أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين مروة - ميلاد ... وميلاد














المزيد.....

ميلاد ... وميلاد


حسين مروة

الحوار المتمدن-العدد: 5766 - 2018 / 1 / 23 - 12:26
المحور: الادب والفن
    




بعنوان "من الأدب السياسي الرمزي"



" ميلاد ... وميلاد "

وبتاريخ 24 تموز 1948، كتب الشهيد حسين مروة هذه المقالة في جريدة " لحضارة " العراقية وهذه مقتطفات منها:

.. كان أحدهما في عام 1915، وكان الآخر في عام 1917، ولكن ما كادا يلتقيان حتى أخذ الكبير يصغر وأخذ الصغير يكبر، ولم يكن هذا اتفاقاً ومصادفة، بل كانت تجتمع له العوامل والأسباب عن تدبير وقصد ورويّة في الخبايا والأعماق من قبل أن يكون شيء منهما معاً، بل كان هذا التدبير الخفيّ نفسه هو "المخاض" للميلاديْن معاً، وكان من روعة هذا التدبير ودقّته أن انبثق ميلادان عن "مخاض" واحد في زمنيْن - بينهما فترة عاميْن -. وكان من روعة هذا التدبير ودقّته أيضاً أنّ أحدهما كان: أولاً، والآخر: ثانياً ... ولو انعكس الترتيب فيهما لانتهى "المخاض" إلى فراغ، ولا نته التدبير الخفيّ إلى "عقم"، غير أنّ "الرحم" الذي "حبل" بالمعجزة كان من هذه الأرحام التي تمخّضت بمعجزات كبيرة من هذا القبيل في تاريخ المواليد المدبّرة ...

وقد جاهد الأول أن يعيش، وجاهد أن يخلع على وجوده مظهر المكافح المناضل لتَربه ورفيق صباه، ولكنّ تَربه هذا كان ماكراً ذكياً متظاهراً بالانخداع لهذا الكفاح المصطنع، ومشى في طريقه كمّن يتسكّع في الدروب، ويستخفي عن الأعْيُن، وهو - مع ذلك - يجري نشيطاً وواثباً، مقتحماً، دون أن يترك لصاحبه فرصة المسير إلى جانبه في ساحة العيْش.. وإذا بالماكر الذكي يترك صاحبه في متاهته السحيقة، وهو يبتسم ثم يندفع إلى الأمام أشواطاً كالقنبلة، ولكن من غير انفجار، ولا لَهَب، ولا دخان، لكي لا يهتدي التائه المسحور إلى طريقه، ويستفيق إلى تيهه وضلاله..

وهكذا تنتهي ثلاثون عاماً، والكبير يصغر، والصغير يكبر: الأول ينتفض حيناً، وتهتزّ في وجوده جراثيم الحياة والنموّ والانطلاق، فيدركه الثاني وهو يتأهّب للوثوب والكفاح، فيندسّ في قافلته ويضع "أشياءه" الساحرة في تلك الأيدي التي اعتادت سحر " تلك الأشياء" وأَلِفَتْ إغراءها، فإذا بالقافلة تعود إلى المتاهة والضَلال، وإذا "التَرب" الماكر الذكي يعود إلى اندفاعة جديدة ينطلق بها إلى الأمام أشواطاً كالقنبلة ولكن من غير انفجار، ولا لَهَب ولا دخان..

وفي يوم من أيام 1948 تنبجس في وجود الأول ينابيعُ من الحياة ثم تتدفّق الينابيع من هنا وهناك إلى مركزٍ واحدٍ في القلب وتنطلق الجراثيم: جراثيم القوة، والجرأة والاقتحام، من مركز القلب إلى جميع الأوردة والخلايا والشرايين ولكن ...

... ولكنّ الثاني يرى ويبتسم ... لأنه - وهو الذي كان صغيراً - قد أصبح عملاقاً، وأصبحت عمالقة الدنيا تمشي في ركابه، غير أنّ الأول - وهو الذي كان كبيراً - قد أصبح قَزَماً، وأصبحت أقزام الدنيا جميعاً، ترنو إليه من بعيد، ثم تنفر كالذباب أسراباً إلى مائدة العملاق، فماذا يصنع القزم وحيداً وهو ينازل العمالقة الضخام والأقزام اللئام ؟؟ !!

.. كان ميلاد ثم انطوى الوليد، وضمر وتقلّص، وهو الآن في احتضار ...

.. وكان ميلاد آخر - بعده - ثم نما الوليد واشتدّ ساعده، وقد تغذّى بدم صاحبه وغفلته وسذاجته، وهو الآن جبّار تحوطه عناية الجبابرة ..

كان الميلاد من "مخاض" واحد في "رحَم" واحدة .. ولكن الأول حمل عناصر الضعف، والثاني حمل عناصر القوة منذ كان لهما وجود في الأرض...

كان أولهما - حين "وُلِد" : وعد "الحلفاء" للعرب بدولة عربية مستقلة مترامية الأطراف، وبين جناحيها فلسطين ..

وكان ثانيها حين "وُلِد" : وعد بلفور بانتزاع فلسطين نفسها من جناحيْ الدولة العربية "الموعودة" ... !



#حسين_مروة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه الشعوب المزعومة ...
- مقتطفات عن -وعد بلفور- المشؤوم
- مجانين ... القدس
- لمن هذه...؟
- الرحلة إلى لبنان الجديد..
- أطفالنا وشكل الوطن!*
- كلمات بسيطة... إلى أمهات المقاتلين


المزيد.....




- ميكروفون في وجه مأساة.. فيلم يوثق التحول الصوتي في غزة
- عبد اللطيف الواصل: تجربة الزائر أساس نجاح معرض الرياض للكتاب ...
- أرقام قياسية في أول معرض دولي للكتاب في الموصل
- ” أفلام كارتون لا مثيل لها” استقبل تردد قناة MBC 3 على الناي ...
- جواهر بنت عبدالله القاسمي: -الشارقة السينمائي- مساحة تعليمية ...
- لم تحضر ولم تعتذر.. منة شلبي تربك مهرجان الإسكندرية السينمائ ...
- بقفزات على المسرح.. ماسك يظهر بتجمع انتخابي لترامب في -موقع ...
- مسرحان في موسكو يقدمان مسرحية وطنية عن العملية العسكرية الخا ...
- مصر.. النائب العام يكلف لجنة من الأزهر بفحص عبارات ديوان شعر ...
- عام من حرب إسرائيل على غزة.. المحتوى الرقمي الفلسطيني يكسر ا ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين مروة - ميلاد ... وميلاد