عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 6058 - 2018 / 11 / 19 - 12:37
المحور:
الادب والفن
أنا في كَهفِ الوقتِ ، و سيّدتي في المدينة
الكهفُ لي
والليلُ في الشوارعِ التي لم تعُد لنا
ولا أُلْفةَ فيها لمِثْلي.
الكهفُ لي
أنا الذي أتَجَوّلُ الآنَ ، في مدينةٍ بائدةٍ ،
باحثاً عن قليلٍ من الزادِ
وأتلفَّتُ خائفاً .. مِنْ وجهٍ سابقٍ ..
لمليكٍ قديم.
كَمْ نِمْتُ الى أنْ فاتَني كلّ هذا ؟
مائةُ .. أمْ ثلثمائةُ .. أمْ الفُ عام ؟
لا يُعقَلُ أنّ هذا السَخامَ ، قد لطّخَ كُلّ هذهِ الأنفُسِ ،
في هذهِ القريةِ النائمِ أهلُها
فأصبحَ نخلَها يابِساً
ما بينَ لحظةٍ وضُحاها
ولم تعُدْ شمسَها الدائمة
تمُرُّ على الشُرُفاتِ ، راسِخَةِ الرائحة ،
وتضحكُ فوقَ نارنجّةِ البيتِ
في ذلكَ الزمانِ القتيل.
كمْ مُتُّ الى أنْ فاتني كُلّ هذا
بحيث ينكُرُني وجهها
وانا أمسَحُ عنهُ الأسى
بأصابعٍ من خشبِ لا يشيخ ؟
كمْ مضى من الوقتِ ، وأنا لا أنتَبِه ،
الى أنَّ كُلّ من كانَ في ذلكَ الكهفِ
يُزاحِمُني على الحُلمِ بامرأةٍ
لَمْ تُبادِلُني منذ تسعةَ و ثلثمائةِ عامٍ
قُبْلَةً واحدة ؟
كيفَ لَمْ أنتَبِهْ
بعد تسعةٍ و ثلثمائةِ عامٍ
إلى أنّني كنتُ وحدي
في كهفٍ آخرٍ
وأنّها لم تكُنْ معي
وأنّ قلبي الذي كانً غافياً
على صدرها العذبِ
هو الوحيدُ الذي نهشتهُ الكلابُ
والوحيدُ الذي لم يبرَحْ مكانَهُ
والوحيدُ الذي لم يذهبْ الى السوقِ
ولم يشتري بـ "ورقهِ" شيئاً
ولم يوقظهُ الآخرون .
سلاماً للسيّدة
التي غادرتْ كهفَ الوقتِ قبلَ اكتِظاظِ الرَمادِ
على جَمْرِنا السابِقِ
و اصطحبَتْ معها سبعةً من أصدقاءِ المَلِكِ القادمِ
و ثامِنُهُم
كانَ قلبي الوحيد.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟