أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - احسان طالب - السجون السورية تخرج المبدعين














المزيد.....

السجون السورية تخرج المبدعين


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 1493 - 2006 / 3 / 18 - 11:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في زمان ليس ببعيد وفي مكان قريب حدثت مأساة بشرية وإنسانية استمرت لعقود من الزمن ، مازال يكتنفها الغموض ومازالت الصورة ناقصة تبحث عن الحقيقة والتفاصيل ، وما برحت أسئلة حزينة تلح في طلب الإجابة علها تفرج عن قصص مازال أبطالها يتألمون ويعانون.
هل ينسى الزمان أم هل يغفر المكان وهل يقبل تجاوز التجربة وكأنها لم تحدث ، أفراد وعائلات ومجتمعات ، شعب ووطن عاش المأساة وتفاصيل الحدث بكل ما يحمله من خوف وألم وتكتم وعذابات نفسية وجسدية لم تفلح الأيام في إبرائها.

تدمر تاريخ مأساة :
تهز وجدانك الكلمات وتصعق روحك الصورة، تتجلى أمام ناظريك كرامات تهدر وأرواح تطحن ، وجوه تمسح ملامحها الإهانات و أنفس يسلبها الرعب الإحساس وينبذها خارج الإنسانية، تتراقص أمام عينيك شياطين ذات ملامح إنسانية تضحك وتفرح وتثور وتغضب أمام أجساد محطمة مكسرة نازفة يتفنن الشر في طحن كرامتها وإزهاق إنسانيتها وبشريتها .
أي عقل تمرس في الإجرام وتغذى على رفاة الأرواح ذلك الذي حول بقعة من الأرض تروي كل ذرة من ترابها قصة حضارة وتراث أمة وتاريخ شعوب.إلى تاريخ تراجيديا إنسانية واقعية معاصرة مازالت ماثلة في ذاكرة التراب والهواء والماء ما زالت معششة وراسخة في العقول والقلوب والأنفس والأرواح .
عندما نذكر مدينة تدمر السورية ، يتبادر إلى ناحية الفكر شبح يشل العقل ويخدر الإحساس شبح رسمته تجارب وقصص وحكايات وخبرات لست أبالغ إذا قلت أنها لا تغادر عائلة سورية إلا وعايشتها أو قاربت.
" مملكة للجنون والموت عار على تاريخ البشرية "
هكذا يصف فرج بيرقدار الشاعر السجين السابق الذي أمضى أكثر من عشر سنوات من حياته سجيناً سياسياً قضى نصفها تقريباً في سجن تدمر.
" حتى الصمت في تدمر آلة رعب ، صمت مرعب مخيف ينذر بالوبال والمصيبة "
بهذه الطريقة تحدث غسان جباعي المخرج المسرحي عن حالات معينة من أوضاع السجن السياسي ، غسان جباعي أمضى عشر سنوات من ريعان شبابه في السجن قسط وافر منها في سجن تدمر.
" السجان حاضر في كل لحظة في تدمر خوف كثيف في كل لحظة "
" السجن يجسد جمال المبتذل ، المشي تحت المطر، الجلوس في الحديقة " ، ( يصبح فعل المتاح والعادي جداً مطلباً ملحاً وعزيزاً ذو قيمة جمالية ).
بمثل هذه العبارات يتحدث ياسين الحاج صالح الكاتب المبدع الذي أمضى ستة عشر عاماً من ربيع حياته سجيناً سياسياً ردح طويل منها في سجن تدمر.
في حلقات طويلة ومسلسلة تحدث حسن الهويدي عن صنوف وحالات وابتكارات من الترهيب والتعذيب التي عايشها وشاهدها هو ورفاقه خلال سنوات طويلة كأنها دهور لا تنتهي تمر فيها اللحظات والدقائق ببطء شديد حيث تدور الأرض حول نفسها في كل دقيقة وتجوب شياطين العالم كله أفلاك الكون في برهة من الزمن.
المثير للدهشة والإعجاب والحب، أنك عندما تجالس أولئك الذين عانوا سنين بل قل دهوراً من صنوف الألم والعذاب والقهر، تجد أشخاصاً مفعمين بالإنسانية والروح الطيبة والمعنويات العالية ، يعملون بجد ونشاط ودأب لا يكل ولا يمل ( تملأ إبداعاتهم المواقع والصفحات واللقاءات والمحاضرات ).
أشخاص مازالوا يحبون وطنهم وأبناءه فوق كل شيء ، أناس ما زالوا مستعدين للعمل من أجل البلد والتضحية من جديد.
عندما تستمع إلى أكرم البني الكاتب والإنسان الذي أمضى أكثر من عقد ونصف من أيام حياته في المعتقل السياسي . تستمع إلى إنسان حوله الهم الوطني إلى آلة عمل ومحرك نشاط استحوذ الوجدان الوطني الإنساني لديه على الذات وتصدر أحلامه وأمانيه.
تتساءل أية قيم إنسانية يحملها أولئك، أية ضمائر وأخلاق تلك التي ترعرعت ونبتت في صدورهم ، ما أعظم أن تتحول تجربة الظلم والعذاب والرعب والأسر إلى ملحمة بطولية وتراث حضاري ، كل ذلك يدفع بإلحاح للحديث من جديد على ضرورة التغيير وإقامة أوضاع جديدة حتى لا تتكرر المأساة وتفضح التجربة ويحاسب المسئولون.



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيدة يغتصبها آلاف الحاقدين!!
- التشدد الديني و الإسلام السياسي – دراسة من أربعة أجزاء: الجز ...
- يطبق عليهن الحد!
- التشدد الديني و الإسلام السياسي - دراسة من أربعة أجزاء: الجز ...
- الكاتب السوري مظلوم تنتابه الهواجس
- التعديل الوزاري في سوريا يكرس المواجهة
- الإعلام العربي من عصر الجاهلية إلى جاهلية ما بعد الإسلام: ضر ...
- حماس بين استحقاقات الداخل و ورطة الخارج
- الأسد نجاد: دعم السلطة الأبدية بالسلطة الإلهية
- دعوة إلى لقاء الرياضَيْن
- فصل المقاومة عن حزب الله
- سقوط القناع الدبلوماسي عن النظام الأمني
- وجهة نظر في المسألة الكوردية السورية
- الوطنية السورية و الأفلاطونية الفاضلة
- توبة صدام الصدوق !!
- جبران ثانية
- جبران أيها القديس الجميل
- سوريا في مواجهة الإعصار من يدفع الثمن
- قناة الجزيرة بين الوهم و تحقيق الوهن
- آه يا دمشق نزار


المزيد.....




- فندق فاخر في أبوظبي يبني منحلًا لتزويد مطاعمه بالعسل الطازج ...
- وفاة 61 شخصا في تايلاند منذ مطلع العام بسبب موجة حر شديدة تج ...
- زعيم الحوثيين يعلق على موقف مصر بعد سيطرة إسرائيل على معبر ر ...
- بعد صدمة -طفل شبرا-.. بيان رسمي مصري ردا على -انتشار عصابات ...
- المزارعون البولنديون ينظمون اعتصامًا في البرلمان بوارسو ضد و ...
- فيديو: ملقيًا التراب بيديه على التابوت... زعيم كوريا الشمالي ...
- تكثيف الضربات في غزة وتحذير من -كارثة إنسانية- في رفح
- باير ليفركوزن.. أرقام غير مسبوقة وأهداف في الوقت القاتل!
- من أين تحصل إسرائيل على أسلحتها ومن أوقف تصديرها؟
- مستوطنون يقطعون الطريق أمام قافلة مساعدات إنسانية متوجهة إلى ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - احسان طالب - السجون السورية تخرج المبدعين