سكير ومجرم

خليل الشيخة
كاتب وقاص
(Kalil Chikha)

الحوار المتمدن-العدد: 1522 - 2006 / 4 / 16 - 11:37
المحور: الادب والفن
    

جيمس سميث في الخمسين من عمره . طويل ونحيف له لحية تشوبها البياض . قضى معظم عمره في السجن . من سطو إلى سرقة أو إلى محاولة قتل. تاريخ حافل بالإجرام إضبارة ذات حجم هائل. إذا كان خارج السجن فهو في أحد أمرين : سكران أو محاولة جادة أن يسكر. عنده سبع أولاد، ثلاثة منهم في السجن: الأول محكوم عليه في جريمة قتل والثاني في جريمة سطو والأخير في جريمة اغتصاب. له بنت في السابعة عشر من عمرها. ولديها طفلان وهي لم تتزوج بعد. والأخرى تعمل في احد البارات راقصة ستربتيز.
ما أن تراه حتى تجزم بأنه من عائلة ريفية فقيرة لهندامه الواضح ومن الاحمرار الصارخ في رقبته. آخر مرة خرج من السجن، كانت زوجته في مرحلة احتضار، وبعد أن ماتت تغيرت حياته كليا. أصبح كالسابح في يم بدون شواطئ . تاب عن شرب الخمر ووعد زوجته الراقدة تحت الثرى بأنه لن يرجع إلى الخمرة مرة أخرى. ومن وحشة الوحدة وثقلها تعرف إلى امرأة متزوجة تقضي معه نهاية الأسبوع ، تزوره ثملة وتغادره ثملة. وهو من جهته كان يزودها بكميات كبيرة من جميع أنواع الكحول طوال فترة مكوثها عنده. ثم تمضي راجعة إلى زوجها تمارس حياتها بشكل طبيعي مع البعل ومع (البدوا يزر) ومع ذكرى العشيق الحزين.
عندما يختلفان أثناء الزيارة تغادر قبل الميعاد ، فيغضب هو ويقسم لها بأنه لن يزهق وقته سدى معها وسيبحث عن امرأة غيرها ليست متزوجة. لكن ما إن تعود في الأسبوع المقبل حتى ينسى كل شيء ويهرع ليبتاع (البدوايزر) لها لتبقى في مزاج صاف وراض.
هذا جيمس سميث وتلك خليلته المتزوجة، وأبنته حاضنة الأطفال من دون أب، أسرة غير مكتملة وأبناء في السجن وضياع بلا نهاية. هذه لا تمثل أسرة بل خارجة عن مفهوم الأسرة وخارجة عن مفهم (التحضر). ومن المضحك أن له مواقف سياسية مشوهة مثل حياته التي عاشها. محتوى هذه الآراء هو أن جيمي كارتر أتعس رئيس في تاريخ الولايات المتحدة . لماذا؟ لأنه باع حسب أقواله أمريكا للأجنبي. ربما يقصد عن عملية السلام التي كان لكارتر ضلع فيها في السبعينات. وإذا سئل كيف باع كارتر أمريكا يرد ... لا أدري كيف لكنه باعها.
معظم الأشياء في الولايات المتحدة توحي بأنها بالغة التعقيد، العلاقات الاجتماعية وعلاقة المواطن مع النظام وعلاقة الفرد بالفرد وطبيعة مكونات الأسرة. كل ذلك بالغ التعقيد. فهنا جيمس سميث قد يمثل أكثر من ظاهرة فردية . بل شريحة اجتماعية رهيبة. وكما يبدو أن هذه الشريحة تزداد يوما بعد يوم ويزداد حالها سوءا وخاصة وأن الصراع يبلغ ذروته مع اليابان على السوق التجارية. أليس هذا بحد ذاته تعبير واضح عن تفاقم الأوضاع الاقتصادية في أمريكا.
في الواقع، نحن العرب الذين عشنا في مجتمعاتنا الأولى لا نستطيع أن نفهم كثيرا هذه القيم السائدة وكثيرا من الأحيان ما نعطي ظهورنا لها . وهنا قد نسأل هل هذا نتاج وإفرازات النظام الرأسمالي أم هي حضارة (غربية) صناعية. العلاقات هنا ربما فيها شكل من النكوص إلى العلاقات المشاعية الأولى التي مارسها الإنسان الأول قبل المرحلة اللاحقة الزراعية التي تميزت في ترتيب هرمية أكبر للأسرة وعناصرها.

#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل