أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام محمد المزوغي - كَهِينَا (1)














المزيد.....

كَهِينَا (1)


سلام محمد المزوغي

الحوار المتمدن-العدد: 6034 - 2018 / 10 / 25 - 00:29
المحور: الادب والفن
    


كنت مرتبكا وخجلا من الفعل الذي كنت بصدد الإقدام عليه، كهينا تثق بي ثقة عمياء فكيف أخون ثقتها؟ لو أرادت لأخفت عني مذكراتها لكنها لم تفعل، وضعتها في مكان أراه مباشرة عند دخول غرفة نومها لأنها لا تخشى من خيانتي لثقتها؛ لو خشتْ لأخفتها لكنها لم تفعل لأنها تثق بي وتعلم أني لن أقرأ.... قلت ذلك فخجلتُ، لكن خجلي تلاشى عندما تساءلتُ: لماذا لا تكون قد فعلَتْ ذلك عمدا لأقرأ؟ ألا تكون رسالة لي لأعلم ما خفي عني كل السنين التي مضت وربما لأكتشف ما لم تستطع قوله لي؟
الساعة قاربت السابعة مساء وكهينا ستصل بين اللحظة والأخرى، لم أستطع مقاومة فضولي فخنتُ ثقتها وقرأتُ بسرعة من موضعين اخترتهما بالصدفة..

الأول: (هل يجوز لي الكلام عن إلحاد منذ الصغر؟ الدين يُورَّث للناشئة كما تُورَّث الجينات، فهل يمكن لي أن أتكلم عن طفرة حدثت لي مع الدين ومع الله؟
لا أجزم بذلك، لأني لو زعمت ذلك لن أكون إلا محرِّفة ومزيِّفة لحكايتي الحقيقية الذي لا أحد غيري يعرفها، لكن البشر لهم عقول أو القليل منها، وبهذه العقول أو بالقليل منها سيُرفض زعمي ولن يكون إلا شيئا من استعراض عضلات مدمج مع انكار للذات ولما حَصل لها: يشبه الأمر من ظُلم أو أُعتدي عليه ومُرِّغت كرامته في الوحل فلم يجد من حلٍّ للهروب غير الإنكار ونفي ما وقع عليه، وهو شأن من يرفض العلاج من المرض ومن يرفض مواجهة الماضي ليستطيع عيش الحاضر الذي يَستحقّ وليُحضِّرَ للمستقبل الذي يأمل.
نعم وُرِّثتُ نفس المرض الذي وَرثه الجميع، لن أنكر.. لكن -ولا أعلم السبب- كان المرض دون أعراض ودون آلام لأني لم أهتمّ يوما للدين ولله، لم أهتمّ أكثر للمجتمع الذي فيه عشت ولا أحصي المرات التي فيها من أعرافه ومن محظوراته سَخِرت.)

لم أجد غرابة كبيرة في ذلك، فتلك كهينا التي أعرف منذ صغري لكني اكتشفت أنها كافرة!! كنا نقول أننا مع الله ومع الدين ننتمي إلى "عدم الانحياز" و "عدم الاكتراث" ولم نقل يوما أننا كفار!! تعودت منذ زمن على سب زملائي ووسمي بـ "ابن العاهرة" وكان للقب "ابن الكافرة" وقع خاص؛ فكنت أقول لهم أن كهينا ربما تكون عاهرة لكنها ليست كافرة بل هي من عدم الانحياز، ليست من أعداء الله وليست من أصدقائه، هي لا تهتم له وهو أيضا لأني لم أره يوما يزورها في المنزل ولم أسمع أنه زارها في العمل أو واعدها على عشاء لأنها لا تغادر المنزل ليلا منذ أن عرفتها.. لم أستطع أن أقول لهم أنه حتى لو حاول فلن تهتم له لأنها لا تهتم للرجال والوحيد الذي تهتم له هو أنا، لم أفعل ذلك لأني قد وعيت الخطر منذ الصغر: "ماما لا تحب الرجال، أنت الرجل الوحيد في حياتها، لا تقل هذا السر لأي أحد لأنك إذا فعلت سيطردون ماما من العمل وسيضعونك في مأوى للأطفال الذين لا أهل لهم!"

بعد القراءة اكتشفت أنهم على حق!! كهينا عاهرة وكافرة أيضا وأنا "ابن العاهرة" و"ابن الكافرة" أيضا، ضحكتُ وقلت في نفسي لا يهم فأنا -حاشاني- منزه عن العهر والكفر لأني لم أسمع قط من رفاقي أحدا قال لي: "يا عاهر" أو "يا كافر"، كهينا كانت تهتم بكل شيء في حياتي حتى الألقاب والأمجاد حصدَتْها وحدها..ربما لذلك أحبها وربما لذلك هي المرأة الوحيدة في حياتي....
لم يفتني ملاحظة أن رفاقي كلهم "أبناء شريفات" و "أبناء مؤمنات" واستغربت مثلهم كيف كنت مميزا عنهم في كل شيء بالإضافة إلى الدراسة، وعندما سألت كهينا عن السر أجابتني أن "أبناء العواهر" يشبهون أبناء الفلاحين الفقراء عندما يتفوقون على أبناء الأغنياء، لكن إجابتها لم تقنعني لأننا لم نكن فقراء بل أغنياء فاستدركتْ أننا من فقراء الأغنياء فأعجبني قولها فقلته لأصدقائي فأجابوا: "أنت وأمك مجانين!" فلم أرد عليهم لأني رأيتهم صادقين في قولهم..
تعجبت منها يومَ سألتني:"قل لي يا ولد، لماذا لم أر معك أي جميلة؟ هل أنت من النادي أم ماذا؟" فسخرتُ منها ومن ناديها الذي لا أحترف اللعب فيه لكني حقيقة استغربت كيف خطر ببالها أني أستطيع النظر لغيرها.. لكنها ذكية وتعرفني جيدا كما أعرف نفسي فتداركتْ خطأها لأنها لا تستطيع تحمّل رؤيتي منزعجا من شيء ما.. من أي شيء!



#سلام_محمد_المزوغي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنزة (3)
- كنزة (2)
- كنزة (1)


المزيد.....




- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...
- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام محمد المزوغي - كَهِينَا (1)