أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - انور سلطان - متى يكون الدين مشكلة تجب مواجهته














المزيد.....

متى يكون الدين مشكلة تجب مواجهته


انور سلطان

الحوار المتمدن-العدد: 6112 - 2019 / 1 / 12 - 03:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أمام الانسان أربعة خيارات لتفسير الوجود.
الخيار الأول: الالحاد.

الخيار الثاني: اللاأدريه. وهي توقف بين الخيار الأول والثالث. أو تعليق الحكم وعدم ترجيح أحدهما.

الخيار الثالث:  الايمان بخالق غير اله (رب)، مفارق أو محايث للكون (متحد به). أو شئ بديل مثل القول بعقل كلي أو روح ساريه في الكون تمثل بعده الثاني المقابل للبعد المادي. لا ينفصلان عن بعض كونهما مظهران لحقيقة واحدة نسميها بالكون.

الخيار الرابع:  الايمان باله. أي الايمان بكائن خارق يطلب من الناس الخضوع واظهار الذل له (عبادته). سواء كان هذا الاله خالقا للكون، وسواء أكان هذا الخالق مفارقا للكون أو محايثا له (حالا فيه أو متحدا به)، أو اله غير خالق وانما هو كائن خارق من ضمن قوى الكون. وسواء كان الاله غير الخالق واحدا أو أكثر من واحد.

الخيارات الثلاثة أعلاه خيارات لا دينية، والأخير هو الخيار الديني. واللادينية بصورها الثلاثة ترى الدين نتاجا بشريا.

 واتخاذ أي خيار  هو  قرار ذاتي للفرد. لا مسألة قرار يتخذه فرد لفرد اخر.

لا مشكلة في هذه الخيارات كخيارات فكرية بحتة. انما تأتي المشكلة من فرض خيار معين، وعدم اعتباره خيارا شخصيا  بل ايمان يفرض، والحكم على الشخص بناء على ايمانه من عدمه.

والايمان باله هو كالايمان بأي خرافة من حيث هو ايمان. ومن هذه الزاوية لا يختلف الايمان بوجود اله عن الايمان بوجود الغول.

يصبح الايمان بالغول مشكلة عندما يرى المؤمن بالغول أن عدم الايمان بالغول جريمة ومعصية ومنقصه، والايمان به طاعة ترفع صاحبها ومكرمة، ولهذا فايمانه بالغول يكسبه ميزة على غير المؤمن، ويجعله أفضل من الكافر بالغول.  حيث يعتبر الكافر بالغول انسان عديم الاخلاق والضمير والقيمة. ومن حق المؤمن بالغول اجباره على الايمان بالغول.

 ان الايمان بالغول في هذه الحالة لم يعد مجرد اعتقاد وايمان عقلي صرف، بل ايمان أيضا بحق التعدي المعنوي والمادي على الكافر بالغول. ولا يسمي التعدي تعديا، لأن تسميته تعديا يعني فعل شئ ليس من حق المؤمن، بل يسميه حق الرد على جريمة الكفر بالغول التي تفقد صاحبها القيمة. مثل السحلية قتلها لا يمثل تعديا. بل ربما السحلية أكرم من الكافر لأنها مؤمنة.
 
هذا ليس مجرد ايمان صرف. هذه ايدلوجية لا انسانية، تصيب الضمير والتفكير بخراب كبير. تعطل ملكة التفكير عند صاحبها وتغلف ضميره بحجاب كثيف من التشويه للخيارات الاخرى وتشويه معتنقيها. تعطل العقل وتخدر الضمير. تحل محل التفكير الحر عقلية غولية تحرم وتجرم التفكير في الايمان الغولي، وتجعل من العقل خادما لها مهمته الدفاع عنها وتبريرها لا التفكير فيها. انها كالفيروس الذي يغزو الخلية ويحولها الى معمل لاستنساخ نفسه.

ان تخليص الانسان من العقلية الغولية صعب وليس مستحيلا. لأنها  جهل مركب مقدس. أي تساؤل حول صحته يعتبر جريمة، أي محاولة نقد تعتبر عدوانا سافرا مقصودا. وأي تشكك في الحق المطلق خطأ مطلق.
 
الشئ الذي يمكن التعويل عليه في مواجهة العقيدة الغولية، التي تمرض الضمير والعقل، هو نفسه الضمير الانساني والعقل الرافض بطبيعته للتناقض. فان ماتت ضمائر البعض أو كان تجاوبها صعبا لشدة ما تعرضت له من جرعات هذه العقيدة وهي في طور التشكل والنمو الا أن الغالبية الساحقة ما تزال ضمائرهم حية لم تقتلها هذه العقيدة. والعقل مهما تم تكبيله منذ التنشئة لا يمكن محو أحد خواصة الأساسية وهي القدرة على التفكير الحر في أي وقت. صحيح ان العقيدة الغولية تعطل التفكير الحر، لكن لا تمحو هذه القدرة. والهزات العنيفة، والصدمات القوية، تحطم هذه العقيدة الهشة في ذاتها. فمهما بدت قوية فليست قوتها الا ظاهرية لأن أساسها المغالطة والخوف والترويع والتشويه الكاذب لما عداها.

ان لم تتعرض العقيدة الغولية لأزمة في عصور التخلف، كونها عصور العقائد الغولية، فوقوعها  في هذا العصر في أزمة شئ لا بد منه.

الازمة الذاتية للعقيدة الغولية سوف تنقذ الكثير من المصابين بها، لأنها تهز ثقتهم فيها، وتدفع عقولهم للتساؤل، وعندما يبدأ  العقل بالتساؤل فيها  فانه يبدأ في ذات الوقت بتمزيق غشائها الذي قيد تفكيره. ووقوع الشك فيها يمثل بداية انهيارها. لكونها عقيدة لا تقبل بطبيعتها الشك.

ان الشك في العصر الراهن ليس كالشك في عصور التخلف العقلي. الشك اليوم شك أصيل، شك حقيقي، لا شك المدلسين القدماء الذي كان القصد منه اثبات صحة عقيدتهم الغولية لا التساؤل الصادق في صحتها.

لم يكن في عصور التخلف خيارات أخرى موجودة ومجتماعتها ناجحة وقوية ومتفوقة، بل بدائل غولية، كل بديل أسوأ من الاخر. وقليل هم الذين تركوا البدائل الغولية الى ايمان صرف، ايمان انساني لا ايمان غولي. ولم يحتاجوا مرحلة شك كاذبة وزائفة. لأن عقولهم كانت أكبر من أن تطوعها العقائد الغولية.



#انور_سلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما يعنيه الاعلان العالمي لحقوق الانسان هو ان الانسان فوق الق ...
- تهافت القران في اثبات الوحدانية
- الارهاب لا دين له مغالطة اسلاموية
- ابراهيم والحج: دروس خرافية ضد القيم والأخلاق والضمير الانسان ...
- خطر الجاهلية الاسلامية
- العقيدة الاسلامية منبع الارهاب الاسلامي
- أسس العلمانية
- الدين وتفسير ظاهرة الحياة
- نقاش في الفيس بوك حول المصدر الرئيسي للشريعة الإسلامية
- ابن الراوندي وحجته في إنكار أن يكون القران معجزة إلهية
- الدعوة للعلمانية يجب أن تترافق مع الدعوة لفهم جديد للإسلام
- المسلمون اليوم أكثر أمه تمارس الكذب والخداع والتدليس
- جنون العظمة الجمعي
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والثوابت الفاسدة والتخلف العرب ...
- امتلاك الأنثى والنظرة المرضية للجنس
- الاستعباد المقنع للمرأة العربية
- آية القوامة وقضية المرأة
- العدالة الإلهية والحرية الفكرية والسعادة الإنسانية
- لا ديقراطية بدون حسم الصراع على طبيعة الدولة
- المسلمات الدينية العامة والإرهاب


المزيد.....




- قائد بحرية حرس الثورة الإسلامية العميد تنكسيري : سنقف بوجه ا ...
- قائد بحرية حرس الثورة الإسلامية العميد تنكسيري: سنقف بوجه ال ...
- مصر.. جدل بعد أمر النائب العام بفتح تحقيق حول -ديوان شعري- ب ...
- رئيس مجلس الشورى الاسلامي: لايمكن للاعداء ان يمسوا باستقلال ...
- رئيس مجلس الشورى الاسلامي: بناء على تصريحات قائد الثورة لابد ...
- بيربوك تعتبر هجوم 7 أكتوبر نقطة تحول لكل من اليهود والألمان ...
- ماما جابت بيبي..أحدث تردد قناة طيور الجنة بيبي على الأقمار ا ...
- نزلها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات ل ...
- تفاصيل مخطط منسوب لإيران.. الهدف -يهودي- في اليونان
- غزة.. الاحتلال يقتحم قرية مردا شمال سلفيت ويهدد أهلها


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - انور سلطان - متى يكون الدين مشكلة تجب مواجهته