|
ليس بالخبز وحده... - تحية إلى ذكرى ثورة 7 أوكتوبر –
حسين مروة
الحوار المتمدن-العدد: 6047 - 2018 / 11 / 7 - 10:14
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ليس بالخبز وحده... - تحية إلى ذكرى ثورة 7 أوكتوبر –
مقالة كتبها الشهيد حسين مروة في جريدة " النداء" بتاريخ 5 تشرين الثاني 1965 في الذكرى الثامنة والأربعين لثورة أوكتوبر العظمى..
ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان..
هذا حق، ولا جدال.. ولكن ماذا تعني كلمة السيد المسيح.. في لغتها الإنسانية الواقعية؟
أليست تعني، نَصّاً ومضموناً، أنّ الخبزَ هو القاعدة الأولى الأساس لحياة الإنسان، غير أنه ليس القاعدة الوحيدة.. أي لا بد للإنسان، كي يحيا أولاً، من أن يجدَ خبزَ يومه بالأقل، ثم لا بدّ له، كي يحيا حياةً ذات معنىً وقيمةً وكرامة، من أن ينعمَ بغير الخبز، بعد أن يضمنَ النعمةَ الضروريةَ الأولى هذه؟..
هل يصحُّ في الحسّ السليم والفهم السليم أن يكونَ لهذه الكلمة الطيّبة المجيدة معنىً غير هذا المعنى الإنساني السليم؟
هو ذا معناها الحق.. وهي ذي دلالتها الكبيرة العميقة التي عناها السيد المسيح.. وباطل الأباطيل أن نحرّفها إلى وجهٍ غيرِهذا الوجه المضيء بما في لمحاته من إنسانية الإنسان..
ولكن، ماذا بعد الخبزمن قوام الحياة الإنسانية لكي تكونَ حياةً ذات معنى وقيمة وكرامة؟
في تجارب التاريخ، منذ مداه الأبعد السحيق إلى مداه الحاضر الذي نحياه، جوابٌ حاسم لهذا السؤال..
إنّ الإنسانَ ذاتَه هو الذي يُجيب.. إن كفاحَ الإنسان في تاريخه الطويل، هو الذي يضع المسألةَ في وضعها الصحيح دون جدال..
إنّ ملحمةَ الكفاح البشري، بكلِّ ما احتوته من بطولاتٍ وانتصاراتٍ وعظائم، وبكلّ ما حَفلت به من مآسي وفجائع وهزائم، تُنبئ أنّ قضيةَ الخبزِ والحريةِ والمعرفةِ معاً، كانت هي المنطق والمدى لمعاركِ الإنسان ومطامحِه وأشواقِه الكبرى..
الخبز، والحرية والمعرفة..
تلك هي الأقانيم الثلاثة لملحمة الوجود الإنساني بكاملها..
وتلك هي التي تختصرُ قضيةَ العدالة: مطمح هذا الكائن - الإنسان، منذ ضربَ أولَ ضربةِ مِعْوَل، وأولَ ضربةِ مطرقة، وأولَ ضربةِ سَيْف، على وجه هذا الكوكب الأرضي..
أيةُ حركةٍ في التاريخ البشري وأيةُ مرحلةٍ من مراحل تطوّره الصاعد، وأيةُ ثورة، أو انتفاضة من أيةِ فئةٍ بشرية في أيِّ مجتمعٍ وجيل، لم يكن وراءها دافعٌ من طلب الخبز أو الحرية، أو المعرفة؟..
ما أعظمَ كفاح الإنسان، ما أروعَ ما انتصر، وانهزم!..
ولكنْ، أيّ كفاح، وأيّ انتصار وانهزام، استطاع يوماً أن يحقّقَ كلمة المسيح، فيحيا الإنسانُ حياتَه التي ينعمُ فيها بطمأنينةِ الفرحِ بخبزه وحريته ومعرفته معاً في وقتٍ واحد، وفي مجتمعٍ واحد، كما نَعِمَ منذ استقرار هذه الثورة الكبرى التي تتباشر الدنيا، في هذه الأيام، للاحتفاء بذكراها الثامنة والأربعين؟
* * *
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان..
نعم، هوذا الحق.. وهوذا الذي جاءت ثورة 7 أوكتوبر العظمى، في موعدها التاريخي، لتضعه دستوراً كُتبَ بالدم والعَرَق من أنْ يحيا الإنسان الجديد، في عالمنا الأرضيّ كلّه، بخبزه المادي، وبخبزه الروحيّ، متلازميْن متكاملبْن لا ينفصلُ واحدٌ منهما من صاحبه: خبز الجسد، وخبز القلب والعقل.
إنّ مجتمعَ الثورة الاشتراكية الأولى والكبرى، ليس مجتمع الخبز المادي وحده، ليس مجتمع الإنسان الآلي يعمل ليأكل، إنه مجتمع الإنسان الذي يعيش ليأكل.. إنه مجتمع الإنسان الذي يصنع الخبز بطمأنينة ويأكله ليعيش، أي ليكونَ إنساناً يعيش لإنسانيته: للكرامة، والحرية، والمعرفة.
وماذا تعني الكرامة عنده، وماذا تعني الحرية، وماذا تعني المعرفة ؟..
إنها جميعاً تعني أن يكونَ سيّدَ مصيره، وسيّدَ الطبيعة.. لا استعباد ولا استغلال من إنسان ٍ لإنسان أولاً.. واستكشاف جمال الحياة وجمال الكون وجمال الفن والفكر ثانياً.. وفتح مغاليق الأسرار ومجاهيل الأكوان ثالثاً.. ثم الاستمتاع بالنعمى العظمى والهدف الأسمى لكل تلك النعميات: الحب بكلِّ إشراقه وجماله وشموله.. الصداقة بكل طيبتها وبهائها وعمقها وسموّها.. السلام بكل صفاته وطمأنينته وفرحه الشاملِ شعوبَ الأرض ومناطقَ الأرض وحضارةَ الأرض: أرض الإنسان العظيم..
ذلك هو دستور ثورة 7 أوكتوبر، كتبه المناضلون الأوّلون بالدم والعرق والصبر، وهندسَهُ لينين وحزبه بضياء العلم الماركسي والفكر اللينيني الخلاّقيْن.. وظلّت قوافلُ المناضلين تكتبُ المزيدَ من حروفه وصفحاته تِباعاً دون كللٍ بالبذلِ السّخيّ والجهدِ الرائد المبدع، والانطلاق العاصف الفاتحِ دائماً لأبهى الآفاق وأكثرها سعةً وامتداداً وارتفاعاً وأعماقاً.. وبقي ضياءُ لينين وحزبه المجيد هو المنار القائد أبداً..
***
تحية الإنسان في لبنان إلى الذكرى الثامنة والأربعين للثورة المجيدة التي فتحتْ لإنسان عصرنا طريقَه نحو حياةٍ يحياها لا بالخبز وحده، بل بالشَرَفِ والكرامةِ والحريةِ والمعرفة كذلك.. نقول: المعرفة، ونعني: الحب والصداقة، والسلام، والأمان.. نعني كنوز الجمال كلها في الإنسان والكون والحقيقة.. نعني كل الفرح الأنبل والأعمق والأسمى..
#حسين_مروة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفَرِحون في العيد ...*
-
من قلب، شيكاغو!.
-
مقتطفات بمناسبة عيد العمال العالمي
-
الموقف والفكر -مهدي عامل-
-
ميلاد ... وميلاد
-
هذه الشعوب المزعومة ...
-
مقتطفات عن -وعد بلفور- المشؤوم
-
مجانين ... القدس
-
لمن هذه...؟
-
الرحلة إلى لبنان الجديد..
-
أطفالنا وشكل الوطن!*
-
كلمات بسيطة... إلى أمهات المقاتلين
المزيد.....
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي: لا للتهميش والاقصاء للجهة الشر
...
-
الشيخ قيس الخزعلي: من يحكم الكيان الان وهو اليمين المتطرف هم
...
-
التقدم والاشتراكية والشيوعي الفيتنامي يبحثان تعزيز التعاون و
...
-
أبو عبيدة: نثمن بكل اعتزاز الحراك الشعبي العظيم في اليمن الح
...
-
نهاية إسرائيل.. حل مانديلا أم متلازمة شمشون؟
-
جورج عبد الله مناضل لبناني مسجون بفرنسا منذ عقود
-
عام على «طوفان الأقصى» و«حرب 7 أكتوبر» / «الديمقراطية»: بالم
...
-
? أخبار الاشتراكي: 4/10/2024
-
من مصر إلى تونس “مسرحية الانتخابات” تنطلق في تونس غدًا
-
سمير لزعر// الصراع ضد البيروقراطية النقابية هو صراع ضد كل م
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|