أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى يونس - وحشة عاصفة














المزيد.....

وحشة عاصفة


هدى يونس

الحوار المتمدن-العدد: 5974 - 2018 / 8 / 25 - 20:14
المحور: الادب والفن
    


وحشة عاصفة

هدى يونس


"اذهب إلى أرض الشقاء ، سينبت الحسك والشوك ، ومن عرق جبينك تأكل خبزًا" العهد القديم .
تصاحبنى العبارة ولاتتركنى ، صفحات فى تاريخى أفتقد فيها زمنى ، أعماقى بلا قاع .
أزمات تلعننى وألعنها .. غايتى فهم تقلباتى حتى أستقر ..
أتسلق تلال تسبقنى جماعات ماعز تتقدمهم الأم ، وأنا حرمت منها .
الخوف كل الخوف من خطوة فك قيودى ..
أراحنى من التفكير فيها وقال : ماتت !!
استعان الصغير بأم تحميه من ألسنة الصغار ولم أخبرهم بوافاتها ..
أحكى لها وتملأ وحدتى ، سكنت أعماقى أمى المتخيلة ، ملامحها تتغير ،
صوتها يتبدل تبعًا لكل موقف . وينمو المتخيل ..
لا أهتم بتهديد أبى ، ولا أعير إهتمامى لأحد ..
لا أدرى كيف تعلمت اللامبلاة ، عندما يتحدثون عن أمهاتهم..
أشاركهم وأحس أنها معى ، وأنا لا أعرفها !!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

كبرت قليلاً، تغيرت أقوال أبى ..
وقال : خرجت ولم تعد !!.
: ولم تبحث عنها ؟
: بحثتُ كثيرًا ولم أجدها !!

أتخيل رؤيتها .. تغمرنى حيرة كيف نتعارف ؟..
تأتينى مواجع تبحث معى عن حلم هارب .
أضيق من نهارى ، و الليل أعيش إبتهاجى ، ويأتينى دوما بالسحر .
أراها نجمة على ظلال حوائط حجرتى .. على أغطية سريرى .. تهدهدنى فى نومى .. وأسمع حكاويها عن الشاطر حسن ، وتهمس فى أذنى "أنت الشاطر حسن" أنتشى وأحس فروسيتى وذكائى حتى أنام ..
فى الصباح أقوم بمغامرات وحركات بهلوان أمام الجميع ، وأخرج من حالتى على عبارات تهكم مما أفعله .
فى ليلة كنت أحس بالتعب .. نمت على وجهى .. أحسست بيد خشنة تدك ظهرى .. قمت مفزوعاً وعدلت وضع نومتى ، رأيتها تبتسم ويدها تهدهدنى حتى نمت .
تغربت وتهت سنوات ، صارحنى بعدها بمعرفته مكانها .
كرهت صوته .. كرهت سيرتها .. كرهت كل الاصوات والأسماء ، وإمتلأت بصراخ لم يخرج وتركت البيت وسافرت ..
أسير على شاطئ يغمرنى موجه أبكى وحدتى ..
تراقبنى صخوره فأخجل من بكائى .. صدم رأسى طائر ملون إبتهجت وغرد بعدها .
تركت الشاطئ وجلست على صخرة حرمت من ماء البحر ، ويعلوها جفاف ..
إنتبهت لشجرة وسط الصخور لونها صخرى بلا أوراق .. على فروعها طيور بحر لا تستقر ويبرق ريشها ، أدخلتنى الطيور كهف طفولتى ..

"كنت أخاف الظلال على الحوائط .. اجدها فى التو تقف على الباب ، تهرب الظلال وتخاف ، أسمعها تقول : الشاطر حسن لايخاف ، أفرح لأننى أمتلك أمًا يخاف الخوف منها ولا يمتلك أحداً مثلها ، ملامحها تشبه من أحبهن من أمهات زملائى، وجيرانى، وكل النساء.. وتتميز عليهن ".

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

إعلان أبى عنها إرتبط بحفر ونتواءات وشقوق وسراديب ضيقة .. أمتلئ غضباً وتذمراً..
عربدة أصوات تخرج وتدخل مهيمنة ، تفتح نوافذى وأبوابى المغلقة ..
أصرخ على الشاطئ ويردد المدى صرختى..
نسيم بارد يلامس وجهى ، أحلق كطائر سماوى يهيم قادراً على التجدد فى السحاب.
تركت البحر والشط .. وعدت الى جدران حجرتى..
أستعجل محو وجع اليتم الذى احتلنى .
غفرانى لأبى لم يمكننى من ردم الفجوة التى اتسعت وشيدت جبلاً أعاق حروف الكلام .. داخلى يسامحه ، قسوة معاناته من النساء ، ربما أراد أن يبعدنى عن حضورها الذى استعمره واستمر يقاومه ولم يفلح !!



***



اشترطتُ رؤيتها بعيداً عن بيت زوجها وأولادها .. يملؤنى رهبة وحيرة ..
إكتملت أناقتى ولم أرضى .. أخلع وأبدل ولا أستقر .. هددنى الوقت .
تركت دولابى ومرآتى .
فى المكان المحدد إنتظرتُ مجيئها ، قلق ، ضيق ، فرح ، ملل .. قطع كل ما أحسه وجود لم أرسمه أو تخيله .. وقفت مبهوتاً .. مدت يدها وقالت : أخيراً تذكرت !!
جلست وأزاحت ملس أسود حرير عن جسدها بيسر، وظللت واقفاً ..
حضور جسور ووجه مشرق .. تمسح عرقها بمنديل صغير أبيض مشغول أطرافه بلون روز فاتح ، رائحة منعشة تنبعث من وجودها.. ذكرنى وجهها بأوصاف مخلوقات الجنة .. هادئة وأنا مرتبك ،تتأملنى بعين الملهوف على جزء منه ولا تصرح .. شجن نبرات صوتها يفر منه بحار حزنى ويهدم جبال وحدتى ، طُمست خطط هجومى قبل لقائها ، ومشاعر لا أعرفها أسامح بها الوجود ؟!
هدوء وحنان كلامها يتواصل .. وكبلتنى حبالها ..
ولم أدرى حين ألقت تعويذة فى قلبى وعقلى بألا أتركها أو أبتعد ..
وبدأت رحلاتى إليها لفك رموز كلامها الحامل لتراث أجهله ..
وعند خروجى من فلكها لا يتوقف تفكيرى عن إيجاد طرق لحسابها بأثر رجعى عما عانيته في غيابها ..
أحيانا يقايضنى عنادى وأتجاهله .
أحيانا أتعطر بعطر الأنس بحضرة المحبوب .
وتمر أيامى وأحذر إنتهائها قبل تنفيذ ما نويته....



#هدى_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يدهمك الغيم
- يرفل فى الدجى
- دكه خشبية متآكلة وسط عشبٍ جاف
- سطوع الخفوت
- حجاب شوق
- اللغّم
- غوايه الموج
- ذوى الأغطية
- تصفيه حساب
- كبف تصبحين كبشا
- حدث فى الشتاء
- وشم الوجدان


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى يونس - وحشة عاصفة