أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - هوية أنثى














المزيد.....

هوية أنثى


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5962 - 2018 / 8 / 13 - 11:02
المحور: الادب والفن
    


لم يُسمح لعقلي أن ينمو كما يشاء فنشأت بلا هويّة .
الموضوع أصعب قليلاً عندما تكون أنثى يربيّها أهلها على الفضيلة، فمساحتها في الحياة محدّدة، ومن الفضائل عند الأنثى أن تنكر نداءات جسدها في سن المراهقة، وبذلك تنكر هويتها الجنسيّة وتكبتها حيث لا يمكن أن تنمو بل تبقى في حجم لا يتجاوز مساحة الفضيلة المحدّدة مسبقاً من مجتمع قائم على الطبقات حيث تستطيع أنثى أخرى من الطبقة المحترمة اجتماعياً أن تتحرّر من الفضيلة، وتصبح أنثى فاضلة يتابع المجتمع أخبارها، وتكون محط نظره، ومحور جلساته في المساء .
لا زلت أبحث عن هويّتي الجنسيّة كمراهق يعيش في دولة ليبرالية، ويسأل أمّه عند البلوغ أنه يشعر أنه صبيّ في جسد أنثى، أو أنثى في جسد ذكر، وهي قضية المتحولين جنسياً، والذين يشرف أباءهم على علاجهم، وهي حالة لا علاقة لها بالكتب السماوية بغض النظر إن كان العلاج الطبّي قد يخطئ.
عندما تفقد هويّتك الجنسية تفقد احترامك لجسدك، وفي مرحلة ما من حياتك ترغب في أن يطري الناس على قوامك، وعلى تألّقك في الرّقص، والغناء والمرح، لكن هل سوف تفعل ذلك؟ بالطبع لا. منطقة الفضيلة تحاصرك.
أنت لا تسمحين لجسدك بالتّألّق، يضمر قلبك، وتقلّ خفقاته، وتقاربين سن اليأس في العشرين حيث تشعرين بالعنوسة لأنّ عقلك لازال يقيم في منطقة الفضيلة السكن الدّائم له. تحتقرين نفسك لأنّك عانس، ولو كنت سويّة لتزاحم الشّبان على طلب يدك. وقد تكونين تجاوزت العشرين بقليل وهو أرذل العمر بالنسبة لك، ويأتي شاب ليطلبك بعد أن قدّمت له وعوداً وتنازلات، وتفرح أمّك لأنّ مهمّتها انتهت واستطاعت أن تبقيك في منطقة الفضيلة حتى زواجك.
وتزفين إلى شاب اختبر الحياة بينما أنت مثل دابّة، وهو يعرف ذلك جيّداً ويجيد ممارسة حقّه الشّرعي والاجتماعي في أن تبقين دابة مربوطة في حظيرة اسمها الفضيلة، حيث لم تمرّي بتجربة تجعلك ترتقين لمستوى أنثى.
نحن أبناء ذلك العالم الذي يقول أنّ حضارته قديمة عالقة في جذور الهوية نحب الأشياء التي لا نستطيع الإمساك بها وندافع عنها حتى الموت. فهل يمكن لأحدكم أن يعرّف ماهي الفضيلة؟ نحن لسنا أمام أفلاطون و لا أرسطو. بل أمام علماء الاجتماع والدّين في العالم الذي يحب الأوصاف الغيبيّة . ونسمي من يأكل مناسف الرزّ واللحم، ويتنحنح ثم يقف على المنبر ليهذي بما تقول له صبيان أفكاره بأنّه عالم. علم الاجتماع يتحفنا بكلمات مثل الوطن، المحبّة والسّلام بينما ينوب عن الدكتاتور، وعالم الدين يتحدث لنا عن عورة المرأة وعن صحّة أحكام الجماع، ويقدّم لنا فيلم بورنو ينتشي المؤمنون به، وكذلك الملحدون. حيث يصوّر الملحدون" الافتراضيون" كم كان سخيفاً ذلك العالم الذي يجيد الحديث عن جسد المرأة ويروّجون له من خلال نشر أفلامه الجنسية على صفحات التواصل الاجتماعي.
أعود إليّ، وبعد أن اكتشفت هويتي في عمر متأخر جداً. أزف إليكم البشرى بأنّني أنثى.
الخبر السيّء هو أنني أنثى خسرت مواطن الجمال قبل أن تتمتّع به. لم تلبس المايوه لتتمتّع بالسباحة، لم ترقص إلا بالسّر في غرفة مغلقة حيث تربط شالاً على خصرها، وتنتهي حفلة الرّقص بالبكاء. أنثى لم تعمّد بالأحجار الثمينة، ولا بأثواب تحبّها كي تقول لنفسها: واو.
أنثى من سكان مقاطعة الفضيلة تتمنى لو لم تكتشف هويتها الجنسية وبقيت ضائعة بين جنسين أحدهما هو جنسها" الثالث" الخشن، والآخر جنس الذكور اللطيف. الذّكور الذين يستعملون المرطبات، والمنعمات، ويلبسون سلاسل الذهب، والأحذية الرّياضية. الذكور الذين لا يشيخون. هم الجنس اللطيف هنا في الأمكنة التي فيها علماء للوطن، وعلماء للدين.
وتسألني امرأة لماذا نظرت بقدسية إلى الرّجال. كانت تلك المرأة جارتي في مقاطعة الفضيلة، ومن قوانين تلك المقاطعة تقديس الذكورة، وعلى المرأة أن تقضي حياتها لحماية نفسها من القيل والقال، لأنّ زوجها بيده القرار، وعندما يحبّ امرأة جديدة قد يكتب قصيدة تحوّله لشاعر المرأة وعليها أن تصّفق له. إنها مقاطعة الفضيلة التي ننتمي لها نحن الجنس الثالث في وطن الكرامة والحرية والياسمين ومهد الحضارات.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حورية الفرات
- حول النّشأة العائليّة
- عنّي ، وعنك
- الطلاق في إنكلترا
- عن تغيّر المناخ
- الخيار بين الموت والحياة
- حنين إلى المقبرة
- ترنيمة عزاء
- في وداع أخي
- ضوء على منطقة إدلب السّورية
- كراهية النّساء
- ماذا لو كان الرئيس كرّاً-أي ابن جحشة-
- مستقبل غامض للعائلات السّورية في لبنان
- كيف يفكر ليبراليو السويد
- تربية المشاعر
- ثوبي الجديد
- ترامب وحق المواطنة
- سيف عنترة
- ساعة لا ينفع النّدم
- قصة قصيرة


المزيد.....




- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - هوية أنثى