أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام محمد المزوغي - كَهِينَا (5)














المزيد.....

كَهِينَا (5)


سلام محمد المزوغي

الحوار المتمدن-العدد: 6035 - 2018 / 10 / 26 - 18:12
المحور: الادب والفن
    


أكره الكذب والنفاق وأمقت الكذبة والمنافقين؛ أظن أن ذلك كان من أهم مزايا تربية كهينا لي، لا أذكر أنها كذبتْ عليّ يوما أو أخفتْ عنّي شيئا، كل شيء كانت تقوله لي دون حرج أو تورية، تعلمتُ منها الكثير ولا أزال فخورا بكل جيناتها التي وهبتني.
لم تكن كريمة غبية، كانت أقرب للذكاء منه للغباء، صراحتها جَذبتني إليها أكثر.. بعد قراءتها لقصة افلام البورن وافتراس الحيوانات المفترسة، قالت لي أني شخص عنيفٌ وسادي وفي نفس الوقت بارد ولامبالي، قالت أن ذلك قد يكون مثيرا عند الجنس مع مازوشية لكنه لا يصلح للحب مع شريكة حياة.. سألتني بعد ذلك هل أثق بها؟ فأجبتها أني لا أثق إلا في كهينا، وعند طرح نفس السؤال عليها ردت بنعم ثم غادرت دون أن تقول شيئا، لم تكن تلك عادتها كانت دوما لطيفة معي ترسل قبلا وأحلاما سعيدة قبل أن تغادر لكنها غضبت بسبب إجابتي؛ الحقيقة دائما تؤلم هكذا يقول كل الناس، لم أفهم لِمَ لا يحدث ذلك الألم إلا مع الناس؟ لا شيء حصل من كل ذلك مع كهينا: حقائقنا كانت تهزّ الجبال، لكننا قبلنا بها دون غضب.. دون حروب.. دون حقد، بحبٍّ حصل كل شيء وبحب قالت لي كهينا كل شيء وبحب سمعتُ منها وقلتُ لها كل شيء، الأبواب لم تُغلق يوما بيني وبينها، كهينا لم تُغلق يوما في وجهي الباب كما فعلتْ كريمة تلك الليلة حتى عندما ترى أو تسمع مني شيئا لا يعجبها كانت تنظر لي برفق.. بحنان.. بحب.. تبتسم ابتسامة تقول لي فيها أني أخطأتُ في حقها.. فأستيقظ، أفكّر ثم ألحق بها وأعتذر.
بعد تلك الليلة انشغلت بامتحانات آخر السنة، لم أفكر في زيارة الشات لعدم وفرة الوقت والرغبة.. سعدت كثيرا بذلك لأن عدم رغبتي كان نوعا من الغضب من كريمة، وغضبي منها لا يعني شيئا آخر إلا أني أهتم لها.. بعد الامتحانات وجدت مايلات كثيرة أرسلَتْها لي، قالت فيها الكثير الذي لم تقله في دردشاتنا، كانت صادقة، كانت تتألم، لكنها لم تكن غاضبة.. اعتذرت كثيرا في كل المايلات، وفي الأخير كشفت عن هويتها الحقيقية واعتذرت عن إخفائها لها منذ البداية، قالت أنها لم تكذب عليّ في تلك النقطة لكنها لم تستطع الإفصاح خشية أن أرفض مواصلة الشات معها.. كريمة تتكلم كثيرا عن الصدق والصراحة، قالت دوما أني الوحيد الذي قالت له كل الذي قالت في تلك الدردشات وأنها تخشى أن أراها كاذبة.. ختمت مايلها الأخير بذلك وقالت أنها تُحبني وتنتظرُ ردّي.
اهتممتُ لكلامها، لكني لم أكن بنفس حماسها.. فكّرت مباشرة في طلب رأي كهينا في الموضوع لكني عدلتُ.. صباح الغد، لم أستطع أن أستيقظ لتناول الفطور مع كهينا. عندما استيقظت، وجدت ورقة تركتها لي في المطبخ "تداركْ بدعوتي للغداء".. اتصلت بها مباشرة وكنت أعلم أنها لن تستطيع الرد، لكنها فعلتْ.. قالت أنها تعللت بالحمام وخرجتْ من الاجتماع.. اعتذرتُ منها لعدم تناول الفطور معها ودعوتها لوليمة غلال بحر في المطعم الذي تحبّ، فقبلتْ دعوتي. بعد أن أنهت الاتصال، أرسلتُ لها رسالة قصيرة "أنا محرج.. أظن أن بطاقتي البنكية سُرقتْ.. أحبكِ."، بعد دقائق قليلة رَدتْ "لا تهتم، سأقرضك.. أحبكَ."
علبة السجائر لم يبق فيها إلا واحدة ويلزمني ثلاث لأستيقظ، دخنتها وخرجت دونن تغيير ملابسي لأقتني علبة جديدة.. مشيتُ.. مشيتُ.. حتى وجدت نفسي أقف أمام منزل كريمة، لم يكن قريبا من منزلنا لكني قطعت كل تلك المسافة شارد الفكر، لم أفكر في أي شيء إلى أن استيقظت أمام منزلها.. اتصلت بها، لم تقل شيئا غير "صباح الخير" ولم أقل شيئا غير "أنا أمام منزلكم". فتحت الباب، عبرت الممشى الذي يشق الحديقة حتى وصلت.. لم تفتح الباب ولم تقل شيئا، نظرت إليها ثم أنزلت عينيّ إلى أسفل، نظرت لرجليّ لأكتشف أني أرتدي خفين مختلفين، ابتسمت.. ودون تحويل نظري عنهما قلت "خرجت لشراء سجائر فوجدتُ نفسي هنا.. لا يهم.. البارحة قرأت المايلات.. لا أراك كاذبة.. أنا أيضا كنت أعرف هويتك، أأأأأ.. أرجو ألا تريني كاذبا" ثم نظرتُ إليها وواصلتُ "أأأأأ.. أظن أني.. أأأأ.. يجب أن أعود إلى المنزل.. ممممم.. ماما طلبت مني.. ققققققق.. قالت أني يجب أن.. أأأأأن... أن.. أن أرتبَ غرفتي"
وقع الصدمة عليها جعلها لم تنبس بحرف، لم تكن تنتظر رؤيتي في منزلها حتى في الأحلام، كانت تنتظر مايلا أو في أحسن الأحوال دردشة قصيرة على الشات.. لكنها كانت مخطئة.
تركتها وعدتُ أدراجي، مشيتُ بسرعة.. تقريبا جريت! هربت منها.. كان وقع ذلك عليّ كبيرا؛ كيف انقلبت الآية في تلك اللحظات؟ لا أعلم، العادة أنها هي من تتلعثم من تخجل وأنا من يسخر ولا يأبه! كذلك كنا طيلة خمس سنوات، أربعةُ الثانوية وسنةُ الجامعة التي لم أرها فيها إلا مرات قليلة بالصدفة مع بعض الأصدقاء..



#سلام_محمد_المزوغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كَهِينَا (4)
- كَهِينَا (3)
- كَهِينَا (2)
- كَهِينَا (1)
- كنزة (3)
- كنزة (2)
- كنزة (1)


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام محمد المزوغي - كَهِينَا (5)