أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - بين المطرقة والسندان















المزيد.....

بين المطرقة والسندان


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6025 - 2018 / 10 / 16 - 23:00
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بين المِطرقة والسِّنْدان
Between the Hammer and the Anvil
ب. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي


في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي رواها الكاهن صدقة بن الكاهن الأكبر إسحق بن الكاهن الأكبر عمران (عمرم) الحفتاوي [١٨٩٤١٩٧١، زعيم السمرة في نابلس من أربعينات القرن العشرين إلى ستيناته، مثّل طائفته لدى المملكة الهاشمية بالرغم من أنّه لم يكن كاهنًا أكبر؛ قاصّ بارع، شمّاس معروف، وصف بالذكاء والدهاء، كان غنيًا وسلطويا، شقيقه الكاهن الأكبر عمران، أولاده: عبد المعين، يوسف، إبراهيم، إسحق، زهية، تمام؛ كانت له علاقات صداقة مع رئيسي بلدية نابلس، سليمان عبد الرزاق طوقان ١٩٢٥١٩٥١، طاهر حمدي كنعان، ١٩٥٩١٩٦٣، وبعض الساسة الأردنيين مثل بهجت التلهوني والشريف ناصر؛ علّم العربية حسب كتاب مدارج والحساب في المدرسة السامرية التي كانت في بيت عائلة عزات بن إسماعيل الستري؛ زوج أخت الكاهن الأكبر يعقوب بن عزي] بالعربية على مسامع الأمين (بنياميم) صدقة، الذي نقلها إلى العربية، نقّحها، اعتنى بأسلوبها ونشرها في الدورية السامرية أ. ب.- أخبار السامرة، عدد ١٢٣٨١٢٣٩، ١٥ أيّار ٢٠١٧، ص. ٤٨٥٠. هذه الدورية التي تصدر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها ــ إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الحالي؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية) بالخطّ اللاتيني.

بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، توزّع مجّانًا على كلّ بيت سامري في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة سامري، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين في الدراسات السامرية، في شتّى أرجاء العالم. هذه الدورية ما زالت حيّة تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة المحرّريْن، الشقيقَين، الأمين وحسني (بنياميم ويفت)، نجْلي المرحوم راضي (رتسون) صدقة (٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).

”أربعون ألف قرش ضريبة دخل سنويا

دأبت الحكومة التركية في ثلاثينات القرن التاسع عشر على جباية الضرائب من كلّ الدول الواقعة داخل حدود الإمبراطورية العثمانية. في تلك الفترة كان محمد عبد اللطيف حاكم لواء في البلاد وجبى الضرائب من سكّان نابلس ومن ضمنهم الطائفة السامرية. فرض الحاكم على الطائفة السامرية ضريبة سنوية مقدارها أربعون ألف قرش لصالح خِزانة الحكومة التركية. بشقّ الأنفس استطاعت الطائفة السامرية جمع هذا المبلغ، بعد أن أرغمت النساء والفتيات على بيع حليهن الذهبية وسائر ممتلكات البيت. استمرّت هذه الحالة سبع سنوات.

في عام ١٨٣٠ علم الكاهن الأكبر عمران بن سلامة أنّ عبد الحميد مراد باشا القائم بأعمال السلطان قد قدم من تركيا لزيارة القدس لتفقّد أحوال السكّان. على الفور، سافر الكاهن الأكبر سلامة إلى القدس وطلب مقابلة مراد باشا ولُبّي طلبه في الحال. في اللقاء تحدّث الكاهن مع القائم بأعمال السلطان عن أحوال طائفته وعن مبلغ الضريبة الباهظ الذي يُجبى من السامريين كلّ عام، وعن وضعهم الاقتصادي المتردّي، الذي لا يسمح لهم دفع هذا المبلغ. سأله مراد باشا: في أيّ يوم اعتدتم على دفع هذه الضريبة السنوية؟ أجاب الكاهن: بعد شهر من هذا اليوم علينا دفعها. قال له مراد باشا: هذه المرّة، لا تدفعوا هذه الضريبة حتى تتسلّموا إيصالًا من الحاكم على المبلغ المدفوع. وهذا يكون شهادة عامّة بأنّ السلطان عبد الحميد يخون الحكومة التركية، إذ أنّ وَفْق القانون، الطائفة السامرية مُعفاة من الضرائب.
شكر الكاهن الأكبر مراد باشا وودّعه، بعد أن حصل منه على وعد بحلّ المشكلة قبل مغادرته البلاد. بعد عودة الكاهن الأكبر إلى نابلس وإطلاع أبناء طائفته بخِطّة مراد باشا، قرّر الجميع دون استثناء تسليم المبلغ المطلوب للكاهن. بعد مُضِيّ شهر أرسل حاكم اللواء جُباته لجباية الضريبة الثابتة من السامريين، الذين بدورهم قالوا إنّ المبلغ كلّه موجود لدى الكاهن الأكبر سلامة. توجّه الجباة إلى الكاهن لجبي المبلغ فأجابهم الكاهن: كل المبلغ موجود عندي إلا أنّني لن أسلّمه لكم بدون إيصال من سعادة حاكم اللواء وعليه توقيعه وختمه. عاد الجباة أدراجهم وتوجّهوا إلى عبد اللطيف سيّدهم وأخبروه بما قال لهم الكاهن الأكبر سلامة. غضب هذا واحتدّ جدًا فاستدعى الكاهن.

تعيين دائم في بلدية نابلس

سمع الكاهن الأكبر سلامة أمر عبد الله وتخوّف كثيرا، إلا أنّه كان عليه أن يذهب إلى مكتبه. عند دخوله الغرفة بادره عبد اللطيف بالسؤال: ما مغزى هذا الطلب الجديد؟ أجاب الكاهن: الطائفة تطلب إيصالًا بالمبلغ الذي أُسلّمه لك ولا يجوز لي مخالفة هذا الطلب قيد أنملة. إجابة الكاهن هذه أغاظت الحاكم جدّا فلطمه بقوّة طالبًا تسلّم المبلغ المعين فورًا وبدون أيّ تأخير، وإلّا سجنتك أنت وجميع وجهاء الطائفة. عند سماع أبناء الطائفة ما جرى للكاهن مع الحاكم قرّروا عدم الاحتفاظ بالمال بأيديهم فسلّموه للحاكم.

في اليوم التالي سافر الكاهن الأكبر إلى القدس، وقصّ على مراد باشا ما حدث فاغتاظ جدّا. في اليوم ذاته امتطى مراد باشا صهوة حصانه وعلى يمينه يركب الكاهن الأكبر سلامة حصانًا كبيرًا شبيهًا بحصان الباشا وبرفقته ثلاثون فارسًا من الخواصّ، وساروا في طريقهم إلى نابلس للوقوف على المشكلة ذات العلاقة. عند سماع عبد اللطيف خبر قدوم مراد باشا خرج لاستقباله بدون أن يعرف ما الخطب، وبمعيّته الكثير من الفرسان، وفي تلك الأثناء أرسل باشا الكاهنَ سلامة إلى بيته مؤكدًّا له بأنّه سيستدعيه في اليوم التالي.

في اليوم التالي أقام مراد باشا محكمة في نابلس، دعا حاكم نابلس عبد اللطيف والكاهن الأكبر سلامة. أسهب الكاهن في عرض تسلسل الأمور من البداية وحتى النهاية أمام المحقّقين الذين عيّنهم باشا. بعد أن بحث القضاة والمحقّقون القضية برصانة أصدروا قرارًا يقضي بأنّ على حاكم اللواء دفع مبلغ قدره ثلاثمائة وعشرون ألف قرش تعويضات للسامريين، بدلًا من المبلغ الذي جباه منهم في غضون ثماني سنوات. كما وقرّروا أيضًا أن يردّ الكاهن الأكبر على الحاكم على الصفعة التي مسّت كثيرًا بشرف الكاهن.

ساد التوتّر الشديد الحضور عندالإعلان عن تنفيذ الحكم، عندما وقف الكاهن وحاكم اللواء عبد اللطيف الواحد قِبَل الآخر، التفت الكاهن نحو مراد باشا وقال إنّه يفضّل استبدال لطمه وجنة الحاكم بنزع الأخير سيفه من على ركبته وبهذا مسّ أكبر بشرفه، إذ أن السيف رمزُ عظمة الحكومة التركية. استجاب الباشا لطلب الكاهن فنفذ طلبه وعندها قال الكاهن لقد تسلّمت أجري ولكن أطلب من حضرة الباشا والقضاة تقسيم مبلغ المال المسترجَع من عبد اللطيف بالتساوي بين الطائفة السامرية والحكومة التركية، أي مائة وستين ألف قرش لكل طرف. زد إلى ذلك أن الباشا أقال عبد اللطيف من رئاسة البلدية. أدرك الكاهن الأكبر سلامة المصيبةََ المترتبة عن ذلك بالنسبة للطائفة السامرية فطلب عدم إقالة عبد اللطيف من عمله كليّا. استجاب الباشا لطلب الكاهن وعيّن عبد اللطيف موظفًّا بسيطًا في بلدية نابلس وتحت إمرة الحاكم الجديد الذي سيحلّ محلّه.

بعد كلّ ذلك أمر الباشا الحاكمَ الجديد بألّا يجبي أيّة ضرائب من الطائفة السامرية، ثم توجّه إلى منزل الكاهن الأكبر سلامة ليحلّ ضيفًا عليه وعلى أبناء طائفته وقدّم لهم الهدايا والحلويات. كما عيّن الباشا الكاهن الأكبر سلامة عضوًا في البلدية الجديدة وأمر بنقل هذه العضوية بالوراثة للكهنة الكبار القادمين من بعده. وما زال هذا الدور قائمًا حقًّا إلى يومنا هذا، أي أن الكاهن الأكبر عضو في بلدية نابلس.












#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض الملاحظات حول ديوان شعر شخصي
- الرجُل والدبّوس -قصّة أخلاقية حكيمة
- صلحة -تنكات-
- حلقة جديدة من: حِكم، أقوال وأمثال في كل مجال (ل)
- نافذة على طائفة قمران ومخطوطاتها
- حِكم، أقوال وأمثال في كلّ مجال
- شخصان نابلسيان: أبو بدري وأبو جعام
- نظرات في -المرايا-
- -هي- ديوان شعر للدكتور فؤاد عزّام
- مذبح الصلاة يجب أن يبقى طاهرا
- حِكم، أقوال وأمثال في كل مجال (ق)
- كلمة في -قُبلة بكامل شهرزادها-
- حول دافيد بن غوريون واللغة العبرية
- إحرصوا على تكريم الميّت
- نظرات في -قانون القومية-
- صبحي الطيّب
- حِكم، أقوال وأمثال في كل مجال (ف)
- حول صناعة الكتاب في فنلندا في عصر الإصلاح
- قيامة الموتى في مستعمرة مَتْسليح
- الحاجّ الذي لا يشرب الخمر


المزيد.....




- قدمت نصائح وإرشادات للمسافرين.. -فلاي دبي-: إلغاء وتأخير بعض ...
- -شرطة الموضة-.. من يضع القواعد بشأن ما يُسمح بإرتدائه على مت ...
- رئيسي لبوتين: إيران لا تسعى للتصعيد في الشرق الأوسط
- إسرائيل.. إصابات جراء سقوط مسيّرتين أطلقتا من لبنان (فيديو + ...
- إسرائيل تغلق الطريق رقم 10 على الحدود المصرية
- 4 أسباب تستدعي تحذير الرجال من تناول الفياغرا دون الحاجة إلي ...
- لواء روسي: الحرب الإلكترونية الروسية تعتمد الذكاء الاصطناعي ...
- -سنتكوم-: تفجير مطار كابل عام 2021 استحال تفاديه
- الأمن الروسي يعتقل مشبوها خطط بتوجيه من كييف لأعمال تخريبية ...
- أوكرانيا تتسبب بنقص أنظمة الدفاع الجوي في الغرب


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - بين المطرقة والسندان