محمود الصباغ
كاتب ومترجم
(Mahmoud Al Sabbagh)
الحوار المتمدن-العدد: 6143 - 2019 / 2 / 12 - 08:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نفد الطيران الروسي في 30 أيلول - سبتمبر 2015 ضرباته العسكرية الأولى ضد مواقع داعش في سوريا ،معلنا بذلك البدء قس مرحلة جديدة للتدخل الروسي الفعال في الصراع الدائر في سورية .وجاءت هذه الخطوة الروسية بمثابة مفاجأة للجميع تقريبا باستثناء أولئك الذين يمكنهم الوصول إلى خفايا الشؤون العسكرية. وعلى نفس وقع المفاجآت أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الرابع عشر من آذار-مارس 2016 عن سحب الجسم الرئيسي للقوات الروسية في سوريا , وعلى الرغم من هذا الانسحاب الجزئي واصلت القوات الروسية عملياتها العسكرية هناك .كما تشارك روسيا – إلى جانب الفعاليات العسكرية- بنشاط واضح في التعاطي السياسي فيما يتعلق بالصراع السوري , ولعبت روسيا في هذا المجال دورا فاعلا منذ البداية، ليس فقط من خلال دورها في مجلس الأمن ،بل أيضا عبر أشكال أخرى تتركز على القرارات المتعلقة بالصراع .و تبحث هذه المقالة في استراتيجية روسيا في سوريا ، مع التركيز على المقاربات و الاهتمامات الروسية في الشرق الأوسط والأهداف الأوسع للسياسة الخارجية.
البعد التاريخي لـ "المحور" الروسي-السوري
يعود تاريخ التعاون بين سوريا وروسيا ( الاتحاد السوفييتي سابقا ) إلى السنوات الأخيرة من الحرب العالمية الثانية( 1944) ، عندما أعلن كلا البلدين عن قيام علاقات دبلوماسية رسمية بينهما. وجاء الاعتراف الدبلوماسي السوفييتي في الدولة السورية حتى قبل حصول هذه الأخيرة على الاستقلال الكامل في 17 نيسان-أبريل 1946 (1) , و برغم أن الاتحاد السوفيتي كان من أقوى المؤيدين للدولة لسورية ، فقد شابت السنوات الأولى من العلاقة بين البلدين بعضا من التوتر بسبب الانتقاد السوفييتي المعتاد للقادة السوريين , ومع ذلك حافظ الاتحاد السوفييتي على عدم انقطاع العلاقة بينهما.
وتكمن أهمية سوريا للاتحاد السوفييتي للعديد من الأسباب , يعود أولها لطبيعة الجغرافيا السياسية لأراضي الاتحاد السوفييتي الجنوبية :القوقاز و آسيا الوسطى التي لا تنفصل عن منطقة الشرق الأوسط , كما أن موقع سوريا الجيوبوليتيكي يمنح الاتحاد السوفييتي الفرصة لتطويق تركيا و العراق-حلفاء الغرب الأقوياء آنذاك-. و كانت سوريا بالنسبة للاتحاد السوفييتي شريكا ضروريا لتأمين "الخاصرة اللينة" له , ثانيا اكتسب الحزب الشيوعي السوري وحلفائه على بعض النفوذ في السياسة السورية (2)، بما يعني استغلال الروابط العقائدية لنشر المزيد من نشر الأفكار الشيوعية في الشرق الأوسط. و لذلك كان لموقع سوريا أهمية في تجدد التعاون المتبادل بعد وفاة ستالين في العام 1953. و تمثلت هذه الأهمية في تجديد الاتفاقية السوفيتية السورية الموقعة سنة 1955 والتي ساعدت على تحسين العلاقات التجارية بين البلدين. و يمكن ملاحظة آثار هذا التعاون في الحضور السوفييتي في مشاريع البنى التحتية الكبيرة مثل بناء سد الطبقة الذي كان له دور في مشاريع ري مناطق شاسعة من البادية السورية فضلا عن تأمين الطاقة الكهرومائية, و لا يمكن استثناء دور التعاون العسكري المزدهر في تحسين العلاقات بين البلدين.
دخلت العلاقة بين البلدين في حالة من عدم الوضح في حقبة الستينيات ن القرن الماضي , فكانت البداية مع إعلان الجمهورية العربية المتحدة- الاتحاد السياسي بين سوريا ومصر الذي استمر من العام 1958 حتى تاريخ الانفصال في العام -1961 ,ثم تبعها الانقلاب الذي أتى بحزب البعث إلى السلطة وصولا إلى تشرين الثاني-نوفمبر 1970 عندما استولى وزير الدفاع السوري-آنذاك- حافظ الاسد على السلطة وأصبح رئيسا للبلد , و الذب كان بحاجة لحلفاء أقوياء لتأمين موقعه محليا و لتأمين وضع البلد إقليميا , وحيث أن الاتحاد السوفييتي , في حينه, كان معنيا في البحث عن شريك إقليمي يمكن استخدامه لتحقيق التوازن مع الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية, فقد حاول حافظ الأسد -بعيد استيلائه على السلطة-ضمان قدر من الاستقلال السياسي لبلده من غير أن تتأثر علاقته بشريك سوريا الأقوى , أي السوفييت , و اشتدت مثل هذا النهج و تكثف أكثر منذ بداية السبعينيات, الأمر الذي ساهم في توقيع روسيا و سوريا -في العام 1971- على العديد من الاتفاقيات التي كان من شأنها تكريس شكل العلاقة بين البلدين لعقود تالية ,وهذا ما يجعل روسيا اليوم أحد أبرز المؤيدين لسوريا وخاصة لنظام الأسد. ومن هذه الاتفاقيات الموقعة تلك التي سمحت لموسكو استخدام ميناء طرطوس مقابل تزويد سوريا بأسلحة متطورة (3). مما جعل من ميناء طرطوس أحد أهم نقاط أسطول البحر الأسود السوفياتي / الروسي مقابل حصول سوريا الأسد على الأسلحة السوفيتية-الروسية .
وتلقت سوريا, وفقا لتقديرات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي ، بين الأعوام 1971 و 1991 أسلحة بإجمالي بلغ 29.1 مليار دولار بما يعادل حوالي 1.38 مليار دولار سنويا (4). وحافظ الاتحاد السوفييتي ,خلال حقبة الحرب الباردة على موقعه كأكبر مورد للأسلحة لسوريا الأسد . بينما كانت سوريا في العام 1986 أكبر مستورد غير شيوعي للسلاح السوفياتي(5).
وقد شاب تلك الفترة(1971-1991) بعض المبادرات السياسية التي تناقض رغبات و توجهات موسكو في المنطقة مثلما كان حال العلاقات السورية العراقية المتدهورة أو التحركات للنظام السوري ضد منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1983 (6). وكان ينظر إلى هذه المبادرات كجزء من تفكير الأسد السياسي, بمعنى اختيار الفعل الذي يناسب بصورة أفضل سوريا, وليس بالضرورة أن يكون الأفضل لحليفه السوفييتي, وخلق التدخل السوري في لبنان ضد منظمة التحرير و الشيوعيين اللبنانيين المدعومين و الممولين من الكي جي بي , شقا بين كلا النظامين , وكان لقيام السوفييت بدعم بعض أطراف المعارضة في الصراع دورا في طرد نصف الخبراء العسكريين السوفييت من سوريا (7). و برغم هذا, باتت سوريا -منذ العام 1971 -أكثر اعتمادا على الدعم السوفييتي وكان عليها أن تدفع ثمن هذه التبعية, فهي لم تحتج مثلا على الغزو السوفييتي لأفغانستان , في الوقت الذي أدانته جميع دولل المنطقة تقريبا. و بحلول الثمانينيات عزز البلدين علاقتهما بتوقيعهما اتفاقية الصداقة و التعاون في تشرين أول-أكتوبر1980 في موسكو و التي تضمنت الخطوط العامة للتعاون بين البلدين , كما احتوت على "ضمانات أمنية" متبادلة غير واضحة بدقة تؤكد عدم قيام أي طرف من الطرفين بالتآمر على الطرف الآخر عن طريق طرف ثالث بما يشكل تهديدا أمنيا لأي منهما (8). نصت المعاهدة على سريانها لمدة عشرين عاما تتجدد تلقائيا كل خمس سنوات ما لم يعترض أحد الطرفين على ذلك . من الجدير ذكره أن المعاهدة مازالت سارية حتى الآن و مازال كلا الطرفين يشيران إليها كأساس لتعاونهما الحالي , وعموما كانت تقارير الكي جي بي تشير بين الحين و الآخر عبر تسريبات مختلفة إلى أن حافظ الأسد كان متردد في الالتزام التام ببنود الاتفاقية (9).
شهدت السنوات الأخيرة من عمر الاتحاد السوفيتي توترا متصاعدا في العلاقات بين البلدين بسبب استمرار الرفض السوفييتي في تلبية طلب سوريا لتزويدها بأسلحة حديثة متطورة ترى فيها القيادة السورية حاجة ملحة لمواجهة تهديدات إسرائيل التي كانت تحصل على دعم أمريكي بأحدث الأسلحة. مما جعل منها الدولة الإقليمية الأكثر فعالية في المنطقة. و أثناء تلك الفترة حاول القادة السوفييت تغيير سياستهم الخارجية بالاعتماد على أدوات سياسية ودبلوماسية لا تأخذ في اعتبارها الأدوات العسكرية, الأمر الذي خلق حوارا متواصلا بين الاتحاد السوفييتي و الولايات المتحدة, كما ساهم في تحسين العلاقات بين الاتحاد السوفيتي وإسرائيل. شكل مثل هذا التغيير في السياسة السوفييتية بالنسبة لسوريا صعوبات جمة في المساومات الخاصة بتوريد الأسلحة (10). كما شهدت نهاية الثمانينيات هجرة اليهود السوفييت إلى إسرائيل ما زاد من القدرة الاقتصادية لها و جعل الاتحاد السوفييتي أكثر ترددا في دعم الإجراءات السورية ضد إسرائيل(11) , وحافظ العلاقة بين البلدين على قوتها برغم أنها دخلت في طور تآكل تدريجي استمر حتى انهيار الاتحاد السوفييتي ,وهو الحدث الذي ساهم في تحول جيوسياسي عالمي كبير و ليس فقط في الشرق الأوسط .فقد أدى الانهيار إلى فقدان حافظ الأسد لحليفه القوي مما دفعه للبحث عن توجهات جديدة لسياسة سوريا الخارجية , كان من بينها التقرب من الولايات المتحدة والدول الغربية وهو ما ظهر جليا في دعم سوريا للولايات المتحدة و قوات التحالف في حرب الخليج. ورغم هذا التقرب بقيت سوريا تقدر حليفها التاريخي وتترقب في احتمالات استعادة العلاقات المفقودة بسبب انهياره , ولذلك سارعت سوريا -بعد الإعلان الرسمي عن حل الاحاد السوفييتي في كانون أول-ديسمبر 1991- إلى الاعتراف بالاتحاد الروسي كخلف رسمي الاتحاد السوفياتي. وأعقب هذه الخطوة تبادل الزيارات الرسمية من قبل برلمانيين روس ومسؤولين سوريين لمناقشة المزيد من وجهات النظر لتعزيز التعاون بين البلدين .
ولاتزال روسيا- على الرغم من تراجعها- شريكًا مهمًا لسورية, لاسيما أن جل عتاد الجيش السوري أتى أساسا من الاتحاد السوفييتي واعتمد عليه في استمرار تفقد إمدادات الذخائر وقطع الغيار وخبرات الصيانة. و ينبغي لفت النظر إلى التغيير الحاصل في التعاون العسكري بعد انهيار الاتحاد السوفياتي , فقد انخفضت مبيعات الأسلحة إلى أدنى مستوياتها , وربما يعود هذا إلى بروز وجهات نظر مختلفة في روسيا فيما يتعلق بكيفية تشكيل تأثيرها في الشرق الأوسط وكذلك الوضع المالي للدولة الناشئة -الاتحاد الروسي- الذي لم يعد يسمح بتقديم الدعم الكبير للدول الأخرى وهو ما يمكن ملاحظته من التوتر في العلاقة بين البلدين , حين حاولت الحكومة الروسية الجديدة مطالبة سوريا بتسديد ديونها المستحقة التي بلغت تقريبا ما بين 7 إلى 10 مليار دولار على هيئة قروض قدمها الاتحاد السوفياتي [السابق] إلى سوريا (12).
بدأت العلاقات السورية الروسية في التحسن في منتصف التسعينيات عندما بدأت روسيا تصف سوريا كحليفها الرئيسي في المنطقة ورأت أن تحسين العلاقات [معها] سيساعد في عملية السلام في الشرق الأوسط، حين كان المسعى الروسي في الحصول على دور تكسب من خلاله الاعتراف الدولي بها كلاعب أساسي في صنع السياسة العالمية ,وقامت روسيا خلال هذه الفترة بشطب حوالي 2 مليار دولار من ديون سوريا ,وهو ما أنعش آمال سوريا والدول العربية الأخرى أيضا بتجدد الدعم الروسي لهم ,وفي الوقت عنه لم يكن الوضع الداخلي الروسي و تحدياته خافيا على الدول العربية , فحدت قلة الموارد و القيود المحلية من قدرة روسيا على تجديد وجودها ودعمها في الشرق الأوسط. علاوة اصطدام الرهان الروسي لإنجاح عملية السلام بإحجام إسرائيل عن الاعتراف بروسيا كشريك كامل في محادثات السلام. مما أدى , في نهاية المطاف, إلى الإقرار الروسي بعدم قدرتها على تحقيق تطلعاتها, فضلا عن آمال واحتياجات سوريا والدول العربية الأخرى. وامتازت العلاقات الروسية السورية بتناقض بين الخطابات والوعود من المسؤولين الروس والأفعال الفعلية ,فرغم التصريحات الروسية العديدة التي أشارت إلى استعداد روسيا تزويد سوريا بأي تكنولوجيا عسكرية تريدها إلا أنهم لم يوافقوا على العرض السوري لشراء صواريخ أرض-جو متوسطة المدى من طراز إس 300.
تمثلت الخطوة الهامة في العلاقات بين البلدين في الزيارة الرسمية التي قام بها حافظ الأسد إلى روسيا في تموز-يوليو 1999 و لقائه الرئيس الروسي بوريس يلتسين حيث بدى أن معظم النقاشات بينهما تركزت حول عملية السلام في الشرق الأوسط, غي حين أشار المسؤولون السوريون قبيل الزيارة أن الهدف الرئيسي بالنسبة لسوريا من هذه الزيارة كان ينصب على تجديد شحنات الأسلحة الروسية ، لاسيما أنظمة الأسلحة المضادة للدبابات (13). , رغم أن الازدياد الملحوظ للتعاون العسكري بين البلدين كان واضحا قبل هذه الزيارة ,حيث كانت شحنات الأسلحة بدأت في التدفق إلى سوريا بانتظام منذ العام 1998 وزادت باطراد , و ساهمت دبلوماسية حافظ الأسد الفعالة على صعيد تجديد التعاون العسكري بين البلدين فعادت روسيا كأكبر مورد للأسلحة إلى سوريا، على الرغم من أنه لا يمكن مقارنة التبادل التجاري بفترة الحرب الباردة .
لم يمض وقت طويل على اجتماع حافظ الأسد وبوريس يلتسين حتى خلفهما رؤساء جدد فأصبح فلاديمير بوتين رئيسا للاتحاد الروسي في العام 1999 ، في حين وصل بشار الأسد إلى الرئاسة بعد وفاة والده في العام 2000. واصل الرؤساء الجدد العلاقات كما هو الحال من قبل ,وكانت العلاقة في معظم الأحوال في حدود دبلوماسية منخفضة أو متوسطة يتخللها بعض الاستثناءات المتمثلة في زيارات لبعض كبار المسؤولين مثلما قام وزير الدفاع السوري بزيارة روسيا في العام 2001 ؛ و مثلما استقبلت موسكو في كانون الثاني -يناير 2003 نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام الذي عبر عن استعداد بشار الأسد للقاء الرئيس الروسي بوتين (14). و قد أتت زيارة نائب الرئيس السوري في وقت كانت تشهد فيه المنطقة موجة اضطرابات قبيل غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة في آذار-مارس 2003 , في ذلك الوقت كانت سوريا قد حصلت على مقعد غير دائم في مجلس الأمن , وقد عارضت هي و روسيا العقوبات على العراق و مقترحات الحل العسكري , فقد شكل احتمال و إمكانية غزو العراق مصدر قلق لسوريا لذلك كان من الأهمية بمكان لسوريا أن تؤمن دعما من روسيا لردع أي تصرفات محتملة للولايات المتحدة, بسبب من الرئيس الأمريكي جورج بوش كان يشير إلى نظام الأسد من ضمن دول أخرى مدرجة في "محور الشر" الذي يضم بالأصل طل من إيران والعراق وكوريا الشمالية، ليس هذا فحسب , فقد أشار كبار المسؤولين الأمريكيين في أيار-مايو 2002 إلى سوريا كدولة تسعى للحصول على أسلحة الدمار الشامل(15). و جاءت الخطوة التالية في العلاقات الروسية السورية عقب الزيارة الأولى للرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا في العام 2005 , حيث شكلت هذه الزيارة أحد أكثر اللقاءات المثمرة بين البلدين فتم توقيع ست اتفاقيات ثنائية للتعاون في مجالات الطاقة والنقل والاستثمار وغيرها كما شطبت روسيا نحو ثلاثة أرباع الديون السورية المستحقة سدادها و البالغة نحو13.4 مليار دولار كان الجزء الأكبر منها ثمن الأسلحة التي استوردتها سوريا خلال فترة الحرب الباردة (16). و نص بروتوكول تسوية الديون على سدادها بصورة جزئية أو تقديم ضمانات مالية من قبل مصرف سورية المركزي لشراء السلع أو لاستخدامها في مشاريع الاستثمار المستقبلي في سوريا. كما تطرق الإعلان الصادر عقب اللقاء بشكل غير مباشر إلى الوضع في الشرق الأوسط عبر فيه الطرفان قلقهما بشأن تصرفات الولايات المتحدة في العراق , و" رغبتهما" في الحد من الدور الحالي للولايات المتحدة في المنطقة ,و أشارت التصريحات الرئاسية المتبادلة على أن هذا اللقاء يعبر عن وشائج العلاقات الوثيقة بين البلدين, و الملفت للنظر أن المسألة الوحيدة التي لم يتم الإشارة لها هي مسألة التعاون العسكري فلم يذكر عن توقيع أية صفقات متعلقة بهذا الشأن.
كان سعي روسيا- منذ انهيار الاتحاد السوفياتي- البحث عن كيفية إعادة تقديم نفسها كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط وهذا الأمر كان ضروريا لتأمين الموقف الروسي باعتبار روسيا إحدى الدول العظمى في عالم متعدد الأقطاب يحاول الروس تكريسه، كما عبرت عنه مذكرة "استراتيجية الأمن الوطني للاتحاد الروسي حتى العام 2020" والتي تم إقرارها في العام 2000(17). لم تستطع عملية السلام في الشرق الأوسط , بسبب من تعقيداتها ,أن تخدم الاستراتيجية الروسية في هذا المجال. في حين كان للعوامل المحلية أهميتها الكبيرة -مثل العمليات العسكرية المتواصلة في الشيشان ضد السكان المسلمين-والتي كان من شأنها أن تنفر الدول الإسلامية الأخرى, لذلك كان من المهم تأمين دعمها أو على الأقل حيادها بشأن هذه المسألة, بيد أن سوريا -ومعها بعض الدول العربية لأخرى- انصب اهتمامها بالدرجة الأولى على تأمين حضور أكبر لروسيا لتحقيق التوازن مع الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل التي ظلت واحدة من أقوى اللاعبين الإقليميين. و قد بدى الحضور الروسي , بعد غزو العراق و تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة و إيران و سوريا, أكثر نشاطا حتى على صعيد النشاط الدبلوماسي، كعامل مساعد لردع الولايات المتحدة. وقد استفادت سوريا أيضا من موقف روسيا في مجلس الأمن ، حيث يمكن لهذه الأخيرة منع أي محاولة أمريكية أو من قبل دول أخرى لتقديم قرارات ضد سوريا.
تنازل تحسن الحوار السياسي بين روسيا وسوريا جوانب تعاون أخرى, ففي خريف العام 2008 ،وبعد بضعة أشهر فقط من الحرب بين جورجيا وروسيا ، أعلن الكرملين عن خطط ترقية و تطوير المرافق البحرية في ميناء طرطوس [السوري] بحيث يمكن استخدامه من قبل السفن الكبيرة. واستمر العمل في الميناء حتى العام 2009 ,وصلت خلالها العقود العسكرية الروسية إلى مستوى غير مسبوق بلغت قيمتها نحو 19.4 مليار دولار(19) , وشملت إصلاحات أحواض السفن العائمة وغيرها من المرافق و تركيب منظومة الدفاع الصاروخي البحرية الجديدة والمضادة للسفن. و ازدادت أهمية الميناء بشكل كبير في العام 2009 إثر الإعلان الرسمي الصادر عن الحكومة الأوكرانية بعدم تمديد عقود الإيجار المبرمة مع البحرية الروسية في شبه جزيرة القرم بعد العام 2017. وردا على ذلك ، أعلنت روسيا عن خطط لتوسيع قاعدتها في نوفوروسيسك لتأمين بديل جزئي للمنشآت في شبه جزيرة القرم. كما تم وضع خطط مماثلة بخصوص ميناء أوشامشيرا في أبخازيا التي تسيطر عليها روسيا. بحيث يمكن استخدام هذا الميناء الأخير كمحطة رسو لسفن أسطول البحر الأسود (19). أما خارج البحر الأسود فقد ازدادت أهمية ميناء طرطوس بوصفه نقطة إمداد , لاسيما السفن العاملة في البحر الأبيض المتوسط. وبهذا يعد ميناء طرطوس و التعاون العسكري و دعم نظام بشار الأسد العناصر التي يمكنها أن تصف العلاقات الروسية والسورية مع بداية الربيع العربي الذي اجتاح شمال أفريقيا والشرق الأوسط في العام 2010.
شهدت السنوات الأخيرة التي سبقت اندلاع الحرب الأهلية السورية تغيرا في العلاقات بين سوريا وجيرانها والدول الغربية. ففي العام 2008 ، التقى بشار الأسد مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس كما التقى مع الرئيس المنتخب حديثا في لبنان كإشارة إلى تطبيع العلاقات بين سوريا ولبنان بعد عدة عقود من التوترات والاصطدامات العسكرية والتواجد العسكري السوري في لبنان . كما قام الطرفان بإنشاء علاقات دبلوماسية بينهما وبالتالي اعتراف سوريا القانوني بلبنان دولة. وخطت العلاقات السورية الأمريكية في بداية العام 2010 خطوة كبيرة عندما تم تعيين سفير أمريكي جديد في دمشق بعد خمس سنوات من الانقطاع (20). وجاء هذا في ظل تجديد العقوبات الأمريكية ضد سوريا في أيار-مايو 2010 بعد جدل دار حول دور سوريا في دعم الجماعات الإرهابية والمزاعم بسعيها الحصول على أسلحة الدمار شامل. لذا شهدت السنوات الأخيرة التي سبقت الحرب تحسنا على صعيد الحوار الدبلوماسي مع الدول الغربية على الرغم من الإجراءات التي اتخذها كلا الجانبين تظهر عدم الثقة و التي برزت أيضا من خلال التورط العربي في الحرب الأهلية السورية.
الصراع السوري وأهداف روسيا
اجتاح الربيع العربي ما بين 2010 و 2011 الأجزاء الجنوبية والشرقية من البحر الأبيض المتوسط -فيما وصف بأنه حركة احتجاجية أطاحت بأنظمة الحكم في تونس ومصر و اليمن وأدت إلى إصلاحات ليبرالية في المغرب والأردن والكويت ولبنان وعمان, و أدت الاحتجاجات في بعض البلدان ,مثل ليبيا إلى قيام الحكومة بحملة قمع ضد المتظاهرين تصاعدت إلى حرب أهلية, وهذا السيناريو المشابه حصل في سوريا أيضا, حيث حاولت الحكومة السيطرة على الاحتجاجات الأولية في درعا بإطلاقها النار على المتظاهرين الذين طالبوا بالإفراج عن السجناء السياسيين ما ساهم في تشكيل حالة احتجاجات وطنية جعلت الاسد يعيد التفكير في تكتيكاته, فاتخذت حكومته , بعد استمرار الاحتجاجات قرارا بالإفراج عن العشرات من السجناء السياسيين ورفع حالة الطوارئ(21). و عندما لم تحرز هذه الإجراءات النتائج المرجوة عمدت الحكومة إلى استخدام التكتيكات المجربة لتأكيد قدراتها و هيبتها عن طريق دفع الجيش لمواجهة المتظاهرين, الأمر الذي دفع البلاد نحو حرب أهلية مازالت رحاها تدور حتى الساعة .
كانت روسيا أحد أكثر العناصر الفاعلة في الأزمة السورية - في البداية كوسيط ولاعب دبلوماسي ،ثم في مراحل لاحقة كأحد أطراف النزاع. في هذا القسم من المقال ، يفحص المؤلف السياسة الروسية في سوريا منذ بداية الأزمة ، الانتقال من سياق جيوسياسي أوسع للسياسة الخارجية الروسية إلى سياق يحقق مكاسب أكثر عملية لروسيا.
الأزمة السورية في سياق سياسات القوة العظمى
حاول صناع السياسة الروس ,منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وإنشاء الاتحاد الروسي وبصفتهم الوريث الشرعي له، العثور على مكان روسيا في عالم النظام الدولي الجديد الذي بدى السنوات الأولى التي تلت الحرب الباردة كنظام أحادي القطب - تهيمن عليه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون. و بدأ مع مرور السنوات ظهور قوى عالمية الصين والهند بما يمتلكان من إمكانيات اقتصادية وعسكرية وسياسية . و في هذا السياق بدأت روسيا تدافع مقولة عالم متعدد الأقطاب تكون فيه إحدى قواه العظمى. وتم التعبير عن هذه النظرة في الوثائق الأساسية للسياسة الخارجية لروسيا. على سبيل المثال في مذكرة السياسة الخارجية للاتحاد الروسي التي اعتمدت في العام 2000 و التي تصف فيه العام الأحادي القطب بأنه عامل زعزعة للاستقرار لأنه يقوض دور مجلس الأمن ويسعى هذا القطب الوحيد إلى استخدام "أساليب القوة" التي تتجاوز الآليات القانونية المعمول بها (22) , و لمواجهة هذا "يتعين على روسيا أن تسعى إلى تحقيق نظام دولي متعدد الأقطاب الدولي يعكس بحق تنوع العالم باختلافاته المتعددة (23). أقر الرئيس الجديد في عام 2008 ديمتري ميدفيديف مذكرة السياسة الخارجية هذه , ثم أقره لاحقا الرئيس [الحالي] فلاديمير بوتين في العام 2013 ، بعد إضافة بعد جديد يتعلق بالتعدد القطبية . و تتحدث وثيقة السياسة الخارجية للعام 2008 عن الحضارات المختلفة التي تشكل العالم إذ " للمرة الأولى في التاريخ المعاصر تكتسب المنافسة العالمية بعدا حضاريا يوحي بالمنافسة بين مختلف نظم القيمة ونماذج التنمية في إطار ديمقراطية عالمية و مبادئ اقتصاد السوق "(24). أضاف مفهوم السياسة الخارجية للعام 2008 المزيد من جوانب المواجهة التي ترى بأن العالم الغربي يسعى لاتباع سياسة احتواء روسيا بعد أن بدأ يفقد مركزه المهيمن (25).
تمت إقرار وثيقة السياسة الخارجية في العام 2013 من قبل الرئيس العائد فلاديمير بوتين و هي تصف النظام العالمي كنظام متعدد الأقطاب أكثر من السابق ينتقل مركز ثقله بعيدا عن الغرب نحو الشرق- بشكل طفيف نحو آسيا والمحيط الهادئ. و يؤسس المفهوم الجديد أيضا بطريقة أكثر عمقا لمقاربة حضارية للسياسة العالمية -" للمرة الأولى في التاريخ الحديث تجري المنافسة على المستوى الحضاري بين مختلف نظم القيمة ونماذج التنمية في إطار ديمقراطية عالمية و مبادئ اقتصاد السوق في صدام بين بعضهم البعض ليصبح التنوع الثقافي والحضاري في العالم أكثر وضوحا " (26). و تحاول روسيا أن تشجع "شراكة الثقافات و الأديان و الحضارات" لكي لا نسمح للحضارات بتطوير علاقاتها بالطريقة التي وصفها صامويل هنتنغتون في "صراع الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي" (27).و ثمة قضية أخرى على درجة من الأهمية يمكن رؤيتها من خلال من مقاربة النظام متعدد الأقطاب و المقاربة الحضارية للسياسة العالمية تتمثل في أن حضارة أو دولة لا يمكنها الآن أن تفرض نظرتها للعالم على الحضارات الأخرى. باختصار لا تتوافق مقاربة روسيا الموصوفة مع الأفكار العالمية للقيم والمعايير. فكرة نظام عالمي متعدد الأقطاب حيث مراكز القوة ضمن حضارات المحددة مفيدا ليس فقط لروسيا ، لأنه يوفر الأساس الأيديولوجي للتطورات الداخلية في روسيا - حركتها نحو دولة مركزية أكثر استبدادية التي ترى الدول المجاورة بأنها المجال التاريخي لمصالحها وجزء من الحضارة نفسها. هذه النظرة العالمية يمكن أن تكون جذابة أيضا إلى الدول الأخرى التي ترى القيم الغربية والديمقراطية من منظار سلبي مثل سوريا وبلدان أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - على وجه الخصوص تلك الدول التي مازال يحكمها قادة استبداديين أو نخب قوية.
تظهر وثائق السياسة الخارجية الروسية الأساسية فهم صناع السياسة الروس الرئيسي للنظام العالمي , وأظهر تحليل الوثائق استعداد روسيا لخلق عالم متعدد الأقطاب حقا حيث يوجد دور محدود من القيم العالمية أو المعايير. العناصر الحالية للحكم الدولي مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لا يزال مفيدا ولكن في أحسن الأحوال يستخدم في الغالب لتنظيم العلاقات بين الدول العظمى . كتب دميتري ترينين أن "الحكم العالمي المثالي ،من وجهة نظر موسكو، يتمثل في بناء إجماع القوة العظمى: بالضبط مثلما هي فكرة روزفلت فيما يتعلق بالشرطي العالمي الرباعي "(28). هذا الرأي ينطبق أيضا على حالة سوريا حيث تدافع روسيا عن فكرة أن حل الأزمة يمكن أن يتحقق على يد جميع الأطراف المعنية، خصوصا القوى العظمى.
إذا كان نهج القوة العظمى أكثر واقعية سياسيًا في طبيعته ، فالمقاربة الحضارية توفر عنصر الهوية. و يمكن لفكرة وجود الحضارات المنتظمة من مختلف الأديان والقيم والثقافات والتقاليد ، بما في ذلك الحكم ،أن تستخدم للحد من تأثير القيم العالمية مثل حقوق الإنسان. إن تطور و ترقية النظرة العالمية التي تقوم على الحضارات تسمح لروسيا ببناء نفسها باعتبارها " دولة مركز "تجسد جوهر الحضارة وتعمل كحامية ليس فقط لنفسها ولكن للحضارة كلها.
يوفر المنهج الروسي في رؤيته للصراع في سوريا الأساس لفكرة عالم متعدد الأقطاب محكوم من قبل القوى العظمى. موقف روسيا من سوريا تتميز بعدم رغبتها في السماح بتغيير النظام إلى نظام آخر تحكمه القوى الغربية ، بسبب عدم التيقن مما سيبدو عليه النظام الجديد وماذا ستكون عليه توجهاته السياسية. يمكن تغيير النظام أن يؤدي أيضا إلى زيادة دور الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بما يساهم في الحد من الوجود الروسي الهش أصلا. لذا يمكن القول إن الموقف الروسي في سوريا كان يخضع جزئيا لإملاءات عدم الرغبة في تحمل التوسع في المجال الغربي من التأثير في منطقة الشرق الأوسط.
ثانياً تملك روسيا و نخبها السياسية علاقات حساسة مع الثورات خاصة إذا كان لديهم نماذج متسلسلة. و يمكن للربيع العربي بهذا المعنى أن يقارن مع الثورات الملونة التي أطاحت بالعديد من جيران روسيا - جورجيا وأوكرانيا وقيرغيزستان ما بين 2003-2005. رأت روسيا في هذه الثورات كعوامل تغيير لأنظمة الحكم تمت بفضل دعم خارجي و لس باعتبارها ثورات عبرت عن الإحباط المجتمعي من رجال النخب السياسية الخاملة و الفاسدين , وكان الخوف من سيناريو مماثل متكرر في روسيا أحد الأسباب التي جعلت فلاديمير بوتين يحد كثيرا من عمل المنظمات غير الحكومية ولا سيما تلك التي تتلقى تمويلاً من خارج روسيا. كما يمكن تفسير فرض القيود على حرية التعبير و زيادة السيطرة على وسائل الإعلام في روسيا بمثل هذا الخوف ، لا سيما عندما واجه النظام الروسي احتجاجات ضخمة بعد الانتخابات البرلمانية في كانون الأول / ديسمبر 2011 (29). الذى بدى للكرملين كأنه "ربيع روسي" حقيقي . بالإضافة إلى ذلك ، يمكن لتوقف موجة تغيير الأنظمة -التي صاحبت الربيع العربي- في سوريا أن يجبر الدول الغربية على إعادة التفكير في نهجهم.
مصالح روسيا في الشرق الأوسط
من المثير للاهتمام أثناء الحديث عن مصالح روسيا في الشرق الأوسط النظر إلى مفاهيم السياسة الخارجية لأنها تعطي إطارًا عامًا للسياسة لمناطق محددة. و تتحدث مذكرة السياسة الخارجية للعام 2000 حول المصالح الروسية في الشرق الأوسط أولا عن استقرار الوضع في المنطقة, وتصف الوثيقة روسيا كراع مشارك في عملية السلام , علاوة على ذلك ، تتضمن الوثيقة أيضا أهداف إضافية لروسيا "ستكون أولوية روسيا في هذا السياق استعادة وتعزيز مواقفها، لا سيما الاقتصادية منها، في هذه المنطقة الغنية من العالم والمهمة للغاية لمصالحنا " (30). لم يرد ذكر لسوريا كدولة ذات اهتمام خاص بالنسبة لروسيا. البلد الوحيد الذي تم تسليط الضوء عليه هو ايران التي تسعى روسيا لتطوير مزيد من العلاقات معها. و تحدد وثيقة العام 2008 التي اقرها الرئيس ميدفيديف مصالح روسيا في تطوير العلاقات مع تركيا ومصر والجزائر وإيران والسعودية وسوريا وليبيا وباكستان "وغيرها من الدول الإقليمية الرائدة في العلاقات الثنائية و المتعددة "(31). وأشارت الوثيقة أيضًا إلى عملية السلام في الشرق الأوسط ودور روسيا كأحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن من أجل إيجاد تسوية طويلة الأجل. في سياق مفهوم السياسة الخارجية هذا أولى صانعي السياسة الروس المزيد من الاهتمام للهيئات الإقليمية المتعددة الأطراف مثل المنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية. كما اشتملت وثيقة العام 2008 أيضا على المصالح الروسية في تطوير تعاون اقتصادي أوثق مع دول الشرق الأوسط , لاسيما في قطاع الطاقة (32). وتواصل وثيقة السياسة الخارجية للعام 2013 في التركيز على ضرورة استقرار الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مشيرة إلى دور روسيا في مجلس الأمن الدولي وفي اللجنة الرباعية , وتظهر الوثيقة اهتماما خاصا بالبرنامج النووي الإيراني والحاجة إلى التسوية الدبلوماسية.
كما تشير الوثيقة إلى تشجيع روسيا لـ "تكريس منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها في الشرق الأوسط ". هذه النقطة تشبه الرواية التي تتبعها الولايات المتحدة وحلفائها، ولا سيما أن أسلحة الدمار الشامل أشير لها كسبب رئيسي لغزو العراق. فقط في حالة روسيا يتم التأكيد على أن الاستقرار في الشرق الأوسط يجب أن يتحقق مع "احترام السيادة، والسلامة الإقليمية للدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية "(33). هذا يعني أن روسيا ضد الغزو حتى لو كان ضد الأنظمة التي تستخدم العنف على نطاق واسع ضد شعوبها - كما هو الحال في سوريا. احترام و السلامة الإقليمية مرتبط بشعار روسيا بخصوص أولوية القانون الدولي ودور مجلس الأمن الدولي. ومع ذلك، لقد انتهكت روسيا هذه المبادئ عدة مرات عبر إجراءات قامت هي بنفسها فيها - على سبيل المثال حربها ضد جورجيا في أب- أغسطس 2008 , و الأكثر بروزا هو ضم شبه جزيرة القرم في آذار-مارس 2014. هذه الإجراءات تشير إلى أن روسيا مستعدة لاستغلال مبدأ السيادة والسلامة الإقليمية وعدم التدخل كمفاهيم لحماية نفسها ضد تصرفات الدول الأخرى التي يمكن أن تكون ضارة للمصلحة القومية الروسية . لكن في الوقت نفسه ، تتجاهل روسيا هذه المبادئ عندما تكون مفيدة لمصلحتها القومية لا سيما في المناطق التي تشكل ,وفقا لفهم روسيا مجال مصالحها .
عموما فيما يتعلق بالشرق الأوسط وسوريا ، تقدم وثائق السياسة الخارجية نظرة محدودة. ويمكن تفسير ذلك من خلال الطبيعة المتوسطة المدى لهذه الوثائق . على الرغم من هذه القيود ،يمكن لهذه الوثائق أن تقدم فهمًا عامًا لسياق السياسة الخارجية الروسية تجاه الشرق الأوسط ، حيث ظلت عملية السلام واستقرار الشرق الأوسط عناصر حيوية لروسيا. وعلى الرغم من منح الأولوية للاستقرار في روسيا تعطي الوثائق أولوية أيضا للأنظمة التي كانت موجودة في الشرق الأوسط الشرق قبل الربيع العربي ، بما في ذلك نظام بشار الأسد في سوريا. وتحاول روسيا ,عن طريق إيلاء الأولوية للمفاوضات الدبلوماسية من أجل الوصول لحل الأزمة في الشرق الأوسط ,أن تثير أيضا دورها كدولة ذات روابط محددة مع أنظمة الشرق الأوسط القديمة، و بالتالي تصبح أكثر قيمة للآخرين لا سيما للدول الغربية .
هذا إلى حد ما هو استمرار للسياسة التي بدأت في السنوات الأولى من عمر الاتحاد الروسي ، عندما كانت عملية السلام في الشرق الأوسط تعتبر فرصة لروسيا لإظهار قيمتها في السياسة الدولية.
ترغب روسيا في لعب دور أكبر في الشرق الأوسط لكنها تفتقر إلى القدرة التقليدية بالمقارنة مع الولايات المتحدة. لذلك تحاول روسيا استغلال الفرص لتحسين مكانتها في المنطقة. وهو ما يمكن أن ينظر له على أنه تدخل روسي في عملية السلام في الشرق الأوسط وكذلك في مداولات برنامج إيران النووي. حيث تعطي روسيا دورا خاصا لإيران من خلال الاحتفاظ بحيادية ودية حول قضية البرنامج النووي الإيراني وكذلك خلال الصراع السوري فإيران من أقرب المؤيدين لسوريا والأسد ,وقامت بتمويل الجيش السورية و فصائل أخرى للدفاع عن النظام السوري , لإيران دور آخر في الحرب الأهلية السورية و روسيا متورطة في ذلك , وكان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي قد صرح في إحدى مقابلاته أن سوريا ليسا سوى جزء من "اللعبة الجيوسياسية العظيمة"
والعديد من القوى الخارجية "لنضع في اعتبارنا إيران ، وليس سوريا "(34). سوريا مع نظامها الشيعي هو النظام الوحيد المتبقي من شركاء إيران ، لذلك إذا ما سقطت سوريا و سيطر عليها أغلبية سنية، يمكن لإيران أن تفقد حليفها وبالتالي دورها في المنطقة. تعد إيران دولة أكبر بكثير من سوريا من الناحية الاقتصادية و دولة قوية من الناحية العسكرية وهي شريك أكثر أهمية لروسيا من سورية. لذلك تزيد روسيا من حظوتها لدى إيران من خلال مساعدة النظام السوري .
بقاء النظام السوري بوصفه أولوية روسية
كما ذكر أعلاه ، يحتفظ صانعوا السياسة الخارجية في روسيا بقوة بفكرة عالم متعدد الأقطاب على أن تكون روسيا إحدى قواه العظمى. و احتفظن روسيا , منذ بداية الحرب في سوريا بعناصر قوية من وجهة النظر هذه في سياستها الخارجية. و من أجل تعزيز دورها كواحدة من الدول العظمى حاول المسؤولون الروس في مقاربتهم هذه الحد من احتمالات قيام الدول الغربية بأخذ زمام المبادرة في الصراع. كان هذا يعتمد بشكل كبير على الأحداث في ليبيا حيث أدى العمل الذي أجازه مجلس الأمن التابع إلى سقوط النظام السابق. وكانت ليبيا واحدة من الدول التي هزها الربيع العربي. في هذا البلد الشمال الافريقي بدأت الاحتجاجات في شباط- فبراير 2011 ضد الرئيس معمر القذافي. و تصاعدت الاحتجاجات بسرعة جدا و تحولت إلى ثورة مسلحة. تبنى مجلس الأمن في 17 آذار-مارس 2011 القرار رقم "1973 " من أجل الحد من تصعيد الأحداث إلى نطاق حرب أهلية حقيقية وحماية المدنيين والذي طالب فيه "بالوقف الفوري لإطلاق النار" و وضع نهاية كاملة للعنف و وقف جميع الهجمات ضد المدنيين والإساءة لهم " (37). و أقر المجلس , لضمان حماية المدنيين, حظرا جويا لجميع الرحلات في المجال الجوي الليبي. كما أشار القرار إلى الدول الأعضاء التي أخطرت الأمين العام للأمم المتحدة " أن يتخذ كل التدابير الضرورية ... لحماية المدنيين والمناطق المأهولة بالمدنيين الواقعة تحت تهديد الهجوم في الجماهيرية العربية الليبية ، بما في ذلك بنغازي ، و استبعاد أي قوات احتلال أجنبية بأي شكل من الأشكال على أي جزء من الأراضي الليبية " (36). امتنعت-وقتها-روسيا عن التصويت ولكن بعد اتخاذ القرار أعرب المسؤولون الروس عن انتقادهم له . وفرض التحالف بقيادة الناتو في آذار - مارس 2011 منطقة حظر جوي بهدف تنفيذ القرار, وبحلول نهاية الشهر تولى جميع العمليات العسكرية في ليبيا. وشملت هذه العمليات منطقة الحظر الجوي، حظر الأسلحة (بما في ذلك نقل المرتزقة إلى ليبيا) وكذلك الضربات الجوية والبحرية ضد القوات التي نفذت الهجمات ضد المدنيين(37). اختتمت المهمة في 31 تشرين أول -أكتوبر 2011 عندما أدت أنشطة جماعات المعارضة الليبية والضربات الجوية لأعضاء التحالف إلى سقوط القذافي ، الذي قتل على يد المعارضة. ومع ذلك لم تؤد إلى الاستقرار أو التحول الديمقراطي للبلاد فمازالت البلاد تعاني من الصراع بالإضافة إلى ذلك ، استولى الإسلاميون الراديكاليون على أسلحة جيش القذافي واستخدموها لبث المزيد من زعزعة استقرار الوضع في مناطق أخرى من أفريقيا. لذلك كانت ليبيا وما زالت واحدة من الحلقات الفاشلة للربيع العربي .
العلاقات السابقة مع النظام السوري ، والأحداث في ليبيا ، و عدم الرغبة في رؤية استمرارية الثورات الملونة [ بالإشارة إلى الثورات في دول الاتحاد السوفييتي السابق و دول البلقان في بداية العقد الأول من القرن الحالي] وعدم اليقين بشأن السياسة الخارجية التي كانت توجه المعارضة السورية , كل هذا كان من العوامل التي أثرت على روسيا في منح دعمها لبشار الأسد. فيما يتعلق بليبيا وسوريا عارضت الدول الغربية -الولايات المتحدة ودول في الاتحاد الأوروبي بصورة رئيسية- روسيا ودعمت قوى المعارضة كمخرجات التحول الديموقراطي. ولهذا لم يكن مفاجئا مع تصاعد الصراع في سوريا أن تقوم الدول الغربية باتخاذ خطوات لدفع النظام السوري إلى التعاون مع المعارضة. فقامت هذه الدول بتقديم سلسلة من العقوبات بغرض إجبار الأسد على حل الأزمة عن طريق المفاوضات. وقام الاتحاد الأوروبي بفرض حظر سفر للعديد المسؤولين السوريين. استبعد الأسد وعائلته من القائمة في البداية، لكن عندما لم تؤتي العقوبات الأولية على نتائج ذات قيمة تم إدراج الأسد وعائلته في قائمة العقوبات. و تم تعزيز حظر سفر المسؤولين السوريين من خلال التعاون المشترك بين دول الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة , عبر حظر نفطي منسق في صيف العام 2011 (38).
لقد ظلت الدول الغربية سلبية تجاه بشار الأسد وأنصاره. وأظهرت حالات عدة أن النظام السوري يمكنه الاعتماد على روسيا كداعم له و لهم على الرغم من أن الأسد لا يتأثر دائما بسهولة بإملاءات الروس. و بحكم انتمائه إلى الأقلية العلوية حكمت عائلة الأسد وحلفائها الأوثق سوريا واستطاعت هذه العائلة تقديم الاتحاد السوفييتي وفي وقت لاحق روسيا كشريك في الشرق الأوسط. ومع ذلك أصبح موقف النخبة السياسية الحالية في سوريا منذ اندلاع الاحتجاجات في العام 2011 أقل استقراراً ,ووصل بهم الأمر في لحظات معينة إلى درجة اقترابهم من فقدان السلطة وكان روسيا هي المنقذ من خلال طرحها لمبادرات ساعدت النظام على البقاء في السلطة.
أولاً ، كانت الإجراءات الروسية لحماية النخبة السورية الحالية بادية للعيان في مجلس الأمن حين استخدمت حق النقض "الفيتو" في تشرين أول- أكتوبر 2011 و شباط-فبراير 2012 ضد مشاريع قرارات تدين انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة و المنهجية في سوريا (39). في كلتا الحالتين ، كان الفيتو الروسي مدعوماً من قبل الصين.
يعود الدافع الصيني للتصويت ضد القرارات المقترحة لإطار أوسع للسياسة الخارجية الصينية حيث عارضت الصين التدخل الخارجي ولكنها سوف تؤيد تغيير النظام إذا ما تم ذلك عن طريق إرادة المواطنين, بالإضافة إلى ذلك ذكر نائب المندوب الصيني في الأمم المتحدة في الصين وانغ مين أن الضغط على النظام السوري فقط سوف "يتسبب في زيادة الاضطراب و سوف يساهم في امتداد الأزمة إلى بلدان أخرى في المنطقة " (40). كما حاولت روسيا أيضا القيام بمبادرات مضادة خارج الأمم المتحدة. وفي بداية العام 2012 ، تم إنشاء مجموعة الاتصال مع سوريا - "مجموعة أصدقاء سوريا" - ولكن المسؤولين الروس قارنوها مع تلك التي تم إنشاؤها في حالة ليبيا ولم تمنع تصاعد الصراع الليبي.
في السنوات التالية من الصراع السوري ،قامت روسيا بمساعدة الأسد عدة مرات , من بينها مرتين كان نظامه على وشك الانهيار ومعرضا لأفدح الأخطار. إحداها كانت في آب - أغسطس 2013 عند انتشرت معلومات في وسائل الإعلام تشير إلى استخدام الأسلحة الكيميائية خلال هجمات في دمشق . وقبل ذلك بعام تقريبا كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد صرح أن استخدام الأسلحة الكيميائية هو "خط أحمر" ما يعد-في حينه -أقوى مشاركة أمريكية في الحرب الأهلية السورية. و بدأ المسؤولون الأمريكيون بعد حادثة صيف 2013 تلك بمناقشة الخطوات الضرورية الواجب اتخاذها ضد النظام السوري. و كان أحد السيناريوهات المحتملة توجيه ضربة جوية على الرغم من أن أنواع أخرى من القوة لم يكن مستبعدا. بالنسبة للمجتمع الدولي ، وخاصة الدول الغربية ، كان من المهم إرسال إشارة قوية مفادها أن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي من الطرفين لا يمكن التغاضي عنه وسيواجه بعواقب قوية. عند هذه النقطة , تفهمت روسيا الوضع القائم, و قامت بالدور المنوط بها باعتبارها أحد المفاوضين الرئيسيين لإيجاد حل للأزمة من شأنه لتخلي عن توجيه ضربات ضد قوات الأسد ونظامه .و بعد سلسلة من المناقشات بين الولايات المتحدة والمسؤولين الروس الذين ينتمون لخبراء مراقبة الأسلحة تم التوصل إلى اتفاق بتاريخ 14 أيلول- سبتمبر 2013. اضطرت سوريا بموجبه إلى التنازل عن ترسانتها من الأسلحة الكيميائية وتدميرها بحلول منتصف العام 2014 (41).
أنقذ الاتفاق بشار الأسد والجيش السوري من الضربات الأمريكية وزاد بشكل كبير من دور روسيا في إيجاد حلول للأزمة السورية. وأظهرت روسيا أن لديها قنوات اتصال خاصة مع النظام يمكن استخدامها للتأثير على الأسد وحلفائه الأوثق. ومع ذلك ، حالات أخرى ظهر النفوذ الروسي على الأسد إما محدود أو أن روسيا تفتقر إليه أو لا تستخدم نفوذها للتأثير على النظام السوري نحو المزيد النهج التوافقي(42) . يكتب ديمتري ترينين " استمرت روسيا, طوال النزاع, في تزويد القوات المسلحة السورية بالأسلحة والمعدات بموجب العقود السابقة وحتى الأوراق النقدية المطبوعة للمصرف المركزي السوري ".(43). لذلك كان يمكن أن يستخدم هذا التعاون القائم للتأثير على الأسد في قبول الصفقات من أجل استقرار الوضع.
أحد النقاط الحاسمة لروسيا وسوريا جاء في أيلول- سبتمبر عام 2015 عندما أعلن الرئيس الروسي بوتين في بيان مفاجئ عن التدخل الروسي في الحرب في سوريا لمواجهة تقدمات داعش. وكان قد اتخذ القرار في الوقت الذي كان فيه الجيش السوري فقد جزء من الأراضي السورية إثر تقدم داعش , وفي أيلول- سبتمبر 2015 كانت قوات النظام تسيطر على حوالي 20-25 ٪ من الأراضي السورية . وقيل أن خسائر الجيش السوري خلال اشتباكه مع داعش أثارت شكوكاً جدية حول قدرته على الاستمرار في عملياته العسكرية.
و في 30 أيلول- سبتمبر 2015 بدأت روسيا عمليتها العسكرية في سوريا لمكافحة داعش بأسلوب يمكن وصفه بالآمن من خلال اعتماده على الضربات الجوية بالدرجة الأولى . بالإضافة إلى إبقاء العمليات ضمن حدود التكاليف المنخفضة باستخدام الذخائر المصنعة في سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي . و رغم أن المقترح الروسي الأولي للتدخل في سوريا كان لمحاربة داعش , لم يكن دعم نظام بشار الأسد غائبا عن جوهر العملية العسكرية برمتها .فاستهدفت مواقع المعارضة السورية على مدى أشهر عدة جنبا إلى جنب مع استهداف مواقع داعش , الأمر الذي ساعد الجيش السوري من استعادة السيطرة على بعض المناطق التي خسرها سابقا . وفي نفس الوقت غيرت روسيا من تكتيكاتها الدبلوماسية وعلى الرغم من أنها استمرت في دعم النظام السوري ،فقد أبدى الدبلوماسيون الروس استعدادهم لمناقشة إمكانية قيام سوريا بدون بشار الاسد وبالتالي الرد على التركيز الغربي على إزالة الأسد. ودرس الدبلوماسيون الروس الاستعداد من زملائهم الغربيين لمناقشة النظام بدون بشار الأسد ولكن مع غالبية النخبة السياسية الحالية. كانت هذه إشارة إضافية لبشار الأسد ، تظهر أن روسيا لديها تأثير على مستقبل النظام السوري.
في الرابع عشر من آذار-مارس 2016 ,أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن سحب الجزء الرئيسي من القوات الروسية في سوريا و تم تبرير القرار بإنجاز القوات للمهام الموكلة بها "قال السيد بوتين أن القوات المسلحة الروسية أنجزت مهمتها الرئيسية في سوريا " (44). وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو صرح عقب اجتماعه مع الرئيس بوتين أن العملية العسكرية في سوريا أدت إلى "القضاء على أكثر من 2000 مجرم جاءوا من روسيا إلى لأراضي السورية ، بما في ذلك 17 من القادة الميدانيين. كما دمرت قواتنا الجوية 209 منشأة لإنتاج وتجهيز ونقل الوقود ، بالإضافة إلى 2912 موقع نفطي جاهز . ... و حررت القوات السورية, بدعم من سلاحنا الجوي, ما مجموعه 400 بلدة وأكثر من 10000 كيلومتر مربع من الأراضي" (45). عموما تم وصف العملية الروسية في سوريا بأنها ناجحة ، فمن الناحية العملية ، ساهمت القوات الجوية الروسية في صد هجمات داعش ودفعت التنظيم إلى التراجع ولكن المستفيد الرئيسي كان الجيش السوري والنظام السوري. حيث يمكن القول أنه روسيا أنقذت نظام الأسد من الانهيار مرة أخرى من خلال تحسين وضعه العسكري .
كانت العملية ,بالنسبة لروسيا, فرصة لإظهار قدراتها على النشر السريع لقواتها والحفاظ على عملية عسكرية منسقة باستخدام القوات الجوية و البحرية بالإضافة إلى قوات العليات الخاصة و ضباط الاستخبارات . لكن الأهم من ذلك أجبرت العملية الروسية في سوريا دولا أخرى على فتح حوار مع روسيا من أجل تنسيق العمليات المتبادلة لتجنب مهاجمة بعضهم البعض (46).ومع ذلك كان المسؤولون الروس مهتمين بتنسيق أكبر ليس تقنيا فقط تقنيا و لا يقتصر على سوريا أو الشرق الأوسط.
كشف خطاب فلاديمير بوتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة أحد أهداف العملية الروسية في سوريا, وذلك قبيل البدء بالعملية العسكرية الروسية بيومين, حين حث قادة العالم الآخرين على إنشاء تحالف مضاد للإرهاب : "ينبغي أن تتوحد جهودنا للتصدي للمشاكل التي نواجهها جميعا، بالاعتماد على القانون الدولي, وخلق تحالف دولي واسع حقيقي ضد الإرهاب. و يمكن لمجموعة واسعة من الأطراف أن تتحد جهودها -على غرار التحالف الذي قام ضد هتلر- للوقوف بحزم ضد أولئك الذين يشبهون النازيين الداعين إلى "زرع الشر والكراهية للبشرية" (47). و أشار إلى دور القوى العظمى في تشكيل النظام الدولي حين قال " اسمحوا لي أن أذكركم أنه في بلادنا ...في يالطا سنة 1945 حين اجتمع قادة دول التحالف المناهض لهتلر الذين توحدت جهودهم لهزيمة النازيين لوضع أساس متين للنظام العالمي لما بعد الحرب وتبني القرارات الرئيسية التي تحدد بموجبها العلاقات بين الدول ، وكذلك قرار إنشاء الأمم المتحدة "( 48 ).
يمكن النظر إلى خطاب بوتين والعملية الروسية في سوريا على أنهما حدثان متسقان الهدف منهما خلق تحالفات جديدة بين القوى العالمي الساعية لمواجهة أو محاربة أي تهديد إرهابي. و إذا ما نجحت روسيا في مسعاها هذا فسوف تتحول من لاعب معتدي إلى لاعب له دور في الحل , ومن شأن انتقال الأدوار هذه أن يحول الانتباه عما يجري في أوكرانيا, كما سوف يساعد روسيا على الخروج من العزلة السياسية والاقتصادية التي وضعت فيها نفسها إثر ضمها شبه جزيرة القرم وعملياتها العسكرية في شرق أوكرانيا. الأمثلة التاريخية المذكورة في خطاب بوتين في الأمم المتحدة لم تكن مصادفة لأن نفس النهج كان يستخدم من قبل الاتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية عندما كان الاتحاد السوفيتي قبل الحرب أحد المعتدين بسبب غزوه لفنلندا ، لكنه فيما بعد أصبح من أقوى الحلفاء وشارك في تشكيل النظام الدولي لما بعد الحرب.
خلاصة
اتسم تاريخ العلاقات الطويلة بين روسيا و سوريا بالبراغماتية حيث تنظر الدول إلى بعضها البعض كشركاء ضروريين. و كانت روسيا , منذ انهيار الاتحاد السوفياتي ،تبحث عن إمكانيات العودة إلى الشرق الأوسط باعتبارها دولة عظمى منخرطة في الشؤون الإقليمية. بالإضافة إلى ذلك ،نظر المسؤولون الروس إلى الشرق الأوسط كمنطقة يمكنها أن تساعد روسيا على العودة كدولة عظمى . و تعتمد المقاربة الروسية في رؤيتها للصراع في سوريا منذ العام 2011 على إطار أوسع من السياسة الخارجية الروسية تحاول تكريس نظام عالمي متعدد الأقطاب تكون فيه روسيا إحدى قواه العظمى , وكانت سورية بصورة خاصة , و الشرق الأوسط بصورة عامة , مرتكزا لوصول روسيا إلى أهدافها, فكان ضمان بقاء نظام بشار الأسد كأحد الأنظمة الصديقة لها في المنطقة أحد الأهداف الرئيسية للسياسة الروسية , وعلى صعيد أوسع اهتمت روسيا باستدامة علاقاتها الحالية مع القوى الإقليمية, فأي تغيير في النظام السوري يسمح للأغلبية السنية بالوصول للسلطة و التحكم في التوجهات المستقبلية للدولة يمكنه أن يؤثر على العلاقات الشيعية السنية المستقبلية , لذا النظام السوري مهم أيضا لإيران و ينمكن لروسيا أن تحظى بعلاقات مميزة مع إيران من خلال وقوفها إلى جانب الأسد -وهذا بحد ذاته إشارة قوية للزعماء الآخرين المتعاونين مع روسيا أو الذين يرغبون في التعامل معها و اختيارهم لها كحليف. وفي هذا الصدد أظهرت روسيا - خلال الأزمة السورية -مواقف داعمة للأنظمة حتى لو كان قادتها لا يمتلكون سيطرة على أراضي الدولة ولا يتلقون دعما من أغلبية السكان سكانها و يتمتعون بسمعة سلبية للغاية في الخارج .
انصب جهد السياسة الروسية في سوريا على الحد من تصرفات الدول الغربية ، وخاصة الولايات المتحدة ، ضمن الإطار السياسي العالمي, و بالتالي لم يكن مقبولا بالنسية لروسيا القيام بأي تغيرات للنظام القائم دون موافقتها, وبهذا فهي تسعى للحد من حدوث إمكانيات تغيير نظامها الخاص. يمكن أن ينظر إلى العملية العسكرية الروسية التي استمرت من أيلول- سبتمبر 2015 حتى آذار- مارس 2016 على أنها عملية لمحاربة داعش ،و لدعم وإنقاذ النظام السوري و لخلق حاجة ملحة للقوى الغربية لبدء حوار مع روسيا يتضمن تنسيق الإجراءات في سوريا وربما التنسيق في عملية مكافحة الإرهاب على الصعيد العالمي و هذا من شأنه أن يساعد روسيا على التملص من العزلة السياسة والاقتصاد العزلة الناجمة عن ضمها شبه جزيرة القرم وعملياتها العسكرية في شرق أوكرانيا. لدى روسيا القدرة في أن تصبح شريكا هاما لإيجاد حلول للصراع السوري كما يمكنها أن تتقاسم المسؤولية في قتال داعش. غير أنه من الأهمية بمكان ,بالنسبة للمجتمع الدولي, عدم مقايضة شراكة روسيا في حرب ضد الإرهاب بالانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الذي تسبب بها ضم شبه جزيرة القرم.
..................
ملاحظات :
هذا المقال فصل من كتاب The War in Syria:Lessons for the West تحرير و إعداد:Andis Kudors, Artis Pabriks
الكاتب : Māris Cepurītis
الناشر:The Centre for East European Policy Studies.University of Latvia Press.Rīga, 2016
المترجم: محمود الصباغ
..............
المراجع
1 Andrej Kreutz, Russia in the Middle East: Friend of Foe?, (Westport, London: Praeger Security International, 2007), 13.
2 Ibid.
3 Jiri Valenta, Leni Friedman Valenta, “Why Putin Wants Syria,” Middle East Quarterly (Spring 2016), Vol. 23, Issue 2.
4 Stocholm international Peace Research Institute, Accessed June 28, 2016, http://armstrade.sipri.org/armstrade/html/export_values.php
5 Andrej Kreutz, Russia in the Middle East: Friend of Foe?, (Westport, London: Praeger Security International, 2007), 16.
6 Ibid.
7 Roy Allison, “Russia and Syria: explaining alignment with a regime in crisis,” International Affairs 89: 4(2013), 802.
8 “Dogovor o druzhbe i sotrudnichestve mezhdu SSSR i SAR (1980),” RIA Novosti, September 30, 2015, http://ria.ru/spravka/20150930/1293215601.html.
9 Roy Allison, “Russia and Syria: explaining alignment with a regime in crisis,” International Affairs 89: 4(2013), 801.
10 Andrej Kreutz, Russia in the Middle East: Friend of Foe?, (Westport, London: Praeger Security International, 2007), 17.
11 Ibid.
12 Andrej Kreutz, Russia in the Middle East: Friend of Foe?, (Westport, London: Praeger Security International, 2007), 18.
13 “Assad, Yeltsin begin talks,” CNN. July 6, 1999. http://edition.cnn.com/WORLD/meast/9907/06/ syria.russia/.
14 “Opening Remarks at a Meeting with Vice-President Abdel-Galim Khaddam of Syria”, January 15, 2003, Accessed on July 20, 2016. http://en.kremlin.ru/events/president/tran-script-s/21836.
15 “Syria profile — Timeline,” BBC. May 6, 2016. Accessed on July 20, 2016, http://www.bbc.com/ news/world-middle-east-14703995.
16 Hugh Macleod, “From Syrian fishing port to naval power base: Russia moves into the Mediterranean”. The Guardian, 8 October 2008, https://www.theguardian.com/world/2008/oct/08/ syria.russia
17 “Strategiia natsional’noi bezopasnosti Rossiiskoi Federatsii do 2020 goda”. Accessed on August 9, 2016, http://www.mid.ru/ru/foreign_policy/official_documents/-/asset_publisher/ CptICkB6BZ29/content/id/294430
18 Jiri Valenta, Leni Friedman Valenta, “Why Putin Wants Syria,” Middle East Quarterly (Spring 2016), Vol. 23, Issue 2.
19 “Bagapsh: Dogovorennosti o sozdanii punkta bazirovaniia Chernomorskogo flota v Omchire est’,” Intefrax. 26 January, 2009, http://www.interfax.ru/russia/59268.
20 “Syria profile — Timeline,” BBC. May 6, 2016. Accessed on July 20, 2016, http://www.bbc.com/ news/world-middle-east-14703995.
21 Ibid.
22 “The Foreign Policy Concept of the Russian Federation,” Approved by the President of the Russian Federation V. Putin, June 28, 2000, http://archive.mid.ru//Bl.nsf/arh/1EC8DC0818 0306614325699C003B5FF0?OpenDocument.
23 Ibid.
24 “The Foreign Policy Concept of the Russian Federation,” Approved by Dmitry A. Medvedev, President of the Russian Federation, 12 July 2008, http://en.kremlin.ru/supplement/4116.
25 Ibid.
26 “The Foreign Policy Concept of the Russian Federation,” Approved by President of the Russian Federation V. Putin, 12 February 2013. http://www.mid.ru/en/foreign_policy/official_documents/-/ asset_publisher/CptICkB6BZ29/content/id/122186.
27 Ibid.
28 Dmitri Trenin, The Mythical Alliance. Russia’s Syria Policy, (Carnegie Moscow Center, February 2013), 10. Accessed on 16 August, 2016, http://carnegie.ru/publications/?fa=50909.
29 Dmitri Trenin, The Mythical Alliance. Russia’s Syria Policy, (Carnegie Moscow Center, February 2013), 12, Accessed on 16 August, 2016, http://carnegie.ru/publications/?fa=50909.
30 “The Foreign Policy Concept of the Russian Federation,” Approved by the President of the Russian Federation V.Putin 28 June, 2000, http://archive.mid.ru//Bl.nsf/arh/1EC8DC08180 306614325699C003B5FF0?OpenDocument.
31 “The Foreign Policy Concept of the Russian Federation,” Approved by Dmitry A. Medvedev, President of the Russian Federation, 12 July 2008, http://en.kremlin.ru/supplement/4116.
32 Ibid.
33 “The Foreign Policy Concept of the Russian Federation,” Approved by President of the Russian Federation V. Putin, 12 February 2013. http://www.mid.ru/en/foreign_policy/official_ documents/-/asset_publisher/CptICkB6BZ29/content/id/122186.
34 “Syria’s al-Assad being used in ‘great geopolitical game’ — Lavrov,” RT, 23 October, 2012, https://www.rt.com/politics/syria-russia-human-rights-lavrov-024/.
35 “Security Council Approves ‘No-Fly Zone’ over Libya, Authorizing ‘All Necessary Measures’ to Protect Civilians, by Vote of 10 in Favour with 5 Abstentions,” United Nations Security
Council, 17 March, 2011. http://www.un.org/press/en/2011/sc10200.doc.htm#Resolution.
36 Ibid.
37 “Operations and missions: past and present,” NATO. Accessed on 21 July, 2016, http://www.nato.int/cps/en/natohq/topics_52060.htm?selectedLocale=en.
38 Francesco Giumelli, How EU sanctions work: A new narrative, (EU Institute for Security Studies, 2013), pp. 35 Accessed on August 19, 2016, http://www.iss.europa.eu/uploads/media/ Chaillot_129.pdf.
39 Roy Allison, “Russia and Syria: explaining alignment with a regime in crisis,” International Affairs 89: 4(2013), 799.
40 Mordechai Chaziza, “Soft Balancing Strategy in the Middle East: Chinese and Russian Vetoes in the United Nations Security Council in the Syria Crisis,” China Report 50: 3 (2014), 252.
41 Michael R. Gordon, “U.S. and Russia Reach Deal to Destroy Syria’s Chemical Arms,” The New York Times. 14 September, 2013, http://www.nytimes.com/2013/09/15/world/middleeast/ syria-talks.html?_r=0.
42 Dmitri Trenin, The Mythical Alliance. Russia’s Syria Policy, (Carnegie Moscow Center, February 2013), 19, Accessed on 16 August, 2016, http://carnegie.ru/publications/?fa=50909.
43 Ibid.
44 “Telephone conversation with President of Syria Bashar al-Assad,” President of Russia,14 March, 2016. http://en.kremlin.ru/events/president/news/51512.
45 “Meeting with Sergei Lavrov and Sergei Shoigu,” President of Russia, 14 March, 2016, http:// en.kremlin.ru/events/president/news/51511.
46 “Russia-Israel military coordination talks on Syria to open on Tuesday,” Reuters, 5 October, 2015.http://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-russia-israel-idUSKCN0RZ24820151005
47 “70th session of the UN General Assembly,” President of Russia, 28 September, 2015. http:// en.kremlin.ru/events/president/news/50385.
48 Ibid.
13 “Assad, Yeltsin begin talks,” CNN. July 6, 1999. http://edition.cnn.com/WORLD/meast/9907/06/ syria.russia/.
14 “Opening Remarks at a Meeting with Vice-President Abdel-Galim Khaddam of Syria”, January 15, 2003, Accessed on July 20, 2016. http://en.kremlin.ru/events/president/tran-script-s/21836.
15 “Syria profile — Timeline,” BBC. May 6, 2016. Accessed on July 20, 2016, http://www.bbc.com/ news/world-middle-east-14703995.
16 Hugh Macleod, “From Syrian fishing port to naval power base: Russia moves into the Mediterranean”. The Guardian, 8 October 2008, https://www.theguardian.com/world/2008/oct/08/ syria.russia
17 “Strategiia natsional’noi bezopasnosti Rossiiskoi Federatsii do 2020 goda”. Accessed on August 9, 2016, http://www.mid.ru/ru/foreign_policy/official_documents/-/asset_publisher/ CptICkB6BZ29/content/id/294430
18 Jiri Valenta, Leni Friedman Valenta, “Why Putin Wants Syria,” Middle East Quarterly (Spring 2016), Vol. 23, Issue 2.
19 “Bagapsh: Dogovorennosti o sozdanii punkta bazirovaniia Chernomorskogo flota v Omchire est’,” Intefrax. 26 January, 2009, http://www.interfax.ru/russia/59268.
20 “Syria profile — Timeline,” BBC. May 6, 2016. Accessed on July 20, 2016, http://www.bbc.com/ news/world-middle-east-14703995.
21 Ibid.
22 “The Foreign Policy Concept of the Russian Federation,” Approved by the President of the Russian Federation V. Putin, June 28, 2000, http://archive.mid.ru//Bl.nsf/arh/1EC8DC0818 0306614325699C003B5FF0?OpenDocument.
23 Ibid.
24 “The Foreign Policy Concept of the Russian Federation,” Approved by Dmitry A. Medvedev, President of the Russian Federation, 12 July 2008, http://en.kremlin.ru/supplement/4116.
25 Ibid.
26 “The Foreign Policy Concept of the Russian Federation,” Approved by President of the Russian Federation V. Putin, 12 February 2013. http://www.mid.ru/en/foreign_policy/official_documents/-/ asset_publisher/CptICkB6BZ29/content/id/122186.
27 Ibid.
28 Dmitri Trenin, The Mythical Alliance. Russia’s Syria Policy, (Carnegie Moscow Center, February 2013), 10. Accessed on 16 August, 2016, http://carnegie.ru/publications/?fa=50909.
29 Dmitri Trenin, The Mythical Alliance. Russia’s Syria Policy, (Carnegie Moscow Center, February 2013), 12, Accessed on 16 August, 2016, http://carnegie.ru/publications/?fa=50909.
30 “The Foreign Policy Concept of the Russian Federation,” Approved by the President of the Russian Federation V.Putin 28 June, 2000, http://archive.mid.ru//Bl.nsf/arh/1EC8DC08180 306614325699C003B5FF0?OpenDocument.
31 “The Foreign Policy Concept of the Russian Federation,” Approved by Dmitry A. Medvedev, President of the Russian Federation, 12 July 2008, http://en.kremlin.ru/supplement/4116.
32 Ibid.
33 “The Foreign Policy Concept of the Russian Federation,” Approved by President of the Russian Federation V. Putin, 12 February 2013. http://www.mid.ru/en/foreign_policy/official_ documents/-/asset_publisher/CptICkB6BZ29/content/id/122186.
34 “Syria’s al-Assad being used in ‘great geopolitical game’ — Lavrov,” RT, 23 October, 2012, https://www.rt.com/politics/syria-russia-human-rights-lavrov-024/.
35 “Security Council Approves ‘No-Fly Zone’ over Libya, Authorizing ‘All Necessary Measures’ to Protect Civilians, by Vote of 10 in Favour with 5 Abstentions,” United Nations Security
Council, 17 March, 2011. http://www.un.org/press/en/2011/sc10200.doc.htm#Resolution.
36 Ibid.
37 “Operations and missions: past and present,” NATO. Accessed on 21 July, 2016, http://www.nato.int/cps/en/natohq/topics_52060.htm?selectedLocale=en.
38 Francesco Giumelli, How EU sanctions work: A new narrative, (EU Institute for Security Studies, 2013), pp. 35 Accessed on August 19, 2016, http://www.iss.europa.eu/uploads/media/ Chaillot_129.pdf.
39 Roy Allison, “Russia and Syria: explaining alignment with a regime in crisis,” International Affairs 89: 4(2013), 799.
40 Mordechai Chaziza, “Soft Balancing Strategy in the Middle East: Chinese and Russian Vetoes in the United Nations Security Council in the Syria Crisis,” China Report 50: 3 (2014), 252.
41 Michael R. Gordon, “U.S. and Russia Reach Deal to Destroy Syria’s Chemical Arms,” The New York Times. 14 September, 2013, http://www.nytimes.com/2013/09/15/world/middleeast/ syria-talks.html?_r=0.
42 Dmitri Trenin, The Mythical Alliance. Russia’s Syria Policy, (Carnegie Moscow Center, February 2013), 19, Accessed on 16 August, 2016, http://carnegie.ru/publications/?fa=50909.
43 Ibid.
44 “Telephone conversation with President of Syria Bashar al-Assad,” President of Russia,14 March, 2016. http://en.kremlin.ru/events/president/news/51512.
45 “Meeting with Sergei Lavrov and Sergei Shoigu,” President of Russia, 14 March, 2016, http:// en.kremlin.ru/events/president/news/51511.
46 “Russia-Israel military coordination talks on Syria to open on Tuesday,” Reuters, 5 October, 2015.http://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-russia-israel-idUSKCN0RZ24820151005
47 “70th session of the UN General Assembly,” President of Russia, 28 September, 2015. http:// en.kremlin.ru/events/president/news/50385.
48 Ibid.
#محمود_الصباغ (هاشتاغ)
Mahmoud_Al_Sabbagh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟