|
قانون منع المشروبات الروحية .. والانتخابات البرلمانية .
حسن كعيد الدراجي
الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 26 - 04:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قبل حصول التغيير السياسي في العراق عام 2003 ، كان شيعة العراق يشعرون بالمظلومية والتهميش والغبن ، خصوصا في موضوعة إحياء مناسباتهم وطقوسهم ، وشعائرهم الدينية ،مثل يوم عاشوراء الحسين في واقعة الطف بكربلاء (61 هجري ) ،مع إنهم لم ينقطعوا عن ممارسة وتأدية تلك الشعائر ، ولكن ليس بالشكل الحر المطلق ،بل انهم مقيدون بضوابط ومحددات حكومية مشددة ، تحدّ بعض تلك الطقوس ، لذا فقد كان للخوف والقلق مساحة في جغرافية ممارساتهم الطقوسية هذه ، مع أن نظام صدام حسين صار في تسعينيات القرن الماضي ميكافيليا في هذا الجانب ، فقد حاول جاهدا استمالة الشيعة وكسبهم الى جانبه أو تحييدهم في اقل تقدير ، حيث رصد أموالا لمنظمات الحزب في المناطق والمحافظات الشيعية ، لإقامة المآدب وتوفير الطعام ، وتوزيعه في يوم عاشوراء ، من كل عام . ولكن ما أن سقط وتهاوى نظام صدام حسين عام 2003 ، واختفى وإلى الابد جبروته من المشهد السياسي ..حتى إندفعت ملايين الناس ، زاحفة مشيا على الاقدام ، نحومدينة كربلاء ، وبقية الاماكن الدينية الاخرى ، في بغداد وسامراء والنجف ، في أول مناسبة عاشورائية بعد التغيير . وهنا جاء دور الاحزاب الاسلامية الشيعية ، لتستغل حالة الجوع القديم لممارسة الطقوس الحسينية ، لدى العامة ، فوظفت ذلك لمصالحها في الكسب الجماهيري ، وقيادة المجتمع للوصول الى مأربها ، وخاصة في تحقيق أعلى الاصوات في الانتخابات البرلمانية ، فشرعت تلك الاحزاب في تأسيس مواكب حسينية خاصة بها ، بعد ان ثورت لديهم المشاعر والنزعات الطائفية ، ووفرت لهم المال الحكومي ، وسهلت مهامهم الطقوسية ، وكان زعماء ومعممي تلك الاحزاب يتسابقون رياءا وزيفا على الحضور والمساهمة بأداء هذه الشعائر ، وهنا نذكر تطوع زعيم أحد الاحزاب في قراءة قصة مقتل الحسين يوم عاشوراء من المحرم ، أمام انصاره ومريديه ( ليسجل لنفسه وحزبه موقفا حسينيا ) ، وما أن أشرف على أتمام تفاصيل القصة بالكامل ، ووصل الى ذكر ما جرى للحسين لحظة مقتله ، حتى صار يضرب رأسه بكلتا يديه ، ويترك المنبر قافزا في الهواء ، ولم ينته هذا المشهد الدراماتيكي الا بعد تدخل أفراد حمايته الشخصية ، وهذا متأسلم آخر يقف امام كاميرات التصوير ، وهويخوط بقدر الهريسة الحسيني ، ليقدم شهادة حسن سلوك طائفي ، وليسجّل له قصة في هذه المسرحية ، وهكذا كانوا يحرصون على توظيف نشاطاتهم في مواسم البكاء واللطم ، لكي يكسبوا حصة كبيرة من رؤوس المتخلفين والاميين والسذج . ولكن ، وبعد أن امضى هؤلاء المفسدين بحكم العراق سنوات عجاف ، ساد فيها الخراب والدمار ، وتفشى الفساد في كل مفاصل الحياة ، وتدهور الوضع الامني ، واصبحت الميليشات تقود الشارع العراقي ، وتشرف على عمليات السطو والقتل والاغتصاب والاغتيال ، واحتل تنظيم داعش الارهابي نصف مساحة العراق ، وتدهور اقتصاد البلد ، ودمرت البنى التحتيه لقطاع الخدمات والتربية والصحة ، وانتشرت البطالة ، وخاصة بين الشباب ، وصارت الدولة عاجزة عن الايفاء بألتزاماتها بتسديد مستحقات الفلاحين ، ودفع رواتب الموظفين والمتقاعدين ، ونزح وهجّر الملايين من العراقيين . فانكشف رياء هؤلاء السياسيين السراق ، وبانو على حقيقتهم ، وظهر فسادهم للقاصي والداني ، وباتت أغطيتهم وعمائمهم المقدسة زيفا ،لا تشفع لهم امام صحوة العراقيين وغضبهم ، فانطفأت جذّوة المد القطيعي الطائفي ، وقل اللهث ، وانحسر الركض خلف العمائم ، بعد أن رفعت الجماهير ، كل الجماهير ، بما فيها حشود المتدينين وانصارهم ومريديهم ، رفعت بوجوههم الكالحة شعار (( بسم الدين باكونه الحرامية )) ، فشرع هؤلاء ( الحرامية ) السراق انفسهم الى محاولة ايهام الجماهير ، وخلط الاوراق امامها ، او الايحاء لها ، بأنهم اي ( السراق ) هم حملة المباديء الاسلامية ، ورعاة الدين ، وحراس شريعة الله ( السمحاء ) ، فعمدوا الى تشريع قانونهم سيء الصيت والسمعة الذي يمنع ويحضر تعاطي المشروبات الروحية ، في محاولة يائسة بائسة ، لكسب أصوات الناخب العراقي بعد استدرار شفقته ، واستجداء عطفه ..
#حسن_كعيد_الدراجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اوراق مسافر( 4)...ثلاث محطات كردستانية ..ورابعة في مدخل بغدا
...
-
اوراق مسافر( 3 )...ثلاث محطات كردستانية ...ورابعة في مدخل بغ
...
-
اوراق مسافر(2 )...ثلاث محطات كردستانية ..ورابعة في مدخل بغدا
...
-
اوراق مسافر( 1)...ثلاث محطات كردستانية ..ورابعة في مدخل بغدا
...
-
خمس عمليات ليزرية
-
الادعية المزيفة
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تعلن استهداف مستعمرة كريات شمونة
...
-
-المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن مهاجمة هدف حيوي في شرق إ
...
-
قائد الثورة الإسلامية يستقبل الرئيس بزشكيان وهذا ما دار بينه
...
-
مصر.. قرار من النيابة العامة ضد صاحب فتوى -سرقة الغاز والميا
...
-
النيابة العامة المصرية تأمر بضبط صاحب فتوى إباحة سرقة المياه
...
-
مقتل 18 نازحا في غارة إسرائيلية على مبنى بزغرتا المسيحية شما
...
-
من يهود السفارديم.. دراسة جديدة تحسم جدل أصل المستكشف كريستو
...
-
” استقبلها الآن في ثواني “.. تحديث تردد قناة طيور الجنة الجد
...
-
الصحة اللبنانية: 9 قتلى بغارة إسرائيلية على بلدة ذات أغلبية
...
-
ماذا يجمع حكومة مودي الهندوسية بحركة طالبان الأفغانية؟
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|