أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد علي - افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 104)















المزيد.....

افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 104)


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 6200 - 2019 / 4 / 13 - 01:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اسباب سقوط الفلسفة
لم يكن موت الفلسفة و انتصار السلفية في الحضارة الاسلامية حادثا يحدث في لحظة و وقت الواحد و بفتوى واحدة و انما كما كان يحدث منذ بداية ظهورها في عملية تاريخية طويلة الامد و معقدة و متعددة الابعاد بالضبط، فان سقوطها كان مماثلا ايضا. و لكن من الواضح ان القوة المؤثرة في هذا السقوط و بطل مقتل الفلسفة في الثقافة هم الحنبليين، كما كان اهل الكلام هو القوة المحركة لظهور الفلسفة, و بالعودة الى جورج طرابيشي ايضا ، نتمكن من ان نحدد ثلاث عوامل رئيسية لذلك و هي في الوقت نفسه عوامل تغيير الحنبيليين من مذهب ( كاخر مذهب سني) الى ( الايديولوجيا الشمولية) في عصره. اولها؛ لها علاقة بطبيعة المذهب، والذي هو مرتبط بالسنة و الحديث. لذا فان فان احمد صاحب كتاب (المسند ) و الذي يحتوي على اكثر من اربعين الف حديث، في الوقت ان المذاهب الثلاثة الاخرى جعل من الكتاب الفقهي للمالكي ( الموطأ ) هو مصدرهم وجعلوا الاحاديث عنوانا للمسألة الفقهية و يحتوي تقريبا على خمسمئة حديث. اما المذهب الحنفي و هو اقدم مذهب فقهي من الناحية التاريخية و اقربهم الى النبي، و وفق المصادر الحنفيه انه راى العديد من الصحابة، و لكن لم يكن الحديث لديه مرجعا رئيسيا للفتوى، و عليه كُفر من قبل البغدادي و هو من اهل الحديث و مقرب من الخليفة قادر و اُتُهم بالبدعجي و الجهمي، و بالاخص في كتابه الاكثر شهرة ( تاريخ بغداد)، و بمعنى اخر، و ان استعمل (الحنفي، المالكي، الشافعي) الحديث، فانه كان حسب القياس و الاجماع و جعلوا الاجتهاد مرجعا، و بعكس هذا ،في الوقت ان الحنبلية صورت نفسها على انها حركة العمل الحديثي للقرآن و ربط القرآن من جهة المعنى بمقولات الحديث.
هذا المذهب اصرّ كثيرا على الحديث في بُعد عقلنة المعرفة، وفق ان القرآن ابقى على الفجوات الكثيرة للنشاطات العقلية و التفسير العقلي، لذا وبعد ان رفع الشافعي عن طريق كتابه (الرسالة) من قدسية الحديث الى مستوى القرآن، جاء الحنبلي فاثبت هذه العقيدة و المبدا و علّم به. و لهذا السبب منح الحديث كثيرا من الطاقة و القدرة من الناحية المذهبية الى المجتمع الديني. و من هنا عُرف الجنبل بامام اهل السنة اكثر من مؤسس المذهب الفقهي. لذا فان تاثير الحنبل على الخطاب العقلاني الاسلامي و التشريع الاسلامي اكثر بكثير من المذاهب الاخرى. في الادبيات الاسلامية القديمة، فان اكثر شيء تُعاد بداية جمع و كتابة الحديث الى العصور الاقدم و بالاخص الى نهايات بداية القرن الاول الهجري و بالتحديد عصر عمر بن عبدالعزيز، و على اساس انه كان اول خليفة اسلامية فعل هذا و امر به. و لكن البحوث العلمية المعاصرة برهنت على ان عملية جمع الحديث و كتابته بدات في الحقيقة في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري. (29), و المصدر الوحيد الذي وصلنا هو كتاب مالك (الموطا).
تعود المرحلة الذهبية لجمع و كتابة الحديث الى عصر الرمحلة الثانية للخلافة العباسية و بالاخص عصر المتوكل و القرن الثالث الهجري، و احد هؤلاء الباحثين الاكثر شهرة في الثقافة الاسلامية هو ( محمد امين)، و ما هو المزعوم بان الخليفة عمر بن عبدا لعزيز امر ( عمر بن حزم) والي مدينة (المدينة) ليجمع الاحاديث، انه يُعتقد و وفق ان عمر كان خليفة لسنتين ( 99 الى 101 ه) اي من المحتمل انه قد امر ذلك في سنة 100 هجرية، و لكن بسبب ما يزعم بان عمر قد جمع مجموعة من الاحاديث و لم تصلنا و الجامعين في العصر العباسي لم يعتمدوا عليها و لم يذكروها كمصدر للكتابة و جمع الاحاديث، و مع ذلك انهم اعتمدوا فقط على الرواية الشفهية ايضا ، لذا فان المستشرقين يشكّون في صدقية هذه القصة و يعتقدون انها احدى تلك الحكايات التي نُسبت الى عمر فيما بعد، و لكن وفق ما نعلمه ان عمر قد مات مبكرا، و اما عمر ابن الحزم توفي في سنة 120 الهجري، لذا فانه يحتاج الى تلك الشكوك، و القصة تروي لنا بان عمر امر بذلك، و لا يوجد ما يدل بان الامر قد نُفذ فعلا، لذا من المحتمل ان الموت المفاجيء لعمر حدا بعمر ابن الحزم ان لا ينفذ الامر فيما بعد. ( 30).
عدم وجود و مجهولية امر تلك الاحاديث التي من المزعوم ان عمر قد امر بجمعها، فان في احسن الحالات كان صحيحا و نُفذ الامر، انه من المعلوم و المبرهن انه لم يصل الينا فقط و انما لم يشر اليها جامعو الاحاديث من العباسيين. فان ما حول هذه القصية ايضا، في احد المصادر القديمة جدا الذي يعود الى العصر التلهف و الانشغال في الكتابة و جمع الاحاديث، يتحدث عن ان الامام مالك سال ابن ( عمر ابن الحزم) حول تلك الاحاديث التي كتبها ابوه، فانه رد على سؤاله قائلا بانها فقدت (31). اي ان في احسن الاحوال، وان كانت هذه القصة صحيحة و نفذت ايضا ام عمر، فانها كانت نسخة واحدة و فقدت في عصر ابنه.
ثانيا: في الوقت ان المذاهب الثلاثة الاخرى كانت مذاهب فقهية، لكن الحنبلية كانت على اتفاق مع المدرسة الكلامية و على راسهم جميعا المعتزلة، لذا فانهم استخدموا في فحوى المنطق و الكلام للرد، بمعنى اخر فان الجنبلية كانت مع من كان له رد الفعل الشديد امام المدرسة الدينية الاخرى في عصرها، و ان كانت الاحاديث اكبر سلاح في يدهم، لذا ان هؤلاء لم يترددوا في استخدام سلاح مناوئيهم للمقاومة و الدفاع عن انفسهم لاثبات خطابهم، ودون ان يستلموا الى تلك الاسلحة. من هنا فان احد المختصين للمذهب الحنبلي في مستوى الجامعات العالمية، يعتقد ( ان المذهب الحنبلي هو المذهب الوحيد الذي كان مذهبا فقهيا فكان في الوقت فنسه عقيدة كلامية) ( 32).
انهم كانوا اهل الحديث من الجانب الابستمولوجي، و لكن من الجانب التكنيكي للكتابة فانهم طرحوا توجهاتهم بالمنطق مثلا. لذا انه ليس بغريب ان يكون اكبر مناويء للفلسفة في التاريخ الاسلامي ضمن اهل الحديث و اهل الشرع و الفقه، وهو ابن التيمية الحنبلي، وفي الوقت كان اكثر خبرة منهم جميعا في الادبيات الكلامية و الفلسفة الاسلامية. و كما يقول الطرابيمن شي في مكان (ان احمد ابن الحنبل هو ضرب الفلسفة من الخارج، و لكن ابن تيمية ضرها من الداخل).
ثالثا: لهذه الاسباب تظهر خصوصية سوسيولوجية اخرى للحنبلية ، وهي توسع تلك المراكز الجماهيرية التي تكلم معهم، و عليه فان المدارس الدينية الاخرى، و ان كانت لاشخاص مختصين، الا ان الحنبلية و بسبب بساطتها و تنوعها في الطرح، كانت لاكثرية الناس، و هذا ما وهبها الطاقة لكي تنتشر بسرعة ( 33).



#عماد_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 103)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 102 )
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 101)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 100)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 99)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (98)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 97)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 96)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 95)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 94)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 93)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 92)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (91)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (90)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (89)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 88)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (87)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 86)
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (85 )
- افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (84)


المزيد.....




- بلو آيفي كارتر تتألق في جولة والدتها بيونسيه -Cowboy Carter- ...
- سوريا: ما حصيلة المواجهات في صحنايا والسويداء وما الاتفاق ال ...
- غارات إسرائيلية في اليمن بعد يوم من سقوط صاروخ باليستي على م ...
- إسرائيل تستعد لتوسيع عملياتها في غزة.. وعائلات الرهائن: يعرض ...
- مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز تدين الاعتداءات الإسرائيلية ...
- المبادرة المصرية تطالب نيابة أمن الدولة بإسقاط اتهامتها الجد ...
- عقيلة صالح: تشكيل حكومة موحدة في ليبيا يحظى بترحيب دولي ويعد ...
- الجيش الإسرائيلي يشن غارات تستهدف مناطق على الحدود السورية ا ...
- شولتس يوجه رسالته الأخيرة لزيلينسكي
- تسريبات عبرية عن اتفاق إسرائيلي مع حماس في الدقيقة الـ 90 بو ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد علي - افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 104)