أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم منصوري - مقابلة ما بعد الوفاة مع سمير أمين Posthumous Interview with Samir Amin الحلقة الثانية















المزيد.....

مقابلة ما بعد الوفاة مع سمير أمين Posthumous Interview with Samir Amin الحلقة الثانية


ابراهيم منصوري

الحوار المتمدن-العدد: 6080 - 2018 / 12 / 11 - 20:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُسْعِدُ مجلة "فك الارتباط" (Deconnection Journal) أن تستأنف حوارها بعد الوفاة مع المفكر اللامع سمير أمين. إليكم في ما يلي الحلقة الثانية من هذا الحوار. أجرى الحوار رئيس المجلس العلمي للمجلة.

• رئيس المجلس العلمي: مرحبا بك دكتور سمير من جديد في إطار هذه الحوارات التي يسعدنا إجراءها معك. قلت في الحلقة السابقة إن النظام الرأسمالي ما هو إلا قوس عابر في التاريخ نظرا للنمو الأسي (Croissance expoenentielle Exponential Growth) الذي يتميز به. هلا شرحت أكثر للقارئ الكريم كيف تحوي الرأسمالية الشروط الذاتية لتجاوزها كنمط للإنتاج (Mode de production) أو كتشكيلة اقتصادية واجتماعية (Formation économique et sociale) ؟

• سمير أمين: يذهب كارل ماركس إلى أن النظام الرأسمالي كنمط إنتاج لا يمكن فهم تطوره التاريخي إلا بالاعتماد على الأدوات التحليلية للمادية التاريخية (Matérialisme historique) التي تستمد جذورها من المادية الجدلية (Matérialisme dialectique). وكأية تشكيلة اقتصادية واجتماعية، فإن الرأسمالية تحوي الشروط الموضوعية اللازمة لتجاوزها. يقول ماركس في هذا الصدد إن الشيوعية كطور أرقى في الحضارة البشرية هي المرحلة الموالية لنمط الإنتاج الرأسمالي. أما الشروط اللازمة لهذا التجاوز فيجب فهمها انطلاقاً من تناقضات الرأسمالية نفسها. فكي أي نظام اقتصادي واجتماعي، تشمل الرأسمالية بنية تحتية (Infrastructure) وأُخرى فوقية (Superstructure)، أي الواقع والفكر في لُغة المادية الجدلية. ورغم أن ماركس لا ينفي أهمية البنية الفوقية فإنه يعتبر البنية التحتية بمثابة المحدد الرئيسي لتطور أنماط الإنتاج في إطار صراع طبقي طويل ومرير يُفضي تاريخياً إلى الانتقال إلى نمط إنتاج مُغاير؛ وهذا ما حدث فعلاً إذ تطورت أنماط الإنتاج تاريخيا من النمط الآسيوي (Mode de production asiatique) إلى الرأسمالية (Capitalisme) مُرُوراً بنمطي الإنتاج العُبودي (Mode de production esclavagiste) والإقطاعي (Mode de production féodale).

• رئيس المجلس العلمي: ولكن، هل يمكن إصلاح النظام الرأسمالي دون الحاجة إلى تخريبه واستبداله بنمط إنتاج أرقى؟

• سمير أمين: إن أية محاولة لإصلاح النظام الرأسمالي تشبه إلى حد ما العلاج الكيميائي (Chimiothérapie) للسرطان كما كان يُفْعَلُ بي قبل أن ألقى حتفي في 1لك اليوم المُشْرِق. وقد بين التاريخ فعلاً أن المحاولات التجميلية التي قام بها بنو الإنسان من أجل بناء نظام رأسمالي ذي وجه إنساني (Capitalisme à visage humain) لم تُفْلِح البتة في محو الصراع الطبقي داخل هذه التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية. الرأسمالية هي الرأسمالية ولا وجود لرأسمالية دون رأسمالية (Capitalisme sans capitalisme): ليس في القنافذ أملس (Nul hérisson n’est lisse No hedgehog is smooth)، أو كما يقول إخواننا الأتراك: " Şık kirpi değil". وطبقاً لتنبؤات كارل ماركس، فلا محالة للنظام الرأسمالي من الاندثارالكلي؛ وها نحن فعلاً نلاحظ منذ الآن أن الرأسمالية تقترب أكثر فأكثر من السقوط في أزمات من نوع "L" عوض أزمات من نمط "U" مع العلم أن النوع الأول يعني أن الحالة الاقتصادية والاجتماعية داخل النظام الرأسمالي تنهار ثم تقعُ في وضع سُكوني (état stationnaire) بينما يشير النوع الثاني من الأزمة إلى تدهور ثم سكون فتَحَسن.

• رئيس المجلس العلمي: ولكن، لماذا انهار النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي القديم كما في بلدان أوروبا الشرقية التي كانت تدور في فلكه؟ أليس هذا دليلاً على أخطاء كارل ماركس وعلى أنه لن يكون إلا كائناً طوباوياً؟

• سمير أمين: ماذا عساني أقول يا سيدي؟ دعني أن أعبر بسخرية: لو استفاق كارل ماركس من قبره وشاهد بأم عينيه ما كان يحدث في تلك البلدان لقال بأعلى صوته: "أنا لست ماركسيا ولا يشرفني أن أكون كذلك!". لا يجب أن ننسى بأن ماركس عندما تنبأ بانتقال الرأسمالية إلى الاشتراكية ثم إلى الشيوعية قد حلل تحليلاً شاملاً الشروط الموضوعية الضرورية لذلك، ومن بينها بالطبع نظام رأسمالي بلغ من النضج أَوْجَهُ. إلا أن الجمهوريات التي كانت تُكَونُ الاتحاد السوفياتي القديم كما الجمهوريات الأُخْرى المنتمية لحلف وارسو المُنْهار لم تكن في الحقيقة إلا كائنات جغرافية وبشرية أقرب للنظام الإقطاعي منه إلى النمط الرأسمالي. تجدر الإشارة أيضاً إلى أن ماركس كان يعتبر الشيوعية كنظام فاضل قابل للتحقيق (Utopie réalisable) وفق شروط معينة. إلا أنه تعمد ألا يخوض في أنماط تشكل هذا النظام الأرقى والذي لخصه في عبارته المشهورة "دكتاتورية البروليتاريا". لقد تعمد ذلك فعلاً حتى لا يُفهمَ فكره خطأ ويأتي من هب ودب فيدعي أنه نجح في إقامة نظام شيوعي وليس فيه من الشيوعية شيء ولا هم يحزنون. لقد كان ماركس واضحاً عندما قال إن تناقضات النظام الرأسمالي ستؤدي به إما إلى الانهيار التام أو مرحلياً إلى هلاك كل الفاعلين فيه. ولأقولها بتعبيري الخاص، إما الثورة أو التقهقر (Révolution ou décadence).

• رئيس المجلس العلمي: لنمر الآن إلى ما يسميه قراؤك بالماركسية الجديدة (Néomarxisme). هل ترى نفسك ماركسياً جديداً كما يلقبك أغلب الناس؟

• سمير أمين: دعني أقولها جِهَاراً: التنابز بالألقاب حرام! أنا لست لا ماركسا جديدا ولا قديماً. أنا ماركسي وكفى! أنت تعرف أن نيُولُوجِزْم (Néologisme) الماركسية الجديدة اخترعه منظرو الاقتصاد الأرتودوكس (Théoriciens orthodoxes de l’économie) لغرض في نفس يعقوب! إنهم بكل بساطة يريدون أن يسخرواْ من ماركس كما ممن يحاول توسيع التحليل الماركسي ليشمل بلدان المُحيط (Pays de la périphérie) عوض أن يبقى مقتصراً على أقطار المركز (Pays du centre). إنهم يريدون أن يقولواْ: "دُفِن ماركس ودُفِن معه فكره، فجاء رهط من الناس يودون بعث الرجل من قبره وتغريب فكره إلى العالم الثالث!". أقول لهؤلاء وبصراحتي المعهودة: "اقرؤواْ ماركس بين السطور وستفهمون أن الماركسية نظام فكري متكامل وحي يُرْزق ويسري حتى على بلدان المحيط". إلا أنهم غالباً ما يحبون تغطية الشمس بالغربال أو يحاولون مسك الماء بالغرابيل كما قال كعب ابن زهير في قصيدته الشهيرة:

 فَمَا تَدُومُ عَلَى حَالٍ تَكُونُ بِهَا
 كَمَا تَلَوَّنُ في أَثْوَابِهَا الْغُولُ
 وَمَا تَمَسَّكُ بِالْوَصْلِ الَّذي زَعَمَتْ
 إِلَّا كَمَا تُمْسِكُ الْمَاءَ الْغَرَاَبِيلُ.

• رئيس المجلس العلمي: يا سلام! ألم أقل لك منذ الحلقة الأولى من هذا الحوار أنك تستحق فعلاً لقب طفل النيل الرهيب؟ أنت بارع حتى في الشعر يا أستاذ سمير! إن خِتَامه لَمِسْكٌ! إلى هنا تنتهي الحلقة الثانية من هذا الحوار الشيق مع ضيفنا اللامع الأستاذ الدكتور سمير أمين مع أمل اللقاء به مجدداً في الحلقة القادمة.

• سمير أمين: أشكرك جزيل الشكر على هذه الاستضافة كما أشكر جميع العاملات والعاملين على إنجاح مجلتكم العلميه المُحْكَمة "مجلة فك الارتباط" (Deconnection Journal). بقي أن أشير إلى أن دراسة الشعر مهمةٌ جداً حتى بالنسبة للاقتصاديين؛ فكم تشكيلة اقتصادية واجتماعية فهمناها أحسن بدراستها تاريخياً من خلال الدواوين الشعرية!

• رئيس المجلس العلمي: جميل جدا! أشكرك جزيل الشكر مرة أُخرى وإلى اللقاء في الحلقة القادمة.



#ابراهيم_منصوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقابلة ما بعد الوفاة مع سمير أمين Posthumous Interview with ...
- الاقتصادي الأمريكي إرفينغ فيشر يتحدى زوجته السكيرة
- الانزلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للرئيس التركي را ...
- مُدَكْتَرُ سيَاحَة وَمَاءُ حَنَفيَة: قصة واقعية
- مقاطعة السلع والجهل الاقتصادي في المغرب
- رابط السروال الأحمر ولويس الرابع عشر
- ربما سيحدث: فوز المغرب بكأس العالم 2018 ونيل شرف تنظيم كأس ا ...
- لاَ تَذْكُرُواْ أَمْوَاتَكُمْ بِالْكُمَيْتِ: قِصةٌ وَاقِعِية ...
- من وحي عبد الواحد حبابو: الإدارة تأكل أبناءها
- أُس صِفْر
- شِعْرٌ فِي اللحميةِ والنبَاتِي
- شعر في النباتي
- النباتي والكهرباء والماء وأنا
- في رثاء الفنان موحى اٌلحُسيْن أَشِيبَان
- الرافعة الواقعة: حِوار بين شَيْخ ومُرِيد
- هيثم يبكي
- الزايدي وباها بين اللجة والسكة
- عن فاجعتي أحمد الزايدي وعبد الله باها


المزيد.....




- -لكلماته علاقة بأيام الأسبوع-.. زاخاروفا تعلق على تصريحات ما ...
- سيارة وجمال.. هدايا مقدمة لسعودي أنقذ مواطنيه من سيل جارف (ف ...
- -المسيرة-: 5 غارات تستهدف مطار الحديدة الدولي غرب اليمن
- وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية
- وثيقة سرية تكشف عن أن قوات الأمن الإيرانية تحرشت جنسيا بفتاة ...
- تقارير مصرية تتحدث عن تقدم بمفاوضات الهدنة في غزة و-صفقة وشي ...
- الكرملين يعلق على الضربة المحتملة ضد جسر القرم
- مشاهد جديدة من موقع انهيار طريق سريع في الصين أدى إلى مقتل ا ...
- سموتريتش يشيد بترامب في رفض حل الدولتين
- -وفا-: إسرائيل تحتجز 500 جثمان فلسطيني بينهم 58 منذ مطلع الع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم منصوري - مقابلة ما بعد الوفاة مع سمير أمين Posthumous Interview with Samir Amin الحلقة الثانية