عايد سعيد السراج
الحوار المتمدن-العدد: 1519 - 2006 / 4 / 13 - 11:50
المحور:
الملف التقييمي - بمناسبة الذكرى الرابعة لانطلاق موقع الحوار المتمدن
لماذا يحقدون على موقع الحوار المتمدن
عندما كتبت لأول مرة لموقع الحوار المتمدن , وشاهدة مقالتي تنشر انتابني فرح كبير , فقط لأنني لأول مرة في حياتي , شعرت أن هذا هو المكان الذي يقدر إنسانيتي , وأستطيع أن أكتب به بحرية كبيرة , دون اللجوء إلى حذف هذه الكلمة أو تلك العبارة , لأن بلدنا التي طرحت لا رقابة على الفكر سوى رقابة الضمير , استطاعت أن تشتري كل الضمائر ( أقصد بذلك ضمائر الكتاب والصحفيين والأدباء اللذين كانوا على استعداد لذلك , تحت وطأة الفقر أو القهر أو النزول رغما في القبر ) وبما أنني من أصحاب الرأس اليابس كما يصفني الانتهازيون , ابتعدت عنهم كثيراً , لدرجة أنني لم أعد أنشر في الدوريات السورية , التي يرأس تحريرها فاسد أو مفسد , وبذلك وضعت نفسي في عزلة مميتة , لدرجة أنني لم أنقح كتاباتي منذ عشرات السنين , لأني لا أفكر بالنشر أصلاً وحيث هم لا يوجهون لك الدعوات إلا في المناسبات التي يريدونك بها أن تكون قرداً أو مهرجاً – أو دجالاً – تغطي عوراتهم , وبالتالي يستمرون باحتقارك وإذلالك أكثر فأكثر , كيف لا وأنت مهرج المخبر , أو الجاهل , أو المتعالي على قيم الخلق , والمُسَفــِّه لمفاهيمك وقيمك التي دفعت ثمناً باهظاً في سبيل الحفاظ عليها , وأنت ترى سفهاء الناس يتما هون في إهانتك لأنك الضمير الحي الباقي , وأصدقاءك الشرفاء الذين تعرفهم والذين لا تعرفهم المتناثرين نجوماً على مدى الوطن ,وطنك , والأوطان الأخرى التي بــُليت بالبلاء ذاته الذي بُليتَ به , إذ لماذا يحاربون الحوار المتمدن ؟ ولأية غاية ؟ ومن هم هؤلاء ؟ ثم ماذا يملك الحوار المتمدن أكثر من , مدينيته , ثم هل في هذا الزمن الأسود الذي عبأته الأنظمة العربية الجاهلة والحاقدة على الآخر , الذي لا يشبهها والذي يعري عوارتها المستورة , بالحقد والكراهية , ودماء الأبرياء , والمستضعفين في الأرض , ولماذا هم يكرهون الحوار, إلا إذا كان مسموماً على شاكلتهم , من أين يأ تون بكل هذا الحقد الأعمى , هل الشرق المستبد لا يخلق إلا أنظمة استبدادية ؟ وهل الاستبداد و الطاغوت هو احد سماته , ا لطاغية الملهم, العظيم القادر, المتجبر الذي يأخذ دور الله في الأرض ألم يؤسسوا أحزاباً طائفية, ادعوا أنهم استمدوا سلطتها من الله سبحانه وتعالى , كيف تتحاور مع من يقول لك أنا آية الله في الأرض , وإنَّ قتل كل من يعصي أوامرهم حلال , ألا يفجر أحدهم نفسه في حشد من المصلين , أو العمال المتجمهرين , أو الطلاب المتواجدين في حرم الجامعة , أو المدرسة الابتدائية أو المشفى الذي يضم الأطفال والنساء والشيوخ , إذا كانوا يحقدون على الآخر المختلف , في العِرْق أو الدين أو الطائفة , إذاً هم حتماً يحقدون على الآخر المختلف في الرأي , على الرغم من أن موقع الحوار المتمدن , الآراء فيه ليست متماثلة , وهي حرة وحقيقية , هل يوجد شيء في الحياة أجمل من أنك لا تلغي الآخر المختلف , لايمكن أن يتعايش البشر بالصراع وحده , لأن الصراع فناء , والحوار بقاء , الحوار منطق واحترام وحرية , لا يستطيع أي شعب في العالم أن يحقق إنسانيته إلا من خلال الحوار , وتقبل الآخر المختلف , ونحن شعوب الشرق , لا نستطيع أن نحقق إنسانيتنا ونحافظ على كرامتنا كبشر حقيقيين يعيشون في هذا الزمن , إلا من خلال الاعتراف بالآخر المختلف , فما بالك إذا كان هذا الآخر حضاري ومتمدن , ويملك كل أسباب البقاء والتطور أكثر فأكثر باتجاه أرقى العلوم التي تخدم الإنسانية , بل العلوم والمخترعات التي لا نستطيع أن نستمر كشعوب نحترم أنفسنا إلا من خلالها , أو نصبح معزولين , ديدننا العداء ثم العداء , لكل من يختلف معنا , آن الأوان لننظر إلى أنفسنا في المرآة , ولكن هذه المرة من وجوهها المختلفة و لكي نرى ونسمع ونعرف بل ونعترف 0 كم أشعر بالسعادة عندما أرى موقعاً يتحدث بأخلاق عالية , وبإنسانية كبيرة عن حقوق المرأة , هذه التي لا زالت بعض شعوب الشرق تعتبرها عاراً , ولا ينظرون لها إلا من خلال غرائزهم , يكفي الحوار المتمدن فخراً , انه سباقاً في نشر الاضطهاد الذي يعاني منه الكتاب والأدباء والمفكرون وأيضاً بعض الأقليات , إذ الذي يدافع عن حقوق الإنسان , وحقوق المرأة والديمقراطية لجدير بأن يكرم ويحترم , وكأن هؤلاء الظلاميون , من أنظمة قهر , لا تريدنا إلا عبيداً نُباع في أسواق كراهيتهم وجهلهم , وكأنهم يريدون أن يوقفوا حركة التاريخ , ويعودوا بالزمن إلى الوراء السحيق , حيث عصر الظلمات , عصر الجواري والغلمان والحضارة الكاذبة التي تعني , حضارة السيد المطلقة , والسلطان الغبي , أنهم يكرهون الديمقراطية , لأنهم يكرهون البشر , هؤلاء الناس , لم يتعلموا إلا كيف يحبون أنفسهم وأموالهم وحريمهم , ومن هنا يكرهون الحضارة , لأنهم لا يستطيعون العيش إلا في المغارة , التي تأخذهم بعيداً إلى أسلافهم القدماء من القرود , وإنني إذ أتضامن مع أسرة الحوار المتمدن , ضد الهجمة الرجعية الظلامية التي يتعرض لها هذا الموقع الأخلاقي , وإذ, أتمنى من كل الشرفاء أينما كانوا ومهما كانوا أن يتضامنوا مع الحرية والديمقراطية , لأنهم سيكونون مع الحوار المتمدن , الذي لاغنى للبشرية عنه , أضيئوا الشموع , ولا تلعنوا الظلام , فموقع الحوار المتمدن منارة حقيقية للحرية والديمقراطية واحترام الآخر , تعالوا جميعاً نتعلم الحوار المتمدن 0
#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟