أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام محمد المزوغي - (صداقة) خطرة (2)














المزيد.....

(صداقة) خطرة (2)


سلام محمد المزوغي

الحوار المتمدن-العدد: 6038 - 2018 / 10 / 29 - 15:48
المحور: الادب والفن
    


في الغد، قدم الزميل الساعة العاشرة، أمضينا معا قرابة الساعة شرحتُ له فيها كل ما يلزم، كنتُ محظوظا جدا في العثور عليه بسرعة والأهم أنه كان متفرغا ويستطيع تعويضي لمدة شهرين، قلت له أني يلزمني نظريا شهر وأسبوع أو اثنان مبدئيا وفي أقصى تقدير شهران.. اللقاء مع المعينة كان جيدا أيضا، غلبت الدعابة عليه وكنت على يقين أنهما سيشكلان فريقا منسجما طيلة فترة غيابي.
عند مغادرتي اتصلت بأختي الصغيرة، الوحيدة، ودعوتها للعشاء هي وزوجها.. ردّها كان صفعة كنت في حاجة إليها منذ زمن.. قالت: "ادع زوجتك أحسن".. أمام باب العمارة وقفت وفكرت في السنوات التي مضت، وعندما حكمتُ وجدتُ أني لم أكن زوجا أو حبيبا بل تقريبا كنت رجلا يسكن معها، لم تكن تشكو أي شيء، لم تكن تتكلم لكنها كانت تتألم، تذكرت مرة قالت لي: "تمنيت لو كنا موظفين بسيطين ككل الناس".. تذكرت مناسبات كثيرة لم أحضر فيها، وأخرى لم أتصرف فيها التصرف اللائق.. كنت أعيش في عزلة، لا أهتم لما يحصل في البلد، لا أشاهد التلفاز، لا أستعمل مواقع التواصل الاجتماعي، لا أحترم الثقافة السائدة وعاداتها وتقاليدها.. كنت أظن أنها عالمي الوحيد الذي من أجله هجرت كل شيء لكني وفي لحظات اكتشفت أني كنت مخطئا.. اكتشفت حجم حبها لي، صبرها كل السنين التي مضت.. ليست امرأة تطلب لكن من النوع الذي ينتظر أن يُعطى، النبيه من الإشارة يفهم كما يقال وكما لم أفهم ولم أهتم كل الوقت التي مضى..
عاودت الاتصال بأختي لأشكرها، قلت لها أني فخور بها، كانت دوما ذكية ونبيهة وكنت دائما في حاجة ماسة لحضورها في كل صغيرة وكبيرة في حياتي.
مشيت بعد ذلك، لم أكن أستطيع القيادة، سيارتي تركتها في المنزل صباحا.. مشيت قرابة الساعتين، كانت نزهة جميلة لكن غريبة، شعرت بالناس وبنبض الشارع الذي لم يكن يعنيني من قبل، سلمت على الكثيرين وتكلمت مع الكثيرين ممن عرفوني وحتى ممن لا يعرفونني.. كانوا لطفاء، بسطاء، تغمرهم الحياة والبهجة، شعرت أن بلدي الذي أحتقر صار الدانمارك دون أن أعلم.. لم أرَ أي تعاسة أو جوع، لم أرَ وجوها عابسة، لم أرَ بطونا جائعة، لم أرَ ظلما لم أرَ جهلا وتخلفا.. رأيت بلدا جميلا، وشعبا فريدا.. كنت أفكر في زوجتي وكيف سأفعل لأعتذر من تلك الحبيبة التي قصّرت معها، لم أكن لأستطيع رؤية الأسى والضياع في كل تلك الأماكن التي مررتُ بها وكل أولئك الناس الذين التقيت، رأيت فقط الأمل والجمال والحب.. الحب! كنت أقول لزوج أختي عندما نلتقي أن سلوكه صبياني، كان لا يتورع عن احتضانها أمامنا؛ يغني لها، يقول لها أنه يحبها، أنه سعيد بوجودها، أنها الملكة على قلبه، أنها الأميرة على حياته، أنها الربة مانحة الحياة، أن لا حياة له دونها، أن وأن وأن! كانت زوجتي تبتسم ولا تقول شيئا، وكنت أقول "الحب أفعال وليس كلام مراهقين".. طيلة تلك النزهة بحثت عن الأقوال عندي فلم أجد، بحثت عن الأفعال فلم أجد، وجدت رجلا لا يعنيه أي شيء؛ حتى العمل لم يكن الوقت المخصص له حبا في العمل أو عبادة للمال بل كان هكذا.. دون رغبة دون حب، عنده عمل يقوم به، يحاول اتقانه لا أكثر ولا أقل.. عنده زوجة يسكن معها، يأكل معها، ينام معها في نفس الفراش؛ هكذا دون رغبة دون حب، كغيره من الناس وهو الذي يزعم أنه أرقى من الناس: أناس عاديون، رعاع، جهلة متخلفون، لا تعنيهم إلا بطونهم وقضبانهم.. حتى في هذه وجدت أني أتعس حظا من الناس فلا قيمة لبطني ولا لقضيبي.. تساءلت وتساءلت فوجدت أن لا شيء يعنيني، لا عائلة، لا أهل، لا زوجة، لا أصدقاء، لا ناس، لا بلد، لا شعب.. حتى نفسي لم تكن تعنيني، لم أكن أهتم للأكل، لا أشرب، لا أهتم للباسي، لا تعنيني المظاهر.. وجدت أن الشيء الوحيد الذي أهتم له هو قهوتي وسجائري! غريب كيف استحملني كل هؤلاء الناس الذين أعرف، حتى أختي لم تسلم؛ غريب كيف كنت أعامل زوجها وكأنه صعلوك سجون، غريب كيف لم ينفجر في وجهي أي مرة، غريب كيف قبلتْ مني ذلك!
وصلت أمام مكتب زوجتي.. الغرابة لم تنتهي! غريب أني طوال هذه السنين لم أزرها إلا مرات معدودات، غريب أني لم أحضر أي مرافعة من مرافعاتها، غريب أنها لم تصرخ يوما في وجهي وهي التي لا تعرف إلا الصراخ في وجوه اللصوص والمجرمين....قبل أن أصعد، أصدرت الحكم "وضعك سيء جدا، وعليك التدارك.. رفعت الجلسة!".. لكن الطبع يغلب التطبع!!
حضرتني فكرة.. قلتُ لم لا أهديها زهورا؟ وأجبتُ مباشرة "كلام فارغ!" وصعدتُ..
قلت للسكرتيرة - التي أعلمتني أن عندها حريفة - أني لست مستعجلا وسأنتظر حتى تنتهي، لكنها اتصلتْ بها وأعلمتها بحضوري فخرجتْ مبتسمة تدعوني للدخول وقالتْ: "جئتَ في الوقت المناسب"، عندما دخلتُ وجدتُ المرأة التي كسرتْ يدي....



#سلام_محمد_المزوغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (صداقة) خطرة (1)
- حبيبتي متى ستستيقظينْ؟ (فل وياسمين!)
- كَهِينَا (9)
- حبيبتي متى ستستيقظينْ؟
- كَهِينَا (8)
- كَهِينَا (7)
- كَهِينَا (6)
- كَهِينَا (5)
- كَهِينَا (4)
- كَهِينَا (3)
- كَهِينَا (2)
- كَهِينَا (1)
- كنزة (3)
- كنزة (2)
- كنزة (1)


المزيد.....




- الحَلقة 159 من مسلسل قيامة عثمان 159 الجَديدة من المؤسس عثما ...
- أحلى مغامرات مش بتنتهي .. تردد قناة توم وجيري 2024 نايل سات ...
- انطلاق مؤتمر دولي حول ترجمة معاني القرآن الكريم في ليبيا
- ماركو رويس ـ فنان رافقته الإصابات وعاندته الألقاب
- مهرجان كان: دعوة إلى إضراب للعاملين في الحدث السينمائي قبل أ ...
- حفاظا على الموروث الشعبي اليمني.. صنعاني يحول غرفة معيشته لم ...
- فلسفة الفصاحة والخطابة وارتباطهما بالبلاغة
- غزة في المتحف العربي للفن الحديث عبر معرض -شاهد- التفاعلي با ...
- بجودة عالية الدقة HD.. تردد قناة ماجد 2024 وشاهد الأفلام الك ...
- استقبل تردد قناة MBC2 على جميع الأقمار الصناعية لتستمتع بأفض ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام محمد المزوغي - (صداقة) خطرة (2)