أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - غسان عبد الهادى ابراهيم - النفط.. نقمة فى نعمة















المزيد.....

النفط.. نقمة فى نعمة


غسان عبد الهادى ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1535 - 2006 / 4 / 29 - 11:38
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


عزا التقرير الاقتصادى العربى الموحد لعام 2005 الذى صدر خلال الشهر الحالى فبراير -شباط- التطورات والنمو الاقتصادى العربى وازدياد معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى فى اغلب الدول العربية للعام الثانى على التوالى الى ارتفاع أسعار النفط والطاقة.
فبفضل ارتفاع اسعار النفط -تحديداً- استطاعت الدول العربية رفع الناتج المحلى الإجمالى لكل الدول العربية مجتمعة من 751 مليار دولار عام 2003 إلى 870 ملياراً عام 2004، محققاً بذلك معدلاً مرتفعاً للنمو بالأسعار الجارية بلغ 15.8% مقابل 11.3% فى العام الذى سبقه. وقدر معدل النمو بالأسعار الثابتة بنحو 6.7% خلال العام 2004، مقابل 6.1% فى العام الذى سبقه، بينما بلغ متوسط نصيب الفرد اقل من 2500 "الفين وخمس مئة" دولار سنوياً وبقيت معدلات التضخم عند مستويات معتدلة فى ضوء ما شهدته اقتصادات الدول العربية من توسع فى النشاط الاقتصادي.
فقد اعتبر التقرير ان نجاح الدول العربية مجتمعة فى تحقيق هذه المؤشرات الايجابية هو انجاز كبير والفضل الاول للنفط، فبدون النفط ستتحول هذه المؤشرات الى كارثة تحدق بنا، فكما يعلم الجميع ان النفط وموارد الطاقة المتاحة لدولنا هى موارد محدودة ستزول عاجلاً اما آجلاً، فالكارثة مقبلة والقضية موضوع وقت لا اكثر.
وبكل الاحوال، فان ما حققه النفط وباقى الموارد الاستخراجية لكل الدول العربية مجتمعة هو اقل مما حققته اسبانيا لوحدها بل حتى كوريا الجنوبية لوحدها او اندونيسيا لوحدها.
فقد تحول الاقتصاد الإسبانى من اقتصاد يعتمد بالدرجة الأولى على الزراعة إلى اقتصاد متنوع ذى أهمية فى أوروبا خلال العقود الأخيرة. ودخل الفرد هناك مقارنة مع الناتج الاجمالى للدولة هو رابع أعلى دخل فى أوروبا. فتحولت اسبانيا -45 مليون نسمة- الى دولة تصدر المنسوجات والمواد الغذائية والمعدنية والكيميائية والسيارات والسياحة. وكانت مؤشراتها الاقتصادية -بدون نفط- جبارة مقارنة بكل دول العالم العربى مجتمعة فقد بلغ الناتج المحلى الإجمالى 1014 مليار دولار لعام 2005 وكان متوسط نصيب الفرد اكثر من 25000 -خمسة وعشرين الف- دولار سنوياً. وقدر معدل النمو بالأسعار الثابتة بنحو 3.3%.
واذا نظرنا الى كوريا الجنوبية -49 مليون نسمة- التى لا تنتج حتى برميل نفط واحد وتستورد حوالى مليونى برميل يومياً، فقد بلغ الناتج المحلى الإجمالى 983.3 مليار دولار لعام 2005 وكان متوسط نصيب الفرد اكثر من 20300 دولار سنوياً. وقدر معدل النمو بالأسعار الثابتة بنحو 3.7%.
اما اندونيسيا -242 مليون نسمة- الأكبر فى العالم الإسلامى والخامس عشر على مستوى العالم والتى تستهلك اغلب نفطها من خلال تشغيل قطاعاتها الانتاجية الاخرى بدلاً من تصديره نفطاً خاماً، فقد حققت ناتجاً محلياً إجمالياً 899 مليار دولار لعام 2005 وكان متوسط نصيب الفرد اكثر من 3700 دولار سنوياً. وقدر معدل النمو بالأسعار الثابتة بنحو 5.3%.
لقد تحولت كل المؤشرات الايجابية لاقتصادياتنا العربية مع نفطها الى لا شيء يذكر بهذه المقارنة البسيطة، فقد تحول النفط الى نقمة بوجوده قبل نضوبه وحول معه الكثير من الدول العربية الى دول متكاسلة تعتمد على تصدير مواردها الخامة لتغطية احتياجاتها الاستهلاكية والترفيهية دون مراعاة للحاضر والمستقبل.
فكيف نستدرك الامور لصالحنا ونحول النقمة التى بين يدينا الى نعمة حقيقية؟
النفط غالباً ما يدار ويُملك من قبل الحكومات العربية وبالتالى يعتبر المورد الاساسى للميزانيات العربية التى تعيد انفاق هذا المورد بشكل استهلاكى على جهازها البيروقراطى دون امكانية لتوظيف الجزء الرئيسى من هذه الموارد فى مشاريع استثمارية متنوعة، بدلا من انفاقها فى برامج توظيف وانفاق فاشلة تحت ضغط الحاجة لتأمين الحد الادنى للمعيشة لمواطنيها، وهو الامر الذى يجعل المجتمع "موظفا" لدى الحكومة بدلا من ان تكون الحكومة موظفا لدى المجتمع.
هذا ما يضع الآلية الاقتصادية الطبيعية -آلية السوق- بشكل مقلوب ويحول دون تطور وانتعاش الحياة الاقتصادية والاجتماعية فى الكثير من دولنا.
الموضوع يتطلب تحقيق آلية السوق -والمتمثلة بتحول الحكومة الى حارس ومُشرِع وناظم للاقتصاد باقل تدخل ممكن فى السوق- من خلال بيع القطاعات الاقتصادية الحكومية بما فيها الموارد الاستخراجية الى قطاع خاص وطني. وتفرغ الحكومة الى دورها المشرف والناظم من خلال وضع التشريعات والقوانيين وجنى الضرائب والرسوم ورفع يدها عن المشاريع الاقتصادية والاكتفاء ببناء بنية تحية تؤمن كل متطلبات واحتياجات المستثمرين بالاضافة الى الخدمات التى يتطلبها المواطن.
وهذا ما سيخلق الدافع لدى القطاع الخاص الى توظيف عوائده فى قطاعات تكاملية مع القطاع النفط والموارد الطبيعية الاخرى بانشاء صناعات بتروكيماوية تليها صناعات الكترونية توظف المنتجات البتروكيماوية وتليها صناعات اخرى توظف المنتجات الالكترنية..وهكذا يتحول النفط من مادة خام للتصدير الى سلعة ذات قيمة مضافة عالية تباع فى السوق المحلية والعالمية. هذه الآلية ستسهم فى خلق دورة اقتصادية تنشط باقى القطاعات ذات الجدوى الاقتصادية وفق مفهوم السوق تحديداً، على نفس الطريقة التى تبنتها اندونيسيا فى اصلاح اقتصادها. فى حين ستحقق الحكومة ايرادات من بيع قطاعاتها -الرابحة والخاسرة- من جهة، وستفرض الضرائب على القطاعات المخصخصة فتحقق ايرادت اضافية من جهة ثانية.
هذا التوجه الذى تبنته كل الدول المتقدمة واغلب الدول النامية التى حققت نتائج ايجابية فى برامجها الاصلاحية، قد لا يروق لمزاج كثير من الحكومات وحتى معارضيها، خوفاً من الجانب الاجتماعى والآثار السلبية المرافقة لعملية الخصخصة. اذ تتعالى اصوات الاحتجاج وتقول: هل ننقل مواردنا الوطنية من يد الحكومة الى حفنة صغيرة لتسرق خيرات الوطن؟
لقد عانت الدول العربية منذ استقلالها من سوء استخدام الحكومات لمواردها الاقتصادية عدم قدرة توظيفها وهدرها بشكل غير عقلاني، فلماذا يجب ان تستمر فى هذا التوجه؟ ولماذا لا تكتفى بقيادة الاقتصاد من خلال الاشراف وارساء القواعد والقوانين، وتجنى ايراداتها من ارباح القطاع الخاص الذى اثبت قدرته على توظيف موارد الوطن وفق آليات السوق ومبدأ تعظيم المصالح. فالقطاع الخاص هو افضل من يبحث عن تحقيق المصالح وتحديداً مصالحه، فما هو الخطأ فى ذلك؟ الخطأ، فى المقابل، هو ان القطاع العام الذى لا تهمه المصالح هو أسوأ من يحقق مصالح الشعب. والمطلوب قوانين وتشريعات تحمى حقوق القطاع الخاص اولاً، وتضمن حقوق الحكومة "الشعب" فى جنى الضرائب وفق نظام شفاف.
ان فشل الحكومة كرجل اعمال يوجب عليها الاعتراف بذلك وترك الساحة لرجال الاعمال -القطاع الخاص- وعدم التحجج بالجانب الاجتماعى والمتمثل فى زيادة البطالة وارتفاع نسب الفقر اثناء عملية الخصخصة. فهذه الجوانب يمكن تجاوزها اذا تبنت الحكومة برامج اجتماعية مرافقة لعملية الخصخصة -من خلال توظيف الايرادات المترتبة عن بيع قطاعاتها وشركاتها من جهة وقطع خسائرها عن المشاريع الخاسرة- كبرامج الضمان الاجتماعى المتمثلة فى معاشات العاطلين عن العمل وتقديم تسهيلات وقروض اعفاءات للداخلين فى سوق العمل من الخريجين والمشاريع الصغيرة بشكل عقلانى ومدروس وبدون تقديم دعم لقطاعات فاشلة وبدون جدوى اقتصادية.
القطاع الخاص هو جزء من الوطن اذا عمل فى جو اقتصادى منظم وشفاف.. وهو اذ يعمل لمصلحته، فانه وفقا لضوابط وتشريعات وطنية، سيجد نفسه يعمل لمصلحة الجميع اذا اجادت الحكومة حماية مواردها ونظمت الحياة الاقتصادية، بحيث تضمن عدم تحويل القطاع الخاص الى حفنة من اللصوص تسرق وتنهب خيراته عن طريق تهريب الأموال الى الخارج بوجه خاص. فالمال الوطنى يجب ان يظل وطنيا، حتى ولو بلغ مئات المليارات، وحتى ولو آلت الى ملكية لطبقة مستثمرين أثرياء. فثراؤهم هو ثراء للمجتمع، اذا استثمر فى موطنه.
المشكلة اولا وآخراً تكمن فى القطاع الحكومى الذى فشل فى ادارة وتشغيل موارد الوطن. والتحدى الرئيسى الذى يواجه فرص التنمية هو ما اذا كان سيفشل فى توجيه وتنظيم عمل القطاع الخاص أيضا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* باحث اقتصادى من اسرة
جريدة "العرب الاسبوعي"
[email protected]
المصادر:
-التقرير الاقتصادى العربى الموحد لعام 2005 الصادر عن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والصندوق العربى للإنماء الاقتصادى والاجتماعى وصندوق النقد العربي.
- The World Fact Book: WWW.CIA.GOV



#غسان_عبد_الهادى_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هناك أمل... -نوعا ما-... التجارة العربية البينية تتطلع لمستق ...
- ...إذا نضب النفط
- هل سنموت عطشاً؟.. نعم
- -انفلونزا الطيور- وباء أخطر من -الأيدز-
- الاستثمارات الأجنبية.. خير نرجوه وشر نتّقيه
- مستقبل النفط.. مشرق ومظلم
- الهجرة في الداخل والعوائد الى الخارج
- تكنولوجيا المعلومات بلسان أهلها
- النفط في طريقه إلى النضوب.. فما انتم فاعلون
- دولار ضعيف لاحكام الهيمنة على النظام المالي العالمي
- البنك الدولي: العدالة هي الحل الوحيد للقضاء على الفقر
- غناكم سبب فقرنا
- التدخل الانساني ظاهرة غير انسانية
- كالعادة، العالم العربى يحتل المراتب الاخيرة فى تسهيل الاستثم ...
- متى تتحرر الدول النفطية من عقد الارتباط بالدولار؟
- الطاقة البديلة تستبق زمن اللا نفط
- لا يمكن تقليص الفقر في العالم بدون حقوق المرأة العاملة
- لا سوق عربية مشتركة .. حتى على الانترنت
- التجارة الحرة .. الأمل الأخير لتحسين العلاقات العربية وفق من ...
- الاقتصاد العالمي عصا بيد الدول الكبري


المزيد.....




- تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي وارتفاع معدلات التضخم بالربع الأ ...
- انخفاض أسعار مواد البناء اليوم الخميس 25 أبريل 2024 في الأسو ...
- نمو الاقتصاد الأمريكي 1.6% في الربع الأول من العام
- بوتين: الاقتصاد الروسي يعزز تطوره إيجابيا رغم التحديات غير ا ...
- الخزانة الأمريكية تهدد بفرض عقوبات على البنوك الصينية بزعم ت ...
- تقرير: -الاستثمارات العامة السعودي- يدير أصولا بنحو 750 مليا ...
- البنك الدولي: توترات الشرق الأوسط تهدد التقدم العالمي بشأن ا ...
- معضلة الديون في فرنسا.. وكالات التصنيف قلقة ونظرتها سلبية
- أرباح بنك -أبوظبي التجاري- ترتفع 26% في الربع الأول من 2024 ...
- البنك الدولي: توترات المنطقة تهدد التقدم العالمي بشأن التضخم ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - غسان عبد الهادى ابراهيم - النفط.. نقمة فى نعمة