أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - ثوبي الجديد














المزيد.....

ثوبي الجديد


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5945 - 2018 / 7 / 26 - 11:11
المحور: الادب والفن
    


أفتّش عنّي بين الأثواب التي علّقتها على حبل غسيل. أرغب أن أقيم طقوس عزاء، وعندما يحضر العزاء علينا أن نستقبله بحضور لائق.
أثوابي المنشورة على حبل غسيل منذ قرن من الزّمان ترغب أن أرتدي جديدها الذي خبأتّه ليوم فرح. اشتريته قبل عشرين عاماً كي ألبسه عندما تكتمل عدّة الفرح، وأشتري حذاء بكعب عال، وبعض الإكسسوار، أصفف شعري عند محترف يجعله يبدو طبيعياً. أن تبدو على طبيعتك أجمل من أن تكون متصنّعاً، ويحتاج الأمر كي تبدو على طبيعتك ، ويعجب بك الحضور مبالغ قد تكفي تغذيتك وأطفالك لمدة شهر، عليك أن تعمل على الموضوع يومياً وأسبوعياً وشهرياً. عند أخصائي، وعند مساعد أخصائي، وعند نفسك.
عندما تحدّثت مع ابنتي عن الذين يبدون على طبيعتهم. قالت لي:" كنت أعتقد أن من يكون على طبيعته قد يشبه الغوريلا، لأننا لو تركنا لطبيعتنا الحرية لتغلّبت على شكلنا الإنساني. أن نكون على طبيعتنا تعني أن نظهر أكبر قدر من الجمال الطبيعي الذي يدعمه المنعّم والمطري ، وتؤكده الأثواب الجديدة" وقالت لي حفيدتي:" أراك تشبهين أولئك النساء اللواتي شعرهن بلون أبيض ويضعن أحمر الشفاه، ويلبسن نظارات" حفيدتي في الرّابعة من عمرها ولا تعرف معنى مسنّ فهي تعيش في دولة لا تشير إلى المسنّ كنفاية.
أعود إلى أثوابي المخصّصة للعزاء، والتي أغراني أحدهم بلبسه. اشتريت هذا الفستان كي ألبسه عندما نذهب أنا وحبيبي إلى سهرة طرب-طبعاً ليست فيروزية-فللطرب طريقة أخرى، وبينما نجلس بين الجمهور الذي لا يتفاعل بالرقص، والدبك، والتصفيق. بل يسترخي ليتمتّع بليلة من ليالي العمر. هي ليلة طرب، وليلة ترف، وليس مهمّاً أن تكون في الصّف الأوّل أو الأخير. المهم أن تعيش الحبّ والحياة بصمت، بصمت.
عندما أجلس في حفلة الطرب هذه وأدفأ بيد حبيبي، وهو يداعب شعري، وروحي تنبض بالكلمات واللحن، وينتهي الليل قبل أن تبدأ أجسادنا تشبع منه. أتمنى أن تستمرّ أيامنا مليئة بالشوق والحنين والحياة.
توهمّت عندما اشتريت ثوبي، فحبيبي نسي كل كلمات الأغاني، ولم يأخذني إلى تلك الحفلة التي كنت أستعد لها. يعكّر صفو حياتنا بالأخبار، ويلّح أن ينتزع منّا رأياً حوله كي نعظّم فكره، وأحاول أن ألفت نظره إلى أنّنا أتينا إلى الدنيا كي نعيش، لكنه واقع في حالة سكر، لم يعد واقعاً في الحبّ. يتحدث الجميع مع الجميع عن الله والوطن، ويتناقشون أحياناً باليدين، وأحياناً بالكلمات، وفي بعض المرّات بالحجارة. وأتصور مجتمعاً كاملاً من الحشّاشين يتحكم بمصير العباد.
رميت ثوبي بسلّة النفايات عدة مرّات. ثم أخرجته من باب الاحتياط كي أحضر فيه عرساً، أو حتى قراءة مولد فرح، لكن هيهات! أصبح العرس، ومن باب الحرص على سير الأمور بشكل طبيعي ليس عرساً، فالمرأة هي التي تدفع على الزّواج، وعندما يمتصّ الحبيب آخر لقمة مال. لا يبقى ما يكفي للعرس.
انتزعت اليوم فستاني الأسود المخصّص للفرح عن حبل الغسيل. نظرت إليه، سمعته يقول لي: صحيح أن الأسود للفرح أيضاً لو أحطت رقبتك بشال ذهبي، ووضعت في شعرك وردة صغيرة، ولبست طوقاً من الألماس الناعم. بهذه الطريقة تكونين قد استعملت الأسود للفرح، وتكونين طبيعية كالطبيعة. أصلح اليوم للحزن، فقط للحزن.
كيف أقيم طقوس العزاء بثوب أسود وحذاء رياضة صيني الصّنع أبيض اشتريته من على البسطة منذ ثلاثين عاماً، وفي كل مناسبة وطنية كنت أرتديه، وأركض، أركض لأثبت " أن في الرياضة حياة". لم أكن وحدي أركض الجميع يركضون، ولا أحد يعيرنا الاهتمام.
كل أشيائي عتيقة أكل عليها الدهر وشرب. رميت بحذائي إلى الرّيح، مزّقت ثوبي الجديد الذي اشتريته قبل عشرين عاماً، جلست عارية تحت دالية العنب، أقيم طقوس العزاء وحيدة. أندبهم، أندبكم، أندبني، وعندما حوصرت بالنّدب بدأت أقفز كالديك المذبوح، وأتحارب مع داليتي التي لم يبق غيرها على قيد الحياة. أريد أن أحرقها، لكنّ غصناً طرياً امتد منها وحضن ألمي، مسحت الدالية دمعي. نظرت إليها بود. قلت لها: شكراً لأنّك حافظت على العهد. أنت صديقتي أيتها المجنونة.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترامب وحق المواطنة
- سيف عنترة
- ساعة لا ينفع النّدم
- قصة قصيرة
- جينات حميريّة
- قمة هلنسكي أصبح اسمها اجتماع هلنسكي
- لا تعوّي حيث لاينفع العواء
- من قصص العولمة المظلمة
- وسائل التّواصل الاجتماعي وتطبيع العداء المجتمعي
- المختلف هنا لايقتل، فأنت في السّويد
- الحديث الأخير عن الوضع السّوري
- يجب أن يحول الأسد وضباطه إلى محكمة جرائم الحرب الدولية
- ماذا لو ابتعدنا عن الإعلام الاجتماعي ؟
- عن الصّفحة الثّقافية في صحيفة إكسبرسّن السّويدية
- سهرة في الهواء الطّلق
- كن شتّاماً تصبح سوريّاً مناضلاً
- إلا الدّبكة!
- قد نشبه كروم العنب
- عندما يكشف مسؤول أمريكي الأسرار
- مجرد أفكار


المزيد.....




- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...
- تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...
- وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب ...
- “أفلام تحبس الأنفاس” الرعب والاكشن مع تردد قناة أم بي سي 2 m ...
- فنان يحول خيمة النزوح إلى مرسم
- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش ...
- أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا ...
- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - ثوبي الجديد