أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - قطاع الطرق هم من قتلوا جدي














المزيد.....

قطاع الطرق هم من قتلوا جدي


جوزفين كوركيس البوتاني

الحوار المتمدن-العدد: 6060 - 2018 / 11 / 21 - 12:16
المحور: الادب والفن
    


نور هذا المصباح باهتا
مثل وجه جدتي..
يوم تلقت خبر مقتل جدي
باهتا مثل ثوبي العتيق الذي يتمايل مع الريح. والقمر يرفض أن يكتمل هذه الليلة.والذئاب ترفض أن تسكت.عواءها الطويل يزيد من هم جدتي.وهمي.
وهذه العناقيد المعلقة بشجرة اللوز تتساقط حباتها الخمرية هنا وهناك.
تتناثر حول الشجرة. والثعلب رابضا بالقرب من الحظيرة. بأنتظار دجاجة ترفع رأسها.ولو بالخطأ.
و الديك يصيح معلنا عن قدوم فجر حزين.
وأنا جالسة عند النافذة عيناي مثبتتان على الطريق الذي يفضي إلى المدينة بأنتظار قدوم جدي لأحصل على البشارة من جدتي التي تكسر الخاطر.
وجدي الذي طال غيابه منذ أن ذهب ليقطع العسل في الجبال. لم يعد..وعصافة البيدر تراكمت عند مدخل الباب جاءت بها الريح يوم ذهب جدي ولم يعد وجدتي التي لم تفارق المكنسة يدها لم تعد تلمسها. وعندما أردت أن أكنسها صرخت بي قائلة لا يجوز كنس أمام الباب عند غياب صاحبه.
وجدي كعادته كان يذهب بين حين والأخر لقطع العسل وبعدها يأخذه الى المدينة ليبيعه ثم يعود بجيوب ممتلئة
سعيدا مرتاح البال.وعلى وجهه أبتسامته التي كانت تشرح نفس جدتي.
غير إن هذه المرة ذهب ولم يعد وعندما طال غيابه.
علقت جدتي مازحة من يعرف ربما عثر على أمرأة جميلة ويافعة كما تعلمين نساء المدينة ماكرات. أو ربما التقطته أرملة تعيسة ليغني لها أنتِ تعرفين صوت جدك الشجي يوجع القلب ويسلبه.
آه إينما كان لا يهم المهم أن يكون بخير.
وطال غياب جدي.
وجدتي المرحة طالها الحزن. أخرسها غياب جدي
لم تعد تخوض أي حوارمعي ولا مع جارتها الطيبة. وأنقطعت عن الأكل تقريبا.وإن أكلت تأكل بشهية مسدودة.
كماأنها أصبحت تسير على أطراف أصابعهاليلاً. تدور في البيت باحثة في حاجيات جدي. تنبش بأشياءه تدقق بكل صغيرة وكبيرة لعل تجد خيطا يوصلها إلى شيء ما
أي شيء له علاقة بأعاقةجدي من العودة. وحافظة نقوده الجلدية فارغة لا تحوي سوى على هويته كان قد عثر عليها مخبول القرية أثناء تجواله في الطرق الوعرة.
ذلك الطريق الذي كان يسلكه جدي غالبا عند ذهابه لقطع العسل ومنها إلى المدينة.
عثر عليه
مرميا بين الصخور وجاء به لجدتي تعرف على الحافظة رغم خبله.
لأن جدي كان يساعده كثيرا و كان يأخذه معه إلى الحقل في جني المحاصيل ويعطيه أكثرمما يستحق ومن يومها جدتي في حالة يرثى لها.
تارة شاردة وتارة.
تعدعدد الرجال الذي قتلوا على أيادي قطاع الطرق. ثم تصمت عاجزة. لأنهم أكثر من أن يعدوا.
وأمي لا تكف عن التلفنة كل يوم لتطمئن ان كان هناك خبر عن جدي وتطلب من يعيدني إلى المدينة. لأن المدارس على الأبواب والشتاء على الأبواب.
وجدتي تماطل تريدني بجانبها لحين عودة جدي وجدي لم يعد..وها هو شرطي مخفر الحدود يزف خبرا مطرزا بالأمل مفاده أن جدي عبر الحدود برفقة ثلاثة رجال غرباء.
وجدتي تكذب الخبر بالحافظة التي في جيبها وتؤكد أنه في مكان ما قريب من هنا. ومضى أكثر من شهرين والحال يزداد سوءاوأمي ترسل من يقلني إلى المدينة. لأن أبي مشغول وأخوتي التحقوا في الجيش.
وأمي بدأ القلق يفتك بها. عليه وافقت جدتي أن أغادر بصحبة أول قادم من المدينة ليقلني. وعندما كانت تلملم ملابسي وتدسهما كيفما أتفق في حقيبتي الصغيرة طرقوا رجال القريةالباب. وبرفقتهم مختار القرية الطيب وريئس المخفر الماكر. والمخبول الذي عثر على جدي مقتولا كما عثر على حافظته عثر عليه مرميا بين الاحراش على طريق الذي يفضي إلى المدينة وطلب من جدتي لترافقمها إلى مكان الحادث ليتأكد من أن الجثة هي لجدي. لأنها الوحيدة يمكنها التعرف عليه من خلال ملابسه أو أي . لان الجثة قد تشوهت وتحللت عصبت رأسها وذهبت معهم وبعدها بساعة عادت كانت شبه منهارة لأن الجثة تعود لجدي. نظرت إلي وعينيها مغرروقتين بالدموع وهي تشتم وتلعن من قاموا بقتله لأجل سرقة ماله ثم أخذت تصلي وتبكي. وأنا مصدومة عاجزة عن مواساتها فما كان مني وإلا أن أعد ملابسي إلى الخزانة ولأستعد لأستقبال أهل القرية والمعزين. ولا زلت أذكر كيف أكتظ البيت بالمعزين. قدموا من القرى المجاورة خلال ساعتين كان البيت يغص بأناس قدموا من بعيد والكل مستعداً للمشاركة بالدفن. وصل الخبر إلى أمي وأبي.و وصل بعد خمس ساعات ليقوما بالاجراءات اللازمة. وأقمنا عزاءا ثلاثة أيام كما هي العادة عندنا.وبعدها تفرقوا الجموع. ومكثنا عند جدتي أكثر من أسبوعين بعد أن رتبنا كل شيء لها. وغدت جدتي وحيدة بعد أن فقدت جدي وهاجروا أبناءها ومنهم ذهب للمدينة ك أبي. ومن يومها وأنا أتخيل جدتي جالسة عند عتبة الباب هادئة كعادتها مكتفية بذكرى جدي الذي لم ولن تعشق رجل سواه. أتخيل ذلك المصباح الذي يتمايل مثل جسدي النحيل حين أكون ثملة. ورغم مرور أكثر من عشرين عام على الحدث. وجدتي غادرت الدنيا بعد وفاة جدي بأشهر قليلة بعد أن ودعت المكان والناس. دفنت بجانبه. في مقبرة الكنيسة القديمة. واليوم لم يتبق من القرية سوى قبورمنبوشة.وبيوت مهدمة وبئر مهجور. وبيوت فارغة تنعب بها الغربان. أما نحن فلازلنا نقيم في المدينة. ولازالوا أخوتي في الجيش ولا زالت أمي تصلي صلاة الوردية على الأرواح التي زهقت بدون رحمة. تصلي لأجل وطنا لم يعد آمنا. وأنا اليوم ترملت قبل أواني بعدأن خطفوا زوجي ولم يعيدوه رغم أنهم حصلوا على الفدية.
ومن حسن حظي أنني لم انجب منه أولادا. على الأقل لن أمضي العمر وأنا أربي أيتاما للوطن كي يرسلهم إلى الحرب. أخدم أمي الطيبة. أشاركها في الصلاة هي تطلب أن يحفظ الله أخوتي وأنا أطلب الأمان الذي نسينا شكله.
و أن ننسى تلك الوجوه التي تذكرنا بقطاع الطرق.
رغم أنه صعب. لأنهم يطلون بوجوههم الحالكة طيلةالوقت على التلفاز والفرق بين قطاع طرق الأمس واليوم هو إن الأوليون لم يبرروا أفعالهم بطريقة مظللة. كما يفعلون هؤلاء اليوم ظللوا حتى الشيطان!



#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا وأنت
- زر قميص
- لانزر ولا هذر 3
- وجهك قطعة شكولاته
- المبعوث الرسمي
- أريدك في حياتي
- (فيشخابور)
- ريشة رمادية
- غزل
- نزع السلاح آه هذا مزاح
- لانزر ولا هذر2
- سعيدة
- من يصدق أننا نحسد الموتى
- أرق
- الريشة السحرية
- كيف حالك ياجار
- آه تذكرت
- نعمانة
- البديل
- غربة


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - قطاع الطرق هم من قتلوا جدي