أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - علي غشام - الكويت 1990















المزيد.....

الكويت 1990


علي غشام

الحوار المتمدن-العدد: 5856 - 2018 / 4 / 25 - 13:31
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


من سجلاتي

((دافعي لكتابة هذه الذكريات المؤلمة هو أحد اصدقائي الكويتيين الجدد على الفبسبوك تعرفت به منذ ما يقارب الاسبوع والذكريات تجول في رأسي حتى في كوابيسي عن تلك المحنة والآلام التي نعاني بسببها لحد الآن ..شكرا لك ايها الصديق))
حينما تشتعل الأرض وتضيق فجوات الهروب من واقع مفروض عليك تستميت في سبيل النجاة من محرقتها وتتحاشى وحوشها الحديدية واجلاف الرجال الذين لايعرفون الرحمة ولا الشفقة في محاولات متلاحقة لتنقذ نفسك من الإزهاق والتلاشي في تلك الصحراء القاسية حيث تلقي الشمس بثقلها على رؤوس الجنود والناس والبيوت والشوارع فيتحول الجو الى محرقة مركبة لا تفوت شيئا إلا وتركته حطاما..!
لم تكُ (س) ابنة الواحد والعشرين ربيعا تتصور حينها ان في العراقيين من هو يحمل شهامة او غيرة على احد من الكويتيين او حتى يحمل ملامح انسانية حتى لكثرة ما رأت من هول الفاجعة ودناءة الجنود الذين يلحقوا بها كلما اجبرتها الحاجة على الخروج من البيت للبحث عن ما يديم عليها وعلى اخوتها الصغار وامها الحياة التي استحالت الى فوضى وموت ومحنة ..!
لمحتها فجأة وهي تخرج من احد البيوت القريبة على بيتها ولم يكن يفصلني عنها سوى امتار قليلة ولا استطيع ان اصف حجم الارتباك والخوف والرعب الذي عم وجهها وجسدها وراحت تترنح كالسكران تتخبط بقدميها كأنها طفل صغير يتعلم المشي لتوه.!
- انتِ ..انتِ الى أين ..
كنت انادي عليها بصوت منخفض لعلمي ان الدوريات القريبة تعيث في شوارع الكويت فسادا وسرقة ولن يفوتوا طريدة مثلها في تلك الظهيرة المزدحمة بالدخان والموت والرصاص الذي لم يتوقف متقطع ومتصل ولا علم لي باي اتجاه يطلق ويزهق ارواح مَنْ أو يصيب مَنْ..؟؟!
وقفت متعثرة بعبائتها وهي تستغيث ويتلعثم لسانها بآيات من القرآن لم اتبين ماهي ولم افهم سوى كلمة (الله) كان العَرَق يتصبب مني والحرّ يُقّطع انفاسي فدفعني فضولي لأن الحَّ عليها بسؤالي فانا ايضا كنت اتحاشى الوقوع بقبضة القتلة الأجلاف .
- وين رايحة يابنت الناس بهالحر والمصيبة ..؟!
وكررت سؤالي لها بكلماتي المتقطعة بلهاثي ونفسي المتهدج بتأثير الاجواء الخانقة والحدَث المخيف حدَّ الاحتضار ..!
- الى اين ..؟!
لم تجد بدا من مخاطبتي باللهجة الكويتية المحببة والتي افهمها واجيدها كما يفهما معظم اهل البصرة الأصلاء .
- تكفه يالخو خليني اروح لهلي والله الحين يحاتوني ..
اي بمعنى ارجوك دعني اذهب لان اهلي يقلقون عليَّ .
بادرتها لكي اطمئنُها بكلمة (اختاه) والتي لم تخفف عنها ماهي فيه من رعب وذهول ..
- الى اين انت ذاهبة في هذا الجو والوقت الخطير ..؟!
- كنت في بيت خالتي اجلب لنا بعض الطعام .. وكانت تحمل تحت عبائتها كيسا مما يدل على صدق كلامها ..
- دعيني اوصلك فالخطر يلُفّ شوارعكم وبيوتكم وازقتكم .
وكأني بكلماتي العفوية تلك استطعت ان أدس في رأسها رسالة اطمئنان وتهدئة مع نظرة قلقة لنهاية الشارع يمينا ويسار ، مستطلعا خوف من ان يراني او يسمعني من يبحث عن غنيمة او اي شيء يجعلة يشعر بالربح ورضى قردة الضباط الذين يبحثون عن اي شيء ينهبونه حتى ولو كان نقير لتفاهة اخلاق بعضهم .!
وَقَفَتْ وكأنها شبه مقتنعة ان كلامي صادقا معها حيث استدرجنا مسرعين الى شارع فرعي وهنا كانت المفاجئة بذلك الصوت القاسي والقسمات البدوية ولون الزيتوني الذي كرهته لحد الآن كلما تناولت في طعامي زيت الزيتون .. كان رجل اسمر مائل الى السواد بشارب كثّ اسدله الى ما تحت شفتيه وإبتسامة صفراء نهمة تكاد تلتهم تلك المخلوقة البائسة والتي التفت بعبائتها مغطية وجهها المصّفَر الذي اغرقته الدموه والخوف والترقب لما سيحدث .
وهنا وضعت نفسي حاجزا بينها وبين ذلك الجلف الهائج ومخاطبا اياه بمخاولة للفت انتباهه لي لكن دون جدوى ..!
- سيدي هذه ابنة أبنة خالتي الكويتية التي تزوجت من كويتي وانجبت منه وهذه ابنتها البكر اخاف عليها ان يصيبها مكروه او حادث ..!
وبلهجة تدل على انه من المناطق التي اشتهرت بولائها للنظام وبغطرسة المسيطر وملامح تدل على الإجرام ..!
- عجل يابّه وشمطلعها هالحزة ابنة خالتك هاي الحلوة..
وهنا توجست خيفة منه وزادت تحفظاتي وتوقعاتي بحدوث الأسوأ حيث كانت عيونه تضمر الشر لها وازداد خوفي عندما نادى على جنديان من اصحابه آمرا اياهما باعتقالنا وحبسنا نحن الأثنين ..!
ولأني كنت البس الزي العسكري (المغاوير) بادرني بالسؤال عن رقم اللواء والسرية ومكان انتشارنا فأجبته بما حفظتة من معلومات بتركيز ودون ارتباك وبالنتيجة انا رجل واثق بنفسي وهو رجل اذا حسبناه بلغة الأرقام على الذكور لا يشكل فرقا لدي لاني كنت اتوقع ان يُقبض عليَّ واعدم او اغيب باي لحظة .!
اقترب منا وسحب اقسام مسدسه واضعا فوهته امام عيني وآمراً باعتقالي انا وتلك المسكينة التي التجأت الى ظهري محاولة الأحتماء بيّ . وهنا صار نُصبَ عينيّ ان اخلص تلك الفتاة من يديه المتوحشتين باي ثمن حتى ولو بقيت انا لوحدي لديهم في الإحتجاز.! فرحت محاولا اقناعه بطريقة ما انني ساعود بمجرد ان اوصلها الى بيتهم لايصال الطعام وانا رهن تلك المسافة التي تفصلني عن دارها في ايجاد مخرج لما اوقعني في هذا المأزق لاني كنت احمل هوية مزورة واجازة سوق مزورة ولابد من الافلات باي طريقة لأكمال ما انا في صدظه من مهمة لا تحتمل التأخير . فرفض ذلك متحججا على باتهامي انني طابور خامس وضد النظام بعد ان احتفظ بهويتي المزورة ..
لم تنشف دموع تلك المسكينة ولا لحظة و وجهها يتغير لونه باللحظات ونحن محتجزان في غرفة في بيت مقرا اتخذوه لهم بعد ان تلقى امرا بالتحرك فورا على امل ان يتفرغ لنا في المساء تاركا اياي اتقطع ألماً في داخلي وهو يرتجل سيارة(الواز) العسكرية مبتسما ابتسامة خبث كاشفاً عن أسنان ترك التبغ عليها اثرا مقززا بتلك الهيئة التي تشعرة بغرور وعنجهية فارغة تهاوت عندما انفردوا به لكما وركلا حتى لفظ انفاسه الاخيرة في وقت لاحق عندما تمكنوا من اختطافة وسحقة انتقاما لفعلته ونفسة الدنيئة..
اشرفت الساعة على الثالثة وخمس واربعون دقيقة بعد الظهر عندما هدأت الاصوات بتاثير الجو الخانق والحر وسكنت كركرات الجنود الذين سخروا مني ومن الفتاة متوعدينها بسهرة جماعية لن تنساها مع تأكيدهم ان كل سيحدث لها سيكون امام انظاري وتحت سمعي ..!
كان من طبيعتي اذا وقعت بيد السلطة في ما سبق ان استميت وانزع الى الخلاص باي ثمن ومجازفة وانا اتحرق غيضا وندما على توريط هذه المسكينة معي حتى لمحت شباك تلك الغرفة متفحصا بنيتة الحديدية حاسبا فتحاته قياسا بجسمي في ذلك الوقت حيث كان جسمي مفتولا وبنيتي تميل الى الامتلاء وليس كما الآن حيث كان عمري حينها خمسة وعشرون عاما ..
ازحت مزلاج الزجاج فانكشف الشبك الناعم (الجالي) دون اي حاجز بعده وكأنهم لم يُكلّفوا انفسهم بتفحص متانة مكان الاحتجاز هذا ولم يتوقعوا مجازفتي مع الفتاة في عبور ذلك الشباك والهروب منهم حيث وضعوا سيارة عسكرية معطوبة تلاصق الشباك ولم تترك سوى مسافة عشرين سانتيم بينها وبين الشباك رفضت الفتاة المسكينة ان ارفع جسدها بيدي بعد اقناعها بالهرب فهي كانت متحفظة جدا مني واهمَّة نفسها انني من ضمن تلك اللعبة ولا اختلف عن هؤلاء المحيطين بها بشيء ولم تصدق انني في صفها حتى عبرت امامها الشباك وانا اتصبب عرقا والخوف باديا على ملامحي والقلق يحرك عيناي وحشرت نفسي بين العحلة والحائط وانا اكاد اختنق ..!
ناولتني يديها وانتشلتها فتمزقت ساقها وتعلقت عبائتها بنتوءات الشباك وسالت الدماء منها ولم تكترث وانطلقنا نعبر البيوت المتلاصقة اسيجتها حتى انتهينا الى بيت فيه حديقة واسعة وفيها نخيلات معدودة كان هناك من يراقبنا حيث لمحت رجلا خمسيني صامتا وهو يلوح بيده لنا ان تعالا فهرولنا اليه وفتح باب البيت وهو مرتبك وخائف كان الرجل (م) شديد التأثر بما شرحت له من تلك الحادثة بسرعة حتى نادى على ابنته ان تفتح باب السرداب فتفاجأت ان دلف امامي وهو يكرر ..بسرعة ..بسرعة .
بقيت ثلاثة ايام لوحدي في ذلك المكان وهواجسي تتلون بين الخوف والامل حتى اخرجني وعرفني برجل كويتي كان السبب بانقاذي من ذلك المأزق واحد افراد المجموعة التي هاجمت ذلك القرد الذي كان يغتصب الفتيات ويسرق متاع الناس وممتلكاتها فلقد وجد في حوزته خواتم زواج وقطع ذهبية اخرى وصور لجرائمة التي كان يوثقها فلن انسى تلك الوجوه في الصور واسمائها التي كتبت على ظهر الصور (ح-م-ف-ه) وغيرها من الاسماء التي لايعرف مصيرها .!
اما الفتاة فقد بلغت مأمنها وبيتها في نفس تلك الليلة المائجة بالدم والخوف ولا اعلم مصيرها لحد هذه اللحظة ..!



#علي_غشام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تراكمات
- لن ننكسر وفينا الحسين..
- الوضع الجديد في المنطقة
- صايّه ..
- ثورة الأمام الحسين بين بكائية الخطاب المسرحي الكلاسيكي والهد ...
- جاسم الحمّال
- احذروا البعث الفيسبوكي ..
- طرفه..
- أعلام الخوف..
- عبدالله الاسود
- لا عزاء لأهل الجوب ..
- أي تغيير..؟!
- إشكالية الفتوى والمفتي
- بقية قلب ..!
- حلبجه وقرية بشير الجلاد واحد ..!
- دولة العراق ..؟!
- معركة وجود لا حدود
- العراق بلدنا وبلد أجدادنا
- رعونة الحكام ...
- الجيش والشعب العراقي في مواجهة الإرهاب المزدوج ..!


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - علي غشام - الكويت 1990