أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار إبراهيم - المخرج محمد ملص في جديده: (باب المقام).. أين المشكلة؟..















المزيد.....

المخرج محمد ملص في جديده: (باب المقام).. أين المشكلة؟..


بشار إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1506 - 2006 / 3 / 31 - 08:48
المحور: الادب والفن
    


أخيراً، ولمرة واحدة، وفي احتفالية خاصة، أمكن لمدعوين خاصين مشاهدة الفيلم الجديد للمخرج محمد ملص، والذي جاء باسم «باب المقام»، في نسخته العربية، و«شغف»، في نسخته الفرنسية..
أخيراً، وبعد وقت ليس بالقصير، وقد سبقه إلينا غبار ثرثرات، ووشايات، ونميمات، قبل أن تدق طبول محكمة!.. أمكن للبعض مشاهدة الفيلم..
نعم!.. ولكن الكثير من هذا البعض، لن يمكنه تلقي الفيلم فقط باعتباره نصاً سينمائياً صاغه مخرج سينمائي محترف، نزف عقداً ونصف من السنوات، من حياته، ومن حياتنا، بين فيلمه السابق «الليل» 1992، وفيلمه الحالي «باب المقام» 2005، فأوقع بنفسه، وبالسينما السورية، على السواء، الكثير من الخسارات، التي لا مبرر لها أبداً..
لن تنعزل مشاهدة فيلم «باب المقام» عن كل ما جرى خارج النص السينمائي ذاته!.. وما عاد الكثيرون يأتون إلى مشاهدة الفيلم، ليروا جديد المخرج محمد ملص، وهو الذي سبق أن قدم فيلمين على غاية من الأهمية (أحلام المدينة 1983، الليل 1992)، فقط.. بل إنني أعتقد جازماً أن التقاطبات، والتحزّبات، والاصطفافات، مع وضد، ستسبق الكثيرين، وتحتل أمكنتها، كما في الصالة، كذلك على الشاشة، ودفاتر الملاحظات، والآراء السريعة المتبادلة على عتبة بوابة الخروج من الصالة!..
إنها مأساة السينما السورية، أصلاً.. وقبل ذلك وبعد، هي مأساة النقد في سوريا!.. على الرغم مما يبدو أنه الأكثر «ثورية»، و«جذرية»، و«عمقاً»، مما يتفضل به نقاد آخرون خلف حدود البلاد، ووراء البحار..
سيكتب الناقد المصري المعروف سمير فريد: «في فيلمه الروائي الطويل الثالث «باب المقام».. يبدأ محمد ملص مرحلة جديدة في مسيرته الفنية الخصبة على ثلاثة مستويات، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً:
- المستوى الأول: التعبير عن الواقع المعاش مباشرة، لأول مرة في أفلامه، حيث تدور الأحداث عام 2003.
- المستوى الثاني: تصوير الفيلم بكاميرا الديجيتال، ثم نقله على شريط السينما.
- المستوى الثالث: قيامه بإنتاج الفيلم إلى جانب كتابته وإخراجه، وتم الانتاج بمشاركة جهات فرنسية وتونسية ومغربية، والجهة الفرنسية هي المذكورة أولاً في العناوين، مما يعني أن لها أغلبية الإنتاج».
فهل أمكن لأحد ممن شاهدوا الفيلم في عرضه اليتيم في سوريا، أن يكتفي بالانتباه إلى هذه النقاط، وأن يتخذ منها منطلقاً للاحتفاء بالفيلم؟.. أم ترى أن الشفاه التي تبرَّمت، كانت تتكئ على ذاكرة ما حدث، وما جرى، مع المخرج وله، طيلة العقد والنصف من السنوات.. سواء أكان ذلك الذي جرى يقوم على وقائع فردية شخصية، أم على وقائع عامة؟..
بالاعتقاد أن المخرج محمد ملص، هو شريك أساس وفاعل في هذه الحالة، اقتراباً أو ابتعاداً، إلفة أو نفوراً، وحتى خصاماً شديداً، يصل إلى حدّ الشتائم والاتهامات، قبل أن يصل الأمر بهذا إلى أن «يعتذر عما فعل»، ويصل بذاك إلى أروقة المحاكم..
ما الذي يمكن أن يبقى من السينما، حينذاك؟..
يبقى صفاء المشاهدة: لمن هو خلو من العلاقات القريبة، ولمن هو فاقد المعرفة المطلّة على أكوام التفاصيل، التي تكاد تسد طريق المرور إلى «باب المقام».. فمما لا شك فيه أن المخرج محمد ملص هو أحد أهم المخرجين السينمائيين في سوريا، وأحد القلائل منهم، ممن استطاع أن ينال حظوة عربية، على الأقل، ولن نقبل أن يجادلنا أحد في مدى براعة هذا المخرج، وفي جودة موهبته..
أما أن يقدم فيلماً جيداً، أو فيلماً متوسط، أو حتى فيلماًَ سيئاً، فهذا شأن آخر، لم ينج منه حتى كبار السينمائيين العرب والعالميين.. لا يوسف شاهين، ولا صلاح أبو سيف.. لا أورسون ويلز، ولا سبيلبيرغ..
فما شأن «باب المقام»؟..
«باب المقام» فيلم يقوم على واقعة حدثت منذ سنوات في سوريا، إذ تمّ قتل امرأة فيما يسمّى (جريمة شرف)، فقط لأن أهلها لاحظوا اهتمامها الملفت بأغاني «أم كلثوم»، الأمر الذي ولَّد الشكوك وعززها في أذهان أهلها، فقام عمّها بتحريض شقيقها على قتلها، رغم أنف زوجها المسكين، والمطمئن حقاً إلى «سلامة سلوك زوجته، وحُسن أخلاقها، وصونها عفافها»..
كان خبراً صغيراً في جريدة محلية، أطلقت شرارة فكرة الفيلم، عند المنتج التونسي أحمد عطيه.. فكان للمخرج السوري محمد ملص، وبالتعاون مع مواطنه كاتب السيناريو الروائي خالد خليفة، أن اختارا مدينة حلب مسرحاً للحدث، وتم الاستفادة من دلالات هذه المدينة وخصوصياتها، وبناء الكثير من التفاصيل، كي يقوم بنيان الفيلم..
هي «إيمان» ربة منزل، من أسرة محافظة، تعيش حياة الكفاف مع زوجها «عدنان»، الذي يعمل سائقاً لسيارة أجرة «تاكسي». هي «إيمان» تعكف على رعاية ابنها الصغير عبد الناصر، وابني شقيقها «رشيد» المعتقل السياسي، الطفلين جمانة ومالك. وهو «عدنان» المهتم كثيراً بمتابعة نشرات الأخبار السياسية، التي لا تنفك ترافقه في دورانه خلل شوارع حلب باحثاً عن راكب ينقله، من هنا إلى هناك. كما ترافقه (الأخبار) إلى البيت الصغير الحميم، المغسول بالمحبة والإلفة، على الرغم من المأساة المتوارية خلف قسمات الوجوه، كما خلف الآتي من الأيام.
في التشابك العائلي، نتعرف على أهل هذه المرأة «إيمان»، والدها ووالدتها وشقيقتها، وشقيقها الأصغر، الطالب الجامعي، ولن نرى أبداً شقيقها الموجود في المعتقل. كما نتعرف إلى عمها، العقيد السابق في الجيش، والذي تحول هو وأولاده إلى العمل في محل بيع الدجاج المذبوح «الفراريج». وبمقدار ضعف والدها ووهنه سوف نتألم من قسوة وسطوة عمها، هذا.
الأحداث تدور في العام 2003، وفي فيض من تدفق الأخبار عن الحرب في العراق، والانتفاضة في فلسطين، وفي زحمة المشاهد التي تبين الحملات الانتخابية لمجلس الشعب السوري، باللافتات، واليافطات المرفوعة والمنصوبة في كل مكان، وعند كل مفترق.. في هذا الفيض تأخذ الأحداث «إيمان» إلى سكين القتل، لا ذنب لها إلا أنها مولعة بأغاني «أم كلثوم»، الأمر الذي يشعل نيران شك العم بأن ابنة أخيه قد «عابت»، أي انحرفت عن الطريق القويم، وبالتالي لا بد من ذبحها، وهو ما يحصل طبعاً، على الرغم من أنف ثقة زوجها الكاملة ببرائتها.
نعم.. لا يتخلَّى المخرج محمد ملص هنا عن أسلوبيته التي اتبعها في فيلميه الأولين، من ناحية توفير الخلفية السياسية الاجتماعية للأحداث، ومنحها الدلالات المعبرة عن حالة الخواء الذي يشهده المجتمع العربي، على الأقل منذ مطلع القرن العشرين، وطيلته، والربط بين المصائر السوداء للأفراد، بالمتحوّل العام، بدءاً من ديب ووالدته في «أحلام المدينة»، وعلى الله ووصال وابنهما في «الليل»، وصولاً إلى إيمان وعدنان والأطفال في «باب المقام»..
كما لا يتخلى المخرج محمد ملص عن وسم فيلمه بطابعه الخاص، من حيث الهدوء الرائق، والبطء (حتى درجة الإملال)، التي تنضح بها حتى طريقة الكلام، وإرسال الألفاظ، بطريقة لا «تتملّص» من الشاعرية، أبداً، حتى لو لم تكن تدعيها!..
ولكن المخرج، على الرغم من كل ذلك، لم يتحفنا بما يمكن أن يرقى إلى مستوى ما سبق أن حققه، على الأقل في فيلميه الروائيين الطويلين، وليست المشكلة أبداً في تقنية التصوير بكاميرا الديجيتال، كما يمكن للبعض أن يتوهم. المشكلة أولاً في أصل الحكاية، ومن ثم في طريقة بنائها على الورق، هذه المشكلة التي لم يتمكن البناء والسرد البصري من التخلص من وقعها الثقيل..
لقد وقع النص أصلاً في فخ النمذجة، بطريقة فجّة وغاية في التبسيط والمباشرة.. ولا أدري كيف أمكن لمخرج من طراز محمد ملص، وهو له ما له، من خبرة وتجربة وحصيلة، أن يذهب هذا المذهب!..
صحيح أن الخلفية السياسية غير خافية في أعمال المخرج محمد ملص، كافة، ولكنها هنا على العكس تماماً من فيلمه «أحلام المدينة» على الأقل. هنا بدت مفتعلة أولاً، ومقحمة ثانياً، وغير آبهة بمرور الزمن ثالثاً؛ بمعنى الانتباه إلى أن الأحداث تدور مطلع القرن الحادي والعشرين، وليس مطلع منتصف خمسينيات القرن العشرين.
بدا، ومنذ البداية، أن ثمة إصراراً على أن يكون للمرأة المُشرعة للقتل، شقيق هو معتقل سياسي، وعمّ هو ضابط سابق، وأبناء عمومة ملؤهم الغلظة والجهل.. وأن يكون لها في المقابل زوج رخو إلى حدّ السلبية، وشقيق أصغر على طريق الأصولية، وأب غاية في الوهن، وأم قليلة الحيلة.. وعلى أن تجري مباحثات القتل على طاولة عامرة بالطعام، وأثناء طقوس التهام بشع للطعام.. وقبل ذلك أن يكون العم وأبناؤه يعملون في ذبح الدجاج!..
قصة نموذجية في «النمذجة».. نحن وحدنا، كمشاهدين، نرى مدى نقاء وطهارة المرأة، ونرى مدى طيبة الزوج ومحبته وثقته بزوجته.. ولكن ربما دون أن نقتنع!.. فهل أقنعتنا القصة النموذجية بهذه المرأة النموذجية للقتل، التي تثير حولها الريبة، دون أن تأبه بها؟.. وهل أقنعنا الزوج بكل هذا الحيادية والسلبية التي يتملَّكها (أو تتملَّكه) تجاه الشرّ المحيق بزوجته، وهو المهتم جداً بما يجري في الأخبار السياسية؟.. وقبل ذلك، هل أقنعنا العم بما هو عليه؟..
لا يحتاج المخرج محمد ملص إلى كل هذا «التوضيب»، ولا نحتاج نحن إلى كل هذه الشروخ في صورته!.. يكفيه «أحلام المدينة» و«الليل»، ويكفينا أننا سنقدِّره، من قبل ومن بعد.
وعلى «باب المقام» نعلق سؤالنا: يتفق النقاد على أن الإخراج مهما كان بارعاً لا يستطيع تحويل «ورق ضعيف» إلى «فيلم جيد».. فماذا عندما لا يكون الإخراج في أحسن أحواله؟..



#بشار_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يصبح ال «انتظار» لعبة الفلسطينيين
- سينما الأصوات الصامتة في سوريا
- جديد مجلة «الوردة»: وماذا لو فاق أبو زهدي؟..
- تعاونية عمان للأفلام.. سينما الشباب في الأردن
- الفلسطيني يحضر بموته.. رحيل المخرج مازن غطاس
- عدنان مدانات.. بحثاً عن السينما
- هموم شباب لبنان في صورته السينمائية
- أسئلة شباب السينما المصرية المستقلة
- ثلاث سنوات على حاجز سوردا
- السينما المستقلة في سوريا
- مشاهد من الاحتلال في غزة1973
- ألمودوفار في سينما الرغبات
- فلسطينيات بعيون إسرائيلية
- عطش.. الذات الفلسطينية.. في المرآة السينمائية
- فيلم (ارتجال) لرائد أنضوني.. ميوزيكال دافق من فلسطين إلى فرن ...
- هل تصلح الناقدة السينمائية ما أفسده المدير التلفزيوني؟..
- في «القارورة» لديانا الجيرودي.. «بضع حكايات» عن المرأة والحر ...
- قبلتان.. على اسم برهان علوية
- عن المخرج جان شمعون
- عبد الله المحيسن والسينما السعودية


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار إبراهيم - المخرج محمد ملص في جديده: (باب المقام).. أين المشكلة؟..