أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود الزهيري - العلمانية وازدراء الأديان .. أزمة الأوصياء وأبناء الطاعة العمياء !!















المزيد.....

العلمانية وازدراء الأديان .. أزمة الأوصياء وأبناء الطاعة العمياء !!


محمود الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 5868 - 2018 / 5 / 9 - 23:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جريمة إزدراء الأديان من ضمن الجرائم المتربصة بالإنسان من جانب كافة أصحاب ومنتمي الهويات الدينية المجانية , سواء علي مستوي الهيئات والمؤسسات الرسمية أو الغير رسمية , أوعلي مستوي الأفراد والجماعات , فهي بمثابة أداة مقيدة للرؤي والتصورات , وساجنة ومعتقلة للأفكار التي من الممكن أن تترجم إلي أعمال فنية أو أدبية , ومن ثم من لايستطيع إستساغة العمل الفني أو الأدبي , وإن كان يمثل رمزيات لاحقائق , يتم ترجمته إلي جريمة إزدراء أديان , وتقديمه للمحاكمات الجنائية والمطالبة بالحبس وبالتعويضات المدنية ..
هالني وأفزعني ماتم عرضه ونشره من صور في عام 1998 في أكبر كنيسة بمدينة أوبسالا بالسويد حينما قامت اليزابيث اولسون إحدي الفنانات , بإقامة معرضاً, أثار موجات من اللغط والجدل حول الرسومات التي تصور المسيح عارياً ومريضاً بالإيدز وموجود وسط مجموعة من الشواذ من مثلي الجنس , وقامت اليزابيث أولسون بالتنقل بمعرضها في العديد من المدن السويدية , و الأشد غرابة أن يتم إنتقال المعرض ليعرض صوره داخل البرلمان السويدي .
وبالرغم من هذه الجريمة اللا أخلاقية البشعة التي تصور المسيح بهذا الشكل الشائن داخل تلك المجتمعات الأوروبية , وتحديداً السويد , فقد كان رد الفعل علي هذه الرسوم المشينة البشعة أن قامت بعض المظاهرات السلمية من جانب بعض الكنائس الأرثوذكسية الشرقية , تنديداً ورفضاً لهذه الصور التي تم نشرها وعرضها بمعرض الفنانة اليزابيث أولسون , والغريب في الأمر , أن باقي الكنائس الغربية التي تتبع الكاثوليكية أو البروتستانتية , لم تحرك ساكناً تجاه هذه الرسوم , ليظل الشرق هو صاحب الإعتراض ورائد التحدي ضد من ينتهك الثوابت أو الموروثات الدينية أي كانت مفاهيمها أو تصوراتها..
وبعد هذا المعرض بسنوات قلائل , من تاريخ هذه الواقعة في السويد , نشرت وزارة الثقافة المصرية رواية وليمة لأعشاب البحر للروائي السوري حيدر حيدر , وكأن القيامة قد قامت , وزلزلت الأرض زلزالها , وأخرجت مافي بطنها من حمم وبراكين , لتقتل من علي ظهرها وتلهبهم حرقاً وخنقاً وقتلاً , لدرجة أن قال أحدهم مطالباً المسلمين :" من يبايعني علي الموت " , واهتزت أرجاء كافة المؤسسات الدينية الرسمية ومعها كافة المنتمين للعصابات الدينية , ومنهم من طالب بإقامة الحد علي حيدر حيدر , وهذا الرابط يصور ماحدث بشأن نشر وليمة لأعشاب البحر :" http://www.alarabnews.com/alshaab/GIF/31-08-2001/Walima.htm" ..
وفي الحقيقة أن العلمانية هي التي تقف علي مسافة واحدة متساوية من جميع الأديان والمعتقدات والمذاهب والفرق والطوائف , وبالطبع جميع الأديان الأرضية الوثنية , فالعلمانية يتساوي لديها إحترام وتقدير السماوي مع الأرضي , مادام هذا المعتقد صار متصلاً بإنسان ما , فلا يتوجب إزدراء أو تحقير أو إهانة أي معتقد أرضي أو سماوي في شخص إنسان ما , وإلا فهناك لائحة من لوائح قانون العقوبات تقف علي حدود مسطرة الجزاءات الجنائية بدءاً من الحبس أو الغرامة إلي التعويض المدني , أما ماخلا إزدراء معتقد من المعتقدات خارج إطار شخص ما ؛ من غير توجيه هذا الإزدراء لهذا الشخص أو المجموعة أو الطائفة , فهذا أمر من المباحات يكمن داخل إطار النقد للأديان السماوية أو الأرضية ..
ولذلك فإن من يروج بأن العلمانية تعني إزدراء الأديان وتحقيرها , وإهانة الرموز الدينية والمقدسات , أو أنها تدعوا وتحرض علي جرائم الفسق والفجور والدعارة أو زنا المحارم , ,أو غير ذلك من الجرائم الأخري , فهذا من قبيل التفاهة العقلية والتردي في حمم الجهل والجهالة العقلية , لأن العلمانية ليست كذلك , فهي تؤمن بأمور بنيت عليها العديد من المجتمعات الإنسانية بمنظومة قوانينها ودساتيرها ونظمها الأخلاقية , وفي وجازة شديدة , فإن العلمانية لها دعامتان أساسيتان :
الأولي الليبرالية , وتعني بالحريات الفردية والحريات الإجتماعية تحت إطار منظومة من القيم الدستورية والقانونية , وبالتالي فعلي المجتمع أن يحترم القيم الفردية , وعلي الأفراد أن يحترموا القيم الإجتماعية الجمعية , داخل هذا الإطار الدستوري القانوني , وبذلك تصير الليبرالية مناخ , يحتاج إلي ممارسات الأفراد عبر الهيئات والمؤسسات والتي تعني في أبسط أمورها حرية ممارسة السياسة والفن والأدب , عبر قواعد من الإنتخاب أو الإختيار , ولذلك فإن ثقافة الصندوق تكون قبل التصويت وبعده وأثناء ممارسة حق التصويت , وهذا مانطلق عليه ثانياً تحت مسمي الديمقراطية , لتظل بمثابة أداة تعمل وتنشط في مناج ليبرالي حر خاضع للدستور والقانون المعبران عن إرادة واختيار شعب من الشعوب أو أمة من الأمم ..
ولذلك : فإن العلمانية لاتعني نزع الدين أو المعتقد عن حياة الناس , وإنما تعني أن لكل فرد أو مجموعة أن تمارس عقائدها وعبادتها في مناخ حر آمن , وهذا مالاترضاه كافة العنصريات الدينية التميزية التي تنتصر لدينها ومعتقدها ومذهبها وطائفتها فقط علي حساب كافة الأغيار الخارجين عن دائرة إنتمائها وهويتها الدينية واللغوية , ومن ثم تري هذه العنصريات تناصب المفاهيم العلمانية والديمقراطية والليبرالية كل عداء وكراهية ورفض وتحقير وازدراء لمن ينادي بهذه القيم والمباديء التي تقف بالتساوي أمام بني الإنسان علي مسافة واحدة متساوية ..
و كافة العنصريات الدينية واللغوية والإيديولوجيات الدينية والسياسية فإنها تعمل بشكل هرمي مؤسسي , ولها قانونها المؤسس عقدياً عقيدياً علي أساس الطاعة العمياء لكل الأوصياء الدينيين أو السياسيين ’ والعلمانية والديمقراطية والليبرالية تكفر بالطاعة العمياء , وترفض مبدأ الوصايات ..
ولذلك . فإن العلمانية قرار , والديمقراطية أداة لممارسة السياسة عبر حق التصويت , والليبرالية مناخ تعمل وتجتهد وتنشط فيه العلمانية والديمقراطية, وهذا التعريف بسطه لي صديقي الأستاذ الدكتور صلاح الزين , في زيارة لي بمكتبي , خلال حديث طويل فيما بيننا , وأردت أن أنسب هذا التعريف له لأن صاحب رؤي رائعة ومبسطة في رحاب هذه القيم , وهو من أول من رفع دعوي قضائية بمجلس الدولة لإنشاء الأحزاب السياسية مستنداً علي القانون والدستور والعديد من المعاهدات والمواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان , وكنت أنا والأستاذ سامي حرك من رفعا هذه الدعوي وقتها , وأذكر أن الدكتور صلاح الزين حرر لي توكيل , وأرادني أن أكون المستشار القانوني للحزب المصري الليبرالي , وقتها !!
والتساؤل يثور هنا :
من الذي يحتقر ويزدري الآخر ؟َ! .. هل العلمانية تريد ذلك للأديان أم تريد الأديان للعلمانية الإحتقار والإزدراء , أعتقد أن الأزمة لدي الأوصياء وأبناء الطاعة العمياء هي من تصنع ذلك , وتقرر الإعلان عن الإزدراء والكراهية والتي تصل لحد القتل للآخر والمخالف , أي آخر وأي مخالف ..
فهل المجرم هو : من يقف علي مسافة واحدة من أي آخر , أم من يلعن ويسب ويحتقر ويسعي لإفناء وإبادة أي آخر حرقاً أو قتلاً ؟!



#محمود_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إزدراء الأديان أم إزدراء الإنسان !؟
- إلي سحر الجعارة : سيوفهم من خشب .. وسيوفنا عقولنا!!
- بين اشتهاء وغفلة .. هنالك طفلان ، وأكثر من خريف ! *
- المسبحة !!؟؟
- الأدب والرواية النسائية بين التاريخانية وسيمياء الجسد: جدل ا ...
- إلي روح الشهيد خالد المغربي : لن نقول وداعاً ..
- التأويلية _ الفصل الثالث _ التأويلية بين العولمة والتاريخاني ...
- التأويلية _الفصل الثاني _ التأويلية بين التداولية والعقلانية
- عن التأويلية ..
- التأويلية _ الفصل الأول _ التداولية كأداة للتأويلية
- عن النص ..
- عن الإختلاف ..
- يوميات عبقري : جنون سلفادور دالي المعقول
- جدل السيادة وتنازع المصالح : صنافير وتيران .. وتظل إيلات مصر ...
- عن حصار قطر .. مفتي السعودية وشعبان عبدالرحيم : إرادة أنظمة ...
- قطر ودول الخليج : الإستبداد والإرهاب وبداية التقسيم !!
- الشهقة الأخيرة .. عن مذبحة أقباط المنيا !
- محمد عبدالله نصر : من جدل نقد التراث إلي جدلية محاكمة النقد ...
- أكذوبة توكيلات السماء .. وفكرة الخلاص الجماعي !
- سأخبر الله بكل شيء ..


المزيد.....




- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود الزهيري - العلمانية وازدراء الأديان .. أزمة الأوصياء وأبناء الطاعة العمياء !!