أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر عبد زيد - عمارة ما بعد الحداثة (زُها حديد أنموذجاً)















المزيد.....

عمارة ما بعد الحداثة (زُها حديد أنموذجاً)


عامر عبد زيد

الحوار المتمدن-العدد: 5998 - 2018 / 9 / 19 - 22:25
المحور: الادب والفن
    


" اذا لم تكن صانعا للجمال فلا تكن منتجاً للقبح ."

إذا كانت العمارة هي منظومة للاتصالات والتفاهم تنتقل فيها المعلومات من باعث يتمثل بالمصمم إلى متلق يؤدي دور المفسر كائناً من يكون ؛أما " التفسير " فيقصد به هنا " النقد " أو "المعنى " .( ) فلا شكّ أنّ لهذه المنظومة مرجعيّات تظهر تحولاتها وما يصيبها من تجديد وبخاصة ونحن نعيش ارهاصات عديدة في ظل خطاب ما بعد الحداثة( ) لقد غيّرت من القوالب الجاهزة وبعثرت القواعد والقوانين و الأنظمة التي تبني الخطابات الفكريّة والفنيّة والعلميّة أيضاً .هذه الخطابات هي خطابات الفنانين والعلماء والمفكرين والمثقفين .( ) ،ولعل هذا يظهر في رفضها الخطابات الذهنيّة والأخلاقيّة و السياسيّة والاجتماعيّة نفسها على كل المجتمعات "فالحكايات الكبرى " لم تكن تعتقد بشيء سوى أنّ الذات المستقلة ، ومن هذا انتجت مركزيّة الأنا (الإحساس بقيمتها ) وعنه نجحت أنظمة كليانيّة ، أرادت أن تخضع الكل لنظامها .( ) وبالآتي كان مفهوم ما بعد الحداثة هو بمثابة الحقل الفكري والفلسفي الذي عمل على نقد المذاهب الفكريّة في المشروع الغربي .( ) ؛ لكن يبقى من الضرورة التأكيد على إنّ المشاعر التي ينقلها المعماري، ليست هي المشاعر التي ينقلها الأديب، أو المسرحي، أو الموسيقي، أو الشاعر، إنّها مشاعر لها لون خاص ؛لأنّها تتعلق بمعاني الأشكال المعماريّة التي يصممها المعماري، و لذلك فإنّ لغته التي يعبر بها تتعلق بعلاقات تلك الأشكال ببعضها ، و بين العناصر و محيطها، حينما تتآلف في وحدة معبرة تحمل مشاعر المعماري .فقد ظهرت تحولات مهمة في فن العمارة لما بعد الحداثة والتي يمكن أن نجد لها مقدمات كما جاءت به "جماليات المستقبليات" في العمارة إذ هيمن على تلك المدرسة رهان " جمال السرعة " ولعل هذا ما أشار اليه الايطالي فيليبو توماس مارينيتي (1876-1944م) من خلال بيانه في صحيفة لوفيجارو الفرنسيّة عام 1909م؛ ليبشر بولادة فن المستقبل ونهاية الماضي.( الحركة المستقبليّة – مجلة الكلمة ) ( ) يبدو أن هناك انبثاق لخطاب جمالي جديد يحاول أن يخلق قطيعة مع ذائقة وحركة الماضي ويبشِر بشيء جديد فهو يتخذ من تجميع العنف الى جانب الجمال وإرادة التدمير والحرب آليّة في ازاحة الآخر وتشيِد جماليّات القوة والسرعة .
لكن تبقى جماليات "التفكيكيّة في العمارة "اذ عرفت إحدى الفلسفات التي مثّلت ما بعد الحداثة ، فالتفكيك يشترك مع المستقبليّات في موقفه من التراث الغربي وبخاصة نقد التمركز العقلي ، داعيا إلى دور حر للغة بوصفها متتاليّة لا نهائيّة من اختلافات المعنى ؛لهذا لم يقتصر أثره في الفكر الفلسفي ، بل امتدّ إلى النقد الأدبي ( )؛ لكن من أهم مقومات التفكيك هو الاختلاف وهو مشتق (différence) من الصيغة الأولى ذات الدلالة المكانيّة أساسا ، أما الصيغة الثانيّة ذات الدلالة الزمانيّة، فقد اشتق منها مصدر جديد لا عهد للغة الفرنسيّة به ، هو الإرجاء أو التأجيل أو الاختلاف .( ) ،ولعل هذا الموقف المنفتح على المستقبل وخلق أفق للمستقبل تجلّى في جماليات العمارة ، اذ ظهر في نهاية الربع الأخير من القرن العشرين تيار معماري و فني و تصميمي خلق فضاءً للإبداع والابتكار في حريّة الشكل.(( ) علماً أنّه جاء بوصفه رد ة فعل صارمة على حركة الحداثة (Eclectism) التصميم و الانتقائيّة معناه، من بعض الوجوه، في مجال النقد الأدبي والعلوم الاجتماعيّة( ( ) اذ كانت حالة إبداعيّة تتجه إلى آفاق جديدة من الأشكال المستحدثة ، تعرض ما هو غريب بأسلوب صادم من التكسير والتجزئة. تعتمد العمارة التفكيكيّة على المبالغة في التشكيلات الغريبة ،والتي تؤدي إلى عدم القدرة على التعرف على هويّة المبنى كما تعتمد على عدم التعبير عن الإنشاء والذي قد يصل إلى صعوبة التعرف على العلاقات الانشائيّة التي تحكم التكوين نظراً؛ لعدم التفاتها للمشاهد ،وعدم مراعاة الظروف البيئيّة وعدم انتمائها للمكان الذى تقع فيه وإن كانت هذه المباني تعبِر عن الظروف الاقتصاديّة والفكريّة لهذا العصر. ( ) ؛لكن تبقى عمارة ما بعد الحداثة تتضمن أشكالاً معماريّة حديثة و بلُغة شكليّة تحمل دلالات رمزيّة مبالغ فيها مشوبة بالتناقضات كما تتضمن عمارة ما بعد الحداثة تيارات متعددة انتقل روادها من تيار إلى آخر، الأمر الذي أدى إلى غموض معناها إلى إثارة الجدل من حولها. ولعل هذا يمكن رصده بظواهر متنوعة منها : التناقض، و هذا ما يميز عمارة ما بعد الحداثة ؛فهي الحاضر الغائب، و هي الديناميكيّة التي تحرك المعماري بموضوعه إنّها الآليّة التي تدفع عمليّة الإبداع في المبدع ، و حاولت تحقيق مصالحة بين العمارة و التاريخ ، بين الزمان و التزّمن ، و الوصف و التطور ، هذا يأتي من الثبات في الحركة ، و الحركة في الثبات، إنّ أساسها التسلسل الهرمي الذي يعطي عدة مستويات من المعاني من ضمن عناصر ذات قيم مختلفة ، و بناءً على ذلك بالإمكان ضم عناصر تعد رديئة و جيدة معاً ، كبيرة وصغيرة ، و عمارة كهذه تضم مستويات متنوعة من المعاني تولد الغموض و التوتر والتناقضات. ( ) ،وقد اصبحت على وفق تلك المرجعيات تتحرك في سيولة تتجاوز صلابة المدلولات الطبيعيّة والتعارضات التقليديّة ومن أمثلة ذلك ، التباين بين شكل المبنى والأرض المقام عليها ،التباين التقليدي بين الهيكل الإنشائي والزخارف .
هذا الارتحال من الفلسفة الى العمارة خلق أفقاً جمالياً جديداً منفتحاً على المستقبل وهو ما يعرف بعمارة " الديكونستركشن " التي أصبحت مركز نظريات الفن والعمارة في أمريكا في حقبة الثمانينات وهي الحقبة التي انتشر بها التفكيك أيضاً في تلك الثقافة أصبحت هي الاتجاه الأكاديمي الرسمي في بعض أقسام العمارة والأدب والفن في الجامعات الأمريكيّة ، تدعو عمارة " الديكونستركشن" إلى هدم كل الأسس الهندسيّة الاقليدسيّة ، تدعو إلى تفكيك المنشآت إلى أجزاء ، تدعو إلى إعادة النظر في العلاقات سواء كانت الإنسانيّة أم العمرانيّة .لكن " الديكونستركشن " لا تعني الهدم كما يدل ظاهرها ويرى تشومي أن هناك (هدم ايجابي أو هدم أو إعادة بناء) ، هي مرتبطة بفطرة الإنسان فالطفل يفكك اللعبة والراديو بشغف ؛ لمعرفة محتوياته وكيف يعمل من هنا يمكن إدراك أن " الديكونستركشن" من الغرائز الأساسيّة المبهجة للإنسان.

يقول المفكر شارلز جنكز (Charles Jencks) ، في كتابه( ) new modernsim وقد ناقش من خلال نظرياته في عمارة ما بعد الحداثة في كتبه ومنها " لغة ما بعد العمارة الحديثة" 1977) م) ، مدعياً إن العمارة الحديثة تركِز على أشكال غير متكافئة مثل الزوايا القائمة والمباني المربعة في كثير من الأحيان تشبه مباني المكاتب. ومع ذلك، تركِز الهندسة المعماريّة لما بعد الحداثة على أشكال مشتقة من العقل والجسم وسياق المدينة، والطبيعة. وقد عرف " الديكونستركشن" بوصفه يمثل "عمارة التكسير واللا تماثل واللا اتساق ،هي عمارة مليئة بالمفاجآت غيرالمتوقعة ،تستعمل مفردات العمارة الكلاسيكيّة بصورة معكوسة أو مشوّهه ،عمارة كلاسيكيّة وضد الكلاسيكيّة ." ( )
وهو يشير أيضاً في تناول مميز الى أن الثقافة الحديثة تسعى إلى "البناء الأيقوني" ،وهو ما يتجلى أكثر في تأويله :" إنّ "الدوال الغامضة" يمكن أن تستعمل بطريقة فعالة لدعم المعنى الأعمق للمبنى. "( )
ظهرت فكرة عمارة ما بعد الحداثة لتقابل السلبيات، و كردّة فعل ما أحدثته عمارة الحداثة و نادت بالعودة التاريخيّة ، وما خلفته العمارة الماضية باعتبارها ذات ارتباطات و تداعيات ضروريّة.أشارت الأدبيات إلى إنّ عمارة ما بعد الحداثة تحقق تخاطب الإنسان و تعبِر عن الانتماء و التواصل الحضاري.( )

وهنا نجد أنّ أشكال العمارة سواء كانت المستقبليّة أم التفكيكيّة، على الرغم من الفروق الواضحة بينهما إلا إنهما اتفقا على شيء جوهري وهو الاختلاف والبعد ونقد كل ما هو تقليدي ومألوف .ومن أبرز الأفكار في هذا التيار التفكيكيّة المثير للجدل منحى لحالة استئصاليه ثنائيّة التوجه:العلاقة بين أشكال الإسقاط وبين الأشكال وسياقها العام ، من خلال كبح جماح الانسيابيّة.تشويش وقطع دابر العلاقة بين الداخل والخارج.
وبغض النظر عن تلك القطيعة الحادثة بين الخارج وسياقه الداخلي؛ فإن التفكيكيّة تقوِض المسوغات المتعارف عليها بما يخص الانسجام والوحدة والاستقرار الظاهري .ولعل هذا ما قادها الى تحطيم الفروق بين الرسم والنحت وإعادة خلطها في بوتقة معماريّة ، ويمكن تلمس الاتجاه الوظيفي فيها ..؛ ولكنه ينحصر في القيمة التعبيريّة للإنشاء ، فقد نبذت حالات الزخرف ، وانحصرت القيمة الجماليّة للمبنى بما تبديه العلاقات الشكليّة للحجوم والكتل والفراغات كما تبرزُها المعطيات الإنشائيّة.
فضلاً عن استعمال خامات جديدة كـ(المعدن والزجاج واللدائن)؛ لكي تتبع فكرة تعبر عن الحياة بالهيأة التي يشكلها العلم.
((تعتبر درب من العمارة موازياً لعمارة ما بعد الحداثة فى أنهما يتجها الى التعقيد والتجزئة في الكتلة بجانب التلاعب في الأسطح الخارجيّة او الغلاف الخارجي للمبني في مقابل البساطة التي كانت تتميز بها الحداثة. مما يحول السطح الى إشكال يصعب تمييزُها ويعطي إحساس أن العناصر المعماريّة للكتل خارجة عن مكانها المألوف فمعظم معمارين التفكيكيّة يستخدمون الغلاف "envelop" و هو ما يري من الخارج و لا يؤثر في الهيكل الداخلي و يصعب التنبؤ بتوجيه الشكل أو ببدايتة ونهايتة و التشكيل في الكتلة يعتبر فوضى متحكم بها )). ( )
وقد أخذ في بعض شطحاته مع التكعيبيّة والتراكب القطري ،ولاسيما بالنسبة للأشكال المستطيلة والأشكال شبه المنحرفة، والسطوح أو المقاطع المتعرجة .
أمّا أهم روادها فهم: (زُها حديد ،وفرانك جيري ،وغونتر بينش ، وبيتر ايزنمان ،بيرنارد تشومي ، وريم كولهاس)

الأعمال المعماريّة لدى زُها حديد
1- حياتها : زُها حديد هي معماريّة عراقيّة، وُلدت في بغداد في الحادي والثلاثين من أكتوبر 1950م.. وظلت زُها تدرس في مدارس بغداد حتى انتهائها من دراستها الثانويّة، وحصلت على شهادة الليسانس في الرياضيات من الجامعة الأميركيّة في بيروت 1971م، ولها شهرة واسعة في الأوساط المعماريّة الغربيّة، وحاصلة على وسام التقدير من الملكة البريطانيّة، ولقد تخرجت عام 1977 م من الجمعيّة المعماريّة آي آي بلندن،وعملت كمعيدة في كليّة العمارة 1987م، وانتظمت كأستاذة زائرة في عدة جامعات في دول أوروبا وأمريكا منها هارفرد وشيكاغو وهامبورغ وأوهايو وكولومبيا ونيويورك وييل.
2- أعمالها : لقد تجلّت أشكال الابداع المستقبليّة عندها في اعمالها التي راعت بها المقومات المستقبليّة الجديدة على الرغم من أنه يقال عنها- بحسب الأبحاث – بالتزامها المدرسة التفكيكيّة في كونها كانت " تهتم بالنمط والأسلوب الحديث في التصميم" إلا إن اعمالها ايضا تصنّف من ضمن المستقبليّة الجديدة في العمارة إذ كانت قد تأثّرت " تأثراً كبيراً بأعمال أوسكار نيمايير، وبخاصة إحساسه بالمساحة، فضلًا عن موهبته الفذة. ؛فأعماله كانت قد ألهمتها وشجعتها على إبداع أسلوبها الخاص، مقتديّة ببحثه عن الانسيابيّة في كل الأشكال "
" إنها كانت تستعمل الحديد في تصاميمها فهو يتحمّل درجات كبيرة من أحمال الشد والضغط ، مما مكَّنها من تنفيذ تشكيلات حرّة وجريئة. كما تميزت أيضاً بأعمالها المعماريّة ذات الكمونيّة في الطاقة، فضلاً عن عراقة أعمالها وأصالتها، من خلال الديناميكيّة العاليّة. وقد أدّت حديد دوراً فعالاً في تغيير مفهوم العمارة في العالم. "
فهذه الحريّة والانسيابيّة يضاف إليها المتانة التي يوفرها الحديد ، وقد تجلّت في أعمالها إذ نفذت 950 مشروعاً في 44 دولة. وتميزت أعمالها بالخيال. وهذا ما ظهر في الاعمال :
أولاً : مشاريع محطة إطفاء الحريق في ألمانيا عام 1993م،

كانت فرصة ذهبيّة نالتها "زُها حديد" ، على الرغم من المواقف النقديّة لهذا التصميم ؛لأنه كان يكسر الوقع بالمقارنة مع المباني التقليديّة ،وقد وصفت زها تصميمها بالقول :" يعمل مبنانا مثل الطربوش، يغطي الموقع ويعطيه تعريفاً. ولكن عندما تتحرك خلال المبنى، فإنه يبدو كما لو كان جهاز عرض. لقد تم تصميمه؛ لكي تدرك التغيرات الفراغيّة والحسيّة بالكامل بينما تتحرك عبر المناطق المختلفة للحيز"
ثانياً : مشاريع محطة إطفاء الحريق في سينسياتي الأميركية عام2003 م:


مركز روزنثال للفن المعاصر عام 1993 م، وهو مركز ثقافي وهذا يجعل منه موقع صاحب رمزيّة ، وقد فازت حديد في مسابقة لتصميم المبنى الجديد للمركز ، وعُدَّ تصميم هذا المبنى من أول التصاميم فهو لم يكن معهوداً في ذلك الزمان، وقد لاقى انتقاداً واسع النطاق، إلا أنه في نهايّة الأمر قد تم اعتماده، وقد اكتمل إنشاءه عام 2003م.
يُوحي المبنى من الخارج بأنه عبارة عن بناء تقليدي، فهو عبارة عن بناء يتكون من ستة طوابق إضافيّة للقبو، من ضمن تقاطع في مركز مدينة سينسيناتي. وهو مبنى ذو لون أبيض مائل للرمادي ومنتصفه ذو لون أسود مع بروزه قليلاً؛ لتحسبه وكأنه قطعة معلّقة غير متصلة بالمركز ومستقلة بذاتها.. وتتشابك أجنحة العرض مثل القطع المخرمة الثلاثيّة الأبعاد المصنوعة من المصمت والمفرغ. تتميز قاعات العروض بأنها ذات أحجام متعددة وأشكال مختلفة، بأسقف ونوافذ زجاجيّة تظفي نوعاً من الجمال الفني، الذي يسمح باختراق الأضواء لها ليلاً..
في هذه الأعمال المميزة وفي غيرها " لعبت حديد دوراً فعالاً في تغيير مفهوم العمارة في العالم. وأسهمت حديد في خلق عالم أفضل عبر تصاميمها الراقية للأبنية، وقد عدت تصاميمها فريدة من نوعها، وكأنها تنتمي إلى عالمِ الخيال في كوكب آخر".
"وكانت حديد ترى أن تصاميمها تتفاعل مع المدينة ،وتمنح الناس مكاناً يتواصلون فيه، إذ قالت إن المتابعين لأعمالي يعرفون أن خلق أماكن عامة يمكن للناس استعمالها بحريّة، كما تسمح للمدينة بأن تنساب بطريقة سلسة وسهلة. وما ميز هذه التصاميم أنها اتخذت اتجاهاً معمارياً واضحاً يتكئ على خلفيّة فنيّة وفلسفيّة؛ لذلك فكانت تجنح لما هو تخييلي وتجريدي" ؛ولهذا عرفت عمارتها بحسب " جينكز لعمارة " التجريد الديناميكي. ولعل هذا ما ظهر في مشاريعها إذ أنجزت زُها العديد من المشاريع التي أوصلتها بجدارة إلى الساحة العالميّة ، وقد فازت في مسابقات معماريّة عديدة.
إن من أهم ملامح هذه الاعمال وغيرها أنها كانت تتمسك بتلك الملامح التي جاءت بها التفكيكيّة ومن قبلها المستقبليّة ؛ فهي تسهم في تقويض التجنيس الذي وجدناه في الآداب ، وهو ما نجده في الأعمال التفكيكيّة عند زُها حديد؛ فهي تخلق تداخل بين النحت والرسم في تصاميمها المعماريّة التي هي بمثابة بوتقة صهرت بها تلك الفنون ، ثم إننا نلمس تجليات الخطاب المعماري في : (الأشكال، والحجوم والكتل والفراغات) ؛ فقد اعتمدت في اظهار تصاميمها الخلّاقة على توظيف وجدناه من قبل عند النماذج التي طرحتها العمارة التفكيكيّة في توظيف المعادن (كالحديد ) فضلاً عن توظيف الزجاج واللدائن ؛ لكي تتبع فكرة تعبِر عن الحياة في الهيأة التي يشكلها العلم. وقد انعكست تلك الآليّة والرؤية عبر التعبير الملموس في أعمال زُها حديد في التعبير الحر والمرونة في التشكيل الذي أظهر تصاميم تعبِر عن خطاب جمالي يوجد داخله الزخرفة ، في جماليات جديدة تخلق قطيعة مع جماليات الحداثة ، اذ اشتملت تلك الأعمال الملهمة على تصاميم تحتوي الوظيفة المنشودة منها ،وقد مزجتها بشفافيّة عاليّة .في تعبيراتها التي اتسمت بالانسيابيّة .
الجوائز :
نالت العديد من الجوائز الرفيعة والميداليات والألقاب الشرفيّة في فنون العمارة، وكانت من أوائل النساء اللواتي نلن جائزة بريتزكر في الهندسة المعماريّة عام 2004م، ؛ وجائزة ستيرلينج في مناسبتين؛ وحازت وسام الإمبراطوريّة البريطانيّة والوسام الإمبراطوري الياباني عام 2012م.
وحازت على الميداليّة الذهبيّة الملكيّة من ضمن جائزة ريبا للفنون الهندسيّة عام 2016م، لتصبح أول امرأة تحظى بها .وقد وصفَت بأنها أقوى مُهندسة في العالم، وكانت ترى أن مجال الهندسة المعماريّة ليس حكراًعلى الرجال فحسب ، تُوفيت في 31 مارس عام 2016م عن عُمر ناهز 65 عاماً، إثر إصابتها بأزمة قلبيّة في إحدى مستشفيات ميامي بالولايات المتحدة.



#عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوليانا واستعادة الذات
- الخطاب التربوي النبوي
- الهوية واليات التلفيق
- هوامه الهوية واليات الصراع على الاصول
- انفتاح المعرفة ضرورة اليوم
- الارهاب والقوة الناعمة في الفن في أعمال صفاء السعدون
- مكارمُ الأخلاقِ - قيمةٌ العدلِ أُنموذجًا -
- الشك المنهجي لدى فلاسفة اليونان
- المعرفة عند افلاطون
- المعرفة عند أرسطو
- المعرفة في الفلسفة الاسلامية
- الهويّة وتحوّلاتها في السرد مقاربة في روايّة (يحدُث في بغداد ...
- التأويل ورهانات السياسة في التراث الإسلامي
- الانسان الكوني مقاربات في فضاء التواصل
- الاطروحة المرفوضة والاطروحة المقبولة
- تأويل اقبال للنص - في ضوء العلوم المعاصرة -
- راهنية الفساد وتجلياته في العراق
- مقاربات في الاخلاق
- عودة الدين الى الفضاء العمومي في الغرب
- القول اليوتوبي علاقته بالتاريخ ورهانات الحاضر


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر عبد زيد - عمارة ما بعد الحداثة (زُها حديد أنموذجاً)