|
حنين ينتصر دائما
حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 6120 - 2019 / 1 / 20 - 22:47
المحور:
الادب والفن
صمدت أم كلثوم وصمد صوتها أمام هجوم اليمين الديني عليه والذي كان قد بدأ بعد نكسة يونيو 67 مباشرة على منابر المساجد وفي شرائط الكاسيت التي راجت في هذه الفترة للشيخ كشك صاحب الخطب الشهيرة التي كانت تتناول أم كلثوم بالسخرية وتنعتها بالكفر وتضليل المسلمين ، حين كان يطل علي المصلين في مسجد الملك الكائن في منطقة دير الملاك كل جمعة فتنتشر تلك الخطب علي الفور لتملي عباراته وغمزاته وتغنجاته الشهيرة في هذا الشأن علي اسمع راكبي التكسي والميكروباس وميكروفونات باعة الكتب الوهابية التي كانت تفترش الأرصفة في القاهرة ومدن عواصم الأقاليم وأطرافها ..
وخلافاً لذلك فقد صمد صوتها المتوهج بنبرات الوجد الصوفي أمام مراهقتي اليسارية ومراهقة غيري من بعض الذين كانوا يعانون من نفس تلك المراهقة التي رأته - تعسفا - كأداة برجوازية من أدوات تزييف الوعي ، ووصفت غنائها بغناء المساطيل والمغببين عن الوعي!!!
هذا حدث حين كنت أحد المصابين بالمراهقة الثورية في شبابي وتمردت مع من تمردوا - وضمن ماتمردت - على صوت أم كلثوم واتذكر أنني سرعان ماأدركت بعد ذلك بسنوات أن ذلك دليلاً علي عدم عمق ثقافتي ودليل علي عدم الوصول إلي حالة متوازنة من النضج الفكري..
اعترف أنني وقتها لم أكن قد وصلت إلى مستوى ما في الوعي والعمق الفكري والحس الجمالي يسمح لي بتناول أم كلثوم كظاهرة فنية مصرية وجدانية أصيلة وبديعة رغم أنني كنت اشاهد واسمع كثير من اقاربي وأهلي وجيرانهم في الريف يمزجون همومهم وافراحهم وخلاصة تجاربهم الحياتية اليومية بغناء مقاطع من أغاني "الست" كما كانوا يطلقون عليها ..
يبدو أنني لم أكن قد نضجت بعد وعرفت الفارق بين الغناء الذي يعبر عن الروح المصرية العميقة ، عندما كنت أري ظهورا منحنية علي وجه الحقول تنظم إيقاع ضربات الفؤوس علي إيقاع ماينشدون لأم كلثوم .
، أو أولئك الفلاحون الذين رأيتهم يلصقون آذانهم بالراديو الترانزستور الصغير الذي يحمل علي ظهره حجري بطاريتين محزمين برباط المطاط "الأستيك" ليستمعون إلي الست وهم يسهرون إلي جانب السواقي الدائرة علي حواف الترع لري زراعاتهم ..
ثم لماذا لم التفت وقتها لكون أن صوت أم كلثوم كان أحد مستلزمات السهر علي مذاكرة غالب طلاب المدارس الثانوية وطلاب الجامعات المصرية في الأجيال التي كانت تسبق أجيالنا؟
يالها من مراهقة غبية ألم تكن سهرة الخميس الأول من كل شهر هي سهرة أبي وأمي المفضلة بجوار الراديو الخشبي الكبير الذي كان يقبع فوق رف خشبي خاص علي الحائط؟
ألم يكن ذلك مايجري عند جيراننا وشباب وبنات جيراننا ، وماكان يحكي لي أصدقائي أنه جري عندهم كذلك عقب كل أول خميس في كل شهر ؟
ألم أكن أنا أرتدي ملابس المدرسة صباحاً بمصاحبة صوتها في أغنيتها الشهيرة "ياصباح الخير ياللي معانا"
ثم أنني بعد أن رحلت أم كلثوم بسنوات كنت أبكي كطفل يعاني من يتم عميق وصولاً إلى درجة النهنة وأنا استمع الى صوتها أتذكر إنهمار دموعي بغزارة وهي تغني المقطع
(( كانلك معايا أجمل حكايه ف العمر كله ))
ولا أعرف حتى الآن سر كل هذا البكاء الذي انفجر داخلي .. ربما كان هذا تكفيراً عما كان من مراهقة ودعتها - في ذلك الوقت - إلي الأبد ؟ ـــــــــــــــــ حمدي عبد العزيز
#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مازالت روحي ترتدي ذلك البلوفر وتذهب إلى تلك الكنيسة
-
مصر العميقة
-
النهر الأخضر ..إهدار ام تنمية ؟
-
حدىثك الإستعلائى فى الكاتدرائية يامولانا
-
تحالف طبقى سفيه يريد إحتكار التعليم لابنائه
-
شعبى !!!!!!!!!
-
ثقوب فى رايات الإستنارة
-
ماذا تفعل أمريكا الترامبية ..
-
هل سيعيدون أنتاج وإخراج حادث القنصلية ؟
-
من إسلام أباد للقاهرة .. عاجل للنفاذ والتمكين (2)
-
قميص خاشقجى
-
من إسلام أباد للقاهرة .. عاجل للنفاذ والتمكين
-
كيف كان يفكر السادات في يناير 1974 ؟
-
البنا وحارة السقايين
-
اعداء محمد عثمان إسماعيل ورفاقه
-
أخرة خدمة الغز
-
فى حارة السقايين
-
الظواهرى وحصاده المر
-
أنظمة ومؤسسات داعمة ، ومصالح طبقية دافعة
-
بيراميدز .. إسلوب حياة ..
المزيد.....
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|