس بالامر الهين, وليس من المتوقع ان يتم بشكل تام يخلو من الهفوات . والحال فأن الوطن في تجربته الديموقراطيه الفتيه سيحتاج الى دروس طويله وعبر مؤلمه لكسب الخبرات والمهارات التي تزيد من فاعلية ذلك الخلط وتضمن في نهاية المطاف النتيجه الايجابيه الصحيحه لصالح الجميع. ان من اهم التحديات التي واجهت وتواجه الانظمه الديمقراطيه, خاصة تلك التي تخطو خطواتها الاولى على هذا الطريق, هي القدره على تحديد ورسم ذلك الخط النحيف الفاصل بين الحريه والفوضى, وبين مرونة الديموقراطيه وصلابة القانون. وهو الخط الضروري الذي تتضح ملامحه اكثر فاكثر كلما ازداد المستوى التعليمي والثقافي للشعب وحيثما اعطيت الجماهير الواسعه الفرص الاكثر للتمتع بالحريه والممارسه الذاتيه في اتخاذ القرار واكتساب التجارب والنقد وتصحيح الاخطاء.

- ومن اجل ان لاتنصهر الحريه في بودقة الفوضى, تقوم الانظمه الديموقراطيه ومؤسساتها المختلفه بالنهوض بثلاث مهام جوهريه مترابطه, مكرسةً في ذلك كميات هائله من الموارد الطبيعيه والماليه والبشريه لضمان نجاح وفاعلية هذه المهام في تحقيق الهدف الاسمى, وهو صيانة وخدمة دولة القانون. وهذه المهام هي:
1. سن وتشريع وتعديل القانون وكذلك تطبيقه الصحيح والفعال, وهي المهمه التي تقوم بها المؤسسات التشريعيه والتنفيذيه والعدليه , وياخذ المشرعون والقضاة والمحامون والعدليون والسياسيون وموظفوا الدوله المدنيون الدور الاول في هذه المهمه.
2. صيانة القانون, وهي المهمه التي تقع على عاتق قوات الشرطه والامن, التي يتوجب على افرادها ومراتبها وقياداتها ان تفهم القانون وتأخذ عهد الشرف على الالتزام والاقتداء به, وتقسم باليمين القانوني على ان لايكون ولائها للمصالح الخاصه او للافراد المتنفذين مهما كانت اهميتهم, بل يكون الولاء النهائي للوطن ودستوره. وتعطي المجتمعات الديموقراطيه اهميه بالغه لهذا الجانب فتأخذ كل الاجراءات اللازمه لتقوية وتعزيز اجهزة حفظ الامن وصيانة القانون وبناء القوه المنظمه التي لاتقهر. وانه لمن الطريف ان يدرك المرء ان قوات الشرطه والامن في الانظمه الديمقراطيه غالبا ماتكون اشد بأسا واكثر تنظيما من مثيلاتها لدى الانظمه البوليسيه, والفرق هو في الهدف والوسيله والتصرف والاتجاه. وانه من الواجب ان يكون للحريه والديموقراطيه مايحميهما من قوة وعزم وتصميم.

3. معرفة القانون وفهمه وتقدير اهميته ودوره من قبل كافة قطاعات المجتمع , وهي مهمه تقع على عاتق المؤسسات التربويه والتعليميه والثقافيه والاعلاميه, وياخذ المتعلمون والمثقفون (وكتّابنا وفنانونا في طليعة هذا الفريق) الدور الاول للاضطلاع بها. والهدف الاساسي هو تسهيل تطبيق القانون وصيانته وتقليل, بما امكن, المشكلات المرافقه.


وفي ضوء ماتقدم, فالنموذج الديموقراطي الناجح لايمكن ان يتحقق بالتراخي والانفلات والتعتيم الاعلامي والقلق الامني,انما يستلزم بالضروره قدرا عاليا من المعرفه المفتوحه والاعلام الشفاف وكفاءة التنظيم ودقة التحظير , وكذلك الحزم والصرامه الى جانب الانصاف , اضافة الى القدر الكافي من الامن والطمأنينه لتامين سلامة وثقة كل من له صلة بالامر من قضاة وجناة ومحامين وحرس وموظفين وصحفيين. لكن ماشهدناه من بدايه للمحاكمه لايمكن بأي حال من الاحوال ان يكون النموذج الذي نصبو اليه, او حتى ذلك الذي كان بالامكان تحقيقه في ظل خصوصيات الظرف الراهن. فلم يكن الاستعداد لهذا الحدث بالمستوى المتوقع, وعلى كافة الاصعده, وخاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار مدة التحظير والملايين المصروفه. فعلى سبيل المثال لا الحصر كان من الممكن ان نرى فريقا للقضاة وللادعاء العام اكثر تأهيلا واستعدادا وتجربةً تجعلهم اكثر اقناعا واكثر حزما. وكان من الممكن ان نرى امكانات فنيه وتكنولوجيه افضل بكثير مما شهدنا, ولم تكن الاستعدادات الامنيه, رغم التشديد عليها, كافيه لطمئنة الشهود او حتى لجنة القضاة الذين لم نر وجوههم, اضافة الى انه لم يتسن لعامة الشعب ان يعرف الحد الادنى مما يجب ان يعرف عن هذه التجربه الفريده. وطموحنا الكبير هو ان يصار الى اخذ هذه القضايا بنظر الاعتبار مستقبلا من اجل ان تكون المحاكمه حدث القرن بحق.



#مصدق_الحبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاضي والسفاح وهيبة المحكمه
- حول عملية الخلق والابداع في الفن والادب
- حول حرية التعبير الفني والادبي
- فلنرفع للعراق الحر علما جديدا


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مصدق الحبيب - عن المحكمه والديموقراطيه