أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد شبل - حسن الترابي.. كلعنة أصابت السودان














المزيد.....

حسن الترابي.. كلعنة أصابت السودان


السيد شبل

الحوار المتمدن-العدد: 6093 - 2018 / 12 / 24 - 22:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلال الحرب الباردة تمتع حسن الترابي باعتباره زعيم إسلاموي إخونجي بدعم وتمويل سعودي، وجاء ذلك ضمن النهج السعويوأمريكي لتوظيف الحركات الدينية ضد أي مد اشتراكي أو مؤيّد للسوفييت، وعندما تأسس بنك فيصل في خريف 1977 ثم بنك البركة بالسودان، فإن البنكين قاما بتقديم مكافآت وتسهيلات للمنتمين للجبهة الإسلامية القومية التي أسسها الترابي في عام 1976، مما أكسب هذا التنظيم قوة.

في نهاية السبعينيات صار الترابي حليفًا لجعفر النميري رئيس البلاد، ووصل لمنصب مدعي عام ووزير العدل. والنميري كان قد وصل للحكم عام 1969، فبدأ بشعارات أقرب للقومية والاشتراكية، ثم نفّذ استدارة 180 درجة، فأيّد صلح السادات مع الكيان الصهيوني، وصار مقرّبًا من واشنطن، وتحالف مع الإخونج والإسلامويين بزعامة الترابي، وبدأ في رفع شعارات ل"تطبيق الشريعة"، بحسب تفسيره ومعه الترابي، فأصدر قوانين سبتمبر 1983، التي أساءت للموروث الديني ذاته، كما دمرت حياة المواطنين، وكانت فاتحة مآسي وعنف وقطع وجلد وإعدامات، وتم شنق المفكر "محمود محمد طه"، وأدّت هذه التصرفات إلى صب مزيد من الزيت على النار، فاندلعت الحرب الأهلية الثانية بين الجنوب والشمال، وأنهت اتفاق أديس أبابا المُوَقع في 1972.

انتهى حكم النميري ومعه الترابي في 1985، تحت تأثير غضب شعبي في انتفاضة إبريل، واستلم الحكم قائد الجيش محبوب الإخوان والرجل الذي عاش بأحضان قطر لاحقًا: "عبد الرحمن سوار الذهب"، فسلم السلطة على عجل، وما كان من مستلمي السلطة إلا أن خسروها في 1989 عبر انقلاب حمل اسم "ثورة الإنقاذ"، كان خلفه حسن الترابي ومعه حليفه الجديد العقيد: "عمر البشير"، والذي أصاح بنظام الحكم المنتخب (الصادق المهدي - أحمد الميرغني)، متهمين إياه بالنكوص عن تطبيق الشريعة، ومخربين الاتفاق الذي كان قد تم مع الجنوبيين!، ومن ثمّ لعب الترابي دور المهندس الفكري للنظام الجديد، وتولى وزارة الخارجية كأول مناصبه لمدة محدودة، ثم تولّى بأوقات لاحقة رئاسة البرلمان بين عامي 96 و98، وتولى أيضًا منصب الأمين العام ل"المؤتمر الوطني" الحاكم.

في التسعينيات تم فتح السودان أمام أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وسيد إمام..، بعد أن كانوا قد أدّوا مهمتهم التخريبية لصالح "السي آي إيه" في أفغانستان بالثمانينيات، وصار السودان العزيز، ومع الأسف، راعي لكل الحركات السلفية الجهادية، ومنها تنظيم الجهاد الإسلامي المصري وكذلك الجماعة الإسلامية، ودعمت الخرطوم كل عمليات التخريب والإرهاب والاغتيالات في مصر والجزائر.. التي حصلت في عقد التسعينيات، كان حينها الترابي يُبدي -زورًا- رفضًا للتدخل الأمريكي بذريعة تحرير الكويت، كما رفع شعارات التقريب بين السنة والشيعة وتوحيد "العمل الجهادي" (وهذه قصة طويلة).. وكل ما سبق لم يكن سوى فقاعات صابون تستر هوسًا وأطماعًا في السلطة، ولم تخدم سوى واشنطن ومخططاتها بالحقيقة، ولم يكن شيئا منها جادًا، بل محض تجارة ورقص على الحبال لحصد المكاسب.

بقي الترابي جزءًا من النظام حتى نهاية التسعينيات ومطلع الألفينات.. ثم وقع خلاف وصراع على السلطة متساوق مع العقوبات الدولية المتعلقة بـ"النشاط الإرهابي".

قام الترابي بتأسيس ما سمي ب"المؤتمر الشعبي" باعتباره تنظيم معارض في 1999، ونشط ضد النظام، لدرجة أنه اتصل بالعقيد "جون قرنق" زعيم الانفصاليين في الجنوب، ورئيس "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، وعقد حزبه معه مذكرة تفاهم في سويسرا بعام 2001، تنص على تقاسم الثروة والسلطة وحق تقرير المصير وتوحيد الجهد لمقاومة النظام، مما فهم منه دمج العمل العسكري!، ثم تطورت المذكرة لاتفاق في فبراير 2002، فتعرض الترابي خلال ذلك وعلى أثره للسجن لفترات.. في هذا السياق أيضًا، جمعت الترابي علاقات بقادة تمرد دارفور، الذي انفجر بتلك المرحلة من أوائل الألفينات، أي بالتزامن مع خلاف الترابي مع النظام، وكان أحد رؤوس التمرد، هو تلميذ الترابي والسياسي الإسلاموي والوزير السابق بنظام البشير/ خليل إبراهيم، الذي أسس حركة العدل والمساواة عام 2000، وبدأ التمرد عبر إصدار ما سمي بالكتاب الأسود الذي يدين نظام الخرطوم منذ 89 -والذي يفترض أن الترابي كان مهندسه- بممارسة سياسات عنصرية ضد "القبائل غير العربية" في دارفور، مما يبرر التمرد.. وأثمرت الحرب عن مئات الألوف من القتلى والمشردين. ومن بين الحركات المشاركة في التمرد "حركة تحرير السودان"، والتي نشطت أيضًا من عام 2001، قبل أن تشهد انقسامات لاحقة.

قبل أن يموت الترابي في 2016، كان قد ارتدى ثوب "الفقيه التنويري" لمدة عقد تقريبا، فأصدر فتاوى بجواز زواج المسلمة من غير المسلم وأحقية المرأة في إمامة المصلين ذكور وإناث، وأعلن عدم ممانعته وصول مسيحي أو سيدة لرئاسة البلد، كما أنكر عذاب القبر وعلامات الساعة، وعارض قتل المرتد المسالم، ودعا إلى وحدة الأديان..، فتم تكفيره !. لكن لم تنتشر حملات الهجوم على الترابي عربيًا، كما يحدث مع غيره، لأنه إخواني بالنهاية !، بل أحيانًا جرت محاولات للدفاع عنه، أو تأويل كلامه. ولا شك أن فتاوى الترابي لم تكن أكثر من مغازلة ما لجهات غربية، فهو لم يكن صادقًا فيها، ولا متحمسًا للدفاع عنها، ولا ورثها تلاميذه.. وكثيرًا ما زاغ وناور.

في فترة قيادة الترابي، يُتهم بالتورط في انتهاكات حقوقية عديدة، وجرائم حرب، وعمليات تطهير عرقي، وإحياء العبودية، وتعذيب وقتل للمعارضين، والتسبب في فرار أعداد غير مسبوقة من المواطنين للدول المجاورة، بالإضافة إلى كبح تيارات مثل الصوفية، وتأسيس ميلشيات وجمعيات دينية لفرض تفسير متعصب للدين، ومطاردة النساء وحصار الأفكار.. هذا إلى جانب إعطاء الحرب مع الانفصاليين الجنوبيين طابع جهادي ديني واستخدام لغة شديدة الطائفية، مما عقّد الأزمة وسهّل مهمة الدور التآمري الخارجي، عوضًا عن أن يكون التلاحم الوطني والمصلحة الشعبية في الوحدة هي الشعارات المرفوعة.. والغريب أن الترابي بعد الخلاف مع البشير صارت له اتصالات واتفاقات مع زعماء الجنوب!.



#السيد_شبل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المودودي من المخابرات البريطانية إلى التآمر على -ذو الفقار ب ...
- السلفية كمؤامرة على التراث
- دور بريطانيا والعدو الإسرائيلي في حرب اليمن ضد جمال عبد النا ...
- في رثاء ألمانيا الشرقية / الديمقراطية: لم تجمعها علاقات دبلو ...
- معركة جاليبولي .. والدجل الإخونجي
- آل سعود وبريطانيا والإخوان: مراحل التأسيس
- الإعلام القطري.. والترويج للاستعمار
- عملية باب العزيزية 1984.. تآمر وخيانة ورجعيّة -الجبهة الوطني ...
- من هو جمال خاشقجي؟
- وكالة ناسا الأمريكية: خلفيتها، وجرائم (دوايت آيزنهاور) الرئي ...
- محاولة اغتيال مادورو: الإمبريالية الأمريكية مستمرة في عدوانه ...
- منتدى أمريكا والعالم الإسلامي: بوابة للاختراق، وحلقة وصل لتع ...
- -السلفية الجهادية- بليبيا.. والدعم البريطاني
- المصالح السياسية خلف حملات تلميع الرئيسة الكرواتية
- المصالح السياسية خلف حملات تلميع كرواتيا ورئيستها
- من شينجيانغ إلى إدلب.. كيف اجتمع العرب والصينيون بمعركة واحد ...
- جيش تحرير كوسوفو، ما هو ؟
- جون فوستر دالاس.. وتوظيف -الدين- لخدمة مصالح واشنطن
- تفكيك الدولة المصرية.. بيد النظام ؟
- عن اقتصاد القوات المسلحة: عارضوا النظام حتى لا يبيع ما تبقى. ...


المزيد.....




- شاهد كيف فصلت الشرطة الأمريكية بين محتجين مؤيدين للفلسطينيين ...
- -أطفالي خائفون، بينما تفتش الكلاب عن طعامها في المقابر القري ...
- قناة محلية: فضيحة ترافق ظهور -المستشارة الرقمية- لخارجية أوك ...
- الجيش الروسي يتسلم دفعة جديدة من مدافع الهاون -2 بي 11- عيار ...
- معزيا بمقتل 3 جنود بكرم أبو سالم.. أوستن يبحث مع غالانت المف ...
- الخبير الهولندي يحذر من زلازل قوية وشيكة ويحدد موعدها
- لبنان.. 3 إصابات بغارة إسرائيلية على بعلبك
- كونوا -شفرات حادة تجتث بحزم-!.. زعيم كوريا الشمالية يخاطب مس ...
- مسؤول في الخارجية الروسية: علينا تعزيز ترسانة البلاد الصاروخ ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /06.05.2024/ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد شبل - حسن الترابي.. كلعنة أصابت السودان