محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 5866 - 2018 / 5 / 7 - 14:03
المحور:
الادب والفن
جاءت عند منتصف الليل، أو ربّما قبل ذلك بقليل.
بقيت غير واثق من سبب مجيئها. كانت ترتدي فستانًا خفيفًا، والليل يوزّع عتمته على الأمكنة. جاءت وشعرها ينسدل على الكتفين، مسّدتُه بيدين حانيتين.
قالت بصوت خافت: تخطّيت دوريّة للجنود على تخوم الحيّ، وجئت.
رحّبت بها ثمّ دخلنا سهلاً فسيحًا كان أجدادي يزرعونه فيما مضى قمحًا وشعيرًا وذرة، ولم يكن في السهل جنود. مشينا وكانت يدها تنام في يدي، وكنّا طليقيْن. وكانت تربة السهل الطريّة تنفغش تحت أقدامنا وتغرينا بمواصلة المشي.
سألتها: ولكن من أنت؟
قالت: أنا ليلى.
تأمّلتُ جمال وجهها وقلت لنفسي: نعم، هي ليلى، ولم أطرح عليها أيّ سؤال آخر. أفلتتْ يدها من يدي. ضربت بساقيها الهواء، وقالت: هيّا بنا نركض.
ركضنا، شعرها يتطاير كأنّه سرب فراش، وفستانها متواطئ مع فضول عينيّ، ينحسر أثناء الركض إلى ما فوق الركبتين، ما يجعل ركضها مفتوحًا على أكثر من احتمال. كنت أسبقها حينًا وهي تسبقني حينًا آخر. وكانت السماء مجلّلة بالغيوم.
سمعتها تحمحم في نهاية السباق مثل فرس، ثمّ حلمتُ بأنّني صحوت من نومي ولم أجدها هناك.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟