أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - الماركنتالية المالية : إشكالية الاضداد الاقتصادية الدولية















المزيد.....

الماركنتالية المالية : إشكالية الاضداد الاقتصادية الدولية


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6046 - 2018 / 11 / 6 - 15:12
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



الماركنتالية المالية : إشكالية الاضداد الاقتصادية الدولية


د. مظهر محمد صالح

جائني سؤال من برلماني عراقي معروف على النحو الاتي :
قرأت مقالتك الرائعة ( الحرب الباردة الجديدة : حرب تنويع العملة الصينية ) وكنت قبلها افكر بأشكالية تبني الصين او من يشاركها من الدول بخصوص العملة البديلة للدولار وكان يقف امامي تصور لاأفهمه وهو كيف يمكن لتلك الدول أن تعمل بالضد من الدولار وتضعفه او تسقطه كعملة صعبة وإن اغلب تلك الدول تمسك بسندات أمريكية وفائض بالدولار ( كما ذكر جنابك ) فأن للصين 3.1 تريليون احتياطيات اجنيبة رسمية ؟ هذه المسألة لم افهمها ؟ أي كيف يمكن لتلك الدول ضرب الدولار وهو يمثل ركن رئيس لاقتصادهم باعتبار مالديها من خزين دولار وسندات والى اخره من امور لااعرفها ؟ والشيء الآخر هو أنه من المعلوم ان امريكا تطبع ( تصدر) الدولار دون تغطيته بالذهب فما هو المانع من ان تصدر امريكا عملتها بأستمرار وتعالج عجزها ؟ ارجو لطفك توضيح هذين الامرين متى ما اتُيحت الفرصة .

الجواب :

هنالك نفوذ مالي امريكي موروث منذ ان انتصرت الولايات المتحدة بالحرب العالمية الثانية ودورها بتأسيس نظام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العام 1945 كمؤسسات مالية دولية متعددة الاطراف او ماسمي باتفاقية بريتون و ودز . اذ تم ربط النظام النقدي الدولي بالدولار الامريكي وجعله عملة احتياطية دولية ( معززة بالذهب ) لسد احتياجات التبادل التجاري العالمي واستقرار انظمة الصرف وثباتها جميعاً بعملة الدولار كعملة دولية قوية مستقرة مربوطة بالذهب وعلى اساس ان اونس الذهب الواحد يساوي 36 دولار أمريكي ( والاونس يقارب 6 مثاقيل من عيار 24 بالمفاهيم السائدة في سوق الذهب العراقية ) . في وقت كان الناتج المحلي الاجمالي للولايات المتحدة يفوق نصف اجمالي الناتج العالمي يوم أن إنبثق نظام صندوق النقد الدولي . وبسبب عدم كفاية الذهب في مكونات الاحتياطي الامريكي لمبادلته بالدولار عند الحاجة مع الامم ، اتخذت امريكا قراراً في منتصف آب 1971 بايقاف تحويل الدولار الى الذهب وأبدت في الوقت نفسه استعدادها بمبادلة الدولار ( الذي هو بحوزة البلدان ) بالسلع والخدمات الامريكية أو السندات الحكومية الامريكية او أية حقوق مسموح بحيازتها او يسمح بتملكها داخل الولايات المتحدة نفسها . وهكذا ظل الدولار حتى الساعة يهيمن على أكثر من 80% من عمليات التبادل التجاري العالمي والمبادلات الاقتصادية الدولية ويهيمن كذلك بنحو يزيد على 60 % من القروض المصرفية العالمية وأكثر من ثلث الإحتياطي الرسمي للدول. وعلى الرغم من إن قيمة الناتج المحلي الاجمالي للولايات المتحدة ألاجمالي لاتتعدى في الوقت الحاضر 26% من الدخل أو الناتج العالمي ، الا ان الولايات المتحدة إستمرت محافظة على مقاليد سيطرتها على نظام المدفوعات المالي الدولي وبفاعلية عالية مازال العالم يذعن اليها .

وبهذا اتاح النفوذ المالي للولايات المتحدة على العالم إمتصاص ارباح وفوائض من اقتصادات الدول الاخرى وبشكل فاعل . إذ أصبحت تدفقات العملة الامريكية وتحويلها المستمر الى استثمارات داخل امريكا يوازي نفوذها التكنولوجي والعسكري في آن واحد . وكما حل دور الطاقة والامساك بالسياسة النفطية الدولية كقوة نفوذ مضاعفة ابتدأت فاعليتها بشكل اكبر منذ تعطيل نظام صندوق النقد الدولي وإشاعة سياسات التاميم في سبعينيات القرن الماضي وتحرير أسعار النفط لتأخذ مستويات عالية تمكن من تزايد الطلب على الدولار وتغطية المدفوعات النفطية وقتها . وهنا عُد نظام المدفوعات النفطية وتحرير معاملاتها ذات العلاقة وسيلة مغرية بأستمرار في الطلب العالمي على العملة الامريكية لكون سوق النفط الدولية تتعاطى التعامل بالدولار اصلاً ذلك منذ نشأتها ( قبيل الحرب العالمية الاولى ) . في حين ولدّ النفوذ النفطي / المالي الامريكي الجديد تأثيراً مباشراً آخر على النظام المصرفي العالمي عن طريق استخدام وتدوير الفوائض من عائدات النفط لتحقيق تراكمات مالية أضافية اطلق عليها بظاهرة البترودولار ولاسيما في العقود الاربعة الماضية لتُغرق العالم بملامح أزمة سميت بازمة المديونية الدولية . حيث تم أقراض فائض البترودولار ومنحه الى مايسمى ببلدان العجز المالي وظهور أزمة الديون العالمية التي إشتعلت مُشكلاتها منذ آواخر سبعينيات القرن الماضي وحتى اليوم رافقها وقت ذاك ارتفاعات عالية في معدلات الفائدة المصرفية عبر ظاهرة الركود التضخمي الدولية Stagflation ولاسيما في العقود الثلاثة الاخيرة من القرن الماضي . في حين ساهم النظام المصرفي الامريكي في اوروبا أو مايسمى بسوق اليورودولار بتدوير فوائض النفط وأقراضها بكونها مصارف ومؤسسات مالية تتولى منح قروض مستمرة الى بلدان العالم الثالث كافة وغيرها والتي تطورت كنظام مصرفي ( دولاري أوروبي ) مع قوة تراكم فوائض البترودولار لديها . كما كبلت الولايات المتحدة شركائها التجاريين ممن يتمتعون بفائض في الحساب التجاري معها بمغريات الاستثمار بالسندات الحكومية الامريكية . وهنا تحول العجز التجاري الامريكي سواء مع اليابان أو بلدان الفائض النفطي ومن ثم الصين الى فائض في الحساب الرأسمالي لميزان مدفوعات الولايات المتحدة . وكذلك تحول الربح التجاري لبلدان الفائض التجاري في جانب كبير منه الى استثمارات مالية في سوق السندات الامريكية التي ولدت الدولار نفسه في دورة اقتصادية أمريكية تبدأ بعجز تجاري وتنتهي بفائض رأسمالي في ميزان المدفوعات والتي قد تستمر ولاتنتهي إلا بنهاية النظام النقدي الدولي القائم .
لقد أغُرق العالم حقاً بنظام نقدي أحادي تقريباً فرضته شروط المنتصر في الحرب العالمية الثانية وعززته القطبية الاحادية منذ آواخر القرن العشرين . فالولايات المتحدة تُصدر اليوم عملتها بالغالب لقاء قيام العالم باقراض الحكومة الامريكية بفوائضهم المالية المتحققة مع الولايات المتحدة عن طريق مبادلتها بسندات الخزانة الامريكية وهو اقتراض حكومي امريكي للدولار المصدر نقداً ، أي مبادلة الدولار الفائض لدى الدول الاخرى بالسندات الامريكية لسد عجز الموازنة الامريكية. وبهذا أمست الولايات المتحدة مصُدرة للعملة ومستوردة للسلع والخدمات ولاسيما السلع كثيفة رأس المال لتقوم هي بالمقابل تصدير سلع وخدمات كثيفة العمل كي تضمن مستوى عالي من التشغيل ومحاربة البطالة والتي يطلق على هذه الظاهرة الامريكية الغريبة ( بمفارقة ليونتيف Leontief Paradox ) .
( ) إذ تزيد نسبة الديون الامريكية الى الناتج المحلي الاجمالي حالياً على 105 % بعد ان ظلت نسبتها من
العام 1940 وحتى العام2017 بمتوسط مقداره 61,7 % . اذ يتولى النظام المصرفي الامريكي
والمؤسسات المالية بشكل خاص والعالم الخارجي بشكل عام شراء تلك السندات بالدولار لقاء الفائدة
المضمونة الدفع موزعة بين30% للمصارف والمؤسسات المالية الامريكية 70% لبلدان العالم المختلفة .




وأخيراُ ، لقد ولُد نظام ماركنتالي أو تجاري جديد نجم عن الرأسمالية المالية كظاهرة امبريالية مهيمنة عالمياً يطلق عليها ( بالماركنتالية المالية ) وهي عكس( الماركنتالية التجارية ) القديمة التي كانت تتطلع اليها الدول لتحقيق فائض في الميزان التجاري من جراء تفّوق صادراتها من السلع والخدمات على إستيراداتها . وتقوم الماركنتالية المالية الامريكية على تحقيق فائض في حساب راس المال في مكونات ميزان المدفوعات الامريكي يعادل او يقارب العجز في الحساب الجاري من السلع والخدمات لميزان المدفوعات الامريكي نفسه . ثم تحقق امريكا مدخراتها الفاعلة والمرغوبة لاغراض الاستثمار من تحويل فوائض العالم اليها لتستحيلها اليوم الى استثمارات محلية وبشكل لايتعارض مع أستمرار تمتع الامة الامريكية برفاهية استهلاكية عالية وضمن ظاهرة سميت ايضاً بالعجز المزدوج أي العجز في الموازنة العامة والحساب الجاري لميزان المدفوعات dual deficit وهي وظيفة اختلالية نطاقها تحقيق منافع احتكارية حقيقية من نظام مالي امبريالي شديد الهيمنة يقوم على الاصدار النقدي لعملة إحتياطية دولية .
ختاماً : انه صراع تاريخي داخل مكونات ميزان المدفوعات الامريكي يجسد دوام انتصار الماركنتالية المالية التي يمثلها الاقتصاد الرمزي لسوق راس المال الامريكي token economy على الماركنتالية التجارية للأمم الاخرى ذات الفائض التجاري والمُولد من دالة إنتاج في إقتصاد حقيقي عالمي real economy ويأتي في خدمة الاقتصاد الرمزي للولايات المتحدة الامريكية .... إنها التبعية الماركنتالية ( التجارية ) العالمية للماركنتالية (المالية) التي تجسد هيمنة القطب الواحد .



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين بكين وشنغهاي : قطار يتخلق ويشبه الأكتساح.
- العراق ومنظمة التجارة العالمية:تقييم الكلفة الفرصية للانضمام ...
- دراما الشرق: ​ جلال امين في التنمية والازدواجية الاجتم ...
- المعادل العام للقيم: الدولار انموذجاً
- الحرب الباردة الجديدة: حرب تنويع العملة الصينية...!
- حزام الحليب الأوروبي
- العراق ومستقبل الليبرالية الجديدة
- اليابان تتقدم نحو الساعة ٢٤
- خريف طوكيو:افطار من رز
- الراية الملكية وكؤوس الفوز المقلوبة..!
- وزارة السعادة...!
- العبادي :رجل الدولة في آسيا الديمقراطية.
- العراقي الاشقر : نقمة ام نعمة
- شجرة البرتقال المغتربة
- ماسح المدخنة
- حوت في قلب السوق..!
- غلطة واقعية في هارفرد...!!
- عمتي و الملك
- الصراع السلمي لرأس المال:الفارس الأبيض
- تدخل الدولة في خلق السوق:-بوسكو - انموذجاً


المزيد.....




- روسيا تبدأ في إنتاج بطاريات الليثيوم الأيونية للقاطرات الكهر ...
- ايران تؤكد استعدادها لاستضافة المؤتمر الاقتصادي لدول بحر قزو ...
- -أباريق الشاي- و-أسطول الظل-.. كيف تهرب الصين النفط الروسي و ...
- الحذاء الذهبي.. ترتيب هدافي الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى ...
- واتساب عمر الذهبي “تحديث جديد + نسخة مجانية ” .. مميزات مذهل ...
- روسيا تستثمر 1.8 تريليون روبل في مشروع -البحار الخمسة- الاق ...
- يوتيوب الذهبي تنزيل اخر اصدار بميزة جديدة احصل عليها انت فقط ...
- مقطع فيديو يظهر لحظة وقوع انفجار بمسجد في إيران (فيديو)
- السجن 25 عاما لمؤسس بورصة FTX للعملات المشفرة في الولايات ال ...
- يباع بنحو ألف دولار.. باحثون: أوزمبيك يمكن إنتاجه بكلفة 5 دو ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - الماركنتالية المالية : إشكالية الاضداد الاقتصادية الدولية