أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن كعيد الدراجي - عشتار ومواكب الاحزان ..














المزيد.....

عشتار ومواكب الاحزان ..


حسن كعيد الدراجي

الحوار المتمدن-العدد: 6182 - 2019 / 3 / 24 - 18:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اليوم ستهبط شآبيب الرحمة من السماء على روح جدتنا الطيبة ..تلك المرأة الجنوبية الطاعنة في السن والتي رسمت الايام على وجهها ضريبة تضاريس العمر ..كانت تتخذ مسكنا لها في احد البيوت الطينية المنعزلة في الطرف الشمالي من قرية جميلة وادعة من القرى المنتشرة على ضفاف نهر دجلة قبل ان يتشعب منه نهر (البتيره ) ...كان ذلك في منتصف خمسينيات القرن الماضي ..وكاني بصدى صوتها الذي اثقلته الايام وهو يتهادى من بعيد عبر تراكم الذكريات من خلف عشرات السنين التي لفها حاجز النسيان .. وهي تتمتم بمفردات جنوبية غارقة في القدم وتوجه اللوم الى نفسها لكثرة اسرافها في التدخين ، حيث كانت تدخن بنهم وشراهة شديدين ، حتى انها وهي تتعامل مع ( سكاير اللف ) لا تعطي لنفسها فواصل زمنية بين تدخين سكارة وتناول أخرى ، وهي تردد على مسامع كل من يبادرها بالسلام بعد ان تفرغ من نوبة سعال طويلة ( يا يمه هسى تموتني الجكاير ..وانوب انا اشرب جكاره بعز جكاره ) ..تذكرت كلمات تلك المرأة الجنوبية المبتلات بشراهتها وحبها للتدخين رغم ما يلحقه بصحتها من ضرر فادح ..استحضرت ذلك وانا ارى اليوم المصائب والنوائب تنهال على العراق من كل حدب وصوب وتسدد سهامها القاتلة بسرعة نحو اهلنا الآمنين دون ان تترك لهم مجالا لألتقاط الانفاس ...نعم .. فما ان نخرج من رزيئة حتى ندخل في اتون نازلة اشد وأقسى ...فنحن اذآ على موعد مفتوح مع مواسم الاحزان وفصول من الوجع والالم الدائمين ..مصائبنا باتت تتناسل في كل المواسم والازمان ......ويبدو لنا ان للعراق تاريخا حافلا مع الحزن المزمن الذي يمتد مع عمق التاريخ الحضاري لهذا البلد وعبر عصور فجر السلالات والمدن الاولى التي قامت على ضفاف نهري دجلة والفرات قبل 3200 سنة قبل الميلاد ... كان هذا قدرنا الذي رسمته لنا ( عشتار ) في صحوة من تأنيب الضمير ..فكانت حشود العراقيين ونخب الكهنة تستعرض في شارع الموكب حيث الترانيم الحزينة والطقوس الجنائزية ...( عشتار ) ترثي ( تموز ) وتذرف الدموع وتلوم نفسها على ما فعلته بحبيبها تموز ..انه وخز الضمير ...الذي ضل يلازمنا حتى يومنا هذا ..المواكب الحزينة جميعها تقطع شارع الموكب مخترقة بوابة عشتار ....ويبد ان ( عشتار ) تخلت اليوم عن مهامها بالكامل ، وأوكلتها الى (( السماء )) لتأخذ السماء دورها في توزيع الاحزان والآلام والمصائب و ( البلاوي ) على العراقيين بالتساوي ....تاريخنا وحاضرنا يؤكدان اننا لن نشبع حزنا وأن كمية الاحزان والآلام التي نعاني منها لم تعد كافية لأشباع عشقنا وغرامنا للوجع والآلام ، فذهبنا نستنطق حوادث تاريخنا الاسلامي ، في ذات الوقت الذي لا زالت جثث اطفالنا ونساؤنا تطفو في نهر دجلة بحادثة العبارة ، ها نحن نرفع الاعلام ونحمل الرايات ونستعد لخوض غمارموسم جنائزي جديد نقيم المآتم .. ونستل السيوف .. ونشج الرؤوس ..ونقرع الطبول .. ونمارس طقوس اللطم ....فحي على البكاء والاحزان ....



#حسن_كعيد_الدراجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرّة اليتيمة..
- قانون منع المشروبات الروحية .. والانتخابات البرلمانية .
- اوراق مسافر( 4)...ثلاث محطات كردستانية ..ورابعة في مدخل بغدا ...
- اوراق مسافر( 3 )...ثلاث محطات كردستانية ...ورابعة في مدخل بغ ...
- اوراق مسافر(2 )...ثلاث محطات كردستانية ..ورابعة في مدخل بغدا ...
- اوراق مسافر( 1)...ثلاث محطات كردستانية ..ورابعة في مدخل بغدا ...
- خمس عمليات ليزرية
- الادعية المزيفة


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن كعيد الدراجي - عشتار ومواكب الاحزان ..