عزيز الخزرجي
الحوار المتمدن-العدد: 6054 - 2018 / 11 / 15 - 18:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حول إمكانية إعادة بناء (الدعوة) بعد خرابها - القسم الأول
فلتعذر اللهم حرفي إن تعذّر أو تجمّد في فمي .. فآلجّرح ليس قصيدة تُتلى و لا قولا يقال.!!!
إخواني الأعزاء: بعد السلام و الأحترام .. طلب بعض الأخوة كتابة موجز مفيد عن حقيقة(حزب الدعوة) الذي أصبح بعد جهاد و تأريخ طويل شماعة المنافقين بعد 2003م للحصول على الرّواتب و الأمتيازات على حساب جهاد و دماء الشهداء العظام الذين ضحّوا للعدالة .. لا الرواتب و المخصصات و القصور و السفر و السياحة و كما فعل و يفعل المنافقين المدّعين الذين حسبهم الناس دُعاةً لله و من خلالهم حكموا عليه!
و إليكم المقدار الذي أسعفنا به الوقت لبيان الحقيقة كمقدمة لمبحث هام لا بد من نشره رغم إني كشفت صفحات مؤلمة و حزينة عن هذا الموضوع قبل أكثر من عشرة أعوام في سلسلة بعنوان: [الصّدر و دُعاة اليومٍ]:
أَ تَعَجّب و العجائب كثيرة في زماننا كما كلّ الأزمان بسبب طبيعة (البشر) الحيوانية التي تنتصر دوما لنفسها لا للحقّ المبين؛
فكيف يمكن إذن أن يُؤتمن هذا البشر على مصير و حال و مال الناس .. مَنْ لا يُؤتمن حتى على مُجرّد نقل"قول أو بيان و مقال"؟
سبحان الله كيف إنّ البعض وبعد كلّ الذي كان من فساد ونهب ودمار للعراق والأمّة, يتساأل:
كيف وماذا علينا أن نعمل لأنقاذ الموقف المأزوم وتخليص حزب الدعوة"أمل الأمّة" من المحنة الكبرى التي أحاطت به بسبب سلوك و تصرفات و مواقف آلدُّعاة أنفسهم و بآلذات القيادات الفاسدة التي تسلطت عليه للآن و التي تتلذّذ بلقمة الحرام!؟
و نُعذّر هؤلاء السائلين؛ لأنّ مُجرّد سماعهم و الناس خصوصا العراقيين لكلمة (ألدّعوة) فإنّ أذهانهم سرعان ما تدورو تتّجه بلا إرادة نحو الشهداء و الشهادة و الأستقامة و التضحية لأجل الحقّ .. هذا في السابق, أما الآن فآلصورة قد إنقلبت للأسف لمجرد سماعهم بكلمة "حزب" و بشكل خاص "الدعوة" لتصرفات و خباثة الّذين إدّعوا إنتمائهم لها بعد 2003م, حيث يمكنك وصفهم بأية صفة إلا الأيمان و التقوى العملية!
في الحقيقة لا ندري من أينَ نبدأ؟ و كيف نبدأ؟ لِلَملَمة الجراح التي أصابت كل الجسد ألحركي العراقي حتى قبل وقوع هذه الكارثة الكبرى اليوم كنتيجة طبيعية لما سبقها من مُقدمات .. لتصبح أخيراً خارج مدار الحكم تماماً و القادم أسوء بكثير بسبب جهل و تعنّت و غرور وتصرفات المدّعين لقيادة و رأس الدّعوة بآلذات, لأنّ:
[مَثَلَ الرأس في الأمة(الجماعة أو الحزب) كمثل الرأس من الجسد, إذا فسد الرأس فسد الجسد و العكس صحيح]!؟
و المشكلة المؤلمة أنّك حين تشهد "دعاة اليوم" و مستوياتهم الفكرية و الأخلاقية و هم لا يُؤتمنون حتى على نقل (موضوع) أو (حكمة) أو (مقال) كتبته بعد ما صرفتَ عليه عصارة فكرك و سعيك لهداية آلناس بأمانة وصدق و وضوح؛ فكيف يُمكنكَ وهذا الوضع أنْ تثق بهم وتأمَنَهُم على القضايا المصيرية كأموال وأعراض الناس!؟
صحيح أنّ [(ألكلمة) مُلك لكَ, ما إنْ خرجتْ من فمكَ دخلت مُلك غيرك], لكن حين يكون الأمر إعتبارياً و يتعلّق بمصير الأمة فآلأمر يختلف تماماً - لأن (الحكمة) لا يُفسّرها بدقة و وضوح إلا حكيمها - لذلك كثيراً ما يُسبب مجرد نقل الكلمات و المقالات ثمّ تفسيرها من قبل المتطفلين على الفكر كارثة بل كوارث كُبرى و كما حصل و شهدناها مع القيادات التي فعلت ذلك للظهور و التباهي و العلو أمام الناس و الأعلاميين بغير حقّ - لذلك أوجبنا .. بل لا بد عند ذكر مقال وموضوع أو مقولة خصوصاً لو كانت تدخل ضمن منهج الحكم على مقدرات الأمة و مصيرها .. لا بد من ذكر قائلها أيضا و عدم نسبتها لغيره للتشبث بها, لأنها قضية خطيرة تعدل ثمنها الكثير الكثير و تتعدى حتى كوارث الحروب العالمية بنتائجها على المدى البعيد!
من هنا بدأت مشاكلنا تتعقّد و تتعمّق و تتشابك حتى فقد المؤمنون معها الثقة ببعضهم البعض, فحين كنتُ أعتبُُ و كم عتبتُ على بعض"الدّعاة" لعدم ذكرهم حتى مصدر المقولات و الحِكَم التي كانوا ينقلونها و يتداولونها في مقالاتهم و لقاآتهم و خطبهم أمام الأعلام و بلا حياء .. حدّ تنسيبها لأنفسهم مستهترئين و متكبرين على الحق وكأنهم لا يدركون معنى و فلسفة الأمانة كقيمة عليا و الفرق بينها و بين الخيانة و الظلم؛ فكيف يُمكن وهذا الحال .. أن يوفقنا الله و يبارك بعملنا و سعينا لتحقيق الوصال .. إذا كان (الدّعاة) الذين نصبوا أنفسهم أدلاء و قادة قواميين وهم لا يُؤتمنون حتى على ذكر مصادر الأقوال أو (جملة) أو حكمة أو حتى كلمة بأمانة .. بسبب الأنا و عبادة الذات و حبّ الظهور و الطمع و الجشع للحصول على آلمال و المنصب و السلطة بغير حقّ من أجل الدنيا التي بسببها نسوا الآخرة تماماً فدمروا القيم و حتى إعتبار العمل و الدعوة لله كلها!؟
يُضاف لذلك .. و بعد وقوع عملية المسخ الذي شمل العراق كله بسببهم وللأسباب المذكورة أعلاه وصل الحال بهم إلى؛ إكرام البعثيين و قتلة الصدر و كأنه شيئ عادي وصل حدّ الجلوس و التباحث معهم و إحتضانهم بدعوى تلافي الخصومات و العنف؛ بينما في المقابل يهضمون حقوق الدّعاة الحقيقيين وحين ترسل لهم على العام و الخاص رسائل تطالبهم بذلك لتجنب المحرمات و احقاق الحق؛ لا يلتفتون لها .. بل يتعذّرون بكل وسائل المنطق و التبريرات لأجل التخلص من أداء الحقّ, بينما للباطل يهرعون و للقتلة ينفّذون .. و هكذا إلى أن حلّت الطامة الكبرى, لتبدأ عملية الأستبدال الألهي الذي وعدنا به القرآن الكريم ..
و من أخطر الأمور التي لم ينتبه لها الداعية .. أو ربّما أساساً لم يطلع عليها و لم يقرأها لضعف المنهجية الثقافية و الخلل الفكري في نهج القيادة؛ هي مسألة الرئاسة في الأمة و كيفية و شروط و مواصفات رئيس الدولة و القيادة المرجعية, و كما ورد في أحاديث عديدة عن المعصومين كحديث زرارة و أبي داوود و التوقيع المشهور, بل بيّنوا حتى عاقبة التقدم على الأحقّ في آلرئاسة, بما مضمونه: [من نَصَبَ نفسه على الناس إماماً و فيهم من هو أفضل(أعلم) منه فإن أمرهم إلى زوال].
و ليعلم المؤمن و الدّاعية الحقّ خصوصاً؛ بأنّ الحكم لله .. لا للديمقراطية و لا للرأسمالية و لا للعلمانية و لا للحزبية و لا لأية جهة أو قوة .. بل هو لله, بحسب عدد كبير من الأحاديث و الوقائع و الآيات القرآنية الصريحة و منها:
[إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ] و قوله تعالى:
[ما الحكم إلا لله] حيث حصر الحكم و تعيين الحاكم بآلله لا غيره مهما كان و واقعة (ألغدير) هو الحكم الفصل.
و هذه مسألة مصيرية لا يجوز لأيٍّ كان أنْ يتلاعب أو يفتي بشأنها, خصوصاً العلماء و المسؤوليين وبما يُخالف شرع الله حتى في أصغر الصغائر لأنّ نتائج كلمة خاطئة أو موقف خاطئ من مسؤول أو رئيس أو عالم مهما كانت صغيرة إن لم تكن دقيقة؛ فأنّها تجلب الكوارث وتسبّب المآسي الكبرى و تترتب عليها زوال الدول و المجتمعات, لكننا رأينا في العراق؛ كيف يدّعون ما يدّعون و يتحايلون حدّ إعطاء الرشوة بعضهم لبعض للحصول على المناصب و الوزارات و عضوية البرلمان و حتى على وظيفة صغيرة.
و لذلك كان لا بُدّ من تلك الثقافة و المعايير التي سادت؛ أن تتفاقم الأوضاع و تتشابك المشاكل و تتعقد أكثر فأكثر خصوصا حين يتصدى للقيادة من هو ليس بأهل لها و يعمل لصالح الأجنبي لبناء بيته و شراء قصوره .. لتشمل المحنة الجميع حتى الذين سرقوا و خزنوا المليارات في دول الجوار و الغرب .. والتي باتت أموالهم بحاجة إلى غسلها و تبيضها كي يتسنى لهم تداولها رسمياً..
و سنقدم لكم في الحلقات القادمة بعض النقاط الهامة لتكون محاور أساسية في طريق ألدّعاة المخلصين و ما أقلّهم في هذا الزمن المالح الذي كثر فيه الظلم و آلنفاق حتى سبّب إنزوائهم و تكترهم و إنسحابهم من الساحة بعد ما تكالب و إزداد جيوش المنافقين, و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
الفيلسوف الكوني/عزيز الخزرجي
#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟