أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - خرج أو صرة أو خزائن السيد حيدر العبادي














المزيد.....

خرج أو صرة أو خزائن السيد حيدر العبادي


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 5945 - 2018 / 7 / 27 - 16:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    





في طفولتي، أي في غور الزمن البعيد، كنت ألجأ لجدتي حين أشعر بحاجة لشراء علكة أو حلويات أو دعابل وما شابهها. اقترب من جدتي وأطلب منها ما أريد فتخرج صرة قماش صغيرة كانت تعلقها برقبتها، تفتح الصرة أو الخرج الصغير وتعطيني بسخاء ما أريد. ما أقوم به حينذاك كان عملية ابتزاز طفولي بريء لجدتي ، أو الأصح، لأسمها عملية تبادل منافع. جدتي تحبني جدا جدًا ودائما ما كانت ترغب أن أكون جوارها فرحا مسرورا مرحا ،وتستقبلني بوجه باش وتومئ بيدها حين تراني، أن أقترب. تفتح ذراعيها وتهش بهما وابتسامة عريضة تفرش نفسها فوق تلك الأخاديد والطيات المحاطة بالشيلة البيضاء أي الخمار الأبيض. تلك كانت ملامح دعوتها، وأنا مثلها في الحب، أبادله إياها رغم طمعي بكرمها، ولكن دائما ما كان حبي لها يطغي على أمر تحايلي لكسب النقود، لذا أقترب منها وأقبلها وبدورها تضمني لصدرها فأشم عطر شيلتها التي لازال عالق في أنفي وقلبي.
كان ذاك المشهد يمثل لي الشيء الكثير الذي أحصل بواسطته ودون عناء على بعض ما أريد. كان ذلك على عهد ألعاب الجعاب والدعبل والحلقوم والمكاوية والشعر بنات وما سمي بشراب السيفون والنامليت وهو عبارة عن قنينة زجاجية تحوي شرابا طيب المذاق بألوان مختلفة ويغلق رأس القنينة بكرة زجاجية، دعبلة. أنقرض المشروب الذي كان انتاجه وطنيا خالصا، أنقرض هذا الشراب الرائع المنعش بعد أن حل بدله شراب السينالكو وكندا دراي وتراوبي والببسي والكولا والكراش وأنواع شراب أخرى.
الفرق بين السيد حيدر العبادي والمرحومة جدتي هو الحب، نعم الحب وليس غيره، فجدتي كانت تحبني دون خوف أو طمع وتهبني المال بمحبة وطيبة وفرح ودون منة. أما العبادي وحزبه فيمقتون الشعب العراقي حد اللعنة، ولا يطيقون قربهم من أبنائه، ولو أتيحت لهم الفرصة لأبادوه عن بكرة أبيه حقدا وكراهية ، لذا تراهم يكنزون الأموال بخرج وخزائن وحسابات أحزابهم الدينية، ويبخلون حد العمى واللعنة بمنح شعبهم ما يسد رمق جياعه ويكسي جلد فقرائه ويريح نوم أبنائه ويطفئ ظمأ العطشى. والأحزاب الإسلامية ومنها جماعة العبادي، ساعون لتجفيف منابع الخير في العراق وحصر الموارد بيدهم دون تقديم ما ينفع الشعب العراقي.
وبعد أن شاهدت الأحزاب الإسلامية العين الحمرة من بعض أبناء العراق الغيارى الذين هددوا مصالحها ومواقعها وأحرقوا بعض مقارها، عندها ارتعشت القلوب خوفا وامتلأت رعبا رغم إن الضمائر بقيت دون حياء وتحوي الكثير من اللؤم والخسة، ولكن الجماهير استطاعت إجبار العبادي على فك الخرج والصرة التي يكتنز بها الأموال ليخرج ما كان يمنعه ويخفيه عن الشعب بحجج واهية قذرة وخسيسة. وبدل أن يمنح الشعب ما يساعد على تجاوز المحن والخيبات يذهب ليستجدي صندوق النقد الدولي لإقراضه المليارات، ليضع من خلالها العراق تحت طائلة المديونية الدولية. وفعل العبادي ما هو أخس من هذا حين وضع قواعد الاستقطاع الشهري من مداخيل موظفي ومتقاعدي دوائر الدولة.
دفع العبادي لمحافظة البصرة ثلاثة مليارات دولار أي ما يعادل ثلاثة ونصف ترليون عراقي وكذلك وعد بتقديم مثلها لمحافظات العراق ولو جمعنا ما أخرجه العبادي من مكامن خرجه وخزائن حزب الدعوة ووعد بتقديمه للمحافظات، لوجدناه يعادل ميزانية دول وليس دولة واحدة. فالسؤال الكبير يستغيث بجميع المقدسات والأخلاق والضمائر وهو يصرخ، ما الذي كان يمنع العبادي سابقا من منح المحافظات العراقية مبالغ تساعدها على تحسين وضعها البيئي والصحي والمعيشي. لماذا كان المالكي ومن ثم العبادي يسحب مدخرات الدولة من صندوق الادخار الوطني ويساعد بها إيران أثناء الحصار أو يقدمون المنح لمرتزقتهم. ما الموانع التي جعلت العبادي يوقف التعيينات ويأمر وزارة المالية بإيقاف توفير الدرجات الوظيفية. إن كان خرجه يحوي كل تلك الترليونات من النقود المكدسة. يا ترى هل إن الكره الأعمى لا بل المقت القاتل للشعب العراقي جعل حزب الدعوة والأحزاب الإسلامية الأخرى تعمل على تجويع الشعب وارتهانه لصندوق النقد الدولي والدول الكبرى بانتظار اللحظة الأخيرة لسقوط العراق وطنا وشعبا إلى الهاوية السحيقة، عندها يهربون لحاضناتهم بما غنموه.
هل إن هذه المبالغ التي وعد العبادي بمنحها للمحافظات سوف تكون كما سابقاتها عرضة للنهب والضياع جراء التناحر والتقاتل داخل مجالس المحافظات لتصبح هذه الترليونات غنائم لهؤلاء الأوغاد من أعضاء الأحزاب الدينية المهيمنة على مجالس المحافظات، وعندها يفرح العبادي وحزبه بأن المال الذي خرج من جعبته ذهب لجعب وخزائن مناصريه وأصحابه ورفاقه ممن يردد قول هيهات منا الذلة، وهو يعرف اتجاهها مسبقا.

لازلت أمن بإصرار على إن لا شيء ثابت في هذا الكون وإن التغيير في العراق حاصل وقادم لا محال، ولا أطلب سوى الرجاء بأن أشاهده، رغم أني لا أراه في الأفق القريب.
فقد تغيرت أمامي كثير من المشاهد، حدث سابقا مع السيفون أو معي وعلاقتي النفعية مع جدتي، أو حدث ويحدث مع السيد العبادي وقبله المالكي أو عموم حزب الدعوة العربي الاشتراكي. فلم يعد ليَّ أمل غير أن أرى نهاية لهؤلاء الأوغاد الذين حطموا جميع أحلامنا ومنها العودة للوطن، لنضع رؤوسنا فوق وسادة عند أهل وأحبة ونبتسم لحلم سعيد.



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل قرأ المكتب الاستشاري للحزب الشيوعي العراقي اللوحة جيدا؟
- تركيبة الحشد الشعبي، هل تؤهله أن يكون ظهيرا للقوات المسلحة ا ...
- شارع المتنبي تغتاله بسطات الكتب
- فضائح انتخابات الخارج تتكرر دون حياء
- صالات قمار الانتخابات البرلمانية
- لا حظوظ لأحلام العصافير في العراق
- أعيدوهم إلى بلدانهم
- لعيد الحب فواجع أيضا.
- مع من تحالف الحزب الشيوعي؟
- تخريف البرلمان العراقي عرته وزارة النفط
- في كردستان الارتشاء لأجل التظاهر
- أسباب انهيار الاتحاد السوفيتي
- حول كتاب طالب عبد الأمير نوبل و -مثالية- الأدب
- محطات وشخوص في حياة الدكتور خليل عبد العزيز ج 2
- محطات وشخوص في حياة الدكتور خليل عبد العزيز1
- الوهابية والاخوان المسلمين، صراع الأخوة الأعداء هل يتحول لقت ...
- بوسترات
- كارل ماركس في العراق / الجزء الأخير
- كارل ماركس في العراق / الجزء الخامس والثلاثون
- كارل ماركس في العراق / الجزء الرابع والثلاثون


المزيد.....




- السعودية.. مكتب محمد بن سلمان ينشر فيديو على قارب وينعى بدر ...
- السعودية تقتص من الغامدي بقضية وفاة شعيب متأثرا بطعنة آلة حا ...
- ماكرون يواصل -غموضه الاستراتيجي- تجاه روسيا
- أميت شاه: استراتيجي هادئ، يخشاه الجميع، وكان وراء صعود مودي ...
- عالم روسي يتحدث عن تأثير التوهج الشمسي
- مركبة كيوريوسيتي تكتشف ماضيا شبيها بالأرض على الكوكب الأحمر ...
- أسباب الرغبة الشديدة في تناول الجعة
- أيهما أسوأ، أكاذيب إسرائيل بشأن غزة أم الداعمين الغربيين لتل ...
- البيت الأبيض يعترف بأن المساعدات الأمريكية لن تغير الوضع في ...
- تقارير: لا اتفاق حتى الآن في مفاوضات القاهرة بشأن غزة والمنا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - خرج أو صرة أو خزائن السيد حيدر العبادي