أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار إبراهيم - عدنان مدانات.. بحثاً عن السينما















المزيد.....

عدنان مدانات.. بحثاً عن السينما


بشار إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1409 - 2005 / 12 / 24 - 10:11
المحور: الادب والفن
    


ينتمي المخرج والناقد السينمائي الأردني عدنان مدانات، إلى جيل السينمائيين العرب الذي نهض مع بداية سبعينيات القرن العشرين، وعُرف بأنه «جيل الأحلام الكبرى»، كما هو «جيل الخيبات والانكسارات الكبرى»!.. فهذا الجيل الذي خرج من الهزيمة الحزيرانية عام 1967، مؤمِّلاً نفسه بالقدرة على النفاذ من صدمتها، مقتنعاً بأن «الضربة التي لا تقصم الظهر تقويه»!.. انتشر في المجالات كافة، في الشعر والقصة والرواية، كما في المسرح والفن التشكيلي والسينما، ينشد «الجديد» الذي يقوم على أنقاض «القديم»، الذي استنفذ دوره التاريخي، ويسعى إلى «البديل» بعدما انكشفت عورات «القائم».
لم يكن تأسيس «جماعة السينما الجديدة» في مصر عام 1968، حدثاً منقطعاً عن السياق، ولا نبتاً شيطانياً يمكن عزله عن التحولات التي شهدتها مصر حينذاك، ولا كانت الدعوة إلى «السينما البديلة» التي تمّ إطلاقها في مهرجان دمشق للسينما عام 1972، بعيدة عن تمثُّل الرغبات والأحلام التي كانت تدغدغ مخيلة ذاك الجيل من السينمائيين العرب، من مصر ولبنان والعراق، وسوريا وفلسطين والأردن.. من مشرق الوطن العربي ومغربه.. أولئك الذين طمحوا إلى «إيجاد سينما جديدة قادرة على التفاعل بعمق مع الواقع الاجتماعي العربي، بأشكال فنية متقدمة»..
كان حلماً!..
ويُسجَّل للمخرج والناقد السينمائي الأردني عدنان مدانات، أنه كان أحد أولئك السينمائيين العرب، ممن توزّعت بهم الأمكنة بين بيروت ودمشق وعمان، خاصة بعد انتهائه من دراسة السينما في الاتحاد السوفييتي، فبعد دراسته الأكاديمية في النقد السينمائي، جاء إلى سوريا وساهم نظرياً وعملياً، مع أبناء جيله ورفاق حلمه، في بلورة شعار «السينما البديلة» عند مطلع السبعينيات، وأخرج أيضاً بعض الأفلام. وفي بيروت عمل في الصحافة اللبنانية، في مجال النقد السينمائي، وأخرج بعض الأفلام التسجيلية. وفي عمّان يتابع الآن كتابة النقد السينمائي في الصحافة العربية، ويشرف على منتدى شومان السينمائي..
مدانات.. مخرجاً
في سجلِّ عدنان مدانات السينمائي عدد قليل من الأفلام التسجيلية الوثائقية، نذكر منها: «لحن لعدة فصول» 1972، و«التكية السليمانية» 1972، و«خبر عن تل الزعتر» 1976، و«رؤى فلسطينية» 1977.. كما تعاون في إنجاز أفلام أخرى، لعل أهمها: «فلسطين سجل شعب» 1982، مساعداً للمخرج قيس الزبيدي.
في فيلمه «لحن لعدة فصول» التسجيلي القصير (مدته 16 دقيقة) يذهب مدانات إلى قاع المجتمع ليرصد، عبر جولات، واقع الأطفال في مجتمع قاس لا يرحم، هانحن أمام مجموعة من الأطفال في سوق العمل.. يحاول الفيلم تمثل معنى الفيلم التسجيلي ومفهومه في القدرة على النفاذ إلى عمق الواقع، وقراءة ما يمور تحت سطح الظاهرة، في جوهرها وعمقها.
الفيلم، بعبارة أخرى، محاولة لتناول الواقع الراهن في مضمراته التي نرى تجلياتها عند هذا المنعطف أو ذاك، في الأزقة والشوارع، وفي هذا المصنع أو الورشة أو تلك، حيث تطالعنا وجوه صبية ملطخة بآثار العمل التي وجدت نفسها مضطرة للولوغ به، في مقابل صورة الطفل الذي يعزف على آلة الكمان..
«طفولة هرمة»: حيث ثمة أطفال في براثن العوز والفقر والعمل الشاق.. أطفال في مهب مجتمع لا يأبه بتلك الطفولة المهدورة، يعملون ماسحي أحذية وعتالين، وصبيان لدى الخبازين والحدادين ومصلحي السيارات.. أطفال بملامح متعبة يعملون، ويدخنون، ويعدون الليرات التي حصلوها.. وربما ما لم يقله الفيلم إنهم ينحرفون!..
ما بين «لحظات اللهو» في الشوارع الفقيرة المتعبة، و«مواهب غير عادية» في اختراع لحظات لهو ومتع، وعلى إيقاعات متعددة، ينبني هذا اللحن المرصود لعدة فصول، أو لكل الفصول.. وهو فيلم فيه العديد من بذور أفلام تسجيلية وثائقية عربية تالية، لعدنان مدانات الفضل في السبق، وفي العمق في التناول..
في هذا الفيلم يبدو المخرج عدنان مدانات متمكناً من مبادئ وأبجديات مفهوم الفيلم التسجيلي، صانعاً بارعاً لواحد من أهم الأفلام التسجيلية الوثائقية، الجديرة بالاستعادة الدائمة، حتى بعد مرور أكثر من ثلاثين عاماً على إنجازه، ففي هذا الفيلم ثمة توظيف ذكي وحاذق للموسيقى، باستعارة كلاسيكيات من الموسيقى العالمية، وإعادة إنتاجها بالشكل المناسب للفيلم، كما في هذا الفيلم استعانة بالرسوم الفنية التشكيلية، والتخطيطات الرسومية التي صنعها أطفال آخرون، معبرين عن أحلامهم وطموحاتهم..
في اتجاه آخر، سيأتي فيلم «التكية السليمانية»، سواء نظرنا إليه من زاوية التناول البصري لواحدة من الأوابد التاريخية، من التراث المعماري الإسلامي المميز، بما تحفل به من دلالات على ذاك التاريخ المجيد، من خلال النمنمات الجمالية البديعة التي تعبر عنها المآذن والقباب والعقود والأقواس، أو من خلال الرؤية السياحية، وتوظيف السينما كعنصر إعلاني، وإعلامي معرفي، في هذا الإطار.
فيلم «خبر عن تل الزعتر» هو طراز ثالث، إذ يذهب مدانات إلى رصد مخيم ومجزرة، في شريط تسجيلي وثائقي قصير (مدته 12 دقيقة)، في الوقت الذي كان من الضرورة الحديث عن موضوع حار مغمس بالدم.. أما فيلم «رؤى فلسطينية»، فيتناول سيرة الفنان إبراهيم غنام، فيعرض للوحات التي كان يرسمها عن تفاصيل الحياة اليومية في فلسطين، قبل النكبة..
إبراهيم غنام فنان مقعد، عاش يرسم لوحات فطرية، ذات طبيعة واقعية، تعتمد على ذاكرة ملفتة بالتقاطها أدق التفاصيل، حتى يمكن وصفها بالذاكرة الفوتوغرافية. الفيلم يستعيد من خلال لوحات هذا الفنان ذكرى فلسطين، فتقوم الأغاني التي كتبها ولحنها غنام بنفسه بدور المحرض على الثورة من اجل استعادة الأرض التي يصورها في لوحاته. تعليق الفيلم هو عبارة عن حديث للفنان مع لوحاته، حديث من الماضي الحاضر في النفس والذاكرة.
مدانات.. ناقداً
ربما تبدو تجربة مدانات في مجال النقد السينمائي أكثر أهمية، أو أبعد مدى، إذ أن ضيق الخيارات المتاحة في مجال الإخراج السينمائي، خاصة في الأردن، دفعت السينمائي مدانات إلى أن يتحول إلى الكتابة النقدية السينمائية، ترجمة وتأليفاً، هذه التجربة التي انجلت، حتى الآن، عند عدد من المؤلفات الهامة، والتي تصلح على الدوام لأن تكون أحد أهم المراجع السينمائية في المكتبة العربية والمعربة، نذكر منها: «بحثاً عن السينما»، و«علم الجمال والسينما»، «أحاديث حول الإخراج السينمائي»، و«الحقيقة والعين السينمائية»، و«فرانشيسكو روزي والفيلم السياسي»، و«غرائب الأيام في خفايا الأفلام»..
ويذكر أن مدانات شارك في إنجاز الموسوعة الفلسطينية، إذ كتب فيها ما يختص بالسينما الفلسطينية، تأريخاً وتوثيقاً، ولادة ونشأة وتطوراً. كما كتب من جهة أخرى في الأدب، «حكايات من ليالي العنف»، وقصص قصيرة «العمر الجميل، حكاية النورس جدفا»، قبل أن ننتهي إلى جديده مثل «تحولات السينما العربية المعاصرة/قضايا وأفلام»، الصادر مؤخراً، وكتب تقديماً له، المخرج العراقي قيس الزبيدي، وكتاب «السينما تبحث عن ذاتها» الصادر مؤخراً عن المؤسسة العامة للسينما..
في هذه الكتب المؤلفة والمترجمة، على السواء، سعى مدانات في سبيل العمل على تأسيس وعي جديد وجاد للفن السينمائي، ففي كتاب «بحثاً عن السينما» تبدو العلاقة بين الجمهور السينمائي والنقد السينمائي، وبالتالي العلاقة بين الجمهور والسينما، «مسألة مركزية»، على حدّ تعبير قيس الزبيدي، الذي يرى أن «القيمة الرئيسة لهذا الكتاب تكمن في الحوار الذي يمكن أن يقيمه بين نقاد السينما أنفسهم، والتوجه الثقافي نحو الجمهور».
كتاب «بحثاً عن السينما» يتناول في فصليه الأول والثاني تساؤلات حول السينما وفهمها، وحول النقد وفهمه، مستعيناً بنماذج تطبيقية، بينما يكرس فصله الأخير للحديث عن السينما التسجيلية، وهي موضوع أطروحة مدانات خلال دراسته، مما «جعلها تتميز بقيمة نظرية، من حيث دراسة جوهر الفيلم التسجيلي، وتاريخ تطوره، واتجاهاته، مما يجعل هذا الفصل مرجعاً هاماً ومؤسِّساً في مجال دراسة أهمية ومنهج الفيلم التسجيلي، وطرقه، وتقاليده، وأصوله المميزة».
وفضلاً عن ترجمة كتاب ميخائيل روم «أحاديث في الإخراج السينمائي»، وما في ذلك من أهمية بادية، سنجد أن مدانات وفي مجال سعيه إلى إعادة الاعتبار للفيلم التسجيلي، يقدم كتاب «العين السينمائية والحقيقة السينمائية» حيث نجد ترجمة للعديد من المقالات التي كان قد كتبها المخرج السوفيتي «دزيغا فيرتوف»، الذي كان من أهم المنظرين السينمائيين في العالم، الذين رأوا أن «الفيلم التسجيلي هو طريقة لقول الحقيقة السينمائية. وهذه الحقيقة السينمائية يتم الوصول إليها بواسطة العين السينمائية، أي هي عين الكاميرا. المقصود بذلك أن الكاميرا هي عين تلتقط الحقيقة، وتعرضها من خلال صيغة الفيلم التسجيلي».
في كتاب «فرانشيسكو روزي والفيلم السياسي» للمؤلفة السوفيتية «ي. فيكتوروفا»، يتم تسليط الضوء على المخرج الإيطالي فرانشيسكو روزي الذي يشكل حالة خاصة في مجال ما يسمى الفيلم السياسي، الذي عرفته إيطاليا في الستينات، وأصبح (الفيلم السياسي) بمثابة اتجاه انتشر في بداية السبعينات. و«لاشك أن انتشار هذا النوع السينمائي وتطوره ارتبط بأهمية الدور الذي تلعبه السياسة في حياة الناس اليومية. ولقد عمق فرانشيسكو روزي الالتزام الاجتماعي لرائدي الواقعية الجديدة روسلليني وفيسكونتي، وجعله أقل عاطفة، وأكثر اعتماداً على الوقائع، واقترب بهذا خطوات نحو جوهر الفيلم السياسي».
ويمكننا أن نتوقف أمام كتابيه الجديدين «تحولات السينما العربية المعاصرة.. قضايا وأفلام»، الصادر عن دار كنعان بدمشق، و«سينما تبحث عن ذاتها»، بالقول ليس من المغالاة في شيء القول إنهما بمثابة خلاصة لتجربة الناقد السينمائي عدنان مدانات، وإطلالة مكثفة على هذه التجربة، التي تطوي الآن أكثر من ثلاثين سنة، أمضاها الناقد في خضم العمل السينمائي، مشغولاً شغوفاً حالماً بالكثير..
كتاب الـ «تحولات..»، وفضلاً عن توطئته بصدد «السينما العربية البديلة»، وما جرى في السبعينيات والثمانينيات، يقوم بجولة واسعة الطيف، تكاد تمر على السينمات العربية كافة، في مصر، وسوريا، ولبنان، وفلسطين، والمغرب العربي، من خلال أبرز أفلامها، كما هو استعادات لبعض القضايا التي شاغلت، وما تزال، السينما العربية في حين وآخر، بدءاً من إشكالية سينما السيرة الذاتية وسينما المؤلف، إلى موضوعات المرأة والهوية ومقاربات الواقع السياسي، لتبدو جميعها قضايا ذات صلة بخطاب السينما العربية المضموني، وارتباطه بشكلها الفني، وموقفها مما هو ملحّ ومثير للأسئلة، تماماً في واقع عربي كان هو ذاته يقف على بوابة «تحولات..»!..



#بشار_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هموم شباب لبنان في صورته السينمائية
- أسئلة شباب السينما المصرية المستقلة
- ثلاث سنوات على حاجز سوردا
- السينما المستقلة في سوريا
- مشاهد من الاحتلال في غزة1973
- ألمودوفار في سينما الرغبات
- فلسطينيات بعيون إسرائيلية
- عطش.. الذات الفلسطينية.. في المرآة السينمائية
- فيلم (ارتجال) لرائد أنضوني.. ميوزيكال دافق من فلسطين إلى فرن ...
- هل تصلح الناقدة السينمائية ما أفسده المدير التلفزيوني؟..
- في «القارورة» لديانا الجيرودي.. «بضع حكايات» عن المرأة والحر ...
- قبلتان.. على اسم برهان علوية
- عن المخرج جان شمعون
- عبد الله المحيسن والسينما السعودية
- عن فيلم «الجنة الآن» للمخرج هاني أبو أسعد


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار إبراهيم - عدنان مدانات.. بحثاً عن السينما