أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام محمد المزوغي - كَهِينَا (3)














المزيد.....

كَهِينَا (3)


سلام محمد المزوغي

الحوار المتمدن-العدد: 6034 - 2018 / 10 / 25 - 17:44
المحور: الادب والفن
    


منذ رحيل كريمة عندما كنت في الخامسة عشرة، بدأت كهينا بِحثّي على البحث عن رفيقة، كانت دائما تسألني هل من جديد وتقول لي أنها ستكون سعيدة إذا ما عدت يوما إلى المنزل ومعي إحداهن، لكن ذلك لم يحدث أبدا؛ لا أذكر أني اهتممت لزميلاتي في المعهد ولا أعلم لم رفضتُ رغبة ثنتين منهن في الاقتراب مني، كانتا جميلتين لا ينقصهما أي شيء لكني فضلت أن تبقيا صديقات، "كريمة" كان اسم احداهن، كنت أفضلها قليلا على الأخرى لكني لم أدعها يوما لمنزلنا ورفضت دعواتها المتكررة في الذهاب معها لمنزلها.. طيلة فترة الثانوية لم أُعلم كهينا بوجودهما وكنت أكتفي بالقول بأن عندي صديقات لكن لم أكن أرى أكثر من الصداقة معهن. كانت كهينا ترى أن ما كانت تحثني عليه سيساهم في بناء نفسية سوية، كانت تخشى من عواقب علاقتنا الانصهارية على شخصية مراهق لا يستطيع النظر إلى كل ما يحيط به إلا عبر عيني أمه.
بعد تلك الليلة التي قرأت فيها من مذكرات كهينا - وكنت وقتها قد أتممت سنتي الجامعية الأولى - التقيت بكريمة في الغد، كانت غاضبة ولم تصدق تعللي بمرض كهينا، لم تعجبني غيرتها وعجبت منها لأنها تعرف كل شيء منذ الثانوية.. قالت لي أنها تستحي حتى من التفكير فيما يحدث لها، لكنها تغار من ماما وتريدني أن أمضي معها أكثر وقت وأن أبتعد قليلا عن كهينا. كانت تكلمني باكية وكنت أنظر لها في صمت، تساءلت مع نفسي عن السر في سماحي لها أن تقول كل ما قالته، كانت تلك اللحظات أول مرة سألت نفسي: "ماذا تعني لك كريمة؟"
الكل كان يراها حبيبة لي وهي منهم، لكني لم أكن أرى ذلك، لم أكن أراها مجرد صديقة أيضا.. تقاربنا من جديد بعد الثانوية كان فريدا وربما لذلك كنت أرى أن مكانتها خاصة عندي، كنت أراها جميلة لكني لم أرغب فيها يوما، لم أرغب حتى في مجرد قبلة، لكني كنت في بعض الأحيان أشعر بالرغبة في رؤيتها فأواعدها؛ كان ذلك نادر الحدوث وكان يسعدها كثيرا لأنها كانت الأكثر اتصالا ورغبة في أن نلتقي..
جمع شملنا من جديد كان عبر موقع تشات منتصف السنة الأولى، أردت عبره معرفة ما سيقول الآخرون عني وعن كهينا.. تكلمت مع الكثيرين من جنسيات مختلفة، أغلب الآراء كانت سلبية باستثناء رجل فرنسي ستيني امرأة إنكليزية في عمر كهينا وفتاة في عمري من البلد؛ كان طبيعيا أن أهتم للفتاة فقد كانت الوحيدة التي قالت خيرا عكس كل الباقين الذين شتموا ولعنوا ثم رفضوا صداقتي. الفتاة أُعجبتْ بجل ما ذكرتُ عنا، وقالت أنها تتمنى لو كانت علاقتها بأمها أو بأبيها مثل علاقتي بكهينا، كانت بريئة في البداية لأنها لم تفهم كل الحقيقة وراء قولي أن علاقتنا انصهارية.. مع مرور الوقت وتعدد دردشاتنا، راودها الشك عندما كتبتُ لها أني وكهينا نستحم معا وننام معا في بعض الأحيان في غرفتها أو في غرفتي. سألتني بعد أن أمطرتني اعتذارات: "هل بينكما جنس؟" فأجبتها أن لا.
كانت أغلب موضوعات دردشاتنا عني وعن كهينا، لكن كان بعضها عنها؛ حكت لي كل شيء عنها، شعرت بالأسى للمشاكل العائلية الكثيرة التي عاشت فيها ولوحدتها، وعندما طلبت رأيي في حبيب لا يبادلها نفس الحب وصفتها بالغبية وبالمراهقة ونصحتها بالبحث عن غيره..
لم تنقطع دردشاتنا، وعند مراجعة بعضها اكتشفت هوية تلك الفتاة؛ كريمة كانت تعرف هويتي منذ أول دردشة بيننا.. درسنا في نفس المعهد أنا وهي، ما قلته عني عبر النات إطاره كان معروفا عند الجميع، ذكرت المدينة التي بها أقطن، ذكرت عمري عمر كهينا عملها المعهد الذي به درستُ ذكرت هواياتي تفوقي الدراسي.. ذكرت كل شيء، فقط استعملت اسما مستعارا لم يكن له أي مفعول لأن كريمة عرفتني منذ أول دردشة. لم نكن ندرس في نفس الكلية لكننا كنا في نفس المدينة كأيام الثانوية، لا أعلم لِمَ واصلت الدردشة معها بعد أن تعرفتُ على هويتها الحقيقية، كنت أستطيع الاتصال بها بالهاتف لإنهاء تلك المسرحية لكني لم أفعل وواصلتُ الشات معها زاعما أني لا أزال أجهل هويتها، لم تكن مختلفة عن كريمة التي عرفتُ ورفضتُ كل عروضها وفضلتُ أن تبقى صديقة لكني كريمة الافتراضية جذبتني أكثر لدرجة أني كنت أمضي الساعات في الكتابة والقراءة لها.. بعد أن إلتقينا قالت لي بأنها شكّتْ أني تعرفتُ عليها لأني لم أطلب منها رقمها ولم أستغرب من عدم طلبها رقمي بعد قرابة ثلاثة أشهر، لكن شكها لم يدم كثيرا لأنها قالت أني مستحيل أن أواصل الشات معها لو كنت قد علمت هويتها الحقيقية لأني لم أهتم لها يوما أيام المعهد.. وكانت مخطئة.
قد يكون الذي جعلني أهتم هو اكتشافي أنها متبناة من أبويها وأنها تعرف اسم أمها الحقيقية لكنها تجهل أي معلومات عنها، اكتشفت ذلك مع ابتداء تلك السنة الجامعية وعند مواجهة أبويها اعترفا لها بالحقيقة؛ كل شيء حصل في مدينتنا، من المشفى المحلي وقع تبنيها من زوج لم يكن يقطن المدينة تلك الفترة، ثم شاءت الصدف أن يغادر أبواها العاصمة للعمل والسكن بمدينتنا بعد أن تجاوزت كريمة الإعدادية.. أمضينا أربع سنوات في نفس المعهد، ثم شاءت الصدف أيضا أن تبقى كريمة في نفس المدينة لأن مجموعها لم يمكنها من الشعبة التي أرادتها في العاصمة بل في مدينتنا؛ العاصمة يلزمها مجموع كبير العاصمة يلزمها طلبة لا يعرفون حقيقة تاريخهم.. لم تكن العاصمة تهمني لأن شعبتي توجد كليتها في مدينة واحدة في البلد: مدينة كهينا، مدينة خالتي كريمة، مدينة صديقتي كريمة، مدينتي.



#سلام_محمد_المزوغي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كَهِينَا (2)
- كَهِينَا (1)
- كنزة (3)
- كنزة (2)
- كنزة (1)


المزيد.....




- يسرا في مراكش.. وحديث عن تجربة فنية ناهزت 5 عقود
- هكذا أطلّت الممثلات العالميات في المهرجان الدولي للفيلم بمرا ...
- أول متحف عربي مكرّس لتخليد إرث الفنان مقبول فدا حسين
- المسرحيون يعلنون القطيعة: عصيان مفتوح في وجه دولة خانت ثقافت ...
- فيلم -أحلام قطار-.. صوت الصمت في مواجهة الزمن
- مهرجان مراكش: الممثلة جودي فوستر تعتبر السينما العربية غائبة ...
- مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة يصدر دليل المخرجات السينمائي ...
- مهرجان فجر السينمائي:لقاءالإبداع العالمي على أرض إيران
- المغربية ليلى العلمي.. -أميركية أخرى- تمزج الإنجليزية بالعرب ...
- ثقافة المقاومة: كيف نبني روح الصمود في مواجهة التحديات؟


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام محمد المزوغي - كَهِينَا (3)