أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل الأول 4














المزيد.....

إلِكْترا: الفصل الأول 4


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5853 - 2018 / 4 / 22 - 04:21
المحور: الادب والفن
    


في ذلك الوقت، كانت " شيرين " ما تزال مع شقيقها في أثينا، وقد علما ثمة بنبأ اجتياح الكويت. كلاهما كان يستعد للسفر إلى السويد وفي جيبه جواز سفر يونانيّ، مزيّف. الحظ العاثر، حوّلَ وجهة الشقيقين إلى المغرب بعدما رفضت سلطات مطار ستوكهولم استقبالهما كطالبَيْ لجوء. شهران على أثر حلولهما في مراكش، وإذا بالمجتمع الراقي يفتح لهما ذراعيه بوصفهما ـ كذا ـ من سلالة أمراء عثمانية. تشديدنا في الجملة الأخيرة، هوَ على صلة باللغط حول النسب أكثر منه التشكيك بكونه مزيّفاً ـ كالجواز اليونانيّ. وإنها " شيرين "، مَن أجازت لنفسها التعويل على ذلك النسب في أمسية تعارفها بجماعة رواق الفنون: " السيّدة الوالدة، قبل انتقالها مع طفليها إلى دمشق، كانت متزوجة من رجل ينتمي لعائلة بدرخان، التي حكمت في القرن الماضي مدينتها بوطان في كردستان تركيا "، قالتها في شيء من العَظمة المتكلّفة. الحال، أنها لم تكن حينذاك بحاجة إلى هكذا عناء. جمالُ وجهها، أعطى انطباعاً مؤثراً لدى الآخرين أكثرَ من أيّ نسَبٍ. خلال الأحاديث الودية، المرافقة للتعارف بمواطنتها السورية، راحت " سوسن خانم " ترقبها عن بُعد ولم تكن أقلّ انبهاراً من الآخرين بسحر حضورها.
" ولكنه جمالٌ مترفّع، لا يصادفه المرء إلا لدى المنحدرين من سلالات أرستقراطية "
كذلك فكّرت فيما بعد، لما راحت سيّدات المجتمع يتكلمن بازدراء عن " شيرين " دونَ أن يحفلن بمصيرها المأسوي الفاجع. على أنّ علاقتها مع مواطنتها الراحلة، كانت إشكالية إلى حدّ بعيد. الصمت، كان أحياناً هو القناة الوحيدة بينهما؛ صمتٌ مريب، مُلتبس، حال نشأتهما الأولى. فكلتاهما محضَ كراهيته للأم ( السيّدة الوالدة! )، لدرجة الحاجة لطبيبٍ نفسيّ يشرحُ ما يُدعى " عقدة إلِكْترا " المَرَضيّة، المُكتشفة بفضل أحد تلامذة " فرويد ".. وكلتاهما فقدَ براءته، فوق ذلك، بسبب التعطش إلى تحقيق الذات عن طريق الثروة. لقد تفهّمت ما قرأته في مذكرات مواطنتها الراحلة بخصوصها، مع كونه جرحها بعمق في بادئ الأمر: " أولائي المومسات، الأكثر رفعة، لم يكن بينهن بكل تأكيد سوسن خانم، الثرية السورية، التي التقيتُ بها اتفاقاً على أثر تعارفي شخصياً بالشاعر صاحب الأمسية ". الراحلة، لم تكن للحق أقلّ قسوةٍ فيما يخصّ تقييمها لذاتها؛ حينما لمّحت في أمكنة أخرى من مذكراتها ببيعها نفسها من أجل الجاه والثروة. ولكن، من ذا بوسعه إدانة ذاته لولا أنه قابَ خطوتين من ملاك الموت!
" شيرين "، حملت تعاستها داخلها، فعلُ العذراء مع جنينها النبيّ. بيْدَ أنها حظيت أخيراً باللعنة لا القداسة. تمزقَ قلبها مذ مرحلة الصبا، ثمة في دمشق، نتيجة تجربة حبّ مع رجلٍ أحتضنها رضيعةً، ثم طفلةً، كما لو كانَ شقيقاً من دمها. ما لبثَ الرجل أن جنّ، فأودع في المصحة بطلب من أبيه المتسبّب بخله ولؤمه بمأساته. كان من الممكن أن تلحق " شيرين " بحبيبها، لو أنها لم تمتلك مناعة نفسية، مُحالة لما حاق بحياتها قبلاً من صروف الآلام. معاناتها الحقيقية، بدأت في مراكش جنباً لجنب مع نجاحها في امتلاك ناصية رجلٍ ثريّ. إذ ردّ القدَرُ بضربة موجعة، تمثلت في إجبارها على التخلي عن حبّ جديد، وليد. ولأنها نضجت حينئذٍ، إنسانة وفنانة على حدّ سواء، فإنها لم تتمكن من استيعاب الضربة حَسْب، بل وجعلت منها أيضاً مادة أدبية.. سيرة مراكشية، كانت قد بدأت تخط كلماتها التمهيدية في مبتدأ حلولها بفيللا الأسرة المحسنة، ثم عادت إليها خلال أشهر حجزها في السجن الاحتياطيّ.
غبَّ زيارة التعارف لرواق الفنون، التي قامت بها " شيرين "، وجدَ الشاعرُ نفسه هذه المرة بين قطبَيْ جَذبٍ مغناطيسيّ. بدا أنه يُجاهد للخلاص من أيَ عاطفة غير سوية، مدفوعاً ولا شك بنقاء شخصيته وإخلاصه لامرأته. فيما مضى، اقتصرت صلته بمواطنتها، السيّدة السورية الثرية، على لقاءات بريئة تخللها قراءة مسودات قصائدها، المصحّحة بقلمه في يومٍ أسبق. كانا يلتقيان صباحاً خارجَ مدخل فندق " السعدي "، المحروس بأسدين من الرخام الأبيض، مشرفين على معين المياه المترقرقة من نافورتين عند أقدامهما. وإذ عرفنا مبلغ حساسية الخانم السورية من فضول مواطني البلد، فلم يكن عليها بعدئذٍ إلا المضيّ مع مَن تَدعوه تحبباً " أستاذي الشاعر " إلى أحد المقاهي الراقية في غيليز. استمرت لقاءاتهما على نفس المنوال تقريباً، لنحو شهرين، لحين فاجأتهما معاً تلك الإطلالة الأنثوية، المبهرة. في مكانٍ ما من سيرتها المراكشية، قالت صاحبة الإطلالة الطاغية بما معناه، " إنّ اللواتي يملن إلى جنسهن، يملكن حدسَ معرفة بعضهن البعض عن طريق نظرات الأعين ".
لو وضِعَت جانباً، الملاحظةُ الأخيرة ( بغض الطرف عما إذا كانت طائشة أو مصيبة )، يمكن القول أنّ السيّدة السورية باتت تنظر بعين التحفظ والريبة إلى محاولات مواطنتها التقرّبَ من الشاعر. لقد أمسكت في بادئ الأمر عن أيّ ردة فعل، شاعرةً بالشفقة حقاً إزاء بنت مسكينة من بلدها، تقيم مع شقيقها لدى أسرة مغربية مُحسنة. مع مضيّ الأيام، لم تعُد الخانم تسمح لنفسها بمزيدٍ من التساهل؛ هيَ المنتمية إلى لغة السوق بأكثر تجلياتها فجاجةً وجشعاً. عند ذلك، أخذت تحيك الخيوطَ في مغزل خطتها، بصَبرِ ومكرِ امرأة " أوليس "، وذلك بهدف الإيقاع بالفتاة قليلة التجربة، المجردة من وسائل الحماية اللازمة. " الشريفة "، كانت آنذاك قد استهلت خدمتها لديها كمرافقة. صدفة سعيدة، جعلتها تعرفُ أنّ زوج مرافقتها يمتّ بقرابة الدرجة الأولى لتلك الأسرة المُحسنة. استدعت على وجه السرعة " سيمو " هذا، طالبةً منه أن يعرض خدماته على الشقيقين الدمشقيين بشأن الإقامة أو أيّ سبب آخر. وفي الآن ذاته، كان على امرأته اقتحام حياة أولئك الأقارب مجدداً بعد فترة مديدة من القطيعة على خلفية مشاكل الإرث.







#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلِكْترا: الفصل الأول 3
- إلِكْترا: الفصل الأول 2
- إلكِتْرا: الفصل الأول 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 5
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 2
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل العاشر 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 5
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 2
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل التاسع 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 5
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 4
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 3
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 2
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل الثامن 1
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السابع 5
- ألفُ هُوْلة وهولة: الفصل السابع 4


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل الأول 4