أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصدق الحبيب - حول ماهية الفن















المزيد.....


حول ماهية الفن


مصدق الحبيب

الحوار المتمدن-العدد: 1982 - 2007 / 7 / 20 - 05:25
المحور: الادب والفن
    


جــدل الفحــوى:‏
لم يحل المعنى الحالي لكلمة "الفن" في التداول اللغوي الا في منتصف القرن الثامن عشر، وفي ‏ماقبل ذلك كان الفن يرتبط بمعناه العام ذي الجذور اللاتينية ( ‏ars‏ ) التي تشير الى "المهارة" ‏ولاسيما المهارة الِحرفية والمهنية. ورغم الجدل المستمر حول معنى الفن الذي احتدم وتشعب ‏للحد الذي اصبح فيه الاتفاق على معنى واحد متعذرا، بخاصة خلال القرن الاخير، فأن التعريف ‏الاكاديمي التطبيقي لايزال يعتمد "الانتاج" والمهارة الحرفية المتطلبة فيه كمركز للثقل في صياغة ‏التعريف الرسمي.‏
‏ تعرّف الموسوعة البريطانية الفن على انه " استخدام التصور والمهارة لخلق نتاجات جمالية او ‏صياغة تجارب شعورية او تهيئة مناخات تتميّز بحس جمالي". وتعرفه موسوعة اينكارتا بانه ‏‏"نتاج النشاط البشري الابداعي الذي يستخدم الوسائل المادية وغير المادية للتعبير عن الافكار ‏والعواطف والمشاعر الانسانية". واذا كانت هذه التعريفات مستوفية للشروط التكنيكية فانها، ‏وكثير مثلها، لم تستطع انهاء الجدل حول فحوى الفن، الامر العويص الذي قد يجر السائل ‏المتفحص الى عشرات الاسئلة من قبيل: مالذي يقرر حجم استخدام او شرعية تلك المهارات او ‏حدها الادنى المطلوب او مدى انطباق مواصفاتها على النتاج المأمول ؟ والأعقد من هذا، مالذي ‏يقرر ان ذلك النتاج فني أم لا ؟ هل هناك مواصفات او شروط محددة ينبغي على النتاج الفني ‏استيفاؤها من اجل ان يصبح نتاجا فنيا ابداعيا؟ وماهي طبيعة الدور الذي يلعباه الزمان والمكان ‏في التأثير على فنية النتاج ومدى ابداعيته؟ ومن ذا الذي يحكم بان ذلك النتاج فنيٌ ام لا؟ وهل ‏هذه المهمة مناطة بالفنان ام بالمتلقي؟ وهل ثمة دور او مسؤولية في هذا الحكم تناط لطرف ‏ثالث قد يتمثل بمقاولي وممولي النشاطات الفنية او النقاد المحترفين والصحفيين والسياسيين ‏والمؤرخين والنفسانيين وعلماء الاجتماع واختصاصيي نشأة الشعوب وتطورمسيراتها الثقافية؟ ‏تشير جميع هذه التساؤلات الى حقيقة ان من الصعب الاتفاق على تعريف وافٍ واحد للفن يضع ‏النقاط على جميع الحروف، الامر الذي يزداد تعقيدا لاسباب جوهرية منها:‏

‏-‏ خضوع قيمة الفن والفنانين لاحكام ذاتية اكثر من خضوعها لاحكام موضوعية.‏
‏-‏ خضوع الاحكام الذاتية والموضوعية الى تأثيرات ظرفية مثل المكان والزمان وثقافة ‏المجتمع ومرحلة تطوره.‏
‏-‏ خضوع نطاق الفن الى توسعات وتغييرات منهجية مستمرة.‏

تضمّن معنى الفن ، اضافة الى ما هو متعلق بالمهارة ، معاني وارتباطات اخرى مثل "التشكيل"، ‏المفهوم المتأتي من فعل التوليف والتركيب التنسيقي فضلاً عما يحيط ذلك التوليف من ميزات ‏الخلق والابتكار والابداع، وهذا المعنى الاخير هو الذي يشير اكثر من اي معنى اخر الى ‏مايسمى بالفنون الجميلة، هذا المصطلح الذي ابتكرته اول اكاديمية للفنون، تلك التي تأسست ‏في باريس عام 1648، إذ كان سبب اطلاق المصطلح هو التمييز بين ما وصف بالفنون ‏الجميلة التي ضمت الرسم والنحت والعمارة عن سواها من الفنون التي انتمت للحرف الفنية. ‏على ان هذا الحصر التكنيكي للمفهوم لم يسلم هو الاخر من الاشكالات ، فهناك مايميز الفنون ‏الجميلة البحتة عن الفنون الجميلة التطبيقية حيث يستأثر كل منهما بمقامه الاجتماعي ويأخذ ‏تصنيفه وتقييمه بموجب ذلك المقام. واستنادا الى هذا التصنيف تتركز خصوصية الفنون ‏الجميلة البحتة بالتعبير الذاتي الابداعي للفنان الذي يعكس الحاجات الفكرية والنفسية للمجتمع، ‏فيما تختلف عن ذلك الحرف الفنية المتميزة بطابعها العملي والمعبرة عن الحاجات الاستعمالية ‏للانسان. وبين هذا الطرف وذاك تقع الفنون الاعلانية التي ترتبط بالسوق وتعكس حركته ‏التجارية. على ان مفهوم الفن البحت ارتبط بعنصر التعبير الشخصي للفنان، الامر الذي لم ‏يتبلور تأريخياً الا بعد بزوغ المدرسة الانطباعية في الثلث الاخير من القرن التاسع عشر ‏وشيوع موضوعة ان بامكان الفنان ان يرسم مايختلج في عقله وليس فقط ماتراه عيناه. أي ان ‏يرسم انطباعاته عن العالم الذي من حوله.‏
وبالرغم من وضع هذه الاصناف من المفاهيم في خاناتها الخاصة ، فهي غير مفصولة عن ‏بعضها بجدران حديدية ، انما تختلط وتتداخل وتتفاعل فيما بينها ، ولايكون مبعث الفيصل في ‏تفريقها إلا الآراء الذاتية والاجتهادات الشخصية ، على ان مفهوم التعبير الذاتي البحت عن ‏دواخل الفنان وافكاره هو مفهوم نسبي حتى في حالات توفّر الحرية المطلقة للتعبير، ذلك ان ‏الفنان الحر انما يعبر بشكل غير إرادي عن حالة العقل الجمعي وثقافة المكان وتقاليده ‏وموروثاته، اما الفنان المؤدلج الذي يقف على نهاية الطرف الاخر من هذا الخط فانه يعبر عن ‏الايديولوجية التي يحملها، خيارا ام قسرا، الامر الذي يدفعه بالتدريج الى التخلي عن ذاته ‏الصغيرة الحقيقية والالتصاق بالذات الكبرى الوهمية سواء كانت قومية ، عنصرية، عشائرية، ‏مذهبية او حزبية. ‏

يتعرض الجدل حول مفهوم الفن ايضا الى فكرة ان الفن لايمكن حصره بمعنى مفرد ، بل قد ‏يكون من الحكمة ان يعتبر الفن كمنظومة لمفاهيم عديدة تعنى بجوانب مختلفة ولكن يربطها ‏رابط واحد. وقد مهد مثل هذا الاتجاه الى نشوء وجهة نظر اخرى تتمثل في ان الفن ظاهرة ‏اجتماعية تستمد وجودها وتكتسب شرعيتها من ارتباطها المؤسسي بالمنظومات الاجتماعية ، ‏وخاصة المنظومات التي تؤلف سلطة الفن كالمتاحف وصالات العرض والنقاد والمؤرخين ‏والصحفيين. يأخذنا هذا الانعطاف الى التمييز بين وجهتي نظر متناقضتين: الاولى تعود بنا الى ‏الفلسفة التولستوية التي تفضي الى ان المتلقي وحده، هو الذي يقررفيما اذا كان العمل فنا ام ‏لا، بصرف النظر عن نية الفنان او مدى جهده او سعيه ، وليس المقصود بالمتلقي هنا شخصا ‏مفردا انما العقل والضمير الجماهيري الجمعي. وبذلك فان قيمة الفن تتحدد بمدى التأثير الذي ‏يتركه العمل الفني على عواطف الاخرين والانطباع الذي يثيره في احاسيسهم. اما وجهة النظر ‏الثانية فتعود الى الفيلسوف الاميركي جان ديوي وماجاء في كتابه "الفن كخلاصة للتجربة" ‏المنشور عام 1934 الذي يؤكد فيه على الدور الاول لنية الفنان وتوجهاته ويورد مثالا من ‏عالم الأدب فيقول ؛ ان قطعة ادبية ما يمكن لها ان تعتبر قصيدة شعرية، فقط اذا اراد لها ‏الشاعر ان تكون كذلك وقام بتقديمها للقراء كقصيدة، بغض النظر عما يراه بقية الشعراء او ‏المؤسسات الادبية. ويمكن لنفس القطعة ان تكون مقدمة مقتضبة لتقرير صحفي اذا ماشاء ‏الصحفي ان تكون كذلك، وبهذا فاننا نتعامل مع النتاج الادبي نفسه وهو يلبس لباسين مختلفين، ‏ليس لما يميزه من ميزات فنية متأصلة فيه انما بسبب مايراد له ان يكون... تستمد وجهة ‏النظر هذه قوة اضافية وتعمل بفاعلية اكبر اذا ما اضفنا الى نيات الفنان ومقاصده ، مدى ‏شهرته ووزنه في الوسط الفني ، ونستطيع ان نرى ان ذلك ينطبق انطباقا جليا على ماجرى ‏ويجري في اروقة الفن الحديث والادب الحديث. فمن ذا الذي يعتبر، على سبيل المثال، رسم ‏بسيط لعلبة حساء، ماركة كامبل (1968)، أو الادهى من ذلك ، مبولة بورسلين حقيقية ‏‏(1917 ) اعمالا فنية شهيرة من نتاجات الفن الحديث التي كتبت عنها الآلاف من الكتب ‏والمقالات، لولا مقاصد اندي وورهول ومارسيل دوشامب، على التوالي، وما تمتعا به من شهرة ‏ونفوذ في الاوساط الفنية. وجميعنا يدرك ان ذلك اصبح من حقائق الحياة الثقافية التي نعيشها ‏محليا. فلا احد منا يشك، مثلا، بامكانية رفض نشر اجمل واروع قصيدة يكتبها شاعر شاب ‏غير معروف في الوقت الذي لايجرؤ اي احد على رفض اي ترهة او تافهة قد يكتبها شاعر ‏مشهور مثل ادونيس او محمود درويش، بل ستتبارى دور النشر فيما بينها على الاستحواذ ‏على نشر الترهات والتوافه. ولاينطبق ذلك فقط على تقدير ماهو فني او غير فني ، انما ينطبق ‏ايضا على تصنيف الفنون كما جاء اعلاه. فقد اصبح أندي وورهول، وهو فنان اعلان متواضع ‏الكفاءة، من اعلام الفن الحديث ووُصف بانه اكثر فناني القرن العشرين تأثيرا في التراث الثقافي ‏في حين لم يعتبر أحد عشرات الالاف من فناني الاعلان الاخرين ذوي الكفاءات العالية حتى في ‏عداد الفنانين ناهيك عن انهم ظلوا يعملون في الظل داخل نطاق حرفة الاعلان.‏
‏ ‏
شمل الجدال حول فحوى الفن وجهة نظر اخرى تعتمد على افكار الباحث الامريكي المتخصص ‏بعلم الجمال مونرو بيردسلي الذي يعتقد بان وظيفة العمل الفني والسياق الذي يأتي فيه هما ‏اللذان يقرران مدى فنية ذلك العمل. كما كان من اوجه الجدل ايضا موضوع اشتراط الفن البحت ‏ان يكون متجردا من القيم الاستعمالية التي تُعهد مهام انتاجها عادة الى الحرف الفنية او في ‏احسن حال الى الفنون التطبيقية. ولعل بعض الاعتراض هنا يلقي تبريره بالاستناد الى المنطق ‏العقلاني الذي لايسمح بقبول الغياب المطلق للقيمة الاستعمالية للفن مهما كان ذلك الفن بحتا. ‏فبموجب النظرية الاقتصادية للمنفعة ، يشكّل الاشباع والرضا والتمتع بالفن، بخاصة الناجم من ‏اقتناء الاعمال الفنية ، اكبر القيم الاستعمالية ، ويبرر ارتفاع القيمة التجارية للاعمال الفنية في ‏السوق. ونستطيع ان نذهب بذلك الى مدى ابعد ، فنعتبر مثل تلك القيمة الاستعمالية متجسدة ‏حتى في قابلية الاعمال الفنية المقتناة على ارضاء مشاعر الغرور والتباهي في قلوب الناس ‏الذين ينفقون اموالا طائلة على إقتنائها حتى و إن لم يكن لديهم اي استيعاب او تقدير حقيقي ‏لقيمة الفن الذي يقتنون ، ذلك ان القيمة الاستعمالية التي يحصلون عليها ستقاس عندئذ بمدى ‏ما سيرفع الفن من مستوياتهم الثقافية والاجتماعية ويجعلهم عالي الشأن والجاه في مجتمعاتهم، ‏كما يتصورون. ترتبط هذه الفكرة بالذات بموضوعة "الاستهلاك المظهري" التي قدمها ‏الاقتصادي وعالم الاجتماع الاميركي ثورستن فبلن في كتابه "نظرية الطبقة المترفة" المنشور ‏عام 1899 . حيث جاءت هذه الموضوعة في معرض تفسيره لعمليات الانفاق الباذخة التي ‏تقوم بها الطبقات الاجتماعية المترفة والتي تتعدى الى حد بعيد مايحصلون عليه بالمقابل من ‏قيمة استعمالية لقاء ما ينفقون وفق نظرية المستهلك. ومفاد تفسير فبلن ان اولئك الذين ينفقون ‏الأموال الطائلة على اشياء تشكل فيها الاعمال الفنية لمشاهير الفنانين مثالا كلاسيكيا انما هم ‏يحصلون على مقابل متكافئ مع ماينفقون لانهم يشترون في ذلك مايساهم في عرض المنزلة ‏الطبقية والجاه الاجتماعي الذي يرغبون في استعراضه على الاخرين. ولذلك فليس من العجب ‏ان يعجز مبدعون حقيقيون غير مشهورين عن بيع روائعهم بابخس الاثمان فيما يتبارى عمالقة ‏المال والبورصات على شراء بطاقة القطار التي كان بيكاسو قد شخبط على ظهرها في يوم ‏منسي!!‏
‏( في صيف عام 2004 توقع مقيّمو مزاد سوثبي الشهير في نيويورك ان تباع لوحة بيكاسو ‏‏"صبي يدخن الغليون" المرسومة عام 1905 بمبلغ 70 مليون دولار، لكنها بيعت بعد ايام في ‏نفس المزاد بمبلغ 104 مليون! وقد علق في وقتها بيب كارمل الخبير بفن بيكاسو قائلا : "ان ‏هذا الحدث يثبت لنا بأن قيمة العمل الفني التجارية في السوق ليس لها اي صلة على الاطلاق ‏بالقيمة الفنية التي يحملها ذلك العمل)!‏
من الانتقادات الاخرى لفكرة وجوب خلو الفن البحت من القيم الاستعمالية تلك الانتقادات التي ‏تورد امثلة عديدة على قيم استعمالية ظاهرة او مستترة للفن مثل استخدام الفن كعلاج ووسيلة ‏في التحليل السايكولوجي، كوسيلة للاتصال والخطاب الاجتماعي والسياسي، وكوسيلة تربوية ‏وتعليمية.‏

ميــزات الفـــن:‏
فيما يلي يمكن لنا استقراء مايميز الفن كنشاط انساني وحقل اجتماعي من خلال مقارنته بالعلم:‏

‏- خلافا للعلم الذي يهتم باكتشاف الحقيقة الموضوعية المجردة للطبيعة والانسان، يعنى الفن ‏بالقاء الضوء على الحقائق الذاتية المتعددة والمتباينة عبر وجهات نظر هي الاخرى مختلفة ‏باختلاف عواطف الفنانين والتجارب التي يخوضونها والبيئات التي ينشؤون فيها والثقافة التي ‏يترعرعون في كنفها.‏

‏- خلافا لما يختص به العلم من تنشئة للتفكير العقلاني وترسيخ للتحليل المنطقي، يتوجه الفن ‏الى تنبيه وتنمية المراكز الحسية وتحفيز وتطوير قدرات التصور والحدس.‏

‏- خلافا للعلم ذي الاتجاه المحدد والوسائل التحليلية المباشرة الثابتة، يتمتع الفن باتساع رقعة ‏انماطه ووسائله وتعدد وتباين سبل تطبيقها مما يؤدي الى لامركزية الفعل وعدم مباشرة تاثيره ‏ويؤول بالتالي الى تعدد وتباين تفسيراته وتأويلاته ولامحدودية نطاقها.‏

‏- خلافا للعلم الذي لاتسمح تفسيرات ظواهره بمساهمة اي كان انما يشترط في من يضطلع في ‏تفسير الظواهر العلمية ان يكون عالما متخصصا متدربا في مجال بحثه وله خبرات محددة في ‏مجال تخصصه، فان التفاعل مع الاعمال الفنية وتفسيراتها مفتوح لجميع الناس ، ولايشترط ‏مثل ذلك التفاعل والتفسير اية خبرة او تدريب، ذلك ان الفنون تخاطب مشاعر الناس بغض ‏النظر عن رصيد معارفهم واتساع نطاق ثقافاتهم، وليس من شأنها ان تتابع خيارات الناس ‏وتتقصى صياغات مشاعرهم.‏

العنـاصر الاساسيـة فـي العمـل الفنـي التشكيـلي:‏

للفنان التشكيلي ادواته المتميزة التي تمكنه من انجاز مهمته التعبيرية في العمل الفني مثل الخط ‏واللون والشكل والملمس والقوام والظل والنور والكتلة والفراغ والتوازن والتماثل والنسب ‏والمقاسات والمنظور. ويمكن النظر الى هذه الادوات وهي تصطف لتشكيل عناصرالعمل الفني ‏الاولية التالية:‏

• موضوع العمل الفني: صلب وخلاصة ماينبغي على الفنان تقديمه او عرضه او ‏دراسته او مناقشته فنيا.‏

• الانشاء الفني: الاخراج العام لترتيب عناصر الموضوع الفني وتحديد نظم تفاعلها ‏فيما بينها سواء كان ذلك بالتماثل او التوازن او العشوائية.‏

• التمويه الفني: صياغة جوانب مختارة من جوانب الموضوع، لاسيما تلك التي ‏تتطلب اضفاء الخدعة الفنية كتداخل الاشكال وتلاعبات الظل والنور او التحدب ‏والتقعر او المنظور الهندسي الذي يعمل على استحضار الاشكال ذات الابعاد الثلاثة ‏على سطح ذي بعدين.‏

• التعبير الفني: توظيف النمط التعبيري السائد في العمل الفني كحركات الخطوط ‏وسرعتها او قوتها، طبقات الالوان وقوامها وتفاعلاتها ، درجات النور والظل، ‏ضربات الفرشاة والملمس الذي تتركه، مادة السطح وملمسها ودرجة امتصاصها ‏للالوان.‏

• التجريد الفني: عنصر تحوير واقعية الاشياء بموجب اختزال مظاهرالاشكال ‏وارجاعها الى هياكلها الاولية عن طريق توظيف ملامحها الشكلية الدنيا.‏

• الاسلوب الفني: طريقة اختيار الفنان للهيئة التي تترتب وتتحد وتتكامل فيها العناصر ‏التشكيلية السالفة سواء كان الاختيار شخصيا بحتا، أو متبعا لمدرسة فنية معينة، أو ‏مقلدا لفنان آخر، أو متبنيا لخليط من هذا وذاك .‏

عـودة الى تولستـوي:‏

في مقالته ذائعة الصيت "ماهو الفن؟" التي نشرها عام 1897، أرسى ليو تولستوي، الفيلسوف ‏والروائي الروسي، المبادئ الاولية لفلسفة جمالية-اجتماعية كانت ولاتزال احدى الركائز ‏الاساسية لتفسير مفهوم الفن. في هذه المقالة الرائدة ركز تولستوي على مجادلة معظم ‏النظريات الفلسفية الجمالية التي كانت سائدة آنذاك والتي يعود تأريخ نشأتها الى مابين القرنين ‏الثامن عشر والتاسع عشر، والتي يتشكل قوامها في صياغة فحوى الفن على مبادئ غارقة في ‏المثالية ومفاهيم شديدة النسبية مثل الحقيقة والجودة والحسن. وتوطئة لطرح موقفه الفكري ‏المخالف، بدأ تولستوي بتفنيد الموقف الافلاطوني الذي يقوم على اعطاء تقليد الطبيعة قيمة ‏الابداع العليا والركون الى العلاقة المبهمة بين الفن والمتعة في صياغة مبررات وجود الفن ، ‏معتبراً ذلك الموقف موقفا متأرجحا مراوحا في مكانه. ركز تولستوي على حقيقة ان التجربة ‏الفنية تتمحور حول تجربة الفنان العاطفية الوجدانية وايصالها الى الجمهور، ولهذا فقد رأى انه ‏لابد للفن من اقامة الصلة بين الفنان وجمهوره، والاهتمام بنوعية تلك الصلة. فبقدر تمكن ‏الفنان من التأثير على الجمهور واستنباط الاساليب الخلاقة لالهاب مشاعرهم وكسب عواطفهم، ‏تتحدد جودة الفن. ولذلك فان مفهوم الفن لدى تولستوي لايتعدى كونه ذلك النشاط الانساني ‏الابداعي الذي يسمح بنقل تجارب الاخرين عبر لغة العواطف ومن خلال مخاطبة الوجدان ‏الانساني بادوات تعكس الفكر السائد ووسائل تتناسب مع روح العصر. ويمكن استخلاص ‏الركائز الاساسية لفلسفة تولستوي في الفن بما يلي : ‏

‏- الرفض القاطع للتفسيرات الميتافيزيقية للفن ، وبخاصة رفض موضوعة الفن كمتعة مجردة، ‏وتبني المنهج الذي يعتبر الفن شرطا من شروط الحياة الانسانية واحدى المقومات الطبيعية ‏لتفاعل الانسان مع محيطه الاجتماعي.‏

‏- التأكيد على اعتبار الفن نشاطا انسانيا واعيا يتم بموجبه نقل التجارب الحسية والعاطفية من ‏الفنان الى الاخرين بواسطة النتاج الفني الذي ينبغي ان يعمل كوسيلة اتصال ثقافية. وبهذا ‏المنطق يتوجب فهم الفن بانه العملية والوسيلة التي يتم بموجبها نقل التجارب الشعورية التي ‏يعيشها الفنانون الى محيطاتهم الاجتماعية. وبسبب اختلاف التجارب الشعورية في حدتها ‏واهميتها وآثارها فان نجاح الفن سيتركز حول قوة استحضار التجربة سواء كانت انعكاسا ‏لاحداث حقيقية ام انها كانت مختلقة من محض الخيال.‏

‏- التاكيد ايضا على كون الفن مناسبة واداة لانصهار الشعور الانساني والتحام العواطف، مما ‏يجعله فعالية ضرورية لديمومة الحياة وتطورها. فلولا مشاركة المشاعر وتبادل الاحاسيس بين ‏الناس والتحاور بالتجارب عبر الاجيال والثقافات وحقب التاريخ لتحولت حياة البشر الى مايشبه ‏حياة الغاب. وعلى هذا الأساس فان وجود الفنون وتفعيلها لايقل ضرورة عن وجود اللغات ‏ودورها الاساس في تأمين الاتصال والتحاوروالتفاهم الاجتماعي ، على ان غياب الفنون او ‏تجميد دورها من شأنه ان يشل التفاعل الانساني الايجابي ويفسح المجال لمزيد من العزلة ‏ويوجد المبرر لتنامي العدوانية والعنف.‏

‏- اعتبارالمعيار الاساس في تفريق الفن الحقيقي عن الفن الزائف متمثلا في قدرة الفنان على ‏استحضار المشاعر ومخاطبة الاحاسيس والهاب العواطف وتحقيق الالتحام الروحي بين الفنان ‏والمتلقي من جهة وبين المتلقي ومحيطه من جهة اخرى. وهذا مايساهم في تحديد قيمة الفنون ‏بمدى قابلية التجارب الشعورية المتجسدة في العمل الفني للنفاذ الى دواخل الاخرين والتأثير ‏فيها. على ان نطاق هذا التأثير سيعتمد على:‏
‏* مدى خصوصية لغة التجربة وفردانية المشاعر المتجسدة في العمل.‏
‏* مدى وضوح التجربة ونضوجها.‏
‏* مدى صدق الفنان في التعبير عنها.‏

‏- التأكيد على ضرورة تعامل المجتمع مع الفن تعاملا عقلانيا من حيث مساحة الحيز التي ‏يتطلبها النشاط الفني، ذلك ان التطرف والمبالغة في تقليص او توسيع هذا الحيز سيؤدي، على ‏السواء، الى نفس الخسارة . فمنع الفنون والتضييق عليها ومحاربتها من جهة، أو الاسراف ‏والاسفاف فيها وتحويلها الى ادوات مبتذلة، من جهة اخرى، سيقود الى نفس الطريق العقيم ‏المسدود الذي يفقد الفن فيه معناه وتأثيره.‏



#مصدق_الحبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكعيبيّة واستحقاق الريادة في الفن التشكيلي المعاصر
- آهٍ ، لو يتقاتل المتطرفون مع بعضهم
- اغتيال الزهاوي: انتكاسة اخرى للثقافة العراقية
- لا تضيّعوا الفنان محمود صبري
- لاتضيّعوا الفنان محمود صبري
- المصالحة الوطنية:تساؤلات في التجربة العراقية وتأملات في تجار ...
- فوز شذى حسون: رسالة الفنانين ضد رسالة الاسلامويين
- الليلة التي حملتني فيها الملائكة الى الجنّة
- حول اصول واخلاق الحوار البرلماني
- تصميم مقترح للعلم العراقي الجديد
- حول تسييس الثقافة وأدلجة الفنون والآداب
- عن العلمانية والدين والسياسة
- حول جدليّة المعيار الجمالي في الفن والادب
- عبد الكريم قاسم: النزاهة الاسطورية والشموخ البطولي
- من صنع العنف عبر التاريخ
- حول منهج التجريد التشكيلي
- اجابات سريعه حول اخطاء شائعه: وقفه لغويه مع الدكتور عدنان ال ...
- عن المحكمه والديموقراطيه
- القاضي والسفاح وهيبة المحكمه
- حول عملية الخلق والابداع في الفن والادب


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصدق الحبيب - حول ماهية الفن