أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - الاقتصاد في الميزان














المزيد.....

الاقتصاد في الميزان


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6063 - 2018 / 11 / 24 - 01:59
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الاقتصاد في الميزان
مظهر محمد صالح
كم هو ثقل الكيلوغرام الواحد؟ بهذه العبارة كان جاري العم أمين يمازح بقال محلتنا، وهو رجل كبير السن ويميل في الاصل نحو الحرص ويحتفظ بالفئات النقدية الصغيرة التي يجمعها من كسور معاملاته اليومية ويضعها في خزانة ملابسه، ويتسلى بٍعدها وفرزها وترتيب فئاتها يومياً..وربما كان هذا الميل هو الشغل الشاغل في قضاء أجمل امسياته، وهو الامر الذي ربما استولى على إرادته دون ان يرميه أحد بتهمة جنون المال!.
ولكن اغلبنا يعرف ماهية الشعور الذي ينتابنا عندما نرفع بأنفسنا شيئا وزنه كيلوغرام واحد او اقل او أكثر.. وربما لا يعلم الكثير منا ان هنالك شيئا ماديا في هذا العالم وهو يزن كيلوغراماً واحداً دون زيادة او نقصان قد جرى وضعه في خزانة حديدية مُحكمة تماماً في مكان ما خارج العاصمة الفرنسية باريس، فالكيلوغرام الاصلي الدولي اليوم، هو عبارة عن اسطوانة معدنية صغيرة صنعت في فرنسا في العام 1889 من مادة البلاتينيوم المخلوط بعنصر فلزي آخر شبيه بالبلاتين يسمى (الأيريديوم) وذلك للحصول على شيء يعادل المقاييس العالمية الاخرى المستعملة في العالم عند اجراء المعايرة. كما تُحفظ تلك الكتلة المعدنية في مكان آمن في الاراضي الفرنسية بشكل دقيق ومُحكم، خشية فقدانها او الخوف من تلفها او التلاعب بمحتواها المعدني، وهو الامر الذي اذا ما حصل فانه سيُعرّض قطاع الاعمال في العالم الى اضطراب في تعاملاته، فالشركة التي تبتاع طنا من الفولاذ من احد معامل الحديد العالمية التي تقع في الجانب الآخر من الارض على سبيل المثال، عليها ان تثق بأنها تسلمت حقاً المقادير الصحيحة وليس بإمكانها اللجوء الى معايير قياس مخالفة او بديلة تنقصها الدقة، وذلك لتوافر عامل الثقة في اساسيات المعاملة واصول البيوع الدولية. لذا لايمكن لأي اقتصاد أن يعمل بأسس مثلى من دون توافر معايير وزن وقياس رسمية يعتمدها القانون على المستوى الوطني والعالمي.
ويلحظ أن من أشد المتحمسين لفكرة السوق الحر (أي ممن يؤمنون بضرورة خصخصة قطاع الكهرباء وتخطيط الطرق العامة وحتى خصخصة البنك المركزي نفسه) هم لا يزالون يؤكدون على أهمية الحاجة الى دور الحكومة بغية إنفاد القانون وضمان حقوق الملكية، إذ لايمكن للسوق الحر ان يعمل بصورة متسقة ونمو مطرد من دون توافر السلطة القضائية، وبخلافه يتحول نظام السوق الى قوة فوضوية، وهو الخطر الذي أشار اليه مؤسس علم الاقتصاد والاب الروحي له منذ القرن الثامن عشر آدم سمث، مؤكداً على دور الدولة واهميتها في هذا المضمار. لذا فإن المجتمعات هي بأمس الحاجة الى الحكومة لتنفيذ التعاقدات وضمانها بين الاشخاص وتوفير المعاييرالقياسية والاوزان التي يعتمدها المجتمع في تعاملاته، فالافراد هم بأمس الحاجة لكي يكونوا مطمئنين وهم في مستوى من الدراية والمعرفة بأنهم يمتلكون شيئا لايمكن الاستيلاء عليه، فلا تزال الرأسمالية تعمل بالثقة في تسيير نظامها، ولاتحتاج اطراف المعاملة التجارية ثقة الطرف الآخر فحسب، وإنما تحتاج الى الثقة بهياكل واُطر المعاملة نفسها، وهكذا امسى الدور البارز للحكومة لا يكمن في توفير الرفاهية الاجتماعية او توزيع الثروة او مكافحة معدلات الفائدة الفاحشة فحسب، وانما في الحفاظ على استقرار وعدالة نظام المُلكية والحقوق القانونية الاخرى وذلك من خلال محاسبة اولئك الذين يخترقون القانون.
إن أحد عوامل ازدهار بريطانيا خلال سنوات الثورة الصناعية، كان ناجماً عن ازدهار النظام القانوني الانكليزي الذي عُد من اكثر النظم القانونية استقلالاً في العالم، ويأتي على خلاف النظم القانونية التي كانت سائدة في اوروبا، فالحروب والخلافات الاوروبية حول حقوق الملكية كانت تتخبط عبر نظم قانونية قلقة وكانت مدعاة للنزاعات والحروب، لذا فالحكومة توفر القوانين الصحيحة التي تضمن للناس مساهمتهم المستمرة في الازدهار الاقتصادي، فضلا عن ضمانها بقاء الاوزان والاطوال ومختلف المقاييس دون تغيير والحفاظ على ديمومتها. ختاماً إن الثقة وسيادة القانون هي الاجابة على تساؤل العم امين لبقال محلتنا: كم هو ثقل الكيلوغرام الواحد!؟



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاريخ المالي للعراق :الدورة المستندية لعائدات النفط/الجزء ...
- التاريخ المالي للعراق :الدورة المستندية لعائدات النفط/الجزء ...
- صنع في العراق ..!
- العشب الاخضر
- أسرار التجارة
- الاعمار الغازية..!
- الرابحون يستحوذون على السوق كله...!
- مفارقة ليونتيف..!
- الماركنتالية المالية : إشكالية الاضداد الاقتصادية الدولية
- بين بكين وشنغهاي : قطار يتخلق ويشبه الأكتساح.
- العراق ومنظمة التجارة العالمية:تقييم الكلفة الفرصية للانضمام ...
- دراما الشرق: ​ جلال امين في التنمية والازدواجية الاجتم ...
- المعادل العام للقيم: الدولار انموذجاً
- الحرب الباردة الجديدة: حرب تنويع العملة الصينية...!
- حزام الحليب الأوروبي
- العراق ومستقبل الليبرالية الجديدة
- اليابان تتقدم نحو الساعة ٢٤
- خريف طوكيو:افطار من رز
- الراية الملكية وكؤوس الفوز المقلوبة..!
- وزارة السعادة...!


المزيد.....




- موعد مباراة السعودية وأمريكا في الكأس الذهبية 2025.. لمن ستك ...
- رئيس صندوق سيادي روسي: اعتراف ترامب بضرر العقوبات على أمريكا ...
- الصين تتوقع ظهور نظام نقدي عالمي جديد بحضور الرنمينبي
- كالكاليست: إسرائيل تتحول إلى -اقتصاد الاعتراض- لمواجهة صواري ...
- ارتفاع طفيف في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار
- عملة زيمبابوي المدعومة بالذهب تحقق استقرارا رغم التحديات
- بوتين يستهل أجندة عمله في منتدى بطرسبورغ باجتماع اقتصادي رفي ...
- عرض عملة رمزية لمجموعة -بريكس- في منتدى بطرسبورغ الاقتصادي ا ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يعلن بدء فتح تدريجي للاقتصاد
- النفط يتراجع ولحظات حاسمة تنتظر أسواق الطاقة العالمية


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - الاقتصاد في الميزان