أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احسان طالب - الإعلام العربي من عصر الجاهلية إلى جاهلية ما بعد الإسلام: ضرورة ترسيخ قيم الحرية و الحداثة















المزيد.....

الإعلام العربي من عصر الجاهلية إلى جاهلية ما بعد الإسلام: ضرورة ترسيخ قيم الحرية و الحداثة


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 1453 - 2006 / 2 / 6 - 11:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يمكن لمتابع أيا ً كانت صفته إلا ملاحظة التقدم الهائل الذي طرأ على الإعلام العربي في العقد الأخير حيث زادت الصحف و الجرائد بشكل كبير و ملحوظ إلى جانب تفاقم عدد الفضائيات و لعل أدنى مثال على ذلك هو العراق حيث تضاعف عدد الصحف و المجلات في مئات المرات. و هذه ظاهرة إيجابية رغم ما يعتريها من فوضى مؤقتة ستزول بالتمرس و اكتساب الخبرات.
في تقديري حتى يكون الإعلام العربي فاعلا ً و مؤثرا ً في عملية القضاء على الاستبداد و الفساد و التخلف و الجهل و الإسهام في التنمية البشرية و الاقتصادية يفترض في الإعلاميين التحلي بسلاح المعرفة و المعلومات في عصر غدت فيه المعرفة متاحة و ميسرة و المعلومات في متناول اليد ترجو من يتناولها و يصل إليها بقليل من الجهد و البحث السريع أحيانا ً و المتأني أحيانا ً أخرى فثورة الاتصالات التي نعيشها اليوم تلقينا في بحر من الأبحاث و الدراسات و الإحصائيات و الفرضيات و النظريات توفر لنا كل ما ينبغي الحصول عليه من أجل الوصول إلى إعلام حضاري و متمكن. كما يفترض بنا التحلي بالجرأة و الشجاعة لنقتحم حصون الفساد و قلاع الاستبداد بالنقد البناء و كشف العيوب و الجرائم و الأخطاء، و الانطلاق نحو حرية الرأي و التركيز على دور الفرد بإمكانياته الخاصة و عقله و علمه المجرد في الوصول إلى المعرفة.
هنا نتساءل هل هناك خصوصية للإعلام العربي غير كونه ناطق بالعربية؟ و هل يتحلى إعلامنا برسالة أو رسائل خاصة تميزه عن غيره من الإعلام الناطق باللغات الحية الأخرى؟ ربما كانت الميزة الأولى للإعلام العربي سيطرة أجهزة السلطة عليه إما مباشرة أو توجيها ً و تمويلا ً، و بذلك يتحلى الإعلام بمهمة رئيسية هي دعم الأنظمة الحاكمة القائمة و تبرير بقائها في السلطة و التستر على عيوبها و أخطائها، و هذا لا يعني وجود إعلام و صحافة عربية حرة فهو موجود و لكن في حدود ضيقة. و في عصرنا الحديث الذي غدا فيه العالم مكشوفا ً و الخبر متاحا ً و غدت الأرض قرية صغيرة يعرف ما يجري فيها و كل أخبارها الصغار و الكبار، و عليه كان لزاما ً زيادة هامش الحرية و النقد بما يعكس صورة أقل مأساوية و أكثر واقعية للإعلام الذي ما زال يحبو في دروب الحرية و التطور.
ربما يقع على عاتق الإعلاميين البحث عن الحقيقة و إظهارها و عدم التستر عليها حماية للفساد و الاستبداد و بذلك يؤدي الإعلام دورا ً من أهم أدواره التي يعد الدور الثقافي التنويري الهام لها حيويا ً و ضروريا ً فالشعوب العربية عموما ً بحاجة ماسة إلى إعلام نقدي مثقف و مضطلع قادر على النهوض بالعقل العربي إلى حيث البحث
و من ثم الوصول إلى المعرفة متجردا ً من قيود حاصرته زمنا ً طويلا ً و ما زالت.
يركز الإعلام العربي عموما ً على الثقافة الدينية و يفسح لها مجالات واسعة و رئيسية و ذلك لاستقطاب القراء و المتصفحين الذين تتمحور اهتماماتهم في الغالب في معرفة الموروث و علاقته بالحاضر، و نتيجة لضمور و اضمحلال التوجهات الثقافية الأخرى لدى شرائح عديدة من الشعوب العربية، غدا الاهتمام و العناية بالمناحي الثقافية المرتبطة بالأدب و الفكر و الفن محدودا ً و بمراجعة بسيطة لنوعية الكتب المطبوعة و المقروءة من خلال معارض الكتاب المنتشرة في عواصم المعرفة العربية نلاحظ بوضوح احتلال كتب التراث و ما دار في فلكها في المراتب الأولى طباعة و شراء و قراءة و من جانب آخر نلاحظ أن رواد المواقع الالكترونية الدينية يحققون أرقاما ً عالية جدا ً بالمقارنة مع المواقع ذات التوجهات الثقافية المتنوعة و الليبرالية. و من هنا نستطيع الربط بين توجهات الإعلام و أمزجة المتلقين، فالوسائل الإعلامية عموما ً تسعى لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المتابعين من أجل وصولها إلى تلك الغاية تقدم لهم ما يودون الإطلاع عليه مما يوقعها في مأزق يمنعها من الخروج على رغبات و توجهات القراء و المتابعين. و في هذه النقطة بالذات ينبغي على الإعلاميين تحقيق التوازن بين ما هو مطلوب و بين ما ينبغي الوصول إليه.

إعلام عصر ما بعد الإسلام:
لعل أقرب ما يميز الإعلام العربي ارتباطه بثلاثة أنواع الأول الإعلام الرسمي و هو إعلام الأنظمة و مهمته منصبة على تدعيم النظام القائم و مدح الزعيم القائد و إبراز دوره التاريخي الذي يرنو إليه العالم أجمع و الفخر بما ينتسب إليه هذا الزعيم الأوحد و هجاء الآخرين المصنفين في خانة الأعداء و رثاء أسلاف الزعيم و الوقوف على أطلال الماضي و التباكي على اندثاره و ضياعه.
الثاني الإعلام شبه الرسمي و يتماشى بأغراضه و توجهاته مع الأول و يضيف عليها نقد قشري للواقع الذي تعانيه الشعوب و يحيل أسباب الفساد و الاستبداد و التخلف و الجهل و البطالة و التعصب و التطرف إلى الأعداء الخارجيين و يؤكد أن كل العيوب و النقائص إنما هي ناجمة عن البعد عن توجهات و آراء و قرارات الزعيم الأعظم.
و الثالث الإعلام الخاص و هو في الأنظمة الشمولية إعلام رديء يحاول التستر بعباءة معارضة النظام و ينتقد أشخاصا ً و مؤسسات و أفراد بحدود معينة لا تقارب الخطوط المحرمة من حيث المستويات و الانتماءات، و يتلقى التعليمات و التوجيهات من رؤوس الأجهزة الأمنية بالتركيز نحو نقاط محددة للتأثير على العامة و تسيير القطيع المتلقي باتجاه مرعى ً بعينه، و يبرع هذا الإعلام في إظهار عجز الحكومات المعينة من قبل السلطة الحاكمة عن الوصول إلى الأهداف و الغايات النبيلة التي تبنتها السلطة و غالبا ً ما يكون ثوريا ً أكثر من الثورة ذاتها و ملكيا ً أكثر من الملك و يبدي تشددا ً و تعصبا ً و انغلاقا ً في أيديولوجياته و عقائده.
هذه الصورة للإعلام العربي لا تغادر تلك التي كانت معروفة و متاحة عن الإعلام في العصر الجاهلي. و للبيان أقول: يعد الشعر في العصر الجاهلي الوسيلة الأهم و الأبرز في الإفصاح عن طبيعة المرحلة التاريخية للعرب ما قبل البعثة حيث يشكل الشعراء منابر الإعلام و التوجيه في ذلك الوقت و بتلقائية شديدة كانت أهداف الشعر الجاهلي – إعلام ذلك العصر – محددة الأهداف و ألأغراض و الغايات بالفخر و المديح للشاعر و قبيلته و عشيرته و بالهجاء و الذم و القدح للآخرين بالإضافة إلى الرثاء لمن غادر من أعلام القبيلة و العشيرة و نهج الشعر الجاهلي – إعلام عصره – عادة البكاء على الأطلال خارج مضارب القبيلة و ما تبقى من آثار العشيرة. و هنا ببساطة – ربما مبالغ فيها – نلحظ التشابه بين إعلام العصر الجاهلي و بين الإعلام العربي الحديث الذي أصنفه بإعلام عصر ما بعد الإسلام.
فالعصر الإسلامي بإيجابياته و سلبياته تجاوزه الإعلام العربي الحديث و أصبحنا بعد أو فوق العصر الإسلامي و ذلك بالابتعاد عن القيم الإسلامية التي جاءت الرسالة في بدايتها منادية بها.
فالحرية و التسامح و المساواة و التكافل بين البشر كافة دون تمييز بين لون أو عرق أو دين كانت أهم أسباب سرعة انتشار و تقبل الدين الجديد بين أهله و خارج حدوده بين العرب و الأعاجم و مازالت تلك القيم المحرك الأهم في استقطاب أناس جدد ينضمون إلى قافلة المسلمين، و هذا لا يعني أن تلك القيم هي السبب الوحيد لكنها بدون ريب الوجه المضيء و الصفحة الإيجابية التي تتلى للتبشير بالأسلمة.
الإعلام العربي الحديث تجاوز تلك المبادئ السامية و القيم الإنسانية و حشر ذاته في مضامين و أغراض الإعلام الجاهلي القديم – الشعر – لذلك نعتبره إعلام ما بعد العصر الإسلامي. و للإنصاف فإن ذلك الوصف لا ينطبق على الكل إلا أنه يلتصق بالغالبية على الأرجح. و للإنصاف أيضا ً لابد من التنبيه إلى أن الشعر الجاهلي حقق إنجازا ً حضاريا ً ما زال قائما ً إلى وقتنا الحالي من خلال إبحاره في غمار الغزل و الوصف و تحليقه في فضاءات كادت تصل حد الإعجاز.
فالشعر الجاهلي أنجز تطورا ً و إبداعا ً شكليا ً في غاية الروعة و الجمال ما زالت تداعيات آثاره ماثلة و قادرة على تحفيز القرائح نحو الإبداع.
نجد الإعلام العربي في عصر ما بعد الإسلام محفزا ً فقط للتعصب و العدائية و التطرف و إقصاء الآخر و التعالي على الحضارات الأخرى و ربما كان تناوله لقضية الرسوم المسيئة للنبي (ص) دليلا ً و مؤشرا ً يدعم ما ذهبنا إليه ففي تاريخ 3/2/2006 عقدت قناة الجزيرة ندوة عن تلك الرسوم كانت الغلبة فيها كالعادة للتشدد و في 4/2/2006 تم إحراق عدد من السفارات الأوروبية في دمشق و بعدها في بيروت. لا أقول أن السبب الوحيد للقيام بمثل ذلك العمل المهين هو قناة الجزيرة فقط و لكنها ساهمت بشكل فعال في تحريض الناس و الرعاع على مثل ذلك الفعل كما ساهمت الصحف و القنوات الأخرى في ذلك إلى جانب خطب الجمعة التي سبقت يوم الحادث حتى الوصول إلى تلك النتيجة و من ثمة الانتقال بالمجتمعات العربية إلى عصر ما بعد الإسلام تحت راية و هوس التشدد الديني.



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماس بين استحقاقات الداخل و ورطة الخارج
- الأسد نجاد: دعم السلطة الأبدية بالسلطة الإلهية
- دعوة إلى لقاء الرياضَيْن
- فصل المقاومة عن حزب الله
- سقوط القناع الدبلوماسي عن النظام الأمني
- وجهة نظر في المسألة الكوردية السورية
- الوطنية السورية و الأفلاطونية الفاضلة
- توبة صدام الصدوق !!
- جبران ثانية
- جبران أيها القديس الجميل
- سوريا في مواجهة الإعصار من يدفع الثمن
- قناة الجزيرة بين الوهم و تحقيق الوهن
- آه يا دمشق نزار
- فيصل القاسم يهزأ من قتل مئة و ثلاثة و أربعين عراقياً
- جزء من حلقة نقاش حول إعلان دمشق
- إعلان دمشق موجبات التأييد و دوافع الرفض
- الأصولية ملاذ آمن للأغلبية العربية!
- وزير الإعلام السوري و رؤيته السياسية
- ماذا لو كان ميلس على خطأ
- رسالة حب إلى الآخر


المزيد.....




- ثبتها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات و ...
- تنامي الإسلام الراديكالي في بنغلاديش
- مصر تقضي بسجن إسرائيليين اثنين 5 سنوات للاعتداء على موظفين ب ...
- محافظ السويداء: الاتفاق مع وجهاء الطائفة الدرزية ما يزال قائ ...
- إيهود باراك يقارن بين قتال الجيش الإسرائيلي لحماس وقتاله لجي ...
- مصر.. سجن إسرائيليين بسبب واقعة -أحداث طابا-
- المصارف الإسلامية تحقق نجاحات كبيرة على حساب نظيراتها التقلي ...
- -الأقصر ولكن الأفضل-.. الرئيس الأوكراني يعلق على اجتماعه مع ...
- مصر.. فتاة ترفع الأذان داخل مسجد أثري يشعل  نقاشا دينيا
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 TOYOUE EL-JANAH ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احسان طالب - الإعلام العربي من عصر الجاهلية إلى جاهلية ما بعد الإسلام: ضرورة ترسيخ قيم الحرية و الحداثة