|
فيروس مرض الطفولة اليساريّ
ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)
الحوار المتمدن-العدد: 5913 - 2018 / 6 / 24 - 12:20
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
إستلمت رسالة من صديق ، تعليقاً على مقالتي الموسومة " حذاري من الإنعزالية " يقول لي فيها " إن الحزب الشيوعي قد مات ، بشهادة شيوعيي الداخل والخارج ، وإكرام الميّت دفنه لا جعله عكازة إضافية لأحزاب التخلّف والعمالة والفساد " . ينصحني صديقي ، بعد أن بلغت الثمانين وتجاوزت الستين بسنتين في درب صعب مع الحزب في سني إنتعاشه وكبواته ، مروراً بسياسات السلطات العراقية المتعاقبة في محاربته بل و محاولة تصفيته ، كما حصل بعد إنقلاب الثامن من شباط 1963. ينصحني بعد أن يخبرني أنه لم يقرأ المقالة ، بل إكتفى جدّاً بالخلاصة ، ويقصد بها مقدمة الرسالة الألكترونية التي عممت بها المقالة على معارفي . ينصحني أن أكفّ ، بإعتبار: أنا مثقّف ذي خبرة وتجربة سابقة ، وأن لا أدع الإنتماء السابق يستلب مني موضوعيّتي ( كذا ) .
كان موضوع مقالتي التحذير من الإنزلاق في تيار الفكر البرجوازي الصغير تحت الضغوط التي تمارسها الشريحة نصف المثقفة بإستخدامها " حريّة الرأي " التي أطلقت بعد 2003 ، وإستغلالها وسائل الإعلام لنشر آرائها التي ظاهرها العمل على بناء النظام " الديمقراطي العلماني " وحقيقتها ، بالنتيجة ، خدمة القوى السياسية المناوئة لتلك الغايات . حذّرت الشيوعيين من الإنعزال وترك الساحة السياسية ، ولكن البعض لم ترق لهم دعوتي .
النظرية العلمية التي يهتدي بها الشيوعيون جاءت لتحقيق مصالح الطبقة العاملة ، وعليهم بناء عملهم السياسي بإدراك عمق تلك النظرية ، التي يصعب على غيرهم ، من البرجوازيين الرأسماليين والبرجوازيين الصغار ، فهمها بذلك العمق . وعليهم ممارسة السياسة ، كعِلم ، مهتدين بالنظرية العلمية ، وكفن لرسم ستراتيجيتهم وتكتيكاتهم على ضوء ذلك ، بالتمسّك بمصالح الطبقة العاملة والطبقات الإجتماعية المسحوقة التي تتطلّب مصالحها السير إلى أمام في التغيير والتقدّم .
الإنعزالية آفة تصيب الحزب إن خضع للفكر البرجوازي الصغير الذي يدفع إلى مرض الطفولة اليساري . فنداءات الكثير من " كتابنا التقدميين " وبعض " كوادر الحزب " الداعية إلى إنسحاب الحزب من تحالف " سائرون " إنما مصدرها ذلك الفكر الإنعزالي قصير النظر الذي يدعو ، بذريعة الحفاظ على الموقف " المبدأي للحزب " ( كذا ) إلى إعادة بناء " تقدّم " ثانية ، بإعتبارها : الأداة المناسبة للنضال من أجل دولة ديمقراطية علمانية ومجتمع ديمقراطي علماني حديث ! ينسى أولئك " المنادون " الأهمية القصوى لتسلسل الأهداف الآنية التي يجب إيلاء الإهتمام بها في الظروف التي صار بها العراق . إن العراق مهدّدٌ بحرب أهلية ، إذا وقعت ، وهناك بعض القوى السياسية تعملُ لإشعال نارها ، لا يمكن تقدير ما ستكون نتائجها على البلاد ، ولذلك فإن العمل على منع حدوث الحرب الأهلية يجب أن يكون أول الأهداف في الوقت الحاضر ، وبالطبع لا يمكن تحقيق ذلك إلاّ بلجم القوى التي تعمل لها . كما ينسى أولئك أن العراق قد سقط فعلاً في هوّة عميقة ، بعد خمسة عشر عاماً من نظام الفساد والمحاصصة ، فلا بدّ أن يكون العمل على الخروج من ذلك النظام الفاسد المحاصصاتي تمهيداً لبناء الإستقرار الذي يفسح للعمل الجدي نحو أهداف أخرى ، إبتداءً من بناء الدولة وتحقيق السيادة الوطنية ، وبناء حكومة قوية قادرة على تنفيذ القرارات التي تتخذها .
لا يرى الكثير من أولئك ، ما حققه الشيوعيون ، من تقدّم ، خلال عمر حزبهم الذي سنحتفل بعيد تأسيسه الخامس والثمانين في السنة القادمة . ففي عام 1963 عمل نظام الحكم الذي كان يقوده حزبٌ عروبيٌ فاشي على تصفية الحزب كلّيّاً ، بينما إضطر نفس ذلك الحزب للإعتراف بوجود الحزب الشيوعي وبناء جبهة سياسية معه . وكذا في سني المعارضة التي كانت الأحزاب والحركات السياسية تستجمع قواها ضد نظام صدام ، وفي مؤتمر عُقد في دمشق ، إمتنع رئيس وفد أحد الأحزاب الإسلامية عن الدخول إلى قاعة المؤتمر ما لم يخرج الشيوعيون منها ، وفي هذه الأيام ، يُبدي إستعداد التحالف الذي يقوده في الدخول إلى تحالف " سائرون " على الرغم من وجود الحزب الشيوعي فيه . لا يرى أولئك أن الحزب تمكن ، في ظل هذا النظام ، على الرغم من كل مساوئه ، أن يفرض وجوده ، ويحصل على إجازة رسمية لمزاولة نشاطه الحزبي بحرية ، وأن يشترك في الإنتخابات ويكون منه نوابٌ في البرلمان .
كما العالم يتغيّر ، كذا تتغيّر أساليب التعامل بين البشر . الحوار ، والعمل الدؤوب ، والإصرار في التمسّك بالمبادئ ، سمات الحياة الحضارية في هذا العصر .
#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)
Yelimaz_Jawid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حذاري من الإنعزالية
-
لا يُلدَغُ المرءُ من جحرٍ مرّتين
-
نحنُ عملنا شيئاً ، فتُرى ماذا عملتُم ؟
-
لِمَن يَعقلون
-
جبهة للإنتخابات
-
لِمَ
-
خطابٌ إلى - مثقّفينا -
-
خِطابٌ لأولئك
-
يَومَ يُكنَسون
-
مَرَّ شهرٌ على الإستفتاء
-
رَدُّ مُداخلة
-
صَرخَةُ أمّة
-
القمارُ السّياسيّ
-
الديمقراطية في العراق
-
الديمقراطيّة - جزء 2
-
الديمقراطيّة - جزء 1
-
نداءُ تحذير
-
برهم صالح أم مستقبل العراق ؟
-
تظاهَر يا شَعَب .. وإستَعِدّ .
-
هَل يُحَوّل ترامپ العالم
المزيد.....
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو
...
-
الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة
...
-
الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك
...
-
شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم
...
-
الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا
...
-
الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح
...
-
تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه
...
-
الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
-
حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
-
استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|