أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الزهيري - تحت راية السجان !!















المزيد.....

تحت راية السجان !!


محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 5885 - 2018 / 5 / 27 - 07:02
المحور: الادب والفن
    



هناك من النصوص من تأسرك في سجن المعني , وتخضعك لشروطها في التفسير , ولاتستطيع أن تهرب منها حيث حريتك إلي براحات التأويل , وفي سبيلي إلي الوصول إلي محطة نص منها يأول الإنسان , ويأول واقعه وحياته , وثقافته السائدة , بما يعتريها من عادات وأعراف وتقاليد وموروثات دينية صارت في مرتبة أعلي وأعلي من مرتبة المعتقد الديني ذاته , ليكون رجال الكهنوت والرهبوت لهم السيادة العليا علي النص , والسيطرة علي معناه ومفهومه ومراده ليتم توظيفه حسب المصلحة لهؤلاء السفلة من أرباب الكهنوت والكهانة والرهبوت الديني , لدرجة صارت القسوة عقيدة , والقتل والدم دين , وأبسط طرائق التعذيب وأرحمها هي السجن والحبس والإعتقال في معابد الكهانة والرهبوت , ليتم ما أرادوه من تحويل الحياة ببراحاتها وأشجارها وعصافيرها وطيورها وأنهارها ومساكنها وحدائقها إلي سجن كبير بإتساع قدرة الكهنوت والرهبوت في السيطرة علي المكان والناس ليكون لهم الزمان ملكاً لهم ,والوقت طيعاً لما يريدوه ويتغيوه من مرادات , فالديمومة والإستمرار , يشتغلان علي إلغاء ومحو كينونة أي كائن سواء كانت كينونة الإنسان أو الموجودات الأخري بالكون والطبيعة والحياة , يريدوا أن يخضعوها لهم وحدهم , فهذا وذاك وتلك وأولئك من الأوصياء علي الإنسان , جسداً وعقلاً وروحاً , أما جسداً فهم من يحددوا له شروط الأزياء والملابس , ومواصفتها , سواء كان للرجال أو للنساء , وهم من يحددوا واجب الستر والتغطية من الجسد برؤيتهم وحدهم سواء عن طريق الحجاب أو الخمار أو النقاب أو غيرهم من المسميات حسب إختلاف الأمكنة , وهم أنفسهم من يضعوا شروطاً لحرية حركة الإنسان في المكان , والإنتقال والسفر والثبات والسكون , أو السجون والمعتقلات , وهم كذلك من يحاكموا الأرواح ويجعلوها تهرب من الأجساد هلعاً ورهبة حال إستخدامهم القتل نحت مسمي تطبيق الحد وإقامة الشرع , وسريان الشريعة , ولذلك أراها وكأن قسمات وجهها وتعبيراته المحزونة المتضامة إلي بعضها بعضاً ويتحول الوجه البشوش الطيب الملائكي , إلي وجه عابس كمداً وحزناً , والتياعاً واشتيقاً إلي سبل الحرية والعزة والكرامة , التي يحول بينها وبينهم طغاة سفلة مستبدون , يلتحفوا بألحفة الدين , ويلبسوا له أقنعة عديدة , فلكل مناسبة من ورائها مصلحة لهم وحدهم يكون لها قناع , وهي مازالت حيري مأزومة من الوضعية التاريخية المحكومة بها من قبل الأدعياء للطهر والشرف والعفاف والكرامة , فتعبر عما يجيش بعقلها ويهتاج له الإحساس بالظلم والقهر :
ما عدت أعرف*
كم سجنا بنوه لنا
أنا الضعيفة
تحت راية السجان .
تاريخي ؟.... يا ويلي أنا
حمل ثقيل
من قهر ومن حرمان

وكأنها تتأوه حينما تعاودها الزكري تليها الزكري عن تاريج محشود بالقهر والحرمان , وكأنه حمل ثقيل يمثل عبء تنوء عن حمله قوة السواعد والأبدان , وهي تسامرها أحزان القلب , وتصادقها أوجاع الروح , وتكاد تختنق من رهبة الماضي ووحشته وكآبة وحشيته وقهره لها , فلم تكن تستطيع أن تعيش كما يعيش الناس في أماكن كثيرة مأهولة بالرحمة ومسكونة بالحب , ومنثور علي جانبي طرقها الزهور والورود والرياحين والأزاهير , فهذه حدائق غناء مثمرة , تعطي من أطايب الثمار , وتهب الراحة والطمأنينة والظلال , فلماذا لاتكون حياتنا كذلك , ولماذا لايرحل الأوصياء علي الروح والعقل والجسد , ولماذا يخوفوني بالنار والثعبان الشجاع الأقرع , وعذاب القبر ومنكر ونكير والمقامع التي هي من حديد ومن نحاس , ولماذا جعلوني أنا الأنثي من اهل النار ومن أكثر أهل النار كل من تنتمي إلي ومن أنتمي إليهن من النساء , وكأن الأنوثة عار وشنار , وكأن الأنوثة مذلة ومهانة , وكأن الأنثي ليست بروح مثلها مثل الذكر , وكأنها ليست لها عقل قد يفوق عقول الكثير من الذكور , وكأن جسد الأنثي هو المحرم , بل هو الحرام ذاته , فيباح للذكر أن يلبس ويتزيي بماشاء وكيف شاء , وأن يتطيب بأطايب العطور والطيب أينما شاء وكيفما شاء ووقتما شاء , ولأنه ذكر يباح له الخروج والدخول والسفر والإنتقال من مكان إلي مكان ومن وطن إلي وطن آخر بما شاء وكيف شاء , ولأنني أنثي , فكل هذا محرم علي , وحرام علي مخالفة قيد أنملة من الشروط التي وضعها الأوصياء الشياطين للنساء الضعفاء المهانات المقهورات بلا أدني سبب وبلا أي جرم ارتكبوه , فجعلوا من بيتي سكن دائم لي وكأنه سجن , وأحياناً حينما يعلم الإنسان أن مصيره السجن فقد يستكين للأمر لأنه يعلم أنه لامهرب ولا مفر , أما وأنا في بيت والدي صار خروجي مقيد ومشروط , وتغيبي عن المنزل مقيد ومشروط ومحسوب الدقيقة والثانية , حتي وإن كان عذر قهري لادخل لي فيه , فأعلم أنني سأتلقي الحساب واللوم والتعنيف , وأحياناً السباب والشتائم والإتهامات الأخلاقية بالعهر والفجور , وهذا من كل أفراد الأسرة بداية من الأم والأب والأشقاء الذكور , لتزداد قسوة الوقت , ورهابة الزمن , وضياع إنسانيتي عمداً وبلا سابق قصد لي , لأن هذه الجريمة موكول أمرها إلي التاريخ المحشود بتعاليم وأوامر ونواهي الأسرة الأبوية الذكورية , والتي تحيل حياتي منذ المهد وحتي اللحد إلي مآسي لاتنتهي , فمنذ الولادة يمارسوا ضدي الختان , وقطع جزء من جسدي بلا إرادة مني , مخافة العار , وكأن الشرف صار محله الأعضاء التناسلية , وكأن الشرف محله الجسد , وليس شرف العقل وكرامة العقل , وحينما يسير العمر بي بإتجاه البلوغ أجد النقد يزداد والتوبيخ يزداد قسوة , ولائحة الأوامر والنواهي تزداد بنودها , وتكثر أرقامها , لتصير الحياة كلها ممنوعات ومحرمات , فيكتمل الأمر بإرتداء الحجاب أو الخمار أو النقاب , وليس برغبة مني أو إرادة صادرة عني , حتي أتحمل نتائجها ومن ثم مسؤلياتي تجاهها , ولكن هم من فرضوا علي هذا الذي وهذا الثياب , وهم من اختاروا ألوانه ليكون بين البني المحروق والأسود , وأصير مابين ختان الجسد وختان العقل مفتقدة إرادتي واختياري , وكأنني دابة من دواب الأرض , أو حيوان من الحيوانات الداجنة , وأنا مازلت أعتقد أنني لست كذلك , فيزداد إصراري بالرغبة في الهروب من هذا الأسر , فتواجهني راية السجان حينما أيمم وجهي , وحينما تتجه إرادتي , ومازلت في نظرهم أنا العورة وأنا الحرام وأنا الحريم , وأنا مؤهلة لأكون مع أكثر أهل النار حينما أخالف لائحة الأوصياء في الأسرة أو في المدرسة ودار العبادة أو الجامعة , أو حتي في الشارع الذي يضع لي شروط حتي لا أثير غرائزه المهتاجة لمجرد رؤيتي أو رؤية أنثي أي أنثي , ومازالوا يمارسوا الكذب والبهتان بدعاوي الشرف والعفاف والطهر , بلوغاً إلي الغاية العظمي وهي الجنة حسب مسطرتهم , والتي لن ينالوها إلا بقهري وتعنيفي وتعذيبي وإذلال روحي , وقهر عقلي , والقسوة الواقعة علي كياني كله وجسدي , وهذا كله أدعوه أنه الإيمان , ومن أجل الإيمان ,, ولكنهم :
جاءوا بإفك زوروه لنا
وقالوا :
قهرك غاية الإيمان *

*النص للشاعرة : هدي أمين
القراءة والترجمة النقدية للشاعر: محمود الزهيري



#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأربعاء الأسود : من زكريات 25 مايو -آيار- 2005 ..
- زكري العار : الأربعاء الأسود 25 مايو - آيار - 2005 !!
- عن إختطاف وائل عباس واحتجازه : فماذا بعد !؟
- قدسية الشيخ والبابا بقرار إداري , وليس بقرار سماوي !!
- إبراهيم عيسي .. وأزمة مفهوم الصيام !!
- الأصل والصورة : رحلة في عقل متأمل!! *
- العلمانية وازدراء الأديان .. أزمة الأوصياء وأبناء الطاعة الع ...
- إزدراء الأديان أم إزدراء الإنسان !؟
- إلي سحر الجعارة : سيوفهم من خشب .. وسيوفنا عقولنا!!
- بين اشتهاء وغفلة .. هنالك طفلان ، وأكثر من خريف ! *
- المسبحة !!؟؟
- الأدب والرواية النسائية بين التاريخانية وسيمياء الجسد: جدل ا ...
- إلي روح الشهيد خالد المغربي : لن نقول وداعاً ..
- التأويلية _ الفصل الثالث _ التأويلية بين العولمة والتاريخاني ...
- التأويلية _الفصل الثاني _ التأويلية بين التداولية والعقلانية
- عن التأويلية ..
- التأويلية _ الفصل الأول _ التداولية كأداة للتأويلية
- عن النص ..
- عن الإختلاف ..
- يوميات عبقري : جنون سلفادور دالي المعقول


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الزهيري - تحت راية السجان !!