الحلقه الحاديه عشره من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة احتلال الطاغيه صدام للجاره الشقيقه الكويت

ناديه كاظم شبيل

الحوار المتمدن-العدد: 1510 - 2006 / 4 / 4 - 09:45
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

رويدا رويدا اخذ صوت رحى الموت بالاختفاء واشرقت شمس الصباح من جديد لتدخل الدفئ الى القلوب المنكسره وتمسح الحزن عن العيون التي اضناها السهر والبكاء وعادت الطيور تغرد في سماء بغداد الثكلى لقد كانت حصيلة هجمات الليل الكثيفه هوتدمير المنشات المدنيه كمنشات الكهرباء واسالة المياه وتدمير معمل حليب الاطفال ومعامل الادويه لقد كان الهدف من هذه الحرب هو تدمير الابرياء من ابناء الشعب العراقي اما صدام فكان قابعا في وكره فهذه شيمة الابطال عندما يواجهون الحروب هكذا علمنا حامي الحمى بان يدفع الاطفال والاشراف وقودا في محرقته التي لا تمل القتل والاجرام. اخذت والدتي تلقي اللوم على الشعراء والمرتزقه من العراقيين و العرب الذين كانوا يؤلهونه ويمجدون جميع اعماله الشريره والقت باللوم كذلك على كل يد منافقة صفقت له ثم تذكرت شيئا اطرقت له خجله فقبل اسابيع فقط سمعت والدتي اصوات تنبيه عاليه تطلق من الموتورسكلات والسيارات واحست بهرج ومرج غير عاديين وصوت تصفيق وهتاف عال بالروح بالدم نفديك ياصدام فعرفت فورا ان ابا العرب هو المقصود وبدون شعور منها احست بيديها تصفقان بشده وبلسانها يهتف بشده وكانه ليس لسانها هي بل لسان امراة مفتونة بحبه حفظه الله ورعاه بالروح بالدم نفديك يا صدام ثم وبعد لحظة واحدة احست بجريمتها فاسبلت يديها واطرقت الى الارض ولسان حالها يتسائل ما الذي اعتراني وهل جننت هكذا يفعل خوف الطغاة بالعزل والابرياء من ابناء الشعب العراقي المغلوب على امره
اخذت والدتي تخبز لنا الخبز على المدفاه النفطيه المتعبه التي تمتلكها حيث كانت تضع على فتحتها العلويه سلكا معدنيا مشبكا كالذي يضعونه على الشبابيك لمنع الناموس والذباب من الدخول الى الدار وحين يحمى جيدا تضع فوقه العجينه بعد ان تكون قد رققتها جيدا فتنتفخ بعد فترة قصيرة فتقلبها على الوجه الاخر فينتاولونها كاشهى ما يمكن رغم رائحة النفط التي كانت تفوح منها قال والدي منكسا راسه حسرة مرددا قول الامام علي لو كان الفقر رجلا لقتلته ردت عليه والدتي تقصد لو كان الحرب رجلا لقتلته وافقها ابي بهزات متكررة من راسه تنم عن الحزن العميق بدا والدي بتفحص زجاج الشبابيك الذي حسبه قد تكسر وفوجئ به سالما وخرجت جميع العائله للخارج لمشاهة ما قد حصل لقد غادر جميع الرعاة والحراس المنطقه واصبحت خالية الا من بعض الكلاب الجائعه الخاوية فلا تسمع لها الا عواء طويلا حزينا بين لحظة واخرى تسائلت والدتي عن تاخراهلها عن نجدتها فلقد عاهدوها على انهم سوف لن يتخلوا عنها وانهم سياتون اليها عند سماعهم صوت صفارة الانذاروسالت والدي ماالذي اعاقهم ياترى رد عليها بانه في يوم القيامة هذا ينسى المرء كل شئ ويريد ان ينجو بنفسه فقط كانت الصواريخ قد تساقطت هنا وهناك فوق البيوت التي كابد اصحابها ليقيموها فهدمت ما هدمت وصهرت ما صهرت الشئ المحزن جدا ان اللصوص استغلوا فرصه سفر العوائل الى مناطق ذويهم فاخذوا يسرقون ابواب المسافرين وشبابيكهم وجميع ممتلكاتهم فكانهم اخذوا يكملون ما عجز عنه بوش واعوانه في ابناء جلدتهم بلا رحمة او وازع من ضميركانت بقايا الصواريخ المتفجره متساقطه في كل مكان لم يدم تجوالنا في المنطقة طويلا لان اصوات رحى الموت عادت ثانية تئن ذلك الانين الرهيب فهرع الجميع الى البيت دفعة واحدة وبداوا يرقصون رقصة الموت المحزنه حيث تبدا الاجساد الغضه بالارتعاش الشديد يصحبها القئ والاسهال وموسيقاها الصراخ والعويل الذي يقطع القلوب الا قلوب الجناة ثم جاءجارنا المقاول وجميع افراد عائلته كلاجئين سياسيين استقبلهم الاهل بفرح يشوبه الحذربسبب اسم المقاول الذي اطلقه اخي الكبير على كلبه نظر والداي الى اخي نظرة تحذير وتنبيه فاصطحب كلبه وجلس على السلم يرقب الجميع من بعيد كانت الفنانة المبدعه اشد الجميع خوفا وهلعا اذ انها كانت قد حطمت الرقم القياسي في عدد مرات القئ والاسهال اما نوبات الارتعاش التي كانت تصيبها فكانت بلا انقطاع حتى بعد ان تختفي الغاره فلم يبق في بيتنا مكان يخلو من رائحة القئ النافذه اما الاغطيه فكانت قد ابتلت تماما ولم يعد المرء يعلم السر الحقيقي لهذا البلل بعد عدة ايام نفذ الطعام فسافر المقاول واهله الى اقربائهم فاضطرت والدتي الى الذهاب الى البرية التي تحيط ببيتنا وبدات بقطف اوراق الخباز لتطبخ منه مرقا ولكون الغاز قد انتهى فاضطرت الى قص الشوك والعاقول الذي يغطي المنطقه. ما اثار تقززها واشمئزازها هو قصها للعديد من السحالى التي اتخذت من شجيرات العاقول والشوك مسكنا امنا لها. تسبب الدخان المنبعث من العاقول الرطب باصابة والدتي بالتهاب حاد في الحنجره واصيبت من جراء ه ايضا بحساسية مفرطة في العينين فقرر والدي المجازفة والمخاطره بالسفر الى اهله واصطحابنا معه جميعا فاستدان مبلغا من المال من احد الاصدقاء واستاجر سائقا يعرفنا لان ولده احد تلاميذ امي لقد جازف الرجل بحياته في سبيل انقاذنا ولم يبال بالحمم القاتله التي كانت الصواريخ والقنابل تنثرها فوق رؤوس الابرياء. وصلنا الى اهل ابي بسلام كانت اثار الجوع جلية واضحة علينا ولكن تاثيرها على والدي اثار قلق اهله فبداوا يلقون اللوم على والدتي واحست بانها شخص غير مرغوب فيه خاصة عندما لاحظوا ان والدي يرفض تناول الطعام الا بعد ان تنتهي هي ويشبع اخوتي ثم ياكل هو ما تبقى لذا قررت عمتي ان تسافر امي الى اهلها بصحبة اخوتي ويبقى والدي معهم. لقد اصابت الحيرة ابي فان هو صمم على بقاء والدتي معه فلربما سينال الطرد هو الاخر ولذا اصطحب والدتي واخوتي وسافر بهم الى تلك المدينة البعيده التي يسكنها جدي وجدتي وسط الانفجارات والموت والدمار.

#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات