أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الزهيري - العكاز ..














المزيد.....

العكاز ..


محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 5887 - 2018 / 5 / 29 - 07:06
المحور: الادب والفن
    


يوم صيفي قائظ ملتهب في نهار يوم ثلاثاء من رمضان , الاسفلت الذي يسير عليه كأنه ينفث سموماً , أشعة الشمس كأنها قطع جمر من جهنم , الهواء ساخن لدرجة الإلتهاب , أبخرة الأسفلت تظهر كأنها بنزبن يتطاير من فوهة كبيرة , الحواجز الحديدية لايستطيع إنسان ولا حيوان ولا طير أن يقترب منها ويلمسها , لا يسمع صوت العصافير والطيور علي الأشجار , وكأنها هجرتها إلي منفي من المنافي البعيدة , هو يتكيء علي عكازه الثمين , ويجعل من يد رفيقه اليمني عكاز آخر :
فجأة توقف , وصار عاجزاً عن السير , عبرا الجانب الآخر من الشارع حيث ظل شجرة تساقطت معظم أوراقها , مازال يستشعر أنه سيغمي عليه من العطش والجوع , لقد تعدي النصف الثاني من العقد السابع , طمأنه وطمأن خاطره , وجعله يستشعر أن في إفطاره لاحرج وليس هناك بأس في ذلك , وأن الصيام مازال يشكل خطراً جسيماً علي الكبد المتعب , والكلي المجهدة , ويجعل ضغط الدم في حالة زجزاجة ممايؤثر بالسلب علي القلب والرئتين , وأن فقدان نسبة مياه كبيرة من الجسم تؤدي إلي إرتفاع نسبة لزوجة الدم , مما يتسبب في تكوين الجلطات القلبية والدماغية ..
نظر إليه وكأنه أعطاه ترخيصاً بالإفطار وعلي مسؤليته , وليس علي مسؤليته هو , رغماُ عن أن حالته الصحية لاتعطيه الحق في الصيام , بل تمنحه واجب الإفطار ..
ولكن من أين يأتي بالمياه ؟! .. المحال معظمها مغلقة , والورش كذلك , والناس هربت من الشوارع والمحال والورش ولجأت إلي الأجازات الإضطرارية أو الإجبارية .. الكثير منهم يهرع إلي المساجد والزوايا ليبلل وجهه وجسده بالماء ويتقن الوضوء جيداً ليلطف درجة حرارة الجسم , وبعد أن يؤدي الصلاة تري بعضهم يقرأ آي الزكر , والآخرين يلوذون بالأرض نياماً تحت المراوح الكهربائية ..
وهو في هذه اللحظة تمني أن يجد مسجداً قريباً ليصنع ذلك , ولكي يرتوي من الماء خلسة عن أعين الناس , وإذا برفيقه يسأل أحد الناس عن سوبر ماركت أو محل بقالة ليشتري له عبوة ماء وبعض من البسكويت ..
دله أحد أصحاب الورشة المغلق بابها نصف إغلاق , علي محل مجاور , فإذا به مغلق , فعاد إليه ليخبره بأنه مغلق , وهو يريد لصاحبه هذا الذي يتكيء علي عكازه بيمناه ويتكيء بيسراه علي زراعه الأيمن , بأنه يريد أن يشرب بعض الماء , فرد الرجل مسرعاً , وقال نعم , توجد مياه من الحنفية مباشرة , فأجاب : ليس هناك مايمنع , وانتظر حتي يأتي له بالماء , فإذا به ينادي عليهما , ويدخلا إلي الورشة , فنجد أحد الأشخاص يجلس علي الأرض , أمامه أنواع من الطعام , والشراب , فجلس وتناول الطعام , وشرب قدراً كبيراً من الماء , وألحوا عليه في الإنتظار لتناول كوباً من الشاي , وفعلاً حدث , وإذا بهمايعلمان من صاحب الورشة أن هذا الرجل الذي يتناول الطعام , والشراب في نهار رمضان , هو أحد المشايخ المصابين بمرض قصور في الشريان التاجي , وإلتهاب الكبد الوبائي , وبعد أن أم الناس للصلاة , أتي لإبنه في هذه الورشة لتناول الطعام وتناول حصته في الدواء والعلاج , وإذا بصاحبه ينظر إليه , وكأنه أراد أن يكافئه طالباً منه الإفطار , فضحك , , وسأله من غير أن ينتبه : أين هي زجاجة المياه المعدنية التي كانت معك في الحقيبة التي تحمل فيها أغراضك , لقد كان بها مايزيد علي النصف , بعد أن شربت منها عدة مرات ورددتها إليك؟! , ثم صمت لحظة , وضحك , ثم إستشعر صاحبه الخجل , وضحك الجميع , وخرجا شاكرين فضيلة الشيخ وأولاده , من غير أن يستند إلي عكازه , أو يجعل من يد صديقه اليمني عكاز آخر واضعاً العكاز تحت إبطه الإيسر , وانصرف كل منهما إلي طريقه , ومازال هو يظن وصديقه يظن , ويراودهما الظن إلي أن يصلا إلي يقين , ولن يكون !!



#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحت راية السجان !!
- الأربعاء الأسود : من زكريات 25 مايو -آيار- 2005 ..
- زكري العار : الأربعاء الأسود 25 مايو - آيار - 2005 !!
- عن إختطاف وائل عباس واحتجازه : فماذا بعد !؟
- قدسية الشيخ والبابا بقرار إداري , وليس بقرار سماوي !!
- إبراهيم عيسي .. وأزمة مفهوم الصيام !!
- الأصل والصورة : رحلة في عقل متأمل!! *
- العلمانية وازدراء الأديان .. أزمة الأوصياء وأبناء الطاعة الع ...
- إزدراء الأديان أم إزدراء الإنسان !؟
- إلي سحر الجعارة : سيوفهم من خشب .. وسيوفنا عقولنا!!
- بين اشتهاء وغفلة .. هنالك طفلان ، وأكثر من خريف ! *
- المسبحة !!؟؟
- الأدب والرواية النسائية بين التاريخانية وسيمياء الجسد: جدل ا ...
- إلي روح الشهيد خالد المغربي : لن نقول وداعاً ..
- التأويلية _ الفصل الثالث _ التأويلية بين العولمة والتاريخاني ...
- التأويلية _الفصل الثاني _ التأويلية بين التداولية والعقلانية
- عن التأويلية ..
- التأويلية _ الفصل الأول _ التداولية كأداة للتأويلية
- عن النص ..
- عن الإختلاف ..


المزيد.....




- من يملك وجوه الممثلين؟ كيف يواجه نجوم هوليود خطر استنساخهم ب ...
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لجميع المحافظات الدور الاول ...
- الأول له بعد 4 سنوات دون دعاية.. جاستن بيبر يفاجئ معجبيه بأل ...
- برقم الجلوس الآن.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ف ...
- “رابط شغال” نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس فقط كافة التخ ...
- استعلم برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ...
- القديسة آجيا كاترين.. تاريخ أيقونة اللغة والجغرافيا والتاريخ ...
- “رابط فعال” نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس جميع التخصصات ...
- سراييفو.. مهرجان -وارم- يحتفي بإرث غزة وسوريا وأوكرانيا و-عا ...
- “متوفر الآن” رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ج ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الزهيري - العكاز ..