أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظهر محمد صالح - الراية الملكية وكؤوس الفوز المقلوبة..!














المزيد.....

الراية الملكية وكؤوس الفوز المقلوبة..!


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6017 - 2018 / 10 / 8 - 01:35
المحور: الادب والفن
    


الراية الملكية وكؤوس الفوز المقلوبة..!

مظهر محمد صالح

في صباح ربيعي من العام١٩٥٣ تحركت حافلتنا الخشبية التي ازدحمت بفريق من روضة طفولتي لتشق طريقها الى المدينةً الأكبر صوب أعالي الفرات، وكان لابد لي
من ان أشارك روضتي باحتفالات اليوم الرياضي السنوي في المدينة الكبيرة وقد كُلفت حينها بمهمة حامل العلم الملكي وقيادةفريق روضة الأطفال .اكتملت سعادتي عند مطلع عبور الجسر الحديدي ذو الممر الواحد الذي شيده الملك غازي الاول في ثلاثينيات القرن الماضي على نهر الفرات،وهنا أسكرني شوق التطلع الى النهر وانا اتابع خيوط الشمس التي اخترقت النهر الكبير بطرق مجهولة. فلذتُ حقاً بالصمت وانا مستقر بنظري ثابت الجنان وكانما جبل من نور التهم مجرى الماء الأزرق لتعلن الشمس حربها الابدية ضد الحزن والوهن والضعف.ثم تناسيت نفسي لأحلق في لحظات نشوة آسرة امتدت الى الفضاء ،وهنا ترامى لي ونحن نعبر الجسر صوت تخيلته اجمل من عبير الأزهار ليختزل في نفسي التي ارتمت بالخيال والحلم كقائد لتلاميذ روضتي .
كانت رغبتي في تلك اللحظات ان اتطلع الى النهر بعد ان اخرجت راسي من شباك الحافلة .وفِي نشوة فرحتي توقفت الحافلة في منتصف الجسر وترجلت مديرة روضتنا السيدة فوزية التي كانت تجلس في المقدمة
لتفاجئني يد ناعمة امتدت الى اعلى راسي ثم لامست بهدوءخصال شعري المسترسل ،حيث وجدت تلك الخصال السائبة نفسها في نسيم الربيع الرطب ملهات لها.ثم أمسكت بشعر راسي وهي تهزه بقوة تعنيفاً وتاديباً كي لاأخرج رأسي مرة ثانية من الشباك حفاظاً على حياتي ... ولكن نشوة الفرحة بالسفرة والاشتراك بالاستعراض الرياضي قد طعنتهما
مديرة روضتي بعنف شديد قضى على سعادتي.
وهنا غنى الأطفال اناشيد روضتنا وتناسيت أحزاني ليبلغني قلبي انك لم تشترك برحلتك المدرسية لغير ما سبب.
سارت الحافلة بمحاذات الفرات ، وكانت برفقة مديرة روضتنا بنت شقيقتها وهي بمرحلةالرابع الابتدائي .ثم بلغنا المدينة الكبيرة عند الظهيرة وأخذ حينها الاستعراض الرياضي مداه الواسع الذي تخللته أنغام موسيقى القِرب الأسكتلندية القادمة من معسكر الحبانية، وانا ارفع الراية الملكية امام فريق الروضة حيث مررنا من امام المتصرف(المحافظ) . هنا خف ألمي وتناسيت جراحاتي قبيل الغروب عندما وزعت جوائز الفوز والتميز على تلاميذ روضتي وهي مجموعة من الكؤوس اللامعة ذوات الشكل الفضي والأصغر حجماً بأقرانها ،والتي أخذت حيزاً متقدماً على طاولة الكؤوس المعدة للتوزيع على الفائزين .فعند الإيعاز والبدء بتوزيع الكؤوس هجم الأطفال كلهم بما فيهم طالبة الصف الرابع الأكبر سناً (بنت شقيقة المديرة )التي لم تشارك اصلاً الا كمتفرجة متميزة!! واستحوذت بنفسها على كأسين في آن واحد. حلت خيبة املي كرةً أُخرى في ذلك الاستعراض الرياضي السنوي المدرسي. اذ عوقني عن تحصيل كاس القيادة هو تمسكي بالراية الملكية كي لا تسقط من يدي وتركت فرصة الظفر لمن لا يحمل الراية.
وفِي طريق عودتنا عند المساء بعد اختتام الاستعراض الرياضي ومغادرة مركز المدينة الكبيرة الى مدينتنا الصغيرة وبعد ان تزاحمنا جلوساً في الحافلة الخشبية نفسها ،تحسست مديرة روضتنا هدير نحيبي وانتبهت الى بكائي الصامت ونهضت بصحوة ضمير ،وقامت من فورها ،بتسوية انسانية ،بسحب الكأسين من بنت شقيقتها وهي الأكبر سناً وأهدت احدهما لي عسى ان تنتهي خيبة الأمل !
ختاماً،فبين أتربة طريق عام ١٩٥٣ التي جففت ُبأديمها دموع عيني وكحلت حاجبي طفولتي، ظلت مسالك شائكة طويلة حفت مسارات فوزها كؤوس مقلوبة.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزارة السعادة...!
- العبادي :رجل الدولة في آسيا الديمقراطية.
- العراقي الاشقر : نقمة ام نعمة
- شجرة البرتقال المغتربة
- ماسح المدخنة
- حوت في قلب السوق..!
- غلطة واقعية في هارفرد...!!
- عمتي و الملك
- الصراع السلمي لرأس المال:الفارس الأبيض
- تدخل الدولة في خلق السوق:-بوسكو - انموذجاً
- رصيف شارع المتنبي :قبضة اليد وأنامل الرحمة
- غرائب اقتصادية:الجنس الأسود والرجل الأبيض
- الصندوق السيادي الغاطس وضمانات التنمية الاقتصادية : العراق ا ...
- متلازمة الاحتياطيات الأجنبية وتمويل التجارة الخارجية في العر ...
- متلازمة الاحتياطيات الأجنبية وتمويل التجارة الخارجية في العر ...
- متلازمة الاحتياطيات الأجنبية وتمويل التجارة الخارجية في العر ...
- النار الأزلية !
- عجلة اليسار الاقتصادي ويمينه
- شجرة العسل..!
- ادارة مخاطر الموازنة العامة :تقييم المصدة المالية للعراق/الج ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مظهر محمد صالح - الراية الملكية وكؤوس الفوز المقلوبة..!