أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - شخصان نابلسيان: أبو بدري وأبو جعام














المزيد.....

شخصان نابلسيان: أبو بدري وأبو جعام


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 5996 - 2018 / 9 / 16 - 01:32
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


شخصان نابلسيان: أبو بدري وأبو جعام
Two Nabulsian Persons, Abū Badrī & Abū Ğu˓am
ترجمة ب. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي


في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي رواها مرجان بن أسعد بن مرجان السراوي الدنفي (أب سكوه/شوهم بن سعد أب سكوه هستري هدنفي ١٩٤٣ ) بالعبرية على مسامع الأمين (بنياميم) صدقة، الذي نقّحها، اعتنى بأسلوبها ونشرها في الدورية السامرية أ. ب.- أخبار السامرة، عدد ١٢٣٦١٢٣٧، ١ أيّار ٢٠١٧، ص. ٧٧٧٩. هذه الدورية التي تصدر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها ــ إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الحالي؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية) بالخطّ اللاتيني.

بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، توزّع مجّانًا على كلّ بيت سامري في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة سامري، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين في الدراسات السامرية، في شتّى أرجاء العالم. هذه الدورية ما زالت حيّة تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة المحرّريْن، الشقيقَين، الأمين وحسني (بنياميم ويفت)، نجْلي المرحوم راضي (رتسون) صدقة (٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).

”أبو بدري

هذا ما حدث لأحد جيران السامريين في القسم القديم من مدينة نابلس، المعروف بكنية ”أبو جعام“، عاطل عن العمل في الحيّ، لم يزاول أيّ عمل قطّ في حياته، وكان دائمًا متطفلًا على موائد الغير. نحن نذكر شخصًا كهذا كنيته ”أبو بدري“، دأب على زيارة خيام السامريين على جبل جريزيم في أيّام عيد الفسح، القربان. كان يأكل فضلاتِ طعام السامريين، ما كنّا عادة نُلقيه إلى سلّة المهملات بعد تناول الطعام. كان أبو بدري ثملًا على الدوام، وفي أكثرَ من مرّة تفوّه بكلام نمّ عن فهمه الوافر. مثيله السابق في تصرّفاته، كان أبا جعام الذي لم يغادر بيوت السامريين في الحيّ القديم، وكان يلتهم الطعام والمشروبات الروحية، يتفوّه بمزيج من الهُراء والحكمة. اعتاد السامريون على التفكّه معه وعلى حسابه، وهو، على وجه الإجمال، لم يؤذِ أحدا. كان الكاهن ثقي بن توفيق (فنحاس بن متسليح) رحمه الله، من الذين أسهبوا في ممازحته. لم أعرف طيلة حياتي حتّى اليوم، نفسًا أطهر وأزكى من نفسه. هذا الكاهن، الذي لم يحظ بترؤّس السامريين إلا حوالي ثلاثين شهرًا [١٩٨٢١٩٨٤] كان مستقيمًا وفي غاية الورع.

أَغاظه الشيطان

أَذكر أنّي رافقت ذات مرّة الكاهن ثقي في رحلة لبيروت استغرقت خمسة أيّام، وأخذ الكاهن معه خبزًا وكباب لبن وأبى أن يتذوّق شيئًا من أطايب السوق اللبنانية. حافظ على عادته هذه طَوال حياته. إنّه حرَص على احترام الناس ولذلك احترمه جميع معارفه. مع أبي جعام تعامل الكاهن بتفكّه ككلّ السامريين، لأنّ ذلك الشخص بطبيعته هكذا فهو بكثرة سُكره كان يفقِد صوابه ويقوم بالتهريج.

ذات يوم مرِض أبو جعام بمرض عُضال فتوقّف عن زيارة بيوت السامريين. أحسّ السامريون بغيابه فقاموا كلّهم بزيارته وتمنوا له الشِفاء الكامل. تواجده الدائم في بيوت السامريين، أضفى بعض الضحك على حياتهم الكئيبة على أيّ حال، وجوّ الممازحة معه عوّض ولو قليلا عن علاقة النفور والغيظ من جانب الجيران العرب. الوحيد الذي لم يزر أبا جعام لسبب ما، كان الكاهن ثقي بن توفيق، لأنّه كان على ما يبدو منشغلًا بشؤون أخرى، ولم يتسن له ذلك. بعد أن شُفي من مرضه التقى بالكاهن ثقي في زُقاق الشارع السامري.

”لماذا لم تعُدني في مرضي؟“، سأل أبو جعام الكاهنَ ثقي. ”لأنّ الشيطان أغاظني جدّا“، أجاب الكاهن.
”ولماذا أغضبك الشيطان؟“، استفسر أبو جعام.
”لأنّه لم يأخذك معه“، قال الكاهن ثقي.
ضحك الاثنان، وضحك كلّ أبناء الطائفة.“



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرات في -المرايا-
- -هي- ديوان شعر للدكتور فؤاد عزّام
- مذبح الصلاة يجب أن يبقى طاهرا
- حِكم، أقوال وأمثال في كل مجال (ق)
- كلمة في -قُبلة بكامل شهرزادها-
- حول دافيد بن غوريون واللغة العبرية
- إحرصوا على تكريم الميّت
- نظرات في -قانون القومية-
- صبحي الطيّب
- حِكم، أقوال وأمثال في كل مجال (ف)
- حول صناعة الكتاب في فنلندا في عصر الإصلاح
- قيامة الموتى في مستعمرة مَتْسليح
- الحاجّ الذي لا يشرب الخمر
- حٍكم، أقوال وأمثال في كلّ مجال
- أللا أحاد في ذُرية النبي محمد
- لمحة عن لغة اللادينو
- الكوسا التي ليست فيموسمها
- لمحة عن ديوان النكية والمسيرة وديوان آخر
- -العربية:قواعد وتمارين- بقلم فاروق أبي شقرا
- حِكم، أقوال وأمثال في كل مجال (ع)


المزيد.....




- شيرين تختتم مهرجان -موازين- بعد غياب طويل والمايسترو يشارك ص ...
- أول صحفي غربي يدخل إيران منذ بدء الصراع مع إسرائيل.. إليك مش ...
- -قد يتسبب بكارثة مشابهة لتشيرنوبل-.. تحذيرات روسية من استهدا ...
- كاميرا CNN ترصد حجم الدمار داخل مقر التلفزيون الإيراني بعد غ ...
- تهديد إسرائيلي مباشر.. هل حسمت تل أبيب أمرها باغتيال خامنئي؟ ...
- مجلس أوروبا ينتقد ألمانيا بشأن -قمع التظاهرات المؤيدة لغزة- ...
- استهلاك كبير للطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي.. هل نواجه أزمة بي ...
- قاعدة 50+1 -درع- الأندية الألمانية ضد سيطرة المستثمرين!
- إسرائيل: دمرنا ثلثي منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية
- عواقب صحية خطيرة لإدمان المواد الإباحية


المزيد.....

- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - شخصان نابلسيان: أبو بدري وأبو جعام