أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - اعترافات














المزيد.....

اعترافات


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6101 - 2019 / 1 / 1 - 16:33
المحور: الادب والفن
    


ما أجمل الحياة!
يلتبس عليّ مفهوم الحياة الجميلة . ربما تعلّمنا في المدرسة، وفي دروس اللغة العربية هذا المصطلح الملتبس مثل كل الذي تعلمناه عن الحياة، والحب، والوطن، والله. كلّه مجهول . لا بد أن أبحث عن المجهول ، وأسألني: هل الحياة جميلة حقاً؟ أهز كتفيّ غير مبالية بالسؤال ولا الجواب. لا يهم إن كانت الحياة جميلة، لكن من يصنع جمالها ؟ الأمور تربكني، فتلك الكرنفالات الملوّنة والفرح ضمن ألوانها من صنعه، ومن أجل من؟ هذا السّؤال محرج يمنع عنك الرؤيا حقيقة.
في مدينة صغيرة علّمتني رعاية الأغنام وجمع الوقود من أجل صنع الخبز. كان عالمي الجميل هو المرعى، وأدواتي هي تنكة الماء أحملها على رأسي وتهتز فوق قامتي الصّغيرة ، لا أتجرّأ على النظر إلى قدميّ عندما تخزها الأشواك. نعم الحياة جميلة، وأجمل ما فيها العذاب. هو تاريخ نضعه في إطار وجدناه عند حاوية قمامة، وأصبح بالنسبة لنا عنواناً نتبارز عليه في الحبّ والحرب والسّلم.
تغيّرتُ مع الزّمن. الإنسان يتغيّر ، وتغيّر السّؤال، أصبحت أسأل هل أنا فعلاً على قيد الحياة؟ وأنا هذه تشملكم أيضاً فأنتم من علّمني أن أدعو للفرح والحياة بينما كانت دواخلكم تبكي . أفعل كما تفعلون. أكتب تاريخي. أمجّد طائفتي ومدينتي، أضرب للفقر سلاماً كبيراً فهو من صنع لي داخلاً كبيراً مثل المرعى الذي كنت أرعى فيه عدة أغنام. أجول وأدور فلا أرى سوى ذالك وذاك.
البارحة وقفت أمام نفسي وأنا أتابع بشغف برنامجاً ثقافياً في محطّة غير عربية -طبعاً-كانت المناسبة إحياء لذكرى فنّان، ومن ضمن الذين أحيوها فنانون أيضاً ، وبعيدا عن ذكر المكان والزمان والأسماء، فقد حمل فنان معه تاريخه ليحتفي بذكرى تاريخ شخص آخر. تاريخه بسيط. سيدة مسرح عرائس رافقته. هي في الحقيقة تنطق أكثر من امرأة وربما بلسان كل النّساء. حرّكها على المسّرح. غنّى. تكلّم، بكى الشّباب وتنهّد من أجل باريس موطنه الأوّل، ثم غنّى وتحدث، وكلّما عجز عن الكلام أحضر تاريخه-لعبة مسرح العرائس-لا أخفيكم سرّاً. شعرت أنّه أنا، وقّفت وصفّقت لي. التفتّ حولي فإذ أنا وحيدة أغرق في بركة ماء، لكنّ معنوياتي ارتفعت عندما أتت امرأة تجاوزت الثمانين بظهرها المحني، ولباسها المناسب فقدمت أغنية رائعة أسرت الجميع وأسرتني. قلت هي أنا. لا. وضعت يديّ في عينّي وبدأت البكاء. أنا بلا تاريخ ولا انتماء. لو حضرت يوماً حفلاً ثقافيّاً كيف أشرح نفسي وألخصها لدرجة أستطيع فيها التقاط أنفاس الجمهور؟ لا. لن أستطيع. فتاريخ الرّجل كم هائل من التراكمات، وعروس، وآه باريس، وتاريخ المرأة أغنيّة للعالم تشرح فيها حياتها، وتقف محنيّة الظهر منصوبة القلب بصوت شجيّ.
أنتم مزيّفون-أقصد أنا- . المشكلة ليست في الزّيف. بل في أن تقتنع أنّ ذلك ثقافة وعمق.
متشدّق أنا -أعني أنتم-فعندما يضيق عالمكم إلى درجة أنّكم تنشرون حياتكم على وسائل التواصل. تغلّفونها بالكذب ، وتأتي التعليقات من أبو محمد وأم علي ، وأم الياس، وتنتظرون أن تملؤوا الفراغ فتجيبوا بكلمات لاتشبه إلا أكل الهواء.
عودة إلى السّؤال: هل الحياة جميلة، ولمن؟
من المؤكّد أن الحياة جميلة -ربما لراقصة بالية- تظهر ثيابها الداخلية إلى الجمهور، ويصفق لها طويلاً . هي لا تعرف لماذا لبست ذلك لأنّه لا قيمة لديها سوى نجاح العمل. الحياة جميلة لمن يملك السّلطة والمال لأنّه يعيش كما يشاء، الحياة جميلة لمن يبكي وهو يعطي لمشرّد بدون مأوى لآنّ هناك سعادة أسمها سعادة العطاء، وجميلة أيضاً لمن فهم اللعبة فمشى فيها بصمت، وكأنّه ملاك.
لو كانت الحياة جميلة لنا لما تعلّمنا العواء بالمقلوب. مع احترامي للكلاب ، فعواؤنا هو نوع من تمجيد الذات، وأحياناً نوع من الاستجداء.
سوف تبقين يا أنا غريبة ما دمت على قيد الحياة
غربتك الأولى تشبه الاختفاء بين الأحبّة
الموت ضمن مجتمّع لايقبل بك إلا ميتاً
سوف تشكين، تعاندين، وتبتسمين
سوف ترحلين، وترحلين
أنت متطّلبة يا أنا. كفاك أنيناً!
من أنا؟ أنا هو أنتم ، وجع السنين
نرجسي أنا أخفي ذلك عنكم
أريد مكاناً ، ولا مكان بينكم
سوف أبحث عنّي، وأبحث
حتى تتآكل السنين
أختفي قرب سور مدينة ما
أراقبكم، وأبحث عن عالمي مجنون



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات أفكار مقلقة
- حول التّعصب-مقال مترجم-
- مقارنة بين فرويد وماركس-ترجمة-
- قبل الرّحيل ببرهة
- مارح إنحني
- ابنة الأيّام
- أزرعني بين أشجار الورد
- فلتقرع أجراس الميلاد إذن
- صدى حديث النّساء
- الجهاديّة الإسلاميّة في السّويد
- زنا
- البحث عن الخلود
- السياسة الخارجية السويدية ومحمد بن سلمان
- حكايات
- ترنيمة للصباح
- إنسايت على سطح المرّيخ
- لا للتّشدّق
- عندما تخسر موقفاً تظهر سلبياتك
- ولدنا كي نعيش
- لاشيء غير السّياسة


المزيد.....




- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - اعترافات