أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - حسن الهويدي - تدمر في الذاكرة ..في الطريق إلى تدمر..مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق6















المزيد.....

تدمر في الذاكرة ..في الطريق إلى تدمر..مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق6


حسن الهويدي

الحوار المتمدن-العدد: 1489 - 2006 / 3 / 14 - 11:05
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


بعدها وفي نفس جلسة التحقيق العينة تلك طلب مني احدهم قائلا لي:
خو البس ثيابك يا ابن العرصة لبستها، وقيد لي يدي ولكن هذه المرة من الأمام وطلب مني الوقوف، وجرني من كتفي خارجاً بي من تلك الغرفة.
ولكن لم استطع السير عل قدمي بشكل جيد نتيجة الضرب على أسفلها إلي أن وصلنا المكان وطلب مني الجلوس، جلست، ولكن ليس على الأرض إنما على ما بدا لي أنه سرير عسكري، ورفع عن عيني الطميشة
وأبقى يدي مقيدتين، أنه مكان دافىء حيث كانت المدفأة مشتعلة نظرت في الغرفة ومحتوياتها فيها خزانة معدنية
وأربعة أسرة عسكرية وخزانة صغيرة من الخشب على ظهرها عدة كؤوس فيها بقايا من المتة ومصاصات وسكر وعلبة من الورق فيها المتة وقطة من الورق على شكل ملعقة موضوعة في علبة السكر وفي الزاوية الأخرى عند الباب هيكل كرسي ودولاب وعصي وكابل اسود وعصا مربوط فيها حبل من النايلون الرفيع.
لم استطع النظر إلى وجه المحقق الذي جاء بي إلي الغرفة بشكل جيد، ولكن كنت استرق النظر إليه بين الفينة والأخرى، كان يضع ورق الكربون بين صفحات من الورق وبخرزها، وعندما انتهى من ذلك طلب مني أن أجاوبه على كل سؤال يطرحه، ارتحت بعض الشيء لذلك المحقق الذي بدا لي أنه لطيف.
كما هي العادة سألني عن تاريخ حياتي منذ ولادتي حتى هذه اللحظة، باشرت بالجواب وهو يكتب ما أقول
ونحن في هذه الحالة دخل احدهم وقال للمحقق شو هذا قال له سجين
اتجه نحوي وصاح وهو غاضب ليش بارك عل السرير يابن الشلكة أنزل أقعود على (...) يا حيوان
فرد عليه المحقق شو خلاص مالك علاقة فيه اطلع برا وأنت خليك قاعد محلك
وطلب منه المحقق أن يغادر الغرفة ويترك له المجال يشوف شغله
وقف عند الباب ونظر ألي وقال بسيطة يا ابن الشرموطة راح تخلص وبعدين أشوف شغلي معك يا مجرم
أنت اللي فجر خط النفط والله لفجر رأسك ورأس بيك
وين بدك تطير مصيرك عندي، أحسست أنه يريد أن يثأر مني رغم أنني لا أعرفه
كرر المحقق طلبه منه أن يخرج ودفعه وأغلق الباب وأكمل معي الأسئلة
وطلب مني إن كنت أشعر بالبرد أن أقترب أكثر نحو المدفأة، نعم في تلك اللحظة كنت أشعر بشيء من البرد ولكن لم أجرؤ الاقتراب منها رغم أنني أطمأنيت بعض الشيء له.
دخل اثنان ومعهم بعض الأوراق وجلسوا على السرير المقابل لي ووضعوا الأوراق على الطاولة ثم نهض أحدهم وحمل الإبريق وصب فيه الماء من وعاء بلاستكي مهترأ بعض الشيء ووضعه على المدفأة وبقي الآخر ينظر في الأوراق التي بين يديه أمّا المحقق الذي معي فقد كان ينظر إلي متوقفا عن السؤال مراقبا نظراتي التي تجوب الغرفة.
ثم تابع معي التحقق، أما المحققين الآخرون الجالسين في الغرفة كان أحدهم يقرأ في ورقة مكتوبة والأخر يدون على ورقة بيضاء ما بقرائه ذاك، انه خرج من سوريا في عام وذهب إلى بلجيكا للدراسة الطب ثم عاد بعد سنوات إلى سورية و عمل مدرس لمادة اللغة الفرنسية ثم ذهب إلى السعودية للعمل ومن هنالك غادر إلى العراق لإكمال دراسة الطب في، وبعدها غادر العراق إلى الأردن وعندما أنهى دراسته، وفتح عيادة في مدينة المفرق ومارس عمله كطبيب، ويرجح أنه منظم لليمين المشبوه كونه درس على نفقة الحكومة العراقية
أحسست أن بعض هذا الكلام الذي تقصد أحدهم أن يسمعني إياه هو ما يخص أحد أقاربي الذي لم أراه طوال حياتي إلا بالصورة وصدق ظني عندما قال أحدهم مزبوط هذا الكلام يا حسن
قلت له لا ليس لي علاقة عما تتكلم عنه يا سيدي
قال الدكتور محمد مشا أبن عمك
قلت له نعم انه أبن عمي ولكن لم أره في حياتي
قال بسيطة مش مشكلة بس أبن عمك نحن نعرف عنه كل شيء وعامل حالوا شيخ بالأردن
رد عليهم المحقق خلصتوا شيلوا بريق المتة واخرجوا من الغرفة، وخلونا ننهي شغلنا .
لملموا أوراقهم وحملوا أبريق المتة والكاسات وخرجوا، وتابع معي التحقيق بكل لطف
وعندما أنتهي طلب مني الوقوف وخرج بي إلى أن وصلنا إلى أمام باب وطلب مني الأنتظار ثم عاد مرة أخرى
بعد مرور بعض من الوقت وعصب لي عيني وأدخلني إلى الغرفة التي كنت أنتظر أمامها وقدم التحية :
احترامي سيدي هذا هو حسن
فرد شو هل الكلام هذا يا حسن ما بعرف ما لي علاقة هذا الكلام ما يفيد ، بدي أبعثك على تدمر وهنيك قول ما بعرف ومالي علاقة
وطلب منه ان يقربني اليه، فجرني المحقق إلى أمامه وقال له فك الكلبشة عن يديه وفعل وقال تعال أبصم على أقوالك يا حسن
بصمت وأنا معصوب العينين دون أعرف ماذا كتب في المحضر .
وقال المحقق ألى أين أخذه سيدي
قال له شوف المساعد يحيى أمسك بي من يدي وجرني إلى مكان أخر والمقصود مكتب المساعد يحيى
ودخلنا وقال له لقد أنهيت معه التحقيق وعرضته على سيادة العميد وبصم على أقواله
قال لي المساعد أين كنت من قبل في أي سجن قلت له لا أعرف ولكنني كنت في الزنزانة
قال جيد خذه ألى سجنه الجديد
قدم له التحية وأخذني وسلمني ألى أحدهم في الطريق وطلب منه أ ن يضعني في المكان الذي حدده المساعد
وكنت في تلك الأثناء متعبا والألم بدأ يتسع في جميع أنحاء جسدي وخاصة ظهري الذي جلدوني عليه
جرني كما يجر الخروف إلى النحر وهو يسب بي ويشتم أمي وأختي ويطلق عليهن من الألفاظ التي لا يمكن إن تحتمل وفتح الباب ودفعني من الخلف إلى الداخل ثم أغلق الباب، رفعت عن عيني الطميشة ونظرت داخل الغرفة ونظرت ووجدت عدة أشخاص معصوبي الأعين
نظرت في إحدى الزوايا وشعرت إن هذا الشخص قد أعرفه رغم الوجع الذي أنا فيه
اقتربت منه ونزعت عن عينيه الطميشة فإذا هو عبد الخلف الذي كنت اعرفه منذ سنوات الطفولة في القرية والمدرسة، دار بيني وبينه بعض الحديث، كان يحدثني هامساً خائفا ولكنه شعر بالاطمئنان بعض الشيء
قلت لماذا أنت هنا، ضحك وقال مثل ما أنت هنا بالضبط، قلت غريب أنت بعثي وعضو عامل في الحزب ليش جابوك لهون أنت معهم مش ضدهم ضحك وهز رأسه وقال هاذول لا يعرفوا أحد..لا معهم..ولا ضدهم
وضرب أي مثلا ( هاذول مثل القط أول ما يأكل أبنائه إذا شعر بالجوع)
وقال على كل حال هون في بالغرفة علي الفهد وشباب آخرين ومحمد وفيصل في الزنزانة عند المدخل البارحة طلب مني الرقيب أن أوزع الطعام وشفتهم موجودين ونحن هون من الرقة حوالي أربعين سجين كلنا نفس التهمة
ومنذ يومين كانت في بنت من الرقة في الزنزانة الأولى اسمها شمسة ولكن على ما أظن أطلقوا سراحها لأنوا ما عاد أسمع عنها شيء
وفي تلك اللحظة شعرت بألم في أمعائي لا يحتمل، وجسدي كأن إبرا توخز فيه، مما أضطررني لخلع ملابسي
وسمعت صوت بكاء عبد وتجمع الآخرون من حولي وهم ينظرون إلى ظهري الذي حرثته السياط فأجهشوا جميعهم بالبكاء.
بقيت على هذه الحال والمكان نفسه لعدة أيام ثم نقلوني ألى مهجع أخر مليء بالسجناء عرفت أكثرهم، فمنهم من أقاربي فهموا لماذا أنا هنا المكان مزدحم ومليء بالقمل والجميع يتبولون داخل المهجع وعلى البطانيات أو في أواني بلاستكية كما هو الحال في الزنزانات، الأواني للتبول والتغوط وبنفس الوقت نضع فيها طعامنا، ومن تلك الغرفة أصبحت الطريق سالكة إلى تدمر مروراً بأقبية التحقيق التي لا زلت تنتظرنا

*- كاتب سوري، وسجين سياسي سابق



#حسن_الهويدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تدمر في الذاكرة.. في الطريق إلى تدمر... مشاهد من التعذيب في ...
- تدمر في الذاكرة في الطريق إلى تدمر
- تدمر في الذاكرة في الطريق إلى تدمر.. تدمر في الذاكرة في الطر ...
- الطريق الى تدمر...مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق2:
- تدمر في الذاكرة ..الطريق إلى تدمر مشاهد من التعذيب في سجون ا ...
- الطريق الى تدمر...مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق
- تدمر في الذاكرة12في الطريق الى تدمرشهادات عن التعذيب1
- تدمر في الذاكرة -10- (ضحايا تشابه الأسماء)
- تدمر في الذاكرة (9) محاكم استثنائية
- الإعلام السوري طنة ورنة ومدارات:
- في مؤتمره القادم هل يعتذر حزب البعث للشعب السوري
- تدمر في الذاكرة8 ليلةمن2000يوم وليلة
- تدمرفي الذاكرة(6): شبح عون المخيف 1989
- تدمر في الذاكرة(5) طبابة متميزة
- تدمر في الذاكرة(4) طبابة متميزة
- تدمر في الذاكرة (4): الثمن الباهظ
- تدمر في الذاكرة3...حمامات الدم الساخن
- العيد في سجن تدمر
- الكرد والمغمورون في سوريا
- فوبيا المؤامرة


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - حسن الهويدي - تدمر في الذاكرة ..في الطريق إلى تدمر..مشاهد من التعذيب في سجون التحقيق6