عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6145 - 2019 / 2 / 14 - 20:52
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الحقيقة الثانية فيما نقصده من التجلي و الخمود و الافول لا يعني ان هذا الفعل طبيعي و اعتيادي و حدث عقلاني و فكري مجرد و متواضع و مؤثر و لكن على العكس تماما كثيرا ما تكون هذه العملية من جانبيها عمل سياسي و اصطناعي و كانت يستنده القرار السياسي. لذا على القدر ما هي تجلي و هي اظهار الامر و طرحه و من ثم خموده و افوله و سسقوطه. اما الملاحظة الثالثة التي لها العلاقة مع العنوان، وهو عندما نقول بانه كان الافول الفلسفة في القرنين الخامس و السادس الهجري لم نقصد به الموت النهائي للعملية و الموضوع و لكن هي سقوط و وقوع و فقدان طبيعة الترجل و القيام و بمعنى ان تكون صاحبة الهوية و الابداع كما كانت ابان القرنين الثاني و الثالث بشكل خاص. بعدما تعرضت الفلسفة الاسلامية للضربات المتسلسلة من قبل الرجال الدين التقليديين و السلطة السياسية و كانت النتحية انحراف الفلسفة و تفرغت من طاقة سيرورتها و اسقطت في النهاية.
ان كنا نريد ان نقارن هذه الصورة بما يفعله الانسان و هو يحاول الوصول الى هدف ما و قطع الطريق له نحو الامام، فاننا يمكن ان ندعي بان بداية ظهور الفلسفة الاسلامية كانت عند النصف الثاني للقرن الاول و القرن الثاني كانت هرولة، و بعدها بسبب العوائق او العراقيل التي واجهتها في القرن الرابع و من ثم اصبحت تحت زخم الضربات الصارمة للخطاب الفقهي و السلطة السياسية فانها اصبحت تسير متعرجة، الى انها في القرن السادس و بمجيء الغزالي و المدرسة النظامية ابان سلطة العباسيين فانها اُفلت او سُقطت . مع هذا السقوط و الخمود و ان كان جسد الفلسفة الاسلامية جاثمة على صدرها، فانه كان بين فينة وا خرى، و بما كان يحمل من مقومات الحركة، فانه يحاول الحركة من اجل ان لا يقف و يثبط بشكل نهائي. الى ان ظهر ابن تيمية في القرن الثامن و سقطت الخلافة الاسلامية على ايدي المغول، فانها توقفت على الحركة نهائيا كفلسفة و نشاطات عقلية اسلامية حرة . و عوضا عن ذلك اختزل العقل الاسلامي في ترديد و تكرار الخطاب الفقهي السلفي. في هذه العملية الطويلة و المعقدة، و ان وقعت الفلسفة على عقبها و لكن عصارة الثقافة الاسلامية و حتى الجانب اللافلسفي و اللاعقلاني اصيبت بتاثيرات الفلسفة ذاتها. و هذا ما ادى الى ان نقول ان النهاية الماساوية للفلسفة و سقوطها في الحضارة الاسلامية لم و لن تفرض ان تكون نهاية تاثيراتها و افرازاتها. و من هنا يجب ان نقول بانه عندما نريد ان نفهم الخطوط العامة لتاثير و حظور الفكر الفلسفوي الاجنبي في الحضارة الاسلامية سيبقى فهمنا للفكر العرفاني الاسلامي بشكل عام مشوها و معقدا.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟